مصرف لبنان هو مرفق عام من مرافق الدولة الأساسية ومهمته اصدار النقد الوطني والحفاظ على قيمة هذا النقد. وهو وبحسب تعريفه في قانون إنشائه، (قانون النقد والتسليف) شخص معنوي من أشخاص القانون العام ويتمتع بإستقلال مالي.
يعتبر قانون النقد والتسليف هو القانون الخاص بالبنك المركزي. ولهذا فإن هذا المصرف لا يخضع لقواعد إدارة وتسهيل الأعمال وللرقابات التي تخضع لها مؤسسات القطاع العام الأخرى.
فالرقابة على أعمال المصرف المركزي يتولاها موظف من وزارة المال برتبة مدير عام ويسمى «مفوض الحكومة لدى المصرف المركزي». وهو صلة الوصل بين المصرف والدولة والعكس بالعكس.
الجهاز الإداري للمصرف المركزي تعينه الحكومة ابتدأ من حاكم المصرف ونوابه الأربعة ومن بين هؤلاء نائب الحاكم الأول الذي يحل وحده محل الحاكم عند شغور مركز هذا الأخير نهائيا. أما اذا كان شغورا عارضا كحالة سفر أو مرض بسيط فإن أياً من نواب الحاكم يمكنه ان يحل محله في فترة الغياب.
فيما عدا الإستقالة الإختيارية لا تتم اقالة الحكم الا لعجز صحي مثبت بحسب الأصول أو لإخلاله بواجبات وظيفته أو لخطأ فادح في تسهيل الأعمال. أما نواب الحاكم فتتم إقالتهم بذات الطريقة بناءً على اقتراح الحاكم او بعد استطلاع رأيه.
وكما أن المصرف المركزي ينشىء بقانون فإنه يلغى أيضا بقانون.
إن ولاية حاكم المصرف المركزي الحالي تنتهي في نهاية شهر تموز الجاري ويبدو أن الحكومة الحالية ليست في وارد التمديد له كما كانت تفعل في المرات السابقة، فضلا عن أن ثمة إعتراضات كثيرة منها ما هو سياسي ومنها ما هو قانوني تعارض أن تتولى الحكومة الحاضرة تعيين من يخلفه بحجة أن هذه الحكومة هي حكومة تصريف أعمال ليس إلا. وكذلك بدأت تلوح في الأفق حلول تأخذ كلها بالإعتبار أن النائب الأول للحاكم سوف لن يقبل بإستلام مركزه.
بادىء ذي بدء نشير الى أن المادة «25» من قانون النقد والتسليف أي القانون التأسيسي للمصرف المركزي تنص على انه عند شغور مركز الحاكم يحل محله حكما نائبه الأول. ولهذا لا يستطيع الأخير أن يرفض الإنصياع للتكليف القانوني وإن إصراره على الرفض يوازي الإستقالة من منصبه. لذلك ذهب البعض الى إقتراح حل غير قانوني وهو أن تعمد الحكومة الى وضع المصرف المركزي تحت الحراسة القضائية وتعيين «حارس قضائي» ريثما يتم تعيين الحاكم.
إن هذا الحل إذا كان جائزا ومعمولا به في عالم الشركات التجارية الخاصة سندا للمواد «720» وما يليها من قانون الموجبات والعقود التي تسمح عندما لا يتفق الشركاء على ملكية مال منقول أو غير منقول أن يتفقوا في ما بينهم حبياً على إختيار شخص ثالث محايد لحراسة هذا المال بصورة مؤقته وإلا أجيز لأحد الشركاء أن يطلب بصورة عاجلة من قاضي الأمور المستعجلة المختص تعيين مثل هذا الشخص الذي يسمى «الحارس القضائي». ينتهي بزوال السبب الدافع اليه.
إن الحل الذي اعتمد في تلفزيون لبنان لا يمكن إعتماده هنا لأن التلفزيون هو مؤسسة خاصة وليست مرفقا عاما في حين أن المصرف المركزي هو مرفق عام من مرافق الدولة ولا ينسجم وضعه مع مؤسسة الحارس القضائي.
لذلك فإن الحل الذي يبقى مقبولا هو ان تعمد الحكومة الحالية الى تعيين حاكم جديد للمصرف المركزي إذا ما بقي النائب الأول مصرا على عدم تولي هذا المنصب لأن سلامة النقد الوطني تبقى من أهم الضرورات وأكثرها إلحاحا وتبرر للحكومة مثل هذا التعيين.