في لقاء مستشار الديوان الملكي نزار العلولا مع الموفد الفرنسي جان إيف لودريان تمّ تكريس سقوط المقاربة الفرنسية الرئاسية السابقة وبدء العمل على مقاربة جديدة لم تعد سرّاً لدى العاملين في الملفّ الرئاسي اللبناني، وهي الخيار الثالث الذي سيفضي إلى التوجّه إلى تسوية رئاسية. وفي مقابل المعطى الخارجي الناشط، يجري حوار داخلي سبق أن عاد بين الحليفين المتخاصمين الحزب والتيار الوطني الحر في لقاءات بدأت بين رئيس التيار جبران باسيل ومسؤول وحدة التنسيق والارتباط في الحزب وفيق صفا. ولهذا الحوار حساب بين الحليفين، إلا أنّ التحدّي الأبرز أمامه هو أنّه يسابق مساراً دولياً إقليمياً من أجل الرئاسة يبدو أنّه سيكون أسرع وأقوى من أيّ تقاطع داخلي، ولا سيّما إذا كان يتيم الحلفاء.
باسيل يربح جولة على الحزب
في مسار العلاقة المتينة بين الحليفين، انكسرت الشراكة بينهما في ذلك اللقاء الذي جمع الأمين العامّ للحزب ورئيس التيار يوم فاتح نصرالله باسيل بدعم رئاسة سليمان فرنجية. يومئذٍ قال باسيل لنصرالله: لا، لن يحصل. لم يكن وقع رفض باسيل طلب نصر الله سهلاً على الأخير. استمرّ الخلاف طويلاً وظلّ نصر الله يراهن على عودة الابن الضالّ. سقطت كلّ الرهانات لأنّها كانت متعلّقة بدعم باسيل لمرشّح الحزب سليمان فرنجية. أمّا باسيل فاستمرّ في التعبير عن استعداده للعودة إلى حلف مار مخايل شرط التخلّي عن فرنجية. لكن ها هما اليوم يعودان. وفي المعلومات أنّ الحوار بينهما عاد من دون شروط مسبقة، فباسيل نجح في استعادة حواره مع الحزب محتفظاً برفضه لرئاسة فرنجية، وهو ما عبّر عنه بشكل صريح وواضح وعلنيّ في كلمته يوم الثلاثاء الماضي. مصادر متابعة لهذا الحوار وضعته ضمن إطارين: في أوّلهما هو حوار لِما بعد الرئاسة، وفي الثاني هو حوار من أجل الرئاسة نفسها. وفي معلومات “أساس” أنّ الحوار يتضمّن عدّة عناوين متعلّقة بالمرحلة المقبلة، والرئاسة واحدة منها، لأنّ أيّ حوار يقتصر على الرئاسة سيجد نفسه خاسراً في سباق المسار الدولي الإقليمي الذي أصبح مساراً واضح المعالم والاتجاه كما يتوقّع أن يصدر عن اللجنة الخماسية الأسبوع المقبل. ولذلك أيّ اتّفاق بين الفريقين على اسم ثالث للجمهورية سيواجه تحدّيات لأكثر من سبب:
تشير مصادر إلى أنّ اللجنة الخماسية ستدرس إمكانية نجاح الخيار الثالث في أن يكون حلّاً توافقيّاً بين اللبنانيين
– أوّلاً: لن يتخلّى الحزب عن مرشّحه سليمان فرنجية ليتّفق مع باسيل على اسم آخر من دون التنسيق مع فرنجية، وهو أمرغير وارد أن يقبل به رئيس تيار المردة.
– ثانياً: إن اتّفق الحليفان على اسم ثالث غير فرنجية وأزعور فإنّ اتّفاقهما سيحتاج إلى دعم دولي وإقليمي لإنجاح العهد وتوفير الإمدادات اللازمة له. فهل تمنح اللجنة الخماسية هذا الدعم وهي التي أصبح اتّجاهها في مكان آخر؟
– ثالثاً: إن اتّفق الحليفان على اسم مشترك فلن يكون ذلك كافياً لأنّه بحاجة إلى دعم الحلفاء، وتحديداً الرئيس برّي وفرنجية وجنبلاط وغيرهم، وهو أمر يصعب تحقيقه من دون موقف دولي إقليمي واضح.
لذلك تحرّك باسيل سريعاً فاتّجه إلى الديمان حيث التقى البطريرك مار بشارة بطرس الراعي ووضعه في جوّ حواره مع الحزب في الأسماء المطروحة للرئاسة. حراك باسيل هذا ما يزال يحتاج إلى إنضاج.
اللجنة الخماسيّة في الدوحة: الخيار الثالث
بعدما أكّدت المعلومات الصادرة عن لقاء الرياض الأخير سقوط خيارات المواجهة والذهاب إلى خيار ثالث، تشير مصادر إلى أنّ اللجنة الخماسية ستدرس إمكانية نجاح الخيار الثالث في أن يكون حلّاً توافقيّاً بين اللبنانيين، وتحدّثت معلومات عن حضور لودريان إلى الدوحة في موعد انعقاد اللجنة الخماسية وقيامه لاحقاً بجولة جديدة ستظهر معالمها بعد وصوله إلى لبنان. وفي هذا السياق كان قول الرئيس برّي “ركبت الطاولة” ذا دلالة واضحة على استعداده لتلقّف المبادرة الدولية الفرنسية المقبلة على لبنان. وفي المعلومات أنّ واحدة من الأفكار المتعلّقة بالحوار هو أن تتزامن الدعوة إلى جلسة لانتخاب رئيس للجمهورية مع جهوزية طاولة الحوار، الأمر الذي سيسهّل المهمّة على المعترضين على المشاركة في طاولة حوار بحجّة وجوب حصول الحوار في جلسة انتخابية ولو كان الحضور سيتمثّل بنوّاب من الكتل.
أمّا عن موقف الحزب من كلّ هذا الكلام فيقول مصدر مقرّب منه إنّ الحزب له مقاربته المعروفة في الرئاسة لكنّه حرص على قطع الطريق أمام توجيه اتّهامات له بالمسّ بالطائف والمناصفة. أمّا عن شخص الرئيس فالحزب حتى الساعة متمسّك بمرشّحه سليمان فرنجية، لكنّه سيتعامل مع المتغيّرات الدولية، وتحديداً الفرنسية، بشكل جدّي. فالفرنسي أخذ على عاتقه التسويق لمرشّح الثنائي، وسيكون على عاتقه إعلام الثنائي بضرورة الانتقال إلى الخيار الثالث. في المقابل، سيكون رهان اللجنة الخماسية على رغبة إيران بتصفير مشاكلها مع محيطها، وهو ما سينعكس على موقف الحزب.
منذ أيّام غرّد النائب جميل السيّد قائلاً إنّه “إذا تخلّى سليمان فرنجية عن ترشّحه فستذهب الرئاسة إلى قائد الجيش”، وعلّل ذلك بأكثر من معطى، أبرزها أنّ “قائد الجيش لم يُخطئ حتى الآن في أيّ أمر استراتيجي”، متحدّثاً عن تكامل وتنسيق بين الجيش والمقاومة.