الرئيسيةمقالات سياسيةحزب الله يحدد مسارات الرئاسة والحدود وأدواره الإقليمية

حزب الله يحدد مسارات الرئاسة والحدود وأدواره الإقليمية

Published on

spot_img

ليست الخطوات التي يتخذها حزب الله مؤخراً، في مناطق جنوبية متعددة، على طول الخط الحدودي بين الأراضي اللبنانية والأراضي المحتلة، بالصدفة. كلها تحركات وخطوات مدروسة لها أهداف متعددة، أبرزها التأكيد على استمرارية هذا الصراع مع العدو حتى بعد ترسيم الحدود البحرية. يردّ الحزب على طريقته على كل الكلام الذي قيل عن أنه ذهب إلى ترسيم الحدود، وأن هذا الترسيم أنتج استقراراً وضمانات أمنية على جبهة الجنوب. هذه الضمانات الأمنية كان قد أعلن عنها رئيس الجمهورية السابق ميشال عون في إحدى إطلالاته التلفزيونية، قبل يومين من خروجه من قصر بعبدا. فيما نفى حزب الله مراراً تقديم أي تعهدات أمنية.

وقائع جديدة 
لنفي كل هذه السياقات، يقدم الحزب على اتخاذ إجراءات ميدانية متعددة تشير إلى استمرارية الصراع، وفرض وقائع جديدة على الأرض. هذه الوقائع التي بدأت مع المناورات العسكرية، وتستمر مع مبدأ قواعد الاشتباك وإسقاط الطائرات المسيرة، تتطور وفق مسارين. المسار الأول تجاوز الخطّ الأزرق، من خلال إنشاء خيم في الأراضي المحتلة. أو من خلال حملات التشجير الواسعة الذي يقوم بها الحزب على الحدود، وهذا مسار كان قد بدأه بعد حادثة العديسة قبل سنوات، والتي حاول الإسرائيليون خلالها إزالة أشجار. يرد الحزب بتوسيع عمليات التشجير التي تفرض واقعاً جديداً يمكن الإستفادة منه أمنياً وعسكرياً. خصوصاً أن الإسرائيليين كانوا يصرون على إزالة الأشجار، واتهام جمعية أخضر بلا حدود بأنها غطاء أمني وعسكري لحزب الله.

مزيد من الخيم
في مسألة إنشاء الخيمتين، فإن الحزب لن يكون في وارد تفكيكهما، لا بل هو يفكر بما هو أبعد من ذلك، ويعتبر أن الإسرائيليين وبنتيجة رد فعلهم المتوتر، وطريقة تعاطيهم في توسيط دول كثيرة، أعطت الحزب انتصاراً معنوياً يتجلى في عدم تراجعه، وعدم إزالة الخيم. وقد وصلت المطالب الإسرائيلية إلى حدود إرجاع خيمة واحدة ولو لبضعة أمتار. فعرف الحزب كيف يوظف ذلك لصالحه.

سيشكل هذا الانتصار المعنوي إغراءً لحزب الله لوضع المزيد من الخيم هناك، وتحويل المنطقة إلى مخيم لبناني، وربما تحت ستائر الخيم يمكن بناء جدران من الإسمنت، لتثبيت أمر واقع أكثر تحدياً للإسرائيليين.

فرض الوقائع
كل هذه التطورات والتي من المرتقب أن تتزايد في تلك المنطقة، لا يمكن قراءتها من منظور ضيق أيضاً، إنما لا بد من وضعها في سياقها الأعم، وهو رؤية حزب الله للوضع في لبنان والمنطقة. وهذا الواقع، هو امتداد لثلاث استحقاقات أساسية. الأول استمرار لمسار التحرير في العام 2000. الثاني، استكمال لمرحلة ما بعد ترسيم الحدود، والذي تحقق بفعل دخول حزب الله على الخطّ بقوة من خلال استخدام المسيرات والتلويح بالتصعيد. والثالث ما بعد دخول حزب الله إلى سوريا، حيث انتقل إلى هناك وفق ما يقول للدفاع عن طول الحدود الشرقية. وهو ما منحه دوراً أوسع من لبنان يمتد إلى سوريا، إلى جانب دوره في العراق واليمن. وقد دفع ذلك بقادة الحزب إلى وصفه بأنه قوة إقليمية، أي قوة ما فوق لبنانية.

حالياً، كل هذه التطورات تأتي على وقع استحقاقات عديدة، أبرزها قبل الوصول إلى موعد التمديد لقوات الطوارئ الدولية. وفي خلال البحث عن تسوية رئاسية. من هنا يتعاطى الحزب مع كل هذه الوقائع، إنطلاقاً من وجهة نظر أنه أبرز من دفع الأثمان للدفاع عن لبنان، وبالتالي لا يمكن للأفرقاء الآخرين أن يستكثروا عليه تحقيق طرحه في رئاسة الجمهورية، لأنه هو صاحب دور أساسي في الصراع العربي الإسرائيلي، وهو الذي عمل على توسيع هامش تحركاته داخل لبنان وخارجه، وهو الذي سيكون الطرف الأساسي في فرض الوقائع التي ستكون متصلة بأي عملية لترسيم الحدود البرية بعد البحرية.
ذلك يضع الحزب على مسار من التحولات الإقليمية والدولية، وليس فقط في الاستحقاقات السياسية الداخلية، التي يبدو مهتماً بها، ولكنها لا ترقى إلى مستوى اهتماماته الأخرى.

أحدث المقالات

جنوب الحرب وشمال النازحين والدرّاجات.. تلغي”الدولة الوطنيّة”؟

كان المشهد في لبنان يوم الجمعة الماضي معبّراً جدّاً عن صورة البلد وإشكاليّاته، أو...

كيف سينعكس غياب رئيسي وعبد اللهيان على لبنان؟

بدأت التساؤلات تتوالى بعد مقتل الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ووزير خارجيته حسين عبد الأمير...

سباق التفاوض الإقليمي: “الثنائي الشيعي” للفوز بلبنان والرئاسة؟

أحداث من التاريخ يمكنها أن تتشابه أو أن تتكرر، وإن بسياقات وظروف مختلفة. أواخر...

الزيارة الأولى منذ اتفاق الدوحة… ما وصيّة جنبلاط من قطر؟

للمرة الأولى له منذ أيار 2008، يوم استضافت قطر القادة اللبنانيين وإعلان اتفاق الدوحة،...

المزيد من هذه الأخبار

قطر من “استوكهولم”: سلام شامل أو حرب أوسع..

تاريخ طويل من التفاوض الدبلوماسي بين القوى المحلّية والعالمية أعطى قطر القدرة على المراوغة...

هل تُطرَد غادة عون من القضاء؟

مع تحديد موعد لمثول النائبة العامّة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون أمس...

سياسيّو لبنان: “الأطفال الذين يلعبون بالرمل”؟

يرسم بعض المهتمّين الأجانب بأزمات لبنان صورة غير متفائلة جرّاء استمرار ربط الحلول فيه...

“الخُماسية” تُطلق مساراً رئاسياً حتى تموز: مشاورات أو عقوبات

ما تضمّنه بيان اللجنة الخماسية بعد اجتماعها أول من أمس في السفارة الأميركية، أحدث...

مهلة حزيران للحــزب: الرئاسة… أو نتنياهو

تعدّدت المهل التي أُعطيت لإنجاز الاستحقاق الرئاسي من دون أن تَصدُق أيّ منها. إلا...

“اليوم التالي” في غــزة ولبنان: الحرب اقتراح إسرائيل الوحيد

على دوي الحرب وهديرها، تتعدد مسارات البحث عن ما يسمى بـ”اليوم التالي” لغزة، وهو...

ماذا فعل “حــزب الله” في ملف النزوح؟

في 2 تشرين الأول 2023 تناول الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله ملف...

“الخماسية” في عوكر: “صيانة” دوريّة للحلّ

انعقد أمس الاجتماع الخامس للّجنة الخماسية المُمثّلة لواشنطن وباريس والدوحة والرياض ومصر في مقرّ...

صمود الحزب وحماس و”انتصارهما”: معركة نهاية الحروب في المنطقة؟

قاعدة “الحرب سجال” و”الأيام دول”، هي التي يعتمدها حزب الله وحركة حماس في المواجهة...

إنتقاد “المجتمع الدولي”… لتغييب إيران عنه؟

قد يكون انتقاد المجتمع الدولي والحملة على مواقفه، سواء في ما يخصّ عبء النازحين...

تعقيدات المفاوضات الحدودية: الطلعات والإعمار والتنقيب

لا كلام جدياً في الرئاسة. يستعيد سفراء اللجنة الخماسية حراكهم من خلال اجتماع تستضيفه...

الجيش بين باسيل و السيّد!

استبق الأمين العامّ للحزب السيّد حسن نصرالله جلسة التوصيات النيابية اليوم في شأن هبة...

نصرالله “المنتصر”: وصيّ على مستقبل لبنان وسوريا ولاجئيها

يستعجل حزب الله إعلان انتصاراته. لا يريد لها أن تقتصر على لبنان فقط، بل...

وثيقة بكركي: إيجابية بو نجم لا تُبدّد الصعاب

ستعلن بكركي وثيقتها التي حملت عنوان «المسيحيون في لبنان إلى أين؟» في غضون أسبوع...

عين الخارج على هويّة الرئيس قبل الحدود

كلٌّ عالق في مأزقه الخاصّ. جو بايدن عالق في استحقاقه الرئاسي. بنيامين نتنياهو عالق...