الرئيسيةمقالات سياسيةالمناورة “الهجومية”: الخروج من سوريا وتعزيز الردع داخلياً وحدودياً

المناورة “الهجومية”: الخروج من سوريا وتعزيز الردع داخلياً وحدودياً

Published on

spot_img

كان لمناورة حزب الله العسكرية الضخمة رسالة أساسية ذات طابع استباقي. في مراجعة لأداء الحزب وعملياته الأمنية ضد العدو الإسرائيلي ما بعد التحرير في العام 2000، وصولاً إلى حرب تموز 2006، يتبين أن هناك عمليات امنية وعسكرية قام بها حزب الله في تلك الفترة سواءاً كانت عبر بعض التفجيرات التي استهدفت آليات ومواقع، أو القيام بعمليات في محاولات لخطف وأسر جنود إسرائيليين. وكانت كل عملية من هذه العمليات تلقى رداً موضعياً من قبل الإسرائيليين، فلا يتم الذهاب إلى عملية عسكرية واسعة. سقطت تلك القاعدة في حرب تموز عام 2006، إذ ان عملية أسر الجنديين الإسرائيليين استدعت دخول إسرائيل في حرب شاملة، وهي حرب أحدثت شرخاً كبيراً على الساحة اللبنانية بين كثر طالبوا بنزع سلاح حزب الله.

السبب المباشر
من هنا لا بد من قراءة فحوى رسالة المناورة العسكرية التي قام بها الحزب، وسببها المباشر الأول والأساسي، هي ان تكون عبارة عن استعراض القوة العسكرية والجاهزية للدخول في أي مواجهة قد يلجأ إليها الإسرائيليون، خصوصاً في ظل حكومة بنيامين نتنياهو التي تتخبط فيما بينها، وتعاني من أزمات كبرى في الداخل، وبالتالي هي رسالة تحذير لأي محاولة عسكرية قد يلجأ إليها الإسرائيليون من خلال تأكيد الحزب بأنه جاهز للمعركة الموسعة، خصوصاً ان المناورة اتخذت صفة هجومية ولم تبق فقط في الإطار الدفاعي، وهذا يتضح من خلال السلاح الذي جرى استعراضه، والعمليات الرمزية التي قامت بها فرق الحزب، بالإضافة إلى رمزية الإسم حول “العبور”.

المعنى في الداخل
لكن المناورة، على الرغم من معانيها الإسرائيلية، يبدو أخذت بأكثر من معنى في الداخل اللبناني، خصوصاً لجهة توقيتها، بعد القمة العربية وبعد الاتفاق السعودي الإيراني والتقارب السعودي السوري. بدا حزب الله متفوقاً على الجميع في لبنان، معتبراً أن الصراع الأساسي هو مع اسرائيل وليس مع أحد آخر. وبالتالي، فإن سلاحه هو خارج أي نقاش وأي سياق حول أي تسوية يمكن البحث عنها للأزمة اللبنانية. ثانياً، هناك رمزية أخرى لا بد من التوقف عندها، وهي إظهار القوة المركزية للحزب بثقلها العسكري بأنها عادت إلى لبنان، وبالتالي لم يعد الحزب بحاجة إلى القيام بمناورات عسكرية في سوريا، على غرار ما جرى في مدينة القصير. وهذا يحمل إشارة رمزية إلى سحب الحزب للقوة العسكرية الأساسية في صفوفه من سوريا إلى لبنان.
هذا ما يفترض أن يستفيد حزب الله منه داخلياً، في إظهار القوة والجاهزية، وهو حتماً استدعى وسيستدعي المزيد من السجالات الداخلية، التي تزيد تعميق الانقسام والشرخ، بين قوى سياسية واجتماعية ستزيد من مطالبته بضرورة سحب سلاح الحزب، فيما الحزب يقول بوضوح إن هذا الأمر غير مطروح في هذه المرحلة. شيئ من هذا السجال سيكون مشابهاً للسجالات التي انطلقت بعد حرب تموز في العام 2006، مع إشارة جديدة ترتبط بأن الحزب سيستفيد من كل الوقائع الإقليمية والدولية ومسار تحسن العلاقات السعودية الإيرانية لترجمتها لبنانياً، ليس بالمعطى العسكري إنما بالمعطى السياسي. سواء من خلال تمسكه بترشيح سليمان فرنجية، وسط محاولات متجددة من قبله ومن قبل الفرنسيين في إقناع التيار الوطني الحرّ بالذهاب بهذا الإتجاه، ولو على سبيل تأمين النصاب وليس من خلال التصويت الكامل. أو من خلال الخلافات المستمرة بين قوى المعارضة والتيار الوطني الحرّ. إذ لم يتفق الطرفان ولا سيما القوات اللبنانية والتيار على مرشح لمواجهة سليمان فرنجية. وهذا ما سيبقي موقف الحزب أقوى من مواقف الآخرين، وهو ما سيكون له أكثر من سياق في المرحلة المقبلة، لا سيما أن الحزب يصوّر المسارات الإقليمية كلها وكأنها تصب في صالحه، ويتعاطى مع الاستحقاقات إنطلاقاً من قاعدة أن المسار القائم سيقود إلى تحتيم رئاسة سليمان فرنجية. ولكن الأمر يحتاج إلى مزيد من الوقت.

أحدث المقالات

بيروت: لقاء ثلاثة أجهزة مخابرات

بشكل متزامن، كانت بيروت مطلع الأسبوع، مسرحاً لوجود مخابراتي ثلاثي: فرنسي أميركي وإسرائيلي. والتفاصيل،...

ماذا لو أُرجئ بتّ مصير قائد الجيش إلى ما بعد الأعياد؟

بين مجلسَي النواب والوزراء يتجمّد بتّ مصير قائد الجيش العماد جوزاف عون الذي يبلغ...

تطبيق 1701: الحزب يرفض.. ويفاوض!!

في عام 2006 انتهت حرب تموز بإصدار القرار الأممي 1701 تحت الفصل السادس، لكن...

“الحزب” لن ينسحب: ثمن التفاوض لاستقرار الحدود ستدفعه إسرائيل

الاستعاضة عن الحرب في جنوب لبنان، يكون بالتوجه نحو اتفاق سياسي برعاية دولية إقليمية،...

المزيد من هذه الأخبار

مادة انتقاد “عونيّة” لقائد الجيش!

أضاف مسؤولون في «التيار الوطني الحر» أن إجراءات الجيش اللبناني لمكافحة تهريب الأفراد السوريين...

بو حبيب: فرنسا أقصتنا عن اجتماعات لأننا فشّلنا مبادراتها

عَقّد تجدّد الحرب الإسرائيلية على غزة المشهد إقليمياً ولبنانياً. عادت ساحة المواجهات بين «حزب...

تقويض القرار 1701… بتواطؤ دولي

يتعامل العالم مع جرائم هائلة تسحق أهل قطاع غزة وتبيدهم، بالكثير من البرود والتجاهل...

“تطابق” فرنسي-سعودي لبنانياً.. وتحذيرات حول مصير الجنوب

أصبحت الدوامة السياسية اللبنانية الداخلية “مضجرة” في كيفية التعاطي مع الاستحقاقات الأساسية، لا سيما...

مهمة لودريان تبدَّلت من انتخاب الرئيس إلى السعي لتأجيل تسريح قائد الجيش

لم يعد خافياً أن الهدف الرئيس من زيارة الموفد الرئاسي الفرنسي جان – إيف...

لبنان بعد حرب غزّة… من يسأل عن قرار السلم والحرب؟

"لبنان ما بعد حرب غزة يشبه السؤال عن لبنان ما بعد الانتداب، ويشبه السؤال...

لودريان لم يطرح تعديلاً للـ1701… بل فرصة لتطبيقه

مع إعلان إسرائيل استئناف القتال ضدّ “حماس” سمحت أيام التبادل السبعة التي كانت واشنطن...

“ليونة” مستجدة بالملف الرئاسي.. وإصرار دولي على التمديد لعون

على وقع الزيارة الرابعة التي أجراها المبعوث الفرنسي إلى لبنان، جان إيف لودريان، تحدث...

بلى هُزمنا… والحلّ؟ فليحكم الحزب (1)

جرى هذا النقاش ضمن حلقة تفكير سياسي مناوئة للحزب ومرجعيّاته، في السياسة والأيديولوجيا والمنطلقات...

لبنان في مسار الحلّ من غزّة إلى واشنطن

عودة الموفد الفرنسي جان إيف لودريان وإن كانت في شكلها لا تحمل أيّ مبادرة...

لودريان “دبلوماسيّ بلا قفازات”… ينفعل و”يَزعَل”

لكلّ حقبة سياسية مُعضلات وإشكاليات، تجذب معها وساطات ووفود خارجية، في مغامرة أشبه ببحث...

متى سيبدأ الدولار بالهبوط… 50 ألفاً أو أقلّ؟

قبل انتهاء ولاية رياض سلامة في حاكمية مصرف لبنان، كان التوقّع العامّ السائد بين...

“تعديل” الـ1701 ومنطقة عازلة: التفاوض مع “الحزب” بنبرة نارية

يتنقّل لبنان في السجالات بين الملفات، من دون حسم أي منها. وقد أصبحت هذه...

دعم قوي من “الخماسية” لمهمّة لودريان… وقلقٌ أمميّ على لبنان

في ظل استمرار الهدوء الحذر الذي يخيم على المناطق الجنوبية، طالما أن الهدنة الممددة...

حراك دولي جدّي لكسر جليد الرئاسة وإطفاء جمر الحدود

على عادتهم، يبرع اللبنانيون في ضرب بعضهم البعض من تحت الحزام، بناء على حسابات...