الرئيسيةمقالات سياسية“اليوم التالي” في غــزة ولبنان: الحرب اقتراح إسرائيل الوحيد

“اليوم التالي” في غــزة ولبنان: الحرب اقتراح إسرائيل الوحيد

Published on

spot_img

على دوي الحرب وهديرها، تتعدد مسارات البحث عن ما يسمى بـ”اليوم التالي” لغزة، وهو ما يجدر أن ينسحب أيضاً على لبنان. اقتراحات عديدة يتم التباحث بها وحولها، لكنها كلها تتكسر عند إصرار رئيس حكومة الحرب الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، الذي لا يزال رافضاً لأي صيغة حل أو اتفاق، ويرفض البحث في اليوم التالي، متخذاً مواصلة الحرب بوصلة له. يبتز الأميركيين وينجح، يواجه خصومه وحلفاءه في الداخل، وينجح في استدراجهم، وصولاً إلى الاشتباك مع وزير دفاعه، بحدث نادر بين رئيس للحكومة ووزير الدفاع في حالات الحرب. كل الصراعات والخلافات تتركز على ماهية “اليوم التالي”.

طروحات كثيرة
من الطروحات التي يجري تقديمها، هو ما تخرج به القمة العربية حول مؤتمر دولي لوقف الحرب وإرساء السلام والبحث في إعادة الإعمار. مقابل طرح آخر حول إدخال قوات دولية أو اقليمية إلى غزة، بشكل مشابه لدور وعمل قوات الطوارئ الدولية في جنوب لبنان. أو طرح التحكم الإسرائيلي العسكري في القطاع، مع إدارة مدنية من جهات وقوى فلسطينية. أو إعادة تشكيل السلطة الفلسطينية ومواءمتها ما بين غزة والضفة. لكن كل هذه الطروحات تبدو مرفوضة لدى نتنياهو، الذي لا يريد أبداً الوصول إلى البحث عن مصير هذا “اليوم التالي”. فلا صوت لديه يعلو على صوت الحرب والمعركة. وكل الصيغ مرفوضة لأسباب استراتيجية بالنسبة إليه وإلى حلفائه اليمينيين.
طبعاً، حركة حماس ترفض بشكل كلي الإعلانات الإسرائيلية المتكررة حول استبعادها من قطاع غزة، أو إحلال أي قوة عسكرية أو سياسية بديلة، لا سيما أنها تعتبر نفسها قادرة على الاستمرار عسكرياً. ولا تزال قادرة على توجيه ضربات والاستمرار في القتال لفترة طويلة، وأن وقف الحرب لن يكون عسكرياً، بل بتسوية سياسية معها فقط. بالإنطلاق من وجهة النظر هذه، هناك من يقترح استنساخ تجربة حزب الله بعد حرب العام 2006 ومشاركته في الحكومة بشخصية لا تنتمي إليه عضوياً، ولكن يكون الصوت مسموعاً والتأثير قائماً.

سياسة التهجير
كل هذه الطروحات لا تلقى أي قبول لدى نتنياهو، الذي لا يزال مصراً على ابتزاز الجميع، ومواصلة الحرب، وإن لم يكن لها أي أفق، لأن هدفه الاستراتيجي هو التهجير. وبذلك يحاول إسقاط كل ما يحكى عن حلّ الدولتين، خصوصاً أن الليكود وكل اليمينيين يرفضون هذه الصيغة بالمطلق، وصولاً إلى الردود العنيفة التي شنها اليمينيون المتطرفون ضد وزير الدفاع يوآف غالانت، عندما تحدث عن ضرورة وضع رؤية سياسية لليوم التالي. بعض هؤلاء اليمينيين يعتبرون أن أراضي غزة تعود لهم ولا يمكن إقامة دولة فلسطينية عليها.
بالتركيز على تفكير نتنياهو، ثمة من يخلص إلى استبعاد القدرة على التشابه بين حرب غزة الحالية وحرب لبنان 2006، خصوصاً أن نتنياهو يتعمد تكريس سياسة التهجير التي لم يخفها منذ اليوم الأول للحرب، ولا يزال مسؤولون إسرائيليون يكررون بأنه يجب تهجير سكان غزة إلى دول عربية. وهذا لم يحصل في جنوب لبنان، خصوصاً أن حزب الله استمر في مواصلة القتال، وتم الذهاب إلى تسوية وفق القرار 1701، فبقي الحزب على أرضه، وبقي الناس في منازلهم وتمت إعادة الإعمار سريعاً. الأمر الذي يبدو مختلفاً بشكل كامل عن الوضع في غزة.

اليوم التالي اللبناني
ولكن ماذا عن اليوم التالي لبنانياً؟ لا شك أن إطالة أمد الحرب في غزة ستؤسس للمزيد من حروب الاستنزاف المستمرة على مستوى المنطقة. وهذا يمكنه أن يؤدي إلى تعميم الفوضى الشاملة، وإن من دون تخطيط أو تحسّب. وأي صيغة ستكون مطروحة لمعالجة الوضع في لبنان تتركز بالدرجة الأولى على وقف الحرب، والتي أصبحت صيغتها الواقعية معروفة: بقاء حزب الله في الجنوب من دون سلاح ظاهر، ومن دون ما يسمى انسحاب قواته لأنهم أبناء القرى والمدن، والعودة إلى تسوية مرحلية مشابهة لمرحلة العام 2006. لكن ذلك لن يعني الوصول إلى حل شامل للأزمة اللبنانية.
كل هذه الصيغ والحلول المطروحة أيضاً لا بد من معرفة مدى مقبوليتها لدى نتنياهو، خصوصاً في ظل الضربات الكثيفة والعنيفة التي يوجهها حزب الله، وتهجير سكان المستوطنات الشمالية الذين يضغطون على الحكومة لإعلان الحرب، أو اتخاذ الإجراءات العسكرية اللازمة لتوفير فرص إعادتهم إلى مستوطناتهم.

أحدث المقالات

جنوب الحرب وشمال النازحين والدرّاجات.. تلغي”الدولة الوطنيّة”؟

كان المشهد في لبنان يوم الجمعة الماضي معبّراً جدّاً عن صورة البلد وإشكاليّاته، أو...

كيف سينعكس غياب رئيسي وعبد اللهيان على لبنان؟

بدأت التساؤلات تتوالى بعد مقتل الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ووزير خارجيته حسين عبد الأمير...

سباق التفاوض الإقليمي: “الثنائي الشيعي” للفوز بلبنان والرئاسة؟

أحداث من التاريخ يمكنها أن تتشابه أو أن تتكرر، وإن بسياقات وظروف مختلفة. أواخر...

الزيارة الأولى منذ اتفاق الدوحة… ما وصيّة جنبلاط من قطر؟

للمرة الأولى له منذ أيار 2008، يوم استضافت قطر القادة اللبنانيين وإعلان اتفاق الدوحة،...

المزيد من هذه الأخبار

قطر من “استوكهولم”: سلام شامل أو حرب أوسع..

تاريخ طويل من التفاوض الدبلوماسي بين القوى المحلّية والعالمية أعطى قطر القدرة على المراوغة...

هل تُطرَد غادة عون من القضاء؟

مع تحديد موعد لمثول النائبة العامّة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون أمس...

سياسيّو لبنان: “الأطفال الذين يلعبون بالرمل”؟

يرسم بعض المهتمّين الأجانب بأزمات لبنان صورة غير متفائلة جرّاء استمرار ربط الحلول فيه...

“الخُماسية” تُطلق مساراً رئاسياً حتى تموز: مشاورات أو عقوبات

ما تضمّنه بيان اللجنة الخماسية بعد اجتماعها أول من أمس في السفارة الأميركية، أحدث...

مهلة حزيران للحــزب: الرئاسة… أو نتنياهو

تعدّدت المهل التي أُعطيت لإنجاز الاستحقاق الرئاسي من دون أن تَصدُق أيّ منها. إلا...

ماذا فعل “حــزب الله” في ملف النزوح؟

في 2 تشرين الأول 2023 تناول الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله ملف...

“الخماسية” في عوكر: “صيانة” دوريّة للحلّ

انعقد أمس الاجتماع الخامس للّجنة الخماسية المُمثّلة لواشنطن وباريس والدوحة والرياض ومصر في مقرّ...

صمود الحزب وحماس و”انتصارهما”: معركة نهاية الحروب في المنطقة؟

قاعدة “الحرب سجال” و”الأيام دول”، هي التي يعتمدها حزب الله وحركة حماس في المواجهة...

إنتقاد “المجتمع الدولي”… لتغييب إيران عنه؟

قد يكون انتقاد المجتمع الدولي والحملة على مواقفه، سواء في ما يخصّ عبء النازحين...

تعقيدات المفاوضات الحدودية: الطلعات والإعمار والتنقيب

لا كلام جدياً في الرئاسة. يستعيد سفراء اللجنة الخماسية حراكهم من خلال اجتماع تستضيفه...

الجيش بين باسيل و السيّد!

استبق الأمين العامّ للحزب السيّد حسن نصرالله جلسة التوصيات النيابية اليوم في شأن هبة...

نصرالله “المنتصر”: وصيّ على مستقبل لبنان وسوريا ولاجئيها

يستعجل حزب الله إعلان انتصاراته. لا يريد لها أن تقتصر على لبنان فقط، بل...

وثيقة بكركي: إيجابية بو نجم لا تُبدّد الصعاب

ستعلن بكركي وثيقتها التي حملت عنوان «المسيحيون في لبنان إلى أين؟» في غضون أسبوع...

عين الخارج على هويّة الرئيس قبل الحدود

كلٌّ عالق في مأزقه الخاصّ. جو بايدن عالق في استحقاقه الرئاسي. بنيامين نتنياهو عالق...

عوكر «تحيي» الخماسية بعد مخاوف من شلّها او تفكّكها!

فوجئت الأوساط السياسية والديبلوماسية بالدعوة الاميركية لسفراء المجموعة الخماسية العربية ـ الدولية الى اجتماع...