الرئيسيةمقالات سياسيةحزب الله «يستأنس» و«يفحص» مرشحيْن

حزب الله «يستأنس» و«يفحص» مرشحيْن

Published on

spot_img

ليس للاستحقاق الرئاسي منذ عام 2007 سوى البقاء على الرصيف وانتظار مرور المفاجأة بالقرب منه. أخيراً مرت به محطات ثلاث هي الاجتماع الخماسي فالاتفاق السعودي – الإيراني فاللقاء الثنائي دونما التوقف عنده. المحطة المقبلة المراهن عليها الحوار السعودي – السوري

سابقتان اثنتان جيء عليهما في تاريخ انتخابات الرئاسة اللبنانية لم تتكررا مذ جُرّبتا. أولاهما عام 1964 عشية نهاية ولاية الرئيس فؤاد شهاب عندما ابتكر نائب جزين جان عزيز عبارة «الاستئناس» في معرض سعي رئيس البرلمان كامل الأسعد إلى انتزاع طلب من شهاب يدلي به بنفسه أمامه أنه يريد تجديد ولايته الرئاسية على رغم وجود غالبية نيابية تفوق بكثير ثلثي المجلس وقتذاك (79 نائباً مع التجديد من 99 نائباً). إلا أن الرئيس الذي رفض سلفاً التجديد عطّل المكسب على الأسعد المعارض له في الأصل. ذهبت كلمة «استئناس» مضرب مثل مذذاك أقرب إلى فخ لمَن يطلب الولاية لنفسه.

أما ثانية السابقتين فحدثت عام 1970 وعاد ابتكار العبارة إلى الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني جورج حاوي، وهي «الفحص» الذي أجراه كمال جنبلاط سنتذاك مع اثنين من المرشحين الرئيسيين لتلك الانتخابات قبل الوصول إلى أيامها الأخيرة، هما الياس سركيس وسليمان فرنجية. فَحَصَ جنبلاط المرشحيْن بأسئلة يُفترض أن يؤيد أحدهما من خلال أجوبته خصوصاً ما يتعلق بالوجود الفلسطيني في لبنان واتفاق القاهرة. نجح حينذاك فرنجية في الفحص بعد تعهدات قدمها إلى الزعيم الدرزي، وسقط فيه سركيس الذي نجح بعد ست سنوات عام 1976 في فحص آخر أجراه له الموفد الأميركي الخاص دين براون سقط فيه ريمون إده، ودارت أسئلته من حول دخول القوات السورية إلى لبنان. نجاح المرشح في الفحص كان يجعله رئيساً.
لم يكن لشهاب ولا لجنبلاط في أيامهما فائض قوة على الأرض كحزب الله اليوم. لكليهما فائض أخلاقي في الأداء والتواضع وفي السياسة المحترفة كان يجعلهما يقدّران المدى الذي يذهبان بخياراتهما إليه. في الوقت الحاضر لحزب الله في المعادلة الوطنية ما لم يُعطَ يوماً في أي زمن انقضى لفريق لبناني في التحوّل مرجعية تكاد تكون الوحيدة، ليس في طائفته فحسب، بل أيضاً في إدارة لعبة الاستقرار وانتظام النظام أو الإخلال به وفي توجيه موازين القوى المحلية. أشبه بما كانت عليه دمشق في لبنان. أخيراً بدأ الكثير الذي يقال ضده أنه يختار للمسيحيين، والموارنة خصوصاً، رئيساً للجمهورية بإزاء رفض الكتل المسيحية الكبرى والصغرى ترشيح سليمان فرنجية. ليس الاصطفاف المسيحي المناوئ له هذا سوى اعتراض على التسليم بالمرجعية التي بات يمثّلها على نحو أدخل انتخابات الرئاسة في مأزق يصعب الخروج منه بلا مفاجأة. كلا الفريقين يملك الثلث المعطل زائداً واحداً (43 صوتاً) لمنع انتخاب رئيس مرفوض أو في أحسن الأحوال غير متوافق عليه.

*حزب الله معتاد على مرشح واحد لا يساوم عليه*

في الآونة الأخيرة، لثلاثة أسابيع على الأكثر، دمج حزب الله الاستئناس بالفحص. هي المرة الأولى يختبر طرازاً من التفاوض كهذا، هو المعتاد في الاستحقاق السابق كما الحالي على أن لا يكون له سوى مرشح وحيد، لا بديل منه، غير معروض على المساومة والمقايضة، متمسك بفوزه لا بترشحه فحسب. بعد الرئيس ميشال عون تنطبق الشروط نفسها الآن على فرنجية، ويتصرف حزب الله على أنه يستعيد اللعبة نفسها التي فرض قواعدها بين عامي 2014 و2016، بأن يصح لفرنجية بعد الآن ما صح لعون قبلاً.
مع ذلك بدا لافتاً أخيراً، دونما أن يتزحزح عن دعم النائب السابق لزغرتا، استجابته نصيحة وراءها خصوم فرنجية بالذات. مفاد النصيحة التي أسداها – كما قيل – قريبون من رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل هم على صلة مستديمة بالحزب لم ينقطعوا عنه منذ انفجر خلاف الطرفين في 5 كانون الأول المنصرم، أن لا حائل دون أن يصغي – ما دام يمثل الكفة المرجحة في مقاربة الاستحقاق – إلى مرشحين محتملين ممن ترددت أسماؤهم في خلال الجلسات الإحدى عشرة وخارجها، على أنهم بدائل محتملون. من بين هؤلاء شخصيتان لبنانيتان معروفتان ومحترفتان في مهنتيهما شاع الحديث عن جدية ترشيحهما دونما أن تعلنا ذلك جهاراً، وكانتا من الأسماء كان قيل إن في الإمكان التعويل عليها. إحداهما اقتصادية تعمل في الخارج والأخرى قانونية تعمل في الداخل وذات قنوات خارجية.

ما أوردته المعلومات أن الشخصيتين المرشحتين اجتمعتا بمسؤولين في حزب الله أكثر من مرة في ما صح وصفه بـ«استئناس» في السماع إلى آرائهما، في الوقت نفسه ما يشبه «الفحص» المبكر لمضمون التعهدات والضمانات التي تقدمانها. إحدى هاتين الشخصيتين، وهي الأولى، عرضت أمام محاوريها وجهة نظرها في الاستحقاق الرئاسي، ومؤداها أن المرشح الحالي للحزب، وهو كذلك للثنائي الشيعي، لا يملك أن يحكم ما لم يُعطَ من الحزب ما يقدّمه من تنازلات للداخل في إعادة بناء الدولة وكذلك في العلاقات مع الخارج العربي والدولي. مغزى ذلك أن على الحزب توقّع «تنحيف» حجمه وحساباته المحلية والإقليمية كي يقدم الضمانات الضرورية بل المكلفة لخصومه، كي يتمكن من إيصال مرشحه إلى رئاسة الجمهورية، مع الداخل ولدى الخارج في آن تبعاً لما يقتضيه حضور ثلثي البرلمان (86 نائباً على الأقل)، فيما أي مرشح آخر مستقل جدي موثوق به يسعه أن يعطي الحزب من الخارج أكثر مما يأخذ منه في الداخل ويطمئنه إلى التعهدات التي يقطعها له.

ما حدث في ذينك الاستئناس والفحص لا يعدو، لمن خبر حزب الله طويلاً، سوى مضيعة إضافية للوقت في وقت في الأصل ضائع.

أحدث المقالات

بيروت: لقاء ثلاثة أجهزة مخابرات

بشكل متزامن، كانت بيروت مطلع الأسبوع، مسرحاً لوجود مخابراتي ثلاثي: فرنسي أميركي وإسرائيلي. والتفاصيل،...

ماذا لو أُرجئ بتّ مصير قائد الجيش إلى ما بعد الأعياد؟

بين مجلسَي النواب والوزراء يتجمّد بتّ مصير قائد الجيش العماد جوزاف عون الذي يبلغ...

تطبيق 1701: الحزب يرفض.. ويفاوض!!

في عام 2006 انتهت حرب تموز بإصدار القرار الأممي 1701 تحت الفصل السادس، لكن...

“الحزب” لن ينسحب: ثمن التفاوض لاستقرار الحدود ستدفعه إسرائيل

الاستعاضة عن الحرب في جنوب لبنان، يكون بالتوجه نحو اتفاق سياسي برعاية دولية إقليمية،...

المزيد من هذه الأخبار

مادة انتقاد “عونيّة” لقائد الجيش!

أضاف مسؤولون في «التيار الوطني الحر» أن إجراءات الجيش اللبناني لمكافحة تهريب الأفراد السوريين...

بو حبيب: فرنسا أقصتنا عن اجتماعات لأننا فشّلنا مبادراتها

عَقّد تجدّد الحرب الإسرائيلية على غزة المشهد إقليمياً ولبنانياً. عادت ساحة المواجهات بين «حزب...

تقويض القرار 1701… بتواطؤ دولي

يتعامل العالم مع جرائم هائلة تسحق أهل قطاع غزة وتبيدهم، بالكثير من البرود والتجاهل...

“تطابق” فرنسي-سعودي لبنانياً.. وتحذيرات حول مصير الجنوب

أصبحت الدوامة السياسية اللبنانية الداخلية “مضجرة” في كيفية التعاطي مع الاستحقاقات الأساسية، لا سيما...

مهمة لودريان تبدَّلت من انتخاب الرئيس إلى السعي لتأجيل تسريح قائد الجيش

لم يعد خافياً أن الهدف الرئيس من زيارة الموفد الرئاسي الفرنسي جان – إيف...

لبنان بعد حرب غزّة… من يسأل عن قرار السلم والحرب؟

"لبنان ما بعد حرب غزة يشبه السؤال عن لبنان ما بعد الانتداب، ويشبه السؤال...

لودريان لم يطرح تعديلاً للـ1701… بل فرصة لتطبيقه

مع إعلان إسرائيل استئناف القتال ضدّ “حماس” سمحت أيام التبادل السبعة التي كانت واشنطن...

“ليونة” مستجدة بالملف الرئاسي.. وإصرار دولي على التمديد لعون

على وقع الزيارة الرابعة التي أجراها المبعوث الفرنسي إلى لبنان، جان إيف لودريان، تحدث...

بلى هُزمنا… والحلّ؟ فليحكم الحزب (1)

جرى هذا النقاش ضمن حلقة تفكير سياسي مناوئة للحزب ومرجعيّاته، في السياسة والأيديولوجيا والمنطلقات...

لبنان في مسار الحلّ من غزّة إلى واشنطن

عودة الموفد الفرنسي جان إيف لودريان وإن كانت في شكلها لا تحمل أيّ مبادرة...

لودريان “دبلوماسيّ بلا قفازات”… ينفعل و”يَزعَل”

لكلّ حقبة سياسية مُعضلات وإشكاليات، تجذب معها وساطات ووفود خارجية، في مغامرة أشبه ببحث...

متى سيبدأ الدولار بالهبوط… 50 ألفاً أو أقلّ؟

قبل انتهاء ولاية رياض سلامة في حاكمية مصرف لبنان، كان التوقّع العامّ السائد بين...

“تعديل” الـ1701 ومنطقة عازلة: التفاوض مع “الحزب” بنبرة نارية

يتنقّل لبنان في السجالات بين الملفات، من دون حسم أي منها. وقد أصبحت هذه...

دعم قوي من “الخماسية” لمهمّة لودريان… وقلقٌ أمميّ على لبنان

في ظل استمرار الهدوء الحذر الذي يخيم على المناطق الجنوبية، طالما أن الهدنة الممددة...

حراك دولي جدّي لكسر جليد الرئاسة وإطفاء جمر الحدود

على عادتهم، يبرع اللبنانيون في ضرب بعضهم البعض من تحت الحزام، بناء على حسابات...