الرئيسيةمقالات سياسيةتسوية الحدود من يقبض ثمنها الرئاسي: “الحزب” أم عون؟

تسوية الحدود من يقبض ثمنها الرئاسي: “الحزب” أم عون؟

Published on

spot_img

منذ أيام ويشهد الجنوب اللبناني حالة استنفار دائمة بين الجيش اللبناني من جهة، وجيش العدو الإسرائيلي من جهة أخرى. يتصل الاستنفار المتبادل بتطورات متعددة، بعضها يرتبط بالتصدي لأي محاولات إسرائيلية للاعتداء على الأراضي اللبنانية، وبعضها الآخر يهدف إلى تثبيت الوقائع على الأرض وقواعد الاشتباك. فيما يبقى جانب أساسي لا يمكن إغفاله، بأن تثبيت هذه الوقائع يتصل بشكل أو بآخر باستباق أي مفاوضات غير مباشرة ستجري في المرحلة المقبلة، بهدف الانتهاء من تثبيت الحدود البرية، وإيجاد حلّ للنقاط الـ13 المختلف عليها، أو التي يتحفظ عليها لبنان، ويطالب بحسمها لصالحه وانسحاب الجيش الإسرائيلي منها.

الحدود والتسوية السياسية
صحيح أن مسألة تثبيت الحدود البرية ارتبطت مؤخراً بملفات متعددة، كان أبرزها محاولة الإسرائيليين تشييد طريق في مزرعة بسطرة، والتي عمل الجيش اللبناني على قطعها. لكن في المقابل، شيد لبنان الطريق التي تم شقها في خراج بلدة كفرشوبا، وعمل على تزفيتها. وذلك بغية تثبيت لبنانيتها. وما طرأ أيضاً على هذا الملف هي المعادلة التي جرى التداول بها حول انسحاب القوات الإسرائيلية من بعض هذه النقاط، والتراجع عن تسييج الجزء اللبناني من بلدة الغجر، في مقابل تفكيك حزب الله للخيميتن اللتين عمل على تشييدهما داخل الأراضي المحتلة، أي خارج نطاق الخط الأزرق أو خط الانسحاب. وهذا أيضاً ما يطالب لبنان بتثبيته ضمن أراضيه، وفي أي سياق لتثبيت الحدود أو الإنتهاء من عملية إظهارها.
أمام هذه الوقائع، هناك سؤال أساسي يمكن طرحه، إذا ما كان ملف تثبيت الحدود البرية أو إظهارها يمكن أن يكون عنصراً أساسياً من عناصر إنتاج التسوية الرئاسية في لبنان. لا سيما أن اللبنانيين يعرفون تماماً كيفية ربط استحقاقاتهم الداخلية بالتطورات الخارجية. وهنا لا بد من العودة في الذاكرة إلى الماضي، وفترة ترسيم الحدود البحرية الجنوبية. في حينها وما بعدها، قيل الكثير في لبنان عن عدم الحصول على المقابل السياسي أو المكاسب المتصلة بإنجاز هذا الملف، باستثناء السماح لشركات التنقيب بالبدء بالعمل. وعليه هناك ثمن بمفعول رجعي ستسعى القوى السياسية، ولا سيما الثنائي الشيعي، للتفاوض على تحصيله. وهو ما سيكون مضافاً على أي طروحات تتعلق بإيجاد الحلول لملف إنهاء مسألة الحدود البرية.

القرار للحزب
لبنانياً أيضاً، هناك من يعتبر أن أي حل للملف الرئاسي أو الشروع في تسوية سياسية شاملة لا بد له أن يكون مرتبطاً بسياقات وتطورات خارجية، وأبرزها على خطّ التفاوض بين الولايات المتحدة الأميركية وإيران. ما يعني أن ملف إظهار الحدود البرية الجنوبية يمكن أن يكون أحد عناصر تحديد مسارات التسوية في الداخل، خصوصاً أن التفاوض غير المباشر والقرار النهائي في هذا المجال سيكون لحزب الله، المسيطر بشكل فعلي وعسكري وميداني وديمغرافي على تلك المنطقة. ما يعني أنه هو الذي سيبت بالأمر حتى وإن اتخذ موقفاً خلف ما تقرره الدولة اللبنانية، كما حصل في ملف الترسيم البحري.
في منتصف الشهر المقبل، يفترض أن يزور المبعوث الأميركي لشؤون أمن الطاقة العالمي آموس هوكشتاين، لبنان. وهذه الزيارة ستكون مرتبطة باستمرار التفاوض غير المباشر لإظهار الحدود، وسط معلومات سرّبت سابقاً عن أن اسرائيل قد وافقت على الإنسحاب من النقاط الـ13 مقابل تفكيك حزب الله لخيمته، وأن يكون الجيش اللبناني هو المسيطر على تلك المنطقة. في زيارته الأخيرة إلى بيروت شدد هوكشتاين على ضرورة الانتهاء من هذا الملف، وعلى ضرورة وجود رئيس للجمهورية يكون راعياً للاتفاق.
عملياً، وبشكل غير مباشر، أصبح هوكشتاين أيضاً محفزاً رئاسياً، وهو ما يدفع القوى الداخلية إلى انتظار أي إشارة أميركية في هذا الصدد. وهنا تنقسم الآراء مجدداً، حول إمكانية أن يكون الثمن السياسي الذي سيتقاضاه الحزب في الداخل هو ثمن رئاسي مقبل إنجاز الملف الحدودي. في مقابل رأي آخر يشير إلى ان ما يقوم به الجيش اللبناني على الحدود وتثبيت الوقائع هو الذي سيشكل مدخلاً إلى التسوية المقترحة خارجياً في التوافق على قائد الجيش لرئاسة الجمهورية. ولكن حينها لا بد للبحث أن يرتكز على الثمن أو الضمانات التي سيحصل عليها الحزب، ليس سياسياً فقط إنما اقتصادياً وبمجالات أخرى مختلفة.

أحدث المقالات

جنوب الحرب وشمال النازحين والدرّاجات.. تلغي”الدولة الوطنيّة”؟

كان المشهد في لبنان يوم الجمعة الماضي معبّراً جدّاً عن صورة البلد وإشكاليّاته، أو...

كيف سينعكس غياب رئيسي وعبد اللهيان على لبنان؟

بدأت التساؤلات تتوالى بعد مقتل الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ووزير خارجيته حسين عبد الأمير...

سباق التفاوض الإقليمي: “الثنائي الشيعي” للفوز بلبنان والرئاسة؟

أحداث من التاريخ يمكنها أن تتشابه أو أن تتكرر، وإن بسياقات وظروف مختلفة. أواخر...

الزيارة الأولى منذ اتفاق الدوحة… ما وصيّة جنبلاط من قطر؟

للمرة الأولى له منذ أيار 2008، يوم استضافت قطر القادة اللبنانيين وإعلان اتفاق الدوحة،...

المزيد من هذه الأخبار

قطر من “استوكهولم”: سلام شامل أو حرب أوسع..

تاريخ طويل من التفاوض الدبلوماسي بين القوى المحلّية والعالمية أعطى قطر القدرة على المراوغة...

هل تُطرَد غادة عون من القضاء؟

مع تحديد موعد لمثول النائبة العامّة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون أمس...

سياسيّو لبنان: “الأطفال الذين يلعبون بالرمل”؟

يرسم بعض المهتمّين الأجانب بأزمات لبنان صورة غير متفائلة جرّاء استمرار ربط الحلول فيه...

“الخُماسية” تُطلق مساراً رئاسياً حتى تموز: مشاورات أو عقوبات

ما تضمّنه بيان اللجنة الخماسية بعد اجتماعها أول من أمس في السفارة الأميركية، أحدث...

مهلة حزيران للحــزب: الرئاسة… أو نتنياهو

تعدّدت المهل التي أُعطيت لإنجاز الاستحقاق الرئاسي من دون أن تَصدُق أيّ منها. إلا...

“اليوم التالي” في غــزة ولبنان: الحرب اقتراح إسرائيل الوحيد

على دوي الحرب وهديرها، تتعدد مسارات البحث عن ما يسمى بـ”اليوم التالي” لغزة، وهو...

ماذا فعل “حــزب الله” في ملف النزوح؟

في 2 تشرين الأول 2023 تناول الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله ملف...

“الخماسية” في عوكر: “صيانة” دوريّة للحلّ

انعقد أمس الاجتماع الخامس للّجنة الخماسية المُمثّلة لواشنطن وباريس والدوحة والرياض ومصر في مقرّ...

صمود الحزب وحماس و”انتصارهما”: معركة نهاية الحروب في المنطقة؟

قاعدة “الحرب سجال” و”الأيام دول”، هي التي يعتمدها حزب الله وحركة حماس في المواجهة...

إنتقاد “المجتمع الدولي”… لتغييب إيران عنه؟

قد يكون انتقاد المجتمع الدولي والحملة على مواقفه، سواء في ما يخصّ عبء النازحين...

تعقيدات المفاوضات الحدودية: الطلعات والإعمار والتنقيب

لا كلام جدياً في الرئاسة. يستعيد سفراء اللجنة الخماسية حراكهم من خلال اجتماع تستضيفه...

الجيش بين باسيل و السيّد!

استبق الأمين العامّ للحزب السيّد حسن نصرالله جلسة التوصيات النيابية اليوم في شأن هبة...

نصرالله “المنتصر”: وصيّ على مستقبل لبنان وسوريا ولاجئيها

يستعجل حزب الله إعلان انتصاراته. لا يريد لها أن تقتصر على لبنان فقط، بل...

وثيقة بكركي: إيجابية بو نجم لا تُبدّد الصعاب

ستعلن بكركي وثيقتها التي حملت عنوان «المسيحيون في لبنان إلى أين؟» في غضون أسبوع...

عين الخارج على هويّة الرئيس قبل الحدود

كلٌّ عالق في مأزقه الخاصّ. جو بايدن عالق في استحقاقه الرئاسي. بنيامين نتنياهو عالق...