الرئيسيةمقالات سياسيةتدخل أميركي عسكري مباشر إن “تورط” حزب الله بالحرب؟

تدخل أميركي عسكري مباشر إن “تورط” حزب الله بالحرب؟

Published on

spot_img

أصبح لبنان بشكل أو بآخر في قلب التصعيد الذي تشهده منطقة الشرق الأوسط إنطلاقاً من عملية “طوفان الأقصى”. وإن لم يكن ذلك بالمعنى العسكري المباشر أو الانخراط الحربي وفتح الجبهات وإشعالها. إلا أنه بالمعنى السياسي والاستراتيجي، هي معركة في سياق تكامل مسار وحدة الجبهات.
يأخذ الصراع مداه الأبعد في الإعلان الأميركي الواضح والمباشر بالوقوف إلى جانب اسرائيل والدفاع عنها، وصولاً إلى إرسال أسلحة لها وتوجيه حاملة الطائرات نحو شرق البحر الأبيض المتوسط. هناك تفسيرات تشير إلى أن إرسال الأميركيين لهذه الحاملة له هدفان. الأول، إبعاد إيران عن هذا الصراع. وهو ما يندرج في كلام وزير الخارجية أنتوني بلينكن في عدم وجود دليل على انخراطها بالعملية. والثاني، إيصال رسالة عسكرية لحزب الله خصوصاً بأن تدخله قد يدفع الأميركيين إلى التدخل المباشر ضده. وهذا ما تشير إليه بعض التقارير التي ترد من الأراضي المحتلة، في أن نتنياهو طلب من جو بايدن بشكل مباشر أن تساند واشنطن تل أبيب عسكرياً في حال قرر حزب الله الانخراط في الصراع أو التدخل للتخفيف عن غزّة.

وجود إسرائيل
وإذا ما صدقت وجهة النظر التي تفيد بأن إرسال حاملة الطائرات الأميركية غايتها إبعاد الحزب عن المعركة، فإن ذلك سيكون سياقاً مختلفاً عن كل محاولات إرسال الأميركيين لحاملات الطائرات أو البوارج التي أرسلت سابقاً، وتحديداً في العام 2005 بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري، أو خلال حرب تموز. لأن هذه المعركة تتعلق بسقوط إسرائيل وبصراع داخل الأراضي التي تحتلها وتسيطر عليها. ولا يمكن لأميركا أن تقف على الحياد أو تتفرج. وهنا، في الطرح الأميركي عن تهديد وجود اسرائيل، لا بد من قراءة التحركات الأميركية بجدية مع محاولة لإقحام الغرب كله في هذه العملية، ولا سيما بريطانيا وفرنسا، على قاعدة حماية وجود اسرائيل.
أما تشبيه عملية طوفان الأقصى بأنها 11 أيلول إسرائيلي، والإعلان عن قتلى أميركيين، ألمان، فرنسيين ومن جنسيات أخرى، فغايته التحشيد الأكبر لتبرير أي عمل في المرحلة المقبلة. كل هذه المؤشرات قد تؤدي إلى تدحرج الأوضاع إلى ما هو أسوأ وأوسع. وهذه قد تصل إلى مصاف الحرب الحقيقية طويلة الأمد.
هناك من يعتبر أيضاً أن أي تدخل من حزب الله، لن يؤخذ بأنه يعمل في سياق الدفاع عن لبنان والأراضي اللبنانية، إنما يتدخل في سياق “توحيد الساحات وتحرير القدس”. وهو ما سيخلق الكثير من الجدالات في الداخل اللبناني. تنطلق هذه القراءة من سؤال أساسي، إذا ما كانت هذه الحرب هي آخر الحروب التي ستعيد رسم المنطقة وتحالفاتها، أم أنها جولة جديدة في الصراع ستنجم عنه موازين قوى جديدة؟ وبالتالي، في حال كانت هذه المعركة هي جولة، فإن تدخل حزب الله سيبقى محصوراً في عمليات تكتيكية، وليس انخراطاً كبيراً في الحرب.

شرقان أوسطان
ما توضحه هذه المعركة أيضاً وجود شرق أوسطين، قديم وجديد. القديم هو الذي يريد استمرار الصراع والقتال ضد اسرائيل، أما الجديد فهو الذي يريد الذهاب إلى التطبيع واتفاقات سلام. ولكن المعادلة الأساسية هي أن الشرق الأوسط الجديد لن يتمكن من تجاهل أو تجاوز ما يمكن أن يفرضه الشرق الأوسط القديم. والصراع سيكون وفق هذه القاعدة، خصوصاً أن حماس وحزب الله نجحا عربياً في تكريس شرعية شعبية واسعة، انطلاقاً من النتائج التي تحققت، بخلاف كل محاولات إضعاف قوى الإسلام السياسي أو إضعاف الحزب وإيران. أما غربياً، فإن المعركة ستكون مختلفة في التركيز على تصوير العمليات التي نفذها عناصر المقاومة بحق المدنيين الإسرائيليين، في إطار تصوير ذلك بأنه إرهاب، واعتبار أن اسرائيل هي المعتدى عليها وليست المعتدية. وهو ما سيكون له آثار كبيرة على السياسة الغربية.
أمام كل هذه الوقائع، لا شك أن هناك مشهدين يبرزان أمام المراقبين. الأول محاولة جهات عربية وربما داخل إسرائيل لتحويل ما جرى إلى ما يشبه نتائج حرب أكتوبر 73، أي حرب تنكسر فيها إسرائيل، فتستفيق منها فيما بعد بدعم دولي، وهو ما قد يطلق مساراً جديداً لاتفاقات التطبيع والسلام مع إجبار الإسرائيليين على تقديم تنازلات بما يتعلق بحل الدولتين، أو بمنح الفلسطينيين دولة. والثاني، هو محاولة الجنون الإسرائيلي الذهاب إلى تصعيد كبير في غزة بطريقة تحاكي اجتياح بيروت في العام 1982 لإخراج منظمة التحرير منها حينها، وبالتالي السعي لاجتياح بري إلى غزة في سبيل إخراج حركة حماس. وهذا سيكون شبه مستحيل وكلفته عالية جداً، وقابل لأن يشعل المنطقة ككل.

أحدث المقالات

مادة انتقاد “عونيّة” لقائد الجيش!

أضاف مسؤولون في «التيار الوطني الحر» أن إجراءات الجيش اللبناني لمكافحة تهريب الأفراد السوريين...

بو حبيب: فرنسا أقصتنا عن اجتماعات لأننا فشّلنا مبادراتها

عَقّد تجدّد الحرب الإسرائيلية على غزة المشهد إقليمياً ولبنانياً. عادت ساحة المواجهات بين «حزب...

تقويض القرار 1701… بتواطؤ دولي

يتعامل العالم مع جرائم هائلة تسحق أهل قطاع غزة وتبيدهم، بالكثير من البرود والتجاهل...

“تطابق” فرنسي-سعودي لبنانياً.. وتحذيرات حول مصير الجنوب

أصبحت الدوامة السياسية اللبنانية الداخلية “مضجرة” في كيفية التعاطي مع الاستحقاقات الأساسية، لا سيما...

المزيد من هذه الأخبار

“ربط الساحات” بين غزّة… والضاحية واليرزة!

تندرج زيارة الموفد الفرنسي جان إيف لودريان تحت عنوانين أساسيّين فرضتهما التطوّرات الأخيرة: – تجدّد...

بين “التيار” وبكركي لا قطيعة… ولكن!

تعثرت محاولات رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل لتحسين علاقته بالبطريرك الماروني بشارة...

قطر طرحت سلّة كاملة وقدّمت ترشيحَيْ البيسري وحتّي

تكاد تكون قطر الدولة العربية الأكثر قرباً من «حماس» نظراً الى حسن علاقتها بها...

محمد رعد الجار والأب

تعود معرفتي بالنائب محمد رعد إلى ما يقارب أربعين عاماً. عرفت والده كرجل فاضل...

لودريان بعد هوكشتاين…”اطلالة” على الحدود والأفق الرئاسي المسدود

فرضت تطورات الوضع الإقليمي نفسها على المشهد الداخلي، وهو ما أسهم في “تطوير” عمل...

إنقلاب عسكري بقيادة الجيش في 10 كانون الثاني؟

بعد الإنقلاب السياسي في 31 تشرين الأول 2022 بمنع انتخاب رئيس للجمهورية، وفرض الفراغ...

قيادة الجيش: لا التعيين مُيسّرٌ ولا التمديد آمن

دونما أن تكون خافية صلة الوصل بين استحقاقَيِ الجيش ورئاسة الجمهورية، إلا أن مرور...

الفرنسيّون متمسكون بـ”مرشح ثالث” للرئاسة

يحط الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان في بيروت يوم الأربعاء في زيارة تستمر...

الإزدواجية العالمية: الفيلسوف الألمانيّ هابرماس يدعم إسرائيل

“إنّ حرب إسرائيل على غزة مبرَّرة مبدئياً” ولا يجوز وصفها بأنّها تشبه المحرقة أو...

الدور القطري يتكرس.. والحل اللبناني بمفاوضة “الحزب” أولاً

تسير الوقائع اللبنانية على الإيقاع الإقليمي. الهدنة في غزة تنعكس على الجنوب، والتصعيد سيقابله...

سيناريو أميركي.. بنسخة إيرانية؟

نجاح تنفيذ أولى الهدن الإنسانية في غزة، وإتمام عملية تبادل الدفعة الأولى من الأسرى،...

معادلةٌ صعبة أمام “الحزب”… وخياران في ملفّ قيادة الجيش

يقف «حزب الله» أمام معادلة صعبة في حسمه خياراته لملء الشغور في قيادة الجيش...

“رئاسة” بعد الهدنة: المفتاح بيد الحزب

تستبعد أوساط مطّلعة أن يقود استئناف الحراك الفرنسي والقطري باتجاه لبنان إلى إحداث خرق...

جبهة لبنان معلّقة… ونية لاستئناف الحرب

بموازاة حالة عدم اليقين التي تلفّ مصير «الوقفة الإنسانية» للقتال والتي سمّيت هدنة قابلة...

الخشية من “غلاف الليطاني”

تكاد الصورة تكون متعارضة كلياً، بين ما حدث في غزة صباح السابع من تشرين...