الرئيسيةمقالات سياسيةدمشق: الوجود المسيحي يشكّل هوية المنطقة

دمشق: الوجود المسيحي يشكّل هوية المنطقة

Published on

spot_img

كل من يسأل المسؤولين السوريين اليوم عن الموضوع اللبناني يسمع منهم اجابةً واحدة: راجعوا «حزب الله». هذا الجواب الذي بات يعرفه الجميع يعبّر عن السياسة السورية تجاه لبنان، والتي لها عنوان واحد هو: لا تدخّل.

ولكن، لا يمنع القرار العام بعدم التدخّل بالشؤون السياسية اللبنانية، او حتى عدم التدخّل لحل الخلافات داخل الفريق السياسي الحليف لسوريا، ألّا يكون لدمشق رأيًا في ما يحصل على الساحة اللبنانية، وإنّ تقدير الموقف وقراءة المشهد أمران لم تغب بهما دمشق عن لبنان، على الرغم من وطأة الحرب قبل عشر سنوات، وكذلك إلى جانب زخم عودة العرب إليها اليوم.

كثر يقارنون تعاطي «حزب الله» مع الساحة المسيحية في الاعوام الـ17 سنة الاخيرة، والخلاف المستجد بينه وبين «التيار الوطني الحر»، مع النظرة السورية إلى الساحة المسيحية وقواها السياسية، وتحديدًا في الفترة ما قبل العام 2005، إلى حيث تغييب القرار المسيحي. هذه المقارنة غير جائزة، ولا تنطلق من معطى واقعي وحقيقي لأسباب وقراءات عدة، فيرفضها مصدر سياسي سوري رفضاً تاماً، ويشرح ما يعتبره أنّه يؤدّي إلى ما يفيد بعكسها تماماً.

تؤكّد الأجواء، أنّ النظرة العامة للبنان التي كانت في أيّام الوجود العسكري السوري في لبنان للمسيحيين كجزء لا يتجزأ من اللبنانيين لا تزال نفسها، وهي القواعد التي أرستها القيادة السورية منذ زمن. ولكن ما اختلف بين اليوم والأمس هو اليد الممسكة بالملف اللبناني سوريًا، وهو ما يعتبره السوريون أنّه اختلف جدًا بين الأمس واليوم. فمرحلة عبد الحليم خدام وغازي كنعان وتعاطيهما الفوقي في الدرجة الاولى، ونقلهما غير الدقيق لواقع الساحة اللبنانية والمسيحية إلى القيادة في دمشق قد ولّى إلى غير رجعة، وإنّ من ايجابيات الأزمة في سوريا هي عملية «التنظيف» الكبيرة التي جرت، وباتت معها الشفافية في إرساء التعاطي السوري مع اي ملف، أكبر وأدق، وهي سمة المرحلة اليوم.

في هذا الإطار، ينقل المصدر، أنّ دمشق تعتبر الوجود المسيحي اليوم في المنطقة ولبنان هو وجود طبيعي واستراتيجي لا يمكن المساس به، وأنّ طمانة المسيحيين في سوريا ولبنان هو أمر يجب أن يُقارب بحرص شديد، إذ أنّ هوية المنطقة بأسرها، وسوريا ولبنان في مقدّمها، مرتبطة ارتباطاً كلّياً بالوجود المسيحي واستقراره في البلدين.

وعلى الرغم من اعلانها العام، وإعلامها لحلفائها ومن اتصل بها، عدم رغبتها التدخّل في شؤون الانتخابات الرئاسية في المطلق، تشير الأجواء إلى أنّ سوريا اليوم تولي الشأن المسيحي اللبناني اهمية كبرى، خصوصاً على صعيد العلاقات مع القوى والأحزاب المسيحية.

من هنا، يتعاطى الجانب السوري مع الملف بنحو مغاير عن تعاطي «حزب الله» في الممارسة لا في المضمون. ففي المضمون يبدو الجانبان مهتمين بإبقاء أفضل العلاقات مع القوى المسيحية، وتحديدًا مع «التيار الوطني الحر». ولكن في دمشق هناك من يأخذ على الحزب تراخيه في مسألة ترهّل «ورقة التفاهم»، حيث يشير المصدر إلى أنّ في إمكان الحزب إجراء عمليات تجميل للحفاظ على العلاقة المثلى مع رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، من دون دحرجتها نحو «التنشيف». ففي سوريا ايضًا كما في «حزب الله»، المرشح الرئاسي اليوم هو رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية، وهو من الثوابت المسيحية لدى الطرفين، ولكن هناك في دمشق من يقول إنّ «الحكمة تُربحنا فرنجية في الرئاسة وباسيل في زعامة المسيحيين، وانّ خسارة باسيل هي خسارة استراتيجية قد لا تعوّض».

يؤكّد المصدر، أنّ سوريا تثق بأنّ «حزب الله» لن يتخلّى عن تحالفه الاستراتيجي مع «التيار الوطني الحر»، وهو سيسعى لإعادة ربط النزاع وترطيب العلاقات ما بعد الحلّ الرئاسي. ولكن اجواء دمشق ترى أنّ الترطيب ما قبل الرئاسة سينتج ترتيبًا أكبر للمرحلة المقبلة. فبين الترطيب والترتيب، أجواء دمشق تؤكّد حرص الدولة السورية على المسيحيين ووجودهم واستقرارهم وحضورهم السياسي، ولكن ليس في دمشق قرار للفعل حتى الآن، بل تلعب سوريا دور المشورة لا أكثر ولا أقل.

أحدث المقالات

جلسة 14 حزيران و”السيناريوات” المحتملة… من يريد “اغتيال” فرنجية؟

وإن قُرِئت خطوة ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور، بأنّها "مناورة سياسية"، لكنها حرّكت المياه...

لماذا يَرفض “الثنائيّ الشيعيّ” جهاد أزعور؟

يؤكد مطّلعون على مسار الطبخة الرئاسية أنّ تلاقي قوى المعارضة المسيحية ونوّاب “التغيير” والتيار...

استياء كبير في عين التينة

جاء في “الأخبار”: تقول مصادر الثنائي الداعم لرئيس تيار المردة سليمان فرنجية إن «الجلسة قائمة»،...

بعد قرار ماكرون.. مواعيد للسفيرة

جاء في “الأخبار”: يُفترض أن تعود إلى بيروت خلال ساعات السفيرة الفرنسية آن غريو التي...

المزيد من هذه الأخبار

سيناريو متخيل لزيارة البطريرك لباريس

لم تحسم زيارة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي إلى باريس الضبابية السائدة، إزاء الموقف...

هل نشهد ولادة نظام إقليمي جديد في المنطقة؟

تساءلنا في مقالة سابقة عما إذا كنا ننتظر ولادة نظام إقليمي جديد في الشرق...

إستقواء باسيل بجعجع لكسر كلمة نصرالله

يخيّل للمرء، وهو يراقب معركة استيلاد ساكن جديد للقصر الرئاسي، أنّ زوايا الكوكب تهتز....

سماسرة الأزمات يتاجرون بمصائر 400 مليون عربي..

مأساة الصراعات العربية والإقليمية أنّه لا يوجد طرف جانٍ وطرف مجنيّ عليه. كلاهما في...

نحو «تنصيب» رئيس لا يرأس

ساعات ترقّبٍ ثقيلة عاشها اللبنانيون على امتداد الساعات الـ48 الأخيرة، بانتظار جلاء ما في...

إيران… من بدأ المأساة ينهيها!

الجميع بانتظار ما ستقدمه إيران من أفعال وإجراءات تنفذ على أرض الواقع تتناسب مع...

باسيل يتطلّع إلى “الحزب” وبرّي ينتظر تأييده لأزعور

بات كلّ ترشيح في وجه مرشّح "الثنائي الشيعي" رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية مدعاة...

القاهرة – طهران بعد 45 عاماً.. التطبيع ما يزال بعيداً

قلتُ لسائق التاكسي الذي تجاوز السبعين عاماً: هل تعرف شارع مصدّق في حيّ الدقّي؟...

لا تحْمِلــوا موضوع الإستحقاق الرئاسي إلى عواصم القرار في نعش تُدفن فيه جميع الحقائق

بات معلوماً أنّ الوضع السياسي العام في لبنان خطير للغاية بعد مرور فترة من...

النواب “الأقوياء” لن ينشقّوا ولن ينصاعوا: باسيل يفقد سيطرته

محاولات تقويض رئيس التيار الوطني الحرّ، جبران باسيل، قديمة، ومستمرة. تعود إلى ما قبل...

إستقالة زعيم التقدمي الإشتراكي: قراءة في حكمة كمال جنبلاط بين الحزب والضمير

الحدث السياسي الأبرز على مستوى انتخابات الرئاسة في لبنان لم يكن في تبادل الإتهامات...

متى رئيس «صُنع في لبنان»؟

ليس لأنني أمضيتُ بضع سنوات سفيراً لبلاد الخير والطمأنينة وإحترام الذات الإنسانية (المملكة العربية...

إنقلاب ناعم في ميرنا الشّالوحي: كان الله في عون باسيل!

احتدمت المعركة الرئاسية فأخرج كلّ فريق ما بجعبته من مواقف وخيارات كانت مضمرة طيلة...

اعتذار إلى «ميشا»

يتمتع أهل نيويورك وسكانها الحاليون بالأعمال الفنية التي تركها جار قديم منذ مائة عام،...

باسيل والحزب: عصر المناورات

الرسالة الحادّة التي وجّهها رئيس كتلة الوفاء للمقاومة محمد رعد في شأن ترشيح جهاد...