يعوّل مريدو مرشح «الثنائي الشيعي» وقوى 8 آذار رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية على اتّصالات روسية – سعودية ستجري في الأيام المقبلة، هدفها إقناع المملكة العربية السعودية بالضمانات التي قدّمها فرنجية حول سياسته إذا انتُخب رئيساً، بموازاة التحرّك الذي قامت به فرنسا باتجاه الرياض عبر زيارة المستشار الرئاسي المكلّف متابعة الملف اللبناني السفير باتريك دوريل إلى جدّة قبل أسبوعين حاملاً الضمانات المكتوبة التي سلّمها فرنجية له أثناء زيارته باريس مطلع نيسان الجاري.
الحماس الروسي لخيار فرنجية قد يفوق الحماس الفرنسي، وإن كانت لكلّ منهما أسبابه وحساباته المختلفة. موسكو سعت إلى الحصول على هذه الضمانات من رئيس «المردة» قبل زيارة فرنجية باريس، إذ كلّفت السفير في بيروت ألكسندر روداكوف لقاء فرنجية وسؤاله عن الضمانات التي يقدّمها لإقناع الجانب السعودي وبعض القوى اللبنانية الصديقة لروسيا بخياره للرئاسة.
وقال مواكبون لجهود موسكو إنّ روداكوف طرح أسئلة محدّدة على فرنجية خلال زيارته له آخر الشهر الماضي، وأنه سجّل أجوبته عليها وأبلغ موسكو بها، وقد درستها واستمهلت للقيام باتّصالاتها مع الجانب السعودي في انتظار استكشاف نتائج الجهود الفرنسية المتقاطعة مع الرغبة الروسية، وإن كان البلدان على خلاف في شأن الحرب في أوكرانيا. وشملت أجوبة فرنجية حول الضمانات التي دوّنها السفير الروسي الهواجس كافة التي يطرحها معارضو رئيس «المردة»، وردّدها بنفسه في بكركي وغيرها… والمتعلّقة بسلاح «حزب الله» والاستراتيجية الدفاعية وترسيم الحدود مع سوريا ومكافحة التهريب ورفض العداء لدول الخليج وتنفيذ الطائف والتزام الإصلاحات مع صندوق النقد…
المطّلعون على الجهد الروسي يتوقّعون أن تباشر موسكو اتّصالاتها مع الرياض في الأيام المقبلة مع انتهاء عطلة الفطر المبارك. وهي كانت تتطلّع أساساً إلى حصول تقدّم ملموس في التسويات على الجبهة اليمنية، تبعاً لمناخات اتفاق بكين… لمناقشة هذه الضمانات في أجواء من الاسترخاء في علاقة الرياض مع طهران. وأرفقت موسكو مساعيها مع الاستعداد للاشتراك مع الصين راعية الاتفاق السعودي– الإيراني، في دفع طهران إلى التزام تسهيل ما تعهّد به فرنجية، عبر صلتها مع «حزب الله».
على رغم إدراك موسكو أنّه من بين العقبات أمام فرنجية تحفّظ الجانب السعودي على تبوّؤ الرئاسة من شخصية موالية لمحور الممانعة، تكرّر السياسة السابقة حيالها، فهي تنطلق في حماسها لفرنجية من الدوافع والحجج الآتية:
– الحرص على ألا يأتي رئيس موالٍ للغرب يعاكس الدور الروسي في سوريا التي تحتاج لتنسيق مع لبنان في مجالات عدة لا سيما في مرحلة إعادة الإعمار وتطبيع الوضع السوري، الذي سيشهد تدرجاً بدءاً بالمصالحة السورية التركية.
– إنّ «حزب الله» قوة أساسية في لبنان يصعب الإتيان برئيس ضده، لأن ذلك سينعكس على تركيبة الحكم وتشكيل الحكومة إذا قرّر «الثنائي الشيعي» بالسعي للحصول على أكثرية حكومية، أو قاطع التشكيلة الحكومية. ويصعب استبدال معادلة رئيس مقرّب من الثنائي ورئيس للحكومة مقرّب من خصوم «الحزب» ترضى عنه السعودية ودول الخليج، بمعادلة وجود رئيسين ضد «حزب الله».
– لبنان كان ساحة صراع بين إيران ودول الخليج والسعودية، والتسويات الحاصلة في المنطقة يجب أن تقود إلى تسوية فيه، بعد اتفاق بكين. وانطباع المتصلين بموسكو يفيد بأنّ الرياض متى اطمأنت إلى مسار الحلول في اليمن لن تتشدّد في لبنان، وهي بكل الأحوال لن تقدّم مساعدات مالية مجانية لاقتصاده، بل ستقدم على استثمارات إذا رأت سلوكاً إصلاحياً وغير عدائي من السلطة فيه. ولذلك يردّدون أنهم لا يتدخلون بالأسماء وليس لديهم فيتو على أحد ويهمّهم ألا يكون العهد الرئاسي استمراراً للعهد السابق…
– أبلغت موسكو أصدقاء لبنانيين منهم رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط، أنّ المرحلة تحتاج رئيساً سياسياً قادراً على الانفتاح داخلياً وخارجياً، وليس اقتصادياً كما اقترح هو في معرض اشتراطه ألا يكون رئيس تحدٍ لأي فريق، لأن النهوض بالاقتصاد دور الحكومة ورئيسها، يتولّى رئيس الجمهورية تذليل العقبات السياسية من أمامها.
هذه الحجج وغيرها لن تكفي لضمان العدد الكافي من الأصوات لفرنجية، أمام المعارضة من قبل القوى السيادية والفريقين المسيحيين الرئيسيين، حزب «القوات اللبنانية» و»التيار الوطني الحر»، إذ إنها لا تتعدّى في أفضل الأحوال الـ56 صوتاً من أصل أكثرية الـ65 نائباً للفوز في الدورة الثانية من الاقتراع. ومع ذلك يراهن مريدو فرنجية على ضمان بعض نواب «التيار الحر» و»اللقاء الديمقراطي» إذا نجحت جهود باريس وموسكو في تحييد الرياض، في وقت لا دلائل على تغيير في موقف جنبلاط. ولا جواب لدى هؤلاء على تكرار إعلان رئيس «القوات» سمير جعجع أنّه وحلفاءه سيعطّلون نصاب الثلثين إذا تأمّنت الأصوات الـ65 لمرشح «الممانعة»، سوى التشكيك بإمكان تجميع 43 صوتاً التي قال جعجع إنه واثق من تأمينها.