الرئيسيةمقالات سياسيةرسالة سعودية وتهديد عوكر والتحرك القطري

رسالة سعودية وتهديد عوكر والتحرك القطري

Published on

spot_img

إختزن الأسبوع الفائت عدداً من الوقائع المتفرقة حيال المأزق اللبناني، الذي تقر مصادر المعلومات بمعظمها الخارجية والداخلية الجدية، بصعوبة التوصل إلى مخرج له ينهي الفراغ الرئاسي المتمادي في القريب المنظور.

أولاً: شكّل الاحتفال باليوم السعودي أول من أمس السبت مفارقة لافتة بالحضور الجامع الذي تميز به على الصعيد اللبناني، باستثناء غياب أي وفد من «حزب الله» عنه. فهو ما زال على لائحة الإرهاب من جانب الرياض ولم تتم دعوته، مع أنّ السفارة الإيرانية حضرت بشخص القائم بالأعمال لوجود السفير خارج لبنان، كما في سائر الدول التي شهدت فعاليات المناسبة، فضلاً عن تهنئة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي القيادة السعودية للمرة الأولى منذ سنوات على معالجة أزمته.

هذا مع أنّ بعض الذين ناصبوا المملكة العربية السعودية الخصومة التي دفع لبنان ثمنها غالياً لها وتسببت بمفاقمة أزمته، أمثال رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل وأعضاء كتلته، تمت دعوتهم وحضروا… وإن كان الحضور اللبناني مؤشراً إلى أنّ صيانة العلاقات اللبنانية – السعودية ما زال ممكناً ومتاحاً رغم ما يقال عن أنّ أولوية المملكة هي في اليمن، فإنّ تركيز السفير وليد البخاري على أنّ الفراغ الرئاسي مدعاة للقلق، يعني أنّ المعاينة الفعلية لاستعادة العلاقات تبدأ بانتخاب الرئيس وإعادة تكوين السلطة لمعرفة توجهاتها.

موقع الاحتفال في قلب العاصمة الذي كان نابضاً في الماضي، يرمز إلى إمكانية بعث الحياة به مجدداً بمواكبة الحضور السعودي. لكن تذكير البخاري بأنّ «الحلول المستدامة لا تأتي إلّا من داخل لبنان وليس من خارجه وتشديده على سيادية هذا الاستحقاق، دليل إلى أنّ ما قاله عن إننا «نتقاسم (المقصود دولياً) مسؤولية مشتركة من أجل الحفاظ على لبنان واحترام سيادته الوطنية»، لم يفضِ هذا «التقاسم» بعد، إلى ترجمته توافقاً خارجياً على الرئاسة. ومع أنّ الجانب السعودي لا يحبذ تأويل مواقفه، فإنّ هذا الكلام يستبطن بأنّ مسؤولية إنقاذ البلد لا يتحملها وحده طالما إيران تمسك بورقة الرئاسة.

ثانياً: الرسالة التي تلقتها الولايات المتحدة الأميركية بإطلاق النار على مبنى سفارتها في بيروت ليل الأربعاء الخميس، «وصلت» كما أوضحت السفارة لمن استمعوا إلى ردة فعلها، ولن يتأثر أداؤها بمضمونها لأنّها «لن تخيفنا» كما قالت السفيرة دوروثي شيا. لكن هكذا رسائل تقصد عنواناً أو قضية، أو حادثة سياسية معينة. هل هي في لبنان ودور الجيش فيه (مسؤول عن المحيط الأمني للمقر)، أم في سوريا أو العراق، أو اليمن… حيث تتفاوت درجات المواجهة والتعقيدات؟ الأقدر عن إماطة اللثام عن هدف الرسالة هو مطلقها، ومن تلقاها.

وفي الانتظار اتجه الاتهام السياسي، لأنّ الاتهام الجنائي سيواجه عقبات نظراً إلى اتقان الجهة التي أطلقت النار في التخفي والإفادة من الثغرات الأمنية، نحو إيران و»حزب الله». حصل ذلك على ألسنة بعض السياسيين من خصوم «الحزب» تصريحاً أو تلميحاً، من دون أن يصدر نفي لا من طهران ولا من «الحزب»، ما زاد في تصنيف ما حصل في إطار اتهامهما بجملة حوادث أمنية عدة وقعت في البلد في الآونة الأخيرة. إلا أنّ الحادثة تفتح البلد على احتمالات حصول حوادث عنفية وأمنية من هذا القبيل.

وفي كل الأحوال فإنّ الخلفية السياسية لتوجيه الاتهام لإيران و»الحزب» في حادثة السفارة، تكمن في أن إيران التي لا تتخلى عن خطوط التفاوض القائمة مع الولايات المتحدة، في إطار التسويات والمساومات التي تجري في المنطقة لإعادة ترتيب أوضاعها، تقاوم محاولة واشنطن منعها من تقريش النفوذ الذي صنعته في العقود الثلاثة في ميادين الصراع الإقليمية، في ظل غياب اتفاق مباشر بين الدولتين تطمح إليه طهران.

ثالثاً: إنّ التحرك القطري في لبنان عبر الموفد الموجود في البلد، ثم عبر الزيارة المرتقبة لوزير الدولة في الخارجية القطرية محمد بن عبد العزيز الخليفي، ينطلق مما تعتقده القيادة القطرية «القدرة على أن نتحدث إلى كافة الأطراف الخارجيين والمحليين بلا استثناء»، وبأنّ الدوحة مستعدة لتقديم مغريات كثيرة للبنانيين بوعود بالاستثمارات ومساعدة لبنان على تدارك الانهيار من ضمن رعايتها لاتفاق سياسي على رئاسة الجمهورية. لكن الدوحة لا تخفي خشيتها من أنّها، قد تلاقي استعصاءات داخلية، إذا تمكنت من التوصل إلى تفاهمات خارجية على إنهاء الفراغ الرئاسي.

ومع نفي أكثر من مصدر الشائعات عن أن وساطة قطر بديل لمبادرة الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان، فإنّ هناك تقاطعاً بين الجانبين، وإن اختلف الأسلوب، في إطار اللجنة الخماسية، التي لا بد لأي منهما أن يعود إليها، سواء في ما يتعلق بأسماء المرشحين أو في شأن الإخراج لأي تسوية رئاسية يمكن التوصل إليها.

أحدث المقالات

جنوب الحرب وشمال النازحين والدرّاجات.. تلغي”الدولة الوطنيّة”؟

كان المشهد في لبنان يوم الجمعة الماضي معبّراً جدّاً عن صورة البلد وإشكاليّاته، أو...

كيف سينعكس غياب رئيسي وعبد اللهيان على لبنان؟

بدأت التساؤلات تتوالى بعد مقتل الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ووزير خارجيته حسين عبد الأمير...

سباق التفاوض الإقليمي: “الثنائي الشيعي” للفوز بلبنان والرئاسة؟

أحداث من التاريخ يمكنها أن تتشابه أو أن تتكرر، وإن بسياقات وظروف مختلفة. أواخر...

الزيارة الأولى منذ اتفاق الدوحة… ما وصيّة جنبلاط من قطر؟

للمرة الأولى له منذ أيار 2008، يوم استضافت قطر القادة اللبنانيين وإعلان اتفاق الدوحة،...

المزيد من هذه الأخبار

قطر من “استوكهولم”: سلام شامل أو حرب أوسع..

تاريخ طويل من التفاوض الدبلوماسي بين القوى المحلّية والعالمية أعطى قطر القدرة على المراوغة...

هل تُطرَد غادة عون من القضاء؟

مع تحديد موعد لمثول النائبة العامّة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون أمس...

سياسيّو لبنان: “الأطفال الذين يلعبون بالرمل”؟

يرسم بعض المهتمّين الأجانب بأزمات لبنان صورة غير متفائلة جرّاء استمرار ربط الحلول فيه...

“الخُماسية” تُطلق مساراً رئاسياً حتى تموز: مشاورات أو عقوبات

ما تضمّنه بيان اللجنة الخماسية بعد اجتماعها أول من أمس في السفارة الأميركية، أحدث...

مهلة حزيران للحــزب: الرئاسة… أو نتنياهو

تعدّدت المهل التي أُعطيت لإنجاز الاستحقاق الرئاسي من دون أن تَصدُق أيّ منها. إلا...

“اليوم التالي” في غــزة ولبنان: الحرب اقتراح إسرائيل الوحيد

على دوي الحرب وهديرها، تتعدد مسارات البحث عن ما يسمى بـ”اليوم التالي” لغزة، وهو...

ماذا فعل “حــزب الله” في ملف النزوح؟

في 2 تشرين الأول 2023 تناول الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله ملف...

“الخماسية” في عوكر: “صيانة” دوريّة للحلّ

انعقد أمس الاجتماع الخامس للّجنة الخماسية المُمثّلة لواشنطن وباريس والدوحة والرياض ومصر في مقرّ...

صمود الحزب وحماس و”انتصارهما”: معركة نهاية الحروب في المنطقة؟

قاعدة “الحرب سجال” و”الأيام دول”، هي التي يعتمدها حزب الله وحركة حماس في المواجهة...

إنتقاد “المجتمع الدولي”… لتغييب إيران عنه؟

قد يكون انتقاد المجتمع الدولي والحملة على مواقفه، سواء في ما يخصّ عبء النازحين...

تعقيدات المفاوضات الحدودية: الطلعات والإعمار والتنقيب

لا كلام جدياً في الرئاسة. يستعيد سفراء اللجنة الخماسية حراكهم من خلال اجتماع تستضيفه...

الجيش بين باسيل و السيّد!

استبق الأمين العامّ للحزب السيّد حسن نصرالله جلسة التوصيات النيابية اليوم في شأن هبة...

نصرالله “المنتصر”: وصيّ على مستقبل لبنان وسوريا ولاجئيها

يستعجل حزب الله إعلان انتصاراته. لا يريد لها أن تقتصر على لبنان فقط، بل...

وثيقة بكركي: إيجابية بو نجم لا تُبدّد الصعاب

ستعلن بكركي وثيقتها التي حملت عنوان «المسيحيون في لبنان إلى أين؟» في غضون أسبوع...

عين الخارج على هويّة الرئيس قبل الحدود

كلٌّ عالق في مأزقه الخاصّ. جو بايدن عالق في استحقاقه الرئاسي. بنيامين نتنياهو عالق...