الرئيسيةمقالات سياسيةبين شمال غزّة وجنوبها: ميزان الحرب في لبنان ثابت

بين شمال غزّة وجنوبها: ميزان الحرب في لبنان ثابت

Published on

spot_img

في الجولة الأولى من الحرب على جنوب غزة، حكمت المشهد معادلة سياسية عسكرية دعمتها واشنطن ولاقتها إيران في منتصف الطريق، عنوانها هو التالي: “دعم حرب نتانياهو على حماس ردّاً على عملية 7 أكتوبر… ولو كلّف الأمر تدمير جنوب غزة”، وهكذا حصل.
في المقابل كان مجلس الأمن يتخبّط بقرارات لم تنجح في اختراق سقف الحرب، بل بقيت رهينة قرار أميركي بمعارضة قرار “وقف إطلاق النار”. وكان العرب يعقدون قمماً لم تنجح أيضاً في وقف الحرب أو إدخال المساعدات قبل نضوج المرحلة الأولى من مفاوضات تبادل الأسرى.
على وقع هذا المشهد كانت الرسالة الأميركية واضحة بعدم تمدّد الحرب إلى لبنان لأنّ كلفتها ستكون على لبنان وسوريا معاً، وكان الردّ الإيراني واضحاً أيضاً بدعم حماس لوجستياً من دون أن يؤدّي ذلك إلى حرب كبرى.
نتيجة الجولة الأولى من الحرب، بحسب مصادر دبلوماسية، ثبّتت المفاضلة التي وضعها الغرب أمام إيران: “محمد الضيف والسنوار، أو الحزب والأسد”.

في الجولة الأولى من الحرب على جنوب غزة، حكمت المشهد معادلة سياسية عسكرية دعمتها واشنطن ولاقتها إيران في منتصف الطريق، عنوانها هو التالي: “دعم حرب نتانياهو على حماس ردّاً على عملية 7 أكتوبر
هل تفرض مجدّداً هذه المعادلة نفسها في الجولة الثانية من الحرب التي قرّر فيها نتانياهو دخول جنوب غزة كما فعل في شمالها؟

نتانياهو سيّد قراره
على الرغم من كلّ ما عبّرت عنه الإدارة الأميركية من اعتراضات أو ملاحظات على العمليات العسكرية التي يقوم بها الجيش الإسرائيلي في شمال غزة، والمعارضة الصريحة للدخول إلى الجنوب، ومطالبة الرئيس الأميركي جو بايدن بتحييد المدنيين، يبدو أنّ نتانياهو يخوض الحرب على قاعدة أنّه لم يعد هناك ما يخسره في السياسة.
بطبيعة الحال فإنّ الهدف الأساس الذي وضعه نتانياهو، أي “القضاء على البنية العسكرية لحركة حماس”، هو هدف مشترك إسرائيلي أميركي، غير أنّ مسار تطوّر الحرب في جنوب غزة يصطدم بمجموعة محاذير دولية وعربية تتمثّل في ما يلي:
– رفض واشنطن عمليات عسكرية في جنوب غزة كالتي حصلت في شمالها وتفضيلها الاكتفاء بعمليات نوعية ضدّ قادة حماس، بينما يسعى نتانياهو إلى تكرار سيناريو الشمال تحت عنوان أنّ محمد الضيف ويحيى السنوار أصلهما من خان يونس، وبالتالي ضربها يعني القضاء عليهما.
– سعي واشنطن إلى ضبط العمليات في وقت قصير وإجراء عمليات تبادل واسعة وسريعة في حين يسعى نتانياهو إلى مدّ الحرب شهرين إضافيين ليتخلّص أوّلاً من استدعاءات الداخل له في أكثر من ملفّ تتعلّق بفساد ولجان تحقيق حول عملية 7 أكتوبر (تشرين الأول).
– إعلان واشنطن الصريح في الجلسة الأخيرة لمجلس الأمن ضرورة أن تتكوّن سلطة مشتركة في الضفة وغزة للبناء عليها في اليوم الذي يلي انتهاء الحرب. في حين يضرب نتانياهو ليس فقط جنوب غزة، بل الضفة الغربية أيضاً حيث سلطة محمود عباس.
– رفض واشنطن والعرب تهجير أهل القطاع، على أن تكون غزة والضفة عمق الدولة الفلسطينية المقبلة، في حين يسعى نتانياهو إلى حصر أهل غزة في مدينة رفح بعد تهجيرهم من شمالها إلى جنوبها ثمّ تطويقهم في رفح تمهيداً لتهجيرهم إلى خارج القطاع المُحاصَر.

كانت الرسالة الأميركية واضحة بعدم تمدّد الحرب إلى لبنان لأنّ كلفتها ستكون على لبنان وسوريا معاً، وكان الردّ الإيراني واضحاً أيضاً بدعم حماس لوجستياً من دون أن يؤدّي ذلك إلى حرب كبرى
– الكلام عن ضربة عسكرية لمعبر رفح الذي تعتبره إسرائيل الشريان الأساسي لدعم المقاومة في غزة، وبالتالي يعتبر نتانياهو أنّ ضربه سيؤدّي إلى ضرب خطّ إمداد أساسي لحماس من جهة، ومن جهة ثانية سيؤدّي إلى هروب الغزّيّين من مدينة رفح إلى داخل مصر.
بناء على كلّ ما تقدّم يبدو أنّ المعركة في جنوب غزة مستمرّة حتى إشعار آخر في وقت تزدحم الدبلوماسية الدولية في بيروت للمطالبة بتطبيق القرار 1701، وعدم انجرار لبنان إلى الحرب.
فأين الحزب من سيناريو الحرب في جنوب غزة؟

الحزب: الميزان لن يتغيّر
في العودة إلى معادلة الحرب الأولى، التي حصرت المعركة في غزة وضمنت عدم امتدادها إلى لبنان، بتفاهم أميركي – إيراني، يبدو حتى الساعة أنّ المفاضلة التي وضعها الغرب أمام إيران ما زالت قائمة: “لا تدخّل في غزة، والمحافظة على لبنان وسوريا – الأسد”.
بناءً عليه تتحدّث مصادر مقرّبة من الحزب عن استمرار الحزب في اعتماده الميزان نفسه من جولة شمال القطاع إلى جولة جنوبه. فحتى الساعة يحكم المشهد الأمنيّ في لبنان الاستاتيكو نفسه. فما ينطبق على لبنان ينطبق على إسرائيل.
وفق مصادر دبلوماسية فإنّ الولايات المتحدة الأميركية يمكنها أن تتساهل مع نتانياهو في حربه على غزة، لكنّها تعتبر لبنان وإيران خطّين أحمرين لأنّ أيّ تطوّر دراماتيكي في هاتين الساحتين سينعكس مباشرة عليها وسيدخلها في حرب مباشرة. وهو ما لا تريده واشنطن التي ستدخل مدار الانتخابات الرئاسية خلال شهر من اليوم.
في المقابل، نشهد زحمة دبلوماسيّة في بيروت للمطالبة بالعودة إلى الحال الذي كان عليه الجنوب اللبناني قبل حرب غزّة، وليس أبعد من ذلك، على اعتبار أنّ القوى الدولية مدركة تماماً لحساسية وصعوبة تغيير موازين تطبيق الـ1701. ولعلّ أكبر دليل على ذلك السجال حول التمديد لقوات اليونيفيل وما تبعه على مستوى عدم تغيير مسار تطبيقه في الجنوب.

في إسرائيل نقاش حول إمكانية عودة المستوطنين إلى المستوطنات الشمالية في ظلّ وجود الحزب في الجنوب. وهو ما يدفع إسرائيل إلى طلب “ضمانات ما بعد الحرب”، كي تسمح بعودة هؤلاء بأمان إلى منازلهم. وهو نقاش سيستمرّ في الأيام المقبلة ولن ينتهي إلا مع الوصول إلى خواتيم التسوية التي بدأت تشقّ طريقها إلى المنطقة. وفي طريقها ربّما يُنتَخَب رئيس في لبنان ليكون على رأس الجمهورية عشيّة نضوج الحلّ.

أحدث المقالات

جنوب الحرب وشمال النازحين والدرّاجات.. تلغي”الدولة الوطنيّة”؟

كان المشهد في لبنان يوم الجمعة الماضي معبّراً جدّاً عن صورة البلد وإشكاليّاته، أو...

كيف سينعكس غياب رئيسي وعبد اللهيان على لبنان؟

بدأت التساؤلات تتوالى بعد مقتل الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ووزير خارجيته حسين عبد الأمير...

سباق التفاوض الإقليمي: “الثنائي الشيعي” للفوز بلبنان والرئاسة؟

أحداث من التاريخ يمكنها أن تتشابه أو أن تتكرر، وإن بسياقات وظروف مختلفة. أواخر...

الزيارة الأولى منذ اتفاق الدوحة… ما وصيّة جنبلاط من قطر؟

للمرة الأولى له منذ أيار 2008، يوم استضافت قطر القادة اللبنانيين وإعلان اتفاق الدوحة،...

المزيد من هذه الأخبار

قطر من “استوكهولم”: سلام شامل أو حرب أوسع..

تاريخ طويل من التفاوض الدبلوماسي بين القوى المحلّية والعالمية أعطى قطر القدرة على المراوغة...

هل تُطرَد غادة عون من القضاء؟

مع تحديد موعد لمثول النائبة العامّة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون أمس...

سياسيّو لبنان: “الأطفال الذين يلعبون بالرمل”؟

يرسم بعض المهتمّين الأجانب بأزمات لبنان صورة غير متفائلة جرّاء استمرار ربط الحلول فيه...

“الخُماسية” تُطلق مساراً رئاسياً حتى تموز: مشاورات أو عقوبات

ما تضمّنه بيان اللجنة الخماسية بعد اجتماعها أول من أمس في السفارة الأميركية، أحدث...

مهلة حزيران للحــزب: الرئاسة… أو نتنياهو

تعدّدت المهل التي أُعطيت لإنجاز الاستحقاق الرئاسي من دون أن تَصدُق أيّ منها. إلا...

“اليوم التالي” في غــزة ولبنان: الحرب اقتراح إسرائيل الوحيد

على دوي الحرب وهديرها، تتعدد مسارات البحث عن ما يسمى بـ”اليوم التالي” لغزة، وهو...

ماذا فعل “حــزب الله” في ملف النزوح؟

في 2 تشرين الأول 2023 تناول الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله ملف...

“الخماسية” في عوكر: “صيانة” دوريّة للحلّ

انعقد أمس الاجتماع الخامس للّجنة الخماسية المُمثّلة لواشنطن وباريس والدوحة والرياض ومصر في مقرّ...

صمود الحزب وحماس و”انتصارهما”: معركة نهاية الحروب في المنطقة؟

قاعدة “الحرب سجال” و”الأيام دول”، هي التي يعتمدها حزب الله وحركة حماس في المواجهة...

إنتقاد “المجتمع الدولي”… لتغييب إيران عنه؟

قد يكون انتقاد المجتمع الدولي والحملة على مواقفه، سواء في ما يخصّ عبء النازحين...

تعقيدات المفاوضات الحدودية: الطلعات والإعمار والتنقيب

لا كلام جدياً في الرئاسة. يستعيد سفراء اللجنة الخماسية حراكهم من خلال اجتماع تستضيفه...

الجيش بين باسيل و السيّد!

استبق الأمين العامّ للحزب السيّد حسن نصرالله جلسة التوصيات النيابية اليوم في شأن هبة...

نصرالله “المنتصر”: وصيّ على مستقبل لبنان وسوريا ولاجئيها

يستعجل حزب الله إعلان انتصاراته. لا يريد لها أن تقتصر على لبنان فقط، بل...

وثيقة بكركي: إيجابية بو نجم لا تُبدّد الصعاب

ستعلن بكركي وثيقتها التي حملت عنوان «المسيحيون في لبنان إلى أين؟» في غضون أسبوع...

عين الخارج على هويّة الرئيس قبل الحدود

كلٌّ عالق في مأزقه الخاصّ. جو بايدن عالق في استحقاقه الرئاسي. بنيامين نتنياهو عالق...