الرئيسيةمقالات سياسيةالموقف الخليجي... والحفر في "قانا"

الموقف الخليجي… والحفر في “قانا”

Published on

spot_img

بقيت الأسئلة أكثر من الأجوبة حول أسباب صدور البيانات الخليجية تباعاً بتحذير الرعايا الخليجيين من زيارة لبنان، أو من البقاء فيه، أو من الاقتراب من المناطق التي تشهد اضطرابات أمنية…

أول العناصر المهمّة وذات الدلالة الخطيرة في تلك البيانات أنّها صدرت عن دول مجلس التعاون الست بالتدرّج، وإن اختلفت اللهجة أو صيغة التحذير. وهذا يذكّر بالقرارات المتعاقبة الصادرة في مراحل عدة تأزّمت فيها العلاقة بين هذه الدول وبين لبنان، بدءاً بالعام 2016 احتجاجاً على رفض لبنان إدانة الجامعة العربية التدخّلات الإيرانية في دول الخليج، وصولاً إلى سحب السفراء في خريف 2021 والاحتجاج على تصريحات وزير الإعلام آنذاك جورج قرداحي الذي عاد فاستقال…

كان منطقياً أن تعزو الأوساط السياسية والمراقبة التحذير الخليجي الأخير الذي صدر في اليومين الماضيين إلى تلك الأجواء المتوتّرة التي عادت تسود ضمنياً العلاقة السعودية الإيرانية بفعل الخيبة من أن ينعكس اتفاق 10 آذار بين الرياض وطهران برعاية صينية، على استئناف العلاقات الدبلوماسية، وعلى التهدئة إيجابياً لا سيّما في اليمن وسوريا وبالتالي سينعكس إيجابياً على التطبيع مع سوريا وعلى الوضع المأزوم في لبنان.

بات من السهل تعداد مظاهر عودة الأمور إلى الوراء في العلاقة بين طهران والرياض، بدءاً بوقف عودة السفراء إلى كلّ منهما، وامتداداً إلى تباطؤ التطبيع بين دمشق والرياض وعدم التزام وقف تهريب الكبتاغون من سوريا، ومروراً بجمود الحلول في اليمن وعدم تطبيق مبدأ عدم التدخل في شؤون الدول وبالخلاف الجوهري على أحقية الاستثمار في حقل الدرة للغاز… وصولاً إلى فشل المفاوضات الأميركية الإيرانية والأميركية – السورية وتأثيرها على موقف كلّ من البلدين والاتصالات بين الإدارة الأميركية وبين القيادة السعودية لبلورة اقتراحات الأولى لخطة استراتيجية تشمل السلام مع إسرائيل وأمن الخليج العربي…

لكن معظم هذه الأوساط لم يكتفِ بتفسير ما طرأ من مناخ سلبي بسبب كل هذه العوامل، رغم صحّة الاستنتاجات بأنّ الأجواء الواعدة جرّاء تحسُّن العلاقة السعودية – الإيرانية، تراجعت كثيراً وإلى الحدّ الذي بات ينذر بتدهور جديد فيها. فهل يكفي استعراض هذا المناخ الإقليمي الدولي لفهم الخطوة الخليجية؟

والسؤال يُطرح نظراً إلى وجود وجهتي نظر في سردية عناصر هذا المناخ السلبي: واحدة تقول إنّ إيران لم تفِ بوعودها للمملكة العربية السعودية، وإنّها حصلت على تطبيع العلاقة الخليجية معها من دون مقابل، وأن الضامن الصيني لتنفيذ ما اتّفق عليه لم يدفع الأمور إلى الأمام. والثانية تعتبر أنّ الجانب السعودي لم يفِ بما تأمله منه إيران سواء في اليمن أم في سوريا من خطوات، بسبب انصياعه للضغط الأميركي الرافض تحسّن العلاقة العربية الإيرانية، ولأنّ الرياض انخرطت في خطة الرئيس الأميركي جو بايدن من أجل سلام سعودي مع إسرائيل يتضمّن التزاماً من وقف تقويض حل الدولتين وتقديم تنازلات للفلسطينيين مقابل ضمان أمن دول الخليج في مواجهة إيران وبناء قدرات نووية للمملكة…

في كل الأحوال ثمة ما طرأ في لبنان في الأسبوعين الماضيين يضع البلد في عين العاصفة مجدّداً، بسبب اشتباكات عين الحلوة التي جرى تصنيفها على أنها في مصلحة إيران بهدف إضعاف حركة «فتح» لمصلحة التنظيمات الإسلامية المتشددة التي ستكون في نهاية المطاف تحت جناح حركة «حماس» و»الجهاد الإسلامي».

فضلاً عن أنّ التأزّم الخليجي- الإيراني عموماً سينعكس إطالة لمأزق الفراغ الرئاسي في لبنان، حيث للسعودية وقطر دور رئيسي في المجموعة الخماسية التي ترعى فرنسا بتأييد منها، الشهر المقبل، طاولة نقاش بين الفرقاء اللبنانيين، لتسريع إنهاء الفراغ الرئاسي، هناك من طرح السؤال حول تأثير التطورات الأمنية في البلد على استحقاق آخر فائق الأهمية هو بدء شركة «توتال إنرجي» الحفر في البلوك الرقم 9 في البحر تنقيباً عن الغاز.

تشير المعلومات إلى أنّ وفداً من شركة «توتال» اجتمع قبل أشهر قليلة بأحد الأجهزة الأمنية في إطار التحضير اللوجستي لمباشرة الحفر، وسأل سؤالاً محدداً حول أمن الطريق الساحلي الجنوبي الذي سيسلكه معظم موظفي الشركة وشركات الخدمات يومياً على مدى أشهر، بين بيروت ومنطقة الناقورة، واستفسر عمّا إذا كانت أي أحداث في مخيم عين الحلوة يمكن أن تهدّد السلامة على هذا الطريق.

الدول المعنية بوضع لبنان تتعاطى معه على أنّ «حزب الله» صاحب اليد الطولى في أمن الطريق الساحلي، والاتفاق الذي عقده المستشار الأميركي لشؤون أمن الطاقة الدولي آموس هوكشتاين أنجز على ترسيم الحدود البحرية لتسريع استخراج الغاز في إسرائيل (حقل كاريش) وفي حقل قانا، مع «حزب الله» في نهاية المطاف. فهل يضمن «الحزب» الطريق الساحلي منعاً لتهديده من تكرار اشتباكات المخيم؟

أحدث المقالات

إنفراجات «خماسية» و«بلوكاج داخلي»: الإستحقاق في الثلاجة

في مقابل التحولات التي شهدتها مجموعة «لقاء باريس الخماسي» في أعقاب «لقاء نيويورك الثالث»...

هكذا جنّدت إيران مسؤولين أميركيّين للترويج لـ”اتّفاق نوويّ”

نظّمت إيران شبكة سرّيّة من "العملاء" على مستوى دبلوماسي عالٍ، بين عامَي 2014 و2015،...

إشارات استئناف التفاوض بين إيران وأميركا تشمل لبنان؟

يغرق اللبنانيون أكثر فأكثر في دوّامة البحث عن الرئيس: هل هو في اتفاق يحصل...

تسوية الحدود من يقبض ثمنها الرئاسي: “الحزب” أم عون؟

منذ أيام ويشهد الجنوب اللبناني حالة استنفار دائمة بين الجيش اللبناني من جهة، وجيش...

المزيد من هذه الأخبار

رسالة سعودية وتهديد عوكر والتحرك القطري

إختزن الأسبوع الفائت عدداً من الوقائع المتفرقة حيال المأزق اللبناني، الذي تقر مصادر المعلومات...

بصمات شاب من الشرق الأوسط

ذات يومٍ دعاني رجلٌ شهيرٌ إلى فنجان قهوة. وكانتِ الدعوةُ مغريةً فقد تيسّر للرجل...

هل يهز “الحزب” العصا الرئاسية لباسيل؟

تصطدم دعوة رئيس المجلس النيابي اللبناني نبيه بري للحوار بمقاومة سياسية تتزعمها قوى المعارضة...

اشتباكات دير الزور: الاستراتيجية الأميركية بخطر؟

على الرغم من انتهاء المواجهات المسلّحة في دير الزور بين "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد)...

هل يخدم التمديد لقائد الجيش ترشيحه للرئاسة؟

كعادة انقسامهم حول جنس الملائكة، ينقسم اللبنانيون في مواقفهم وتقييماتهم لكل المسارات الداخلية والخارجية...

الحزب: قطر تسوّق لسلّة أسماء!

في لحظة انتقال "إدارة" الملفّ الرئاسي من الفرنسي إلى القطري وتقدُّم خيار المرشّح الثالث،...

قائد الجيش في مرمى “التيار”

عاد اسم قائد الجيش العماد جوزيف عون ليطرح كتسوية للأزمة الرئاسية المستمرة منذ نحو...

الامن والديموغرافيا والنزوح والحوار: هواجس اللبنانيين بلا أجوبة

توضع الملفات والاحداث اللبنانية المتزاحمة والطاغية على المشهد، في سلّة واحدة، فإما تقود المساعي...

 برّي: طاولة حوار كتل لا تفاهمات ثنائية وثلاثية

ما يقوله الرئيس نبيه برّي أمام زواره إن رفض البعض الحوار الذي يدعو إليه...

“أمر اليوم” الأميركيّ: بقاء جوزف عون في اليرزة!

في ظلّ "الكربجة" الرئاسية الكاملة وانتقال الخلاف على الملفّ الرئاسي من أروقة عين التينة...

  أبعد من المراوحة الرئاسية | لقاء نيويورك: إبقاء لبنان متعثّراً

بين لقاءَي نيويورك الأول والثاني، عام كامل حفل بأحداث ومبادرات رئاسية، فرنسية وقطرية. الثابت...

راقصة بوتين أو “جاسوسته” في لبنان

ليل 7 – 8 أيلول الجاري، كان المطار العسكري في قاعدة حميميم الروسية على...

بين عون و”السيّد”… رجالات العهد الذين انقلبوا ضدّه!

في جلسة خاصة جَمَعت شخصية قريبة من خطّ المقاومة مع الأمين العامّ للحزب السيّد...

  موجات النزوح تجدّدت ومداهمات للجيش

ملف النازحين مفتوح على شتى الاحتمالات، مع تزايد موجات النزوح خلال اليومين الماضيين عبر...

 اجتماع نيويورك: انتخاب الرئيس لا يزال مؤجلا

تتفق الدول الخمس على الحوار وتختلف على الرئيس، فيما الافرقاء اللبنانيون يختلفون على الحوار...