الرئيسيةمقالات سياسيةالنازحون والحدود والرئاسة بسلّة نصرالله: نحو مفاوضة الأميركيين

النازحون والحدود والرئاسة بسلّة نصرالله: نحو مفاوضة الأميركيين

Published on

spot_img

كان موقف أمين عام حزب الله، السيد حسن نصرالله، الأخير في غاية الوضوح بما يتعلق بالاستحقاقات الداخلية اللبنانية، أو ما يرتبط بها مع الخارج. داخلياً، أراد نصرالله التعالي عن كل الانتقادات والاتهامات التي توجه إلى حزبه، وهو تقصّد “تصغيرها” أو تسخيف مفاعيلها، على قاعدة أن غايتها توتير الأجواء في البلاد، وهو ما لا يريده. وحصر نصرالله الاستحقاق الرئاسي بتحميل مسؤولية تعطيله إلى قوى المعارضة التي رفضت الحوار وأضاعت الفرصة. أما بعد ذلك، فتفرغّ إلى مقارعة اللاعبين الكبار. وبذلك، يكون نصرالله قد وضع نفسه في مكان يفاوض فيه على كل الملفات مع القوى الإقليمية والدولية. وهذا بحدّ ذاته ما يحصل.

ثلاثة ملفات مترابطة
الملفات الثلاثة التي طرحها نصرالله، وهي إظهار الحدود البرية، ومواجهة تدفق اللاجئين، وانتظار المساعي الدولية ولا سيما الفرنسية والجهود القطرية لمعرفة مسار الاستحقاق الرئاسي، كلها ترتبط ببعضها البعض في النتيجة السياسية. فعملياً، أطلق نصرالله إشارة واضحة حول الارتضاء بأن تسلك الدولة مسار إظهار الحدود البرية ومعالجة المشاكل التي تعترضها. وأكد وقوفه خلف الدولة بكل مقدراته لتدعيم موقفها. وحسب المعلومات، فإن موقف نصرالله لم يأت من فراغ إنما بعد تطورين أساسيين، الأول هو سؤال الأميركيين قبل التقدم بوساطتهم عن حقيقة موقف الحزب، وإذا كان سيوافق ويسهّل، لا سيما ان الأميركيين يهتمون بالوصول إلى معالجة سريعة لملف شمال بلدة الغجر، مقابل ازالة حزب الله للخيمتين اللتين أنشأهما في خراج بلدة كفرشوبا وخارج الخطّ الأزرق، علماً أن الحزب يعتبر أن هذه أراضي لبنانية وجب تحريرها، وبالتالي هو حتى الآن يرفض المقايضة.
كما أن إطلاق إشارة الموافقة على الوساطة الأميركية يأتي بعد إعطاء مرشد الجمهورية الإسلامية في إيران السيد علي خامنئي الإذن بالتفاوض المباشر بين الإيرانيين والأميركيين. وهذا لا يمكن فصله رمزياً عن السياقات المترابطة مع بعضها البعض. في ذلك، فإن حزب الله سيكون المفاوض بشكل غير مباشر، ومن خلال الدولة مع الأميركيين، ما يدفع البعض في لبنان إلى التخوف من إمكانية تكرار تجربة العام 2016، إذ في حينها اعتبر هؤلاء أن انتخاب ميشال عون رئيساً للجمهورية بعد سنتين ونصف السنة من الفراغ، جاء كآخر نتيجة للاتفاق النووي الإيراني الأميركي، والذي حصل في أواخر العام 2015، هناك من يعتبر أن الحزب يراهن على هذا النوع من المفاوضات على مستوى عال، من أجل تحصيل مكاسبه السياسية، ولذلك لا يزال يتمسك بترشيح سليمان فرنجية.

هذا الترشيح يرتبط أيضاً في الطرح الذي تقدم به نصرالله لمعالجة ملف تدفق اللاجئين السوريين إلى لبنان. إذ لطالما أكد الحزب أن سليمان فرنجية هو الوحيد القادر على معالجة ملف ضبط الحدود مع سوريا، وترسيمها، والعمل على إعادة اللاجئين السوريين، إنطلاقاً من علاقته مع النظام وقدرته في تحقيق ذلك. معادلة نصرالله في الضغط على المجتمع الدولي وفي الضغط على الحكومة للضغط على الأميركيين لإلغاء قانون قيصر، لها تفسيرها من الوجهة اللبنانية الداخلية سياسياً، وهي أن انتخاب فرنجية يسهم في معالجة المشكلة، ويدخل لبنان في حقبة إعادة تطبيع العلاقات مع دمشق.

ما أراد نصرالله تكريسه، هو أن يكون التفاوض على الحلول اللبنانية مع القوى الإقليمية والدولية، ومع الأميركيين بالتحديد إنطلاقاً من ملف الحدود البرية. هو يراهن في ذلك على تحسين موازين القوى لصالحه داخلياً فيترجمها رئاسياً. أما في المقابل، فإن القوى التي ترفض التنازل له في الداخل والخارج، لا تزال تعتبر أن الضغوط التي يتعايش على وقعها لبنان، وبحال طال أمدها، ستدفع الحزب لتقديم التنازلات، لكنه أيضاً يضع في حسبانه أنه في حال اراد التخلي عن سليمان فرنجية فهو سيطالب بضمانات ومكاسب سياسية واقتصادية في المقابل، وبرعاية هذه القوى الدولية أيضاً.

أحدث المقالات

مادة انتقاد “عونيّة” لقائد الجيش!

أضاف مسؤولون في «التيار الوطني الحر» أن إجراءات الجيش اللبناني لمكافحة تهريب الأفراد السوريين...

بو حبيب: فرنسا أقصتنا عن اجتماعات لأننا فشّلنا مبادراتها

عَقّد تجدّد الحرب الإسرائيلية على غزة المشهد إقليمياً ولبنانياً. عادت ساحة المواجهات بين «حزب...

تقويض القرار 1701… بتواطؤ دولي

يتعامل العالم مع جرائم هائلة تسحق أهل قطاع غزة وتبيدهم، بالكثير من البرود والتجاهل...

“تطابق” فرنسي-سعودي لبنانياً.. وتحذيرات حول مصير الجنوب

أصبحت الدوامة السياسية اللبنانية الداخلية “مضجرة” في كيفية التعاطي مع الاستحقاقات الأساسية، لا سيما...

المزيد من هذه الأخبار

“ربط الساحات” بين غزّة… والضاحية واليرزة!

تندرج زيارة الموفد الفرنسي جان إيف لودريان تحت عنوانين أساسيّين فرضتهما التطوّرات الأخيرة: – تجدّد...

بين “التيار” وبكركي لا قطيعة… ولكن!

تعثرت محاولات رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل لتحسين علاقته بالبطريرك الماروني بشارة...

قطر طرحت سلّة كاملة وقدّمت ترشيحَيْ البيسري وحتّي

تكاد تكون قطر الدولة العربية الأكثر قرباً من «حماس» نظراً الى حسن علاقتها بها...

محمد رعد الجار والأب

تعود معرفتي بالنائب محمد رعد إلى ما يقارب أربعين عاماً. عرفت والده كرجل فاضل...

لودريان بعد هوكشتاين…”اطلالة” على الحدود والأفق الرئاسي المسدود

فرضت تطورات الوضع الإقليمي نفسها على المشهد الداخلي، وهو ما أسهم في “تطوير” عمل...

إنقلاب عسكري بقيادة الجيش في 10 كانون الثاني؟

بعد الإنقلاب السياسي في 31 تشرين الأول 2022 بمنع انتخاب رئيس للجمهورية، وفرض الفراغ...

قيادة الجيش: لا التعيين مُيسّرٌ ولا التمديد آمن

دونما أن تكون خافية صلة الوصل بين استحقاقَيِ الجيش ورئاسة الجمهورية، إلا أن مرور...

الفرنسيّون متمسكون بـ”مرشح ثالث” للرئاسة

يحط الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان في بيروت يوم الأربعاء في زيارة تستمر...

الإزدواجية العالمية: الفيلسوف الألمانيّ هابرماس يدعم إسرائيل

“إنّ حرب إسرائيل على غزة مبرَّرة مبدئياً” ولا يجوز وصفها بأنّها تشبه المحرقة أو...

الدور القطري يتكرس.. والحل اللبناني بمفاوضة “الحزب” أولاً

تسير الوقائع اللبنانية على الإيقاع الإقليمي. الهدنة في غزة تنعكس على الجنوب، والتصعيد سيقابله...

سيناريو أميركي.. بنسخة إيرانية؟

نجاح تنفيذ أولى الهدن الإنسانية في غزة، وإتمام عملية تبادل الدفعة الأولى من الأسرى،...

معادلةٌ صعبة أمام “الحزب”… وخياران في ملفّ قيادة الجيش

يقف «حزب الله» أمام معادلة صعبة في حسمه خياراته لملء الشغور في قيادة الجيش...

“رئاسة” بعد الهدنة: المفتاح بيد الحزب

تستبعد أوساط مطّلعة أن يقود استئناف الحراك الفرنسي والقطري باتجاه لبنان إلى إحداث خرق...

جبهة لبنان معلّقة… ونية لاستئناف الحرب

بموازاة حالة عدم اليقين التي تلفّ مصير «الوقفة الإنسانية» للقتال والتي سمّيت هدنة قابلة...

الخشية من “غلاف الليطاني”

تكاد الصورة تكون متعارضة كلياً، بين ما حدث في غزة صباح السابع من تشرين...