بات من المعلوم ان رئيس مجلس النواب نبيه بري رمى من وراء تحديد موعد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية والتي تحمل الرقم 12، في 14 الشهر الحالي، الافساح في المجال امام الاتصالات التي تحصل بين اكثر من مقر للوصول الى تسوية تخرج هذا الاستحقاق من مربع المراوحة الذي يفسح في المجال امام الشغور الرئاسي ليستوطن مدة اطول في قصر بعبدا.
والى ان يحين موعد انعقاد الجلسة فانه ينتظر ان تتكثف حركة الاتصالات لا سيما تلك التي تتولاها بكركي عبر موفدين في اكثر من اتجاه لبلوغ هدف انتخاب الرئيس العتيد، من دون ان يكون هناك أي معطيات ايجابية يمكن التعويل عليها للعبور بهذا الاستحقاق الى بر الامان،وستتركز الاتصالات التي تجريها القوى السياسية على محاولة اقناع النواب «الضبابيين» باستمالتهم الى ضفة مرشحها كون ان هؤلاء باتوا يشكلون بيضة القبان في معركة «العدد» التي فُتحت على مصراعيها بعد ان اصبحت كل الاوراق على الطاولة.
واذا كان المتابعون لمسار الاتصالات الجارية يتريثون في تحديد ما يمكن ان تأول اليه الاتصالات الداخلية التي تحصل بمواكبة واهتمام اقليمي ودولي، فان المؤشرات الى الان تشير الى ان جلسة الرابع عشر من حزيران ستكون مغايرة تماما من حيث الشكل عن قريناتها من الجلسات السابقة،اما من حيث المضمون فإنها ستكون متطابقة لجهة عدم انتخاب الرئيس واطالة امد الفراغ، وهي ستفتتح بحضور اكثر من ثلثي عدد النواب، وستدور الجولة الاولى من الانتخاب وعند فض المظاريف لن يحصل مرشح «التقاطعات» جهاد ازعور على الاكثرية المطلوبة اي 85 صوتا وما فوق، وكذلك الحال بالنسبة لرئيس «تيار المردة « سليمان فرنجية الذي من الممكن ان يبقى اسمه خارج صندوقة الاقتراع، بمعنى ان يلجأ «الثنائي الشيعي» والنواب الذين يدورون في فلكه الى عدم اللعب على المكشوف ويصوتون بورقة بيضاء.
اما في الدورة الثانية فان قوى المعارضة التي تقاطعت مصلحتها على ترشيح ازعور قد تلجأ الى نصب كمين لفرنجية ولـ«الثنائي» وحلفائه بمحاولة نسج اتفاق مع النواب «الرماديين» ظناً منهم بانهم يكونوا «فلتت شوط» من خلال تصويت البعض منهم لصالح ازعور فيحصل على ال65 صوتا وربما اكثر وينتخب رئيسا للجمهورية. اما في المقلب الاخر فان «الثنائي» سيقوم بحماية فرنجية وعدم الذهاب الى الفخ الذي سينصب له، وهو لذلك سيستخدم كل انواع الاسلحة السياسية، والدستورية، والبرلمانية بحيث تصبح الجلسة مباحة امام كل عمل مشروع، وابرز هذه الاعمال تطيير النصاب، كما ان المعارضة ستفعل الشيء نفسه في حال شعرت ان الرياح النيابية تذهب في اتجاه فرنجية، وبذلك نعود الى الدوامة ذاتها التي ندور فيها منذ ثمانية اشهر، لتفتح بعدها الامور على كل الاحتمالات.
في تقدير اوساط مراقبة ان جهاد ازعور مرشح «التقاطعات» و«الاضداد» ربما يجد نفسه في وقت من الاوقات بانه شخص مقطوع من شجرة ، لأن من رشحه اراد منه ان يكون جسر عبور لتطيير سليمان فرنجية وليس لانتخابه، وعندما يفقد صلاحيته سيجد نفسه من دون أب أو أم ، وفي حال كان أزعور لا يدرك هذه الحقيقة فان ذلك مصيبة، واذا كان مدركها فالمصيبة اكبر ، كونه يذخر نفسه لفريق سياسي ضد فريق اخر.
وتعتبر الاوساط ان جلسة الاربعاء ستكون جلسة الحسم إما باتجاه التوافق، وهذا لن يحصل، وإما باتجاه الخيار الثالث ، وهذا ايضا لن يحصل، وإما الذهاب الى الانتخاب وهذا لن يحصل. وامام هذا الواقع يصح القول في جلسة الاربعاء « الذي هو يوم نحس عند غالبية اللبنانيين» بانها ستكون جلسة المستحيلات.