الرئيسيةمقالات سياسيةتحديد موعد “البلدية” يُعزّز فرضية تأجيلها

تحديد موعد “البلدية” يُعزّز فرضية تأجيلها

Published on

spot_img

كمن يؤدي واجبه ويبرّئ نفسه من كرة اللهب أو تحمّل مسؤولية التأجيل، وقّع وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال بسام مولوي قرار دعوة الهيئات الناخبة البلدية في دوائر محافظة جبل لبنان لانتخاب أعضاء المجالس البلدية وتحديد عدد الأعضاء لكل منها، ولانتخاب مختارين ومجالس اختيارية وتحديد عدد المختارين والأعضاء لكل منها في دوائر محافظة جبل لبنان، وذلك بتاريخ 12 ايار 2024. قبل ذلك وخلال زيارته بكركي كان مولوي أعلن جهوزية وزارته لإتمام العملية الإنتخابية محاولاً رفع المسؤولية عنه.

‎بدعوة الهيئات الناخبة أتمّ المرحلة الأولى التي ستليها حكماً تفاصيل الآلية العملية على أرض الواقع أي العملية اللوجستية والتطبيقية للعملية الانتخابية، اذ لا يكفي مجرد إعلان الموعد ودعوة الهيئات الناخبة، كما لا يكفي إعلانه من الصرح البطريركي التزامه «تطبيق القانون، والبدء بجبل لبنان، ثم الشمال، وبعدها بيروت وصولاً إلى كل لبنان». وهذه أيضاً تحتاج إلى شروحات مفصّلة.

‎رفعت الحكومة مسؤولية تأجيل الانتخابات البلدية عنها، وأعلن وزير الداخلية جهوزيته، لكن من دون تحديد هل تملك الحكومة القدرة على تمويل الانتخابات، أو أمّنت من احتياط الموازنة المبالغ الكافية لتغطية نفقات العملية الانتخابية؟ وماذا عن الجهوزية اللوجستية والإدارية والأمنية؟ والأهم هو الإجابة على السؤال اذا كان الظرف السياسي ملائماً لفتح أقلام الاقتراع لإنتخابات بلدية طابعها عائلي عشائري يختلط بالسياسي.

‎واذا كانت الحكومة ارجأت هذه الإنتخابات العام الماضي بحجة عدم توافر الظروف الملائمة من الناحية السياسية، وقبلها لتجنّب تلازم إجرائها مع الانتخابات النيابية، فكيف بالحري والوضع السياسي المتشنّج مصحوب هذا العام بوضع أمني ينذر بحرب وشيكة وقرى في الجنوب والبقاع وبعلبك تعيش تحت وطأة الإعتداءات الاسرائيلية؟

‎تريد الحكومة رفع المسؤولية عنها ورمي الكرة في ملعب مجلس النواب. وفيما أعلن وزير الداخلية موعد الانتخابات كان النواب يرجّحون إرجاءها لأسباب عدة أمنية وسياسية. وكيف لبلد عاجز عن إجراء انتخابات رئاسية أن يخوض العملية الإنتخابية وسط هذا التشنج؟

‎معظم القوى السياسية غير مستعدة لخوض الإنتخابات البلدية وتعتبر أنّ الظرف غير مناسب لإتمامها. وسيدرج بند التمديد في سياق تشريع الضرورة في جلسة سيؤمن نصابها نواب من العديد من الكتل النيابية. من لم يقتنع بالتمديد من بينهم سيلتزمه من باب الحدّ من الفراغ في المؤسسات والبلديات ولتسيير شؤون الناس.

‎ولا يرى «التيار الوطني الحر»، كما الثنائي الشيعي مفرّاً من التمديد. وإذا كان «التيار» يرفض فكرة التمديد من حيث المبدأ، إلا أنه بالمقابل يرفض الفراغ المتمادي ليصل إلى تسيير شؤون الناس، وتقول مصادره إنّ قرار التأجيل يمكن إدراجه في سياق تشريع الضرورة محملة الحكومة ووزير الداخلية مسؤولية التقاعس في إعداد التحضيرات اللازمة لخوض العملية الإنتخابية، وترى في قرار وزير الداخلية محاولة لرفع المسؤولية ولتحميلها للآخرين، مستغربة كيف أنه لم يفسّر ما سبق وقاله في بكركي من استعداد لإجراء الإنتخابات، ولماذا تأخر في دعوة الهيئات الناخبة حتى الشهر الأخير؟ وكيف ومتى سيحدّد لجان القيد؟ وكيف سيؤمن الموظفين الإداريين ويقنع الأساتذة في العودة عن رفضهم المشاركة؟ وقبل كل هذا وذاك، هل توافرت الأموال من احتياط الموازنة؟ وتصف كلام مولوي بأنّه كلام حق يراد به باطل ومحاولة لرمي المسؤولية على النواب.

‎ويرجح «الثنائي» التأجيل انسجاماً مع الظروف الصعبة في البلد، وفي ظل حالة الحرب التي يعيشها الجنوب وجزء من البقاع، مستبعداً إجراء الإنتخابات حيث أمكن. وبالإجمال ثمة اتجاه إلى التأجيل من خلال جلسة نيابية تعقد تحت مسمّى «تشريع الضرورة» لا يجد «التيار» والحزب «التقدمي» حرجاً في تأمين نصابها، ولهذا جاء إعلان الوزير المعني معاكساً لوقائع بعض النواب والأحزاب السياسية التي عممت على البلديات التابعة لها الاستمرار في عملها.

‎غداً سيطل المعترضون على التأجيل، ولكن الجميع سيلتقي في ما بعد في الجلسة النيابية، ذلك أنّ كفة التأجيل هي المرجحة، ولأنّ الناس غير مكترثين والأحزاب في غنى عن امتحان صعب سيعرّي شعبيتها في ظل الأزمة الاقتصادية وأجواء الحرب المخيّمة.

مع التأكيد على أنّ وزير الداخلية حسب القانون منوطة به دعوة الهيئات الناخبة في مهل محددة، ولكن هذا الأمر لا يعني أن لا يكون المسؤولون واقعين في ظروف اكثر من استثنائية بعيداً عن الاستخفاف بعقول الناس والعباد…

أحدث المقالات

جنوب الحرب وشمال النازحين والدرّاجات.. تلغي”الدولة الوطنيّة”؟

كان المشهد في لبنان يوم الجمعة الماضي معبّراً جدّاً عن صورة البلد وإشكاليّاته، أو...

كيف سينعكس غياب رئيسي وعبد اللهيان على لبنان؟

بدأت التساؤلات تتوالى بعد مقتل الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ووزير خارجيته حسين عبد الأمير...

سباق التفاوض الإقليمي: “الثنائي الشيعي” للفوز بلبنان والرئاسة؟

أحداث من التاريخ يمكنها أن تتشابه أو أن تتكرر، وإن بسياقات وظروف مختلفة. أواخر...

الزيارة الأولى منذ اتفاق الدوحة… ما وصيّة جنبلاط من قطر؟

للمرة الأولى له منذ أيار 2008، يوم استضافت قطر القادة اللبنانيين وإعلان اتفاق الدوحة،...

المزيد من هذه الأخبار

قطر من “استوكهولم”: سلام شامل أو حرب أوسع..

تاريخ طويل من التفاوض الدبلوماسي بين القوى المحلّية والعالمية أعطى قطر القدرة على المراوغة...

هل تُطرَد غادة عون من القضاء؟

مع تحديد موعد لمثول النائبة العامّة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون أمس...

سياسيّو لبنان: “الأطفال الذين يلعبون بالرمل”؟

يرسم بعض المهتمّين الأجانب بأزمات لبنان صورة غير متفائلة جرّاء استمرار ربط الحلول فيه...

“الخُماسية” تُطلق مساراً رئاسياً حتى تموز: مشاورات أو عقوبات

ما تضمّنه بيان اللجنة الخماسية بعد اجتماعها أول من أمس في السفارة الأميركية، أحدث...

مهلة حزيران للحــزب: الرئاسة… أو نتنياهو

تعدّدت المهل التي أُعطيت لإنجاز الاستحقاق الرئاسي من دون أن تَصدُق أيّ منها. إلا...

“اليوم التالي” في غــزة ولبنان: الحرب اقتراح إسرائيل الوحيد

على دوي الحرب وهديرها، تتعدد مسارات البحث عن ما يسمى بـ”اليوم التالي” لغزة، وهو...

ماذا فعل “حــزب الله” في ملف النزوح؟

في 2 تشرين الأول 2023 تناول الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله ملف...

“الخماسية” في عوكر: “صيانة” دوريّة للحلّ

انعقد أمس الاجتماع الخامس للّجنة الخماسية المُمثّلة لواشنطن وباريس والدوحة والرياض ومصر في مقرّ...

صمود الحزب وحماس و”انتصارهما”: معركة نهاية الحروب في المنطقة؟

قاعدة “الحرب سجال” و”الأيام دول”، هي التي يعتمدها حزب الله وحركة حماس في المواجهة...

إنتقاد “المجتمع الدولي”… لتغييب إيران عنه؟

قد يكون انتقاد المجتمع الدولي والحملة على مواقفه، سواء في ما يخصّ عبء النازحين...

تعقيدات المفاوضات الحدودية: الطلعات والإعمار والتنقيب

لا كلام جدياً في الرئاسة. يستعيد سفراء اللجنة الخماسية حراكهم من خلال اجتماع تستضيفه...

الجيش بين باسيل و السيّد!

استبق الأمين العامّ للحزب السيّد حسن نصرالله جلسة التوصيات النيابية اليوم في شأن هبة...

نصرالله “المنتصر”: وصيّ على مستقبل لبنان وسوريا ولاجئيها

يستعجل حزب الله إعلان انتصاراته. لا يريد لها أن تقتصر على لبنان فقط، بل...

وثيقة بكركي: إيجابية بو نجم لا تُبدّد الصعاب

ستعلن بكركي وثيقتها التي حملت عنوان «المسيحيون في لبنان إلى أين؟» في غضون أسبوع...

عين الخارج على هويّة الرئيس قبل الحدود

كلٌّ عالق في مأزقه الخاصّ. جو بايدن عالق في استحقاقه الرئاسي. بنيامين نتنياهو عالق...