الرئيسيةمقالات سياسيةالمصالحة مع نظام الأسد وتحالف الأقلّيات

المصالحة مع نظام الأسد وتحالف الأقلّيات

Published on

spot_img

تفتح المصالحة العربية مع نظام بشار الأسد، الباب أمام مرحلة جديدة، تختلف تماماً عن مرحلة العام 2001، فالنظام الذي تمّ عزله عربياً، عاد وبقوة أكبر مما منحته إياه مصالحة الكويت، التي حصلت في أيام الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز. تختلف المصالحة التي توّجت بعودة النظام إلى الجامعة العربية عما عداها، فهذه العودة تتم على وقع معادلة «صفر مشاكل» و»صفر أزمات» التي تتبعها المملكة العربية السعودية، ضماناً لاستقرار يُراد منه تهيئة المناخ لتطبيق رؤية 2030، التي عنوانها تبدية الأولويات الاقتصادية على أيّ أولوية سياسية أو محلية.

حقق النظام السوري في هذه المصالحة انجازاً لا ريب فيه. لقد أجبر العالم العربي على التطبّع مع كل النتائج التي أسفرت عنها سياساته وتحالفاته، وفي طليعتها التحالف مع إيران، فحافظ على جميع مكاسبه، وفاوض انطلاقاً من هذه المكاسب، واستعاد بالتالي موقعه بين العرب، كأنّه لم يقم بتلك المجزرة الشنيعة والمستمرة منذ العام 2011، وكأنّ شعباً بأكمله لم يتم ترحيله وقتله وتشريده وسجنه، وكأنّ تغييراً ديموغرافياً لم يحصل، وكأنّ رفضاً لعودة الشعب السوري إلى أرضه بات في علم الغيب.

لقد وضع العرب رأسهم في رمال مأساة سوريا، واكتفوا ببضع تعهّدات لن ينفذ منها نظام الأسد شيئاً، وصدّقوا بأنّ هذا النظام سينفّذ بعض التعهدات الأمنية، تاركين له الحق بأن يمنّ عليهم بتطبيقها، وهي فعلاً لن تطبق إلا بعد أن يكون النظام قد ابتز جميع هذه الدول، وسلب منها تنازلات، لم يكن بالإمكان تقديمها، لو بقي الموقف العربي على شيء من التماسك والقوة.

تقوم نظرية «صفر مشاكل»، على تصفير الخلافات في المنطقة، لضمان الحصول على الاستقرار الذي يشكل العمود الفقري للاستثمار والتنمية، وعلى هامش هذه المعادلة، يخشى أن تتحكم إيران باستقرار المنطقة، عبر ابتزازها بالعنف، كما سبق وتحكمت عبر تنفيذ مخططات العنف. فسياسة «صفر مشاكل»، على ايجابياتها، ستكون محكومة برضى محور الممانعة، القادر من اليمن إلى العراق وسوريا، على نسف الاستقرار وعلى تحويل حلم الاستثمار والتنمية إلى سراب.

عملياً ستقسم معادلة «صفر مشاكل» المنطقة إلى قسمين، جنوبي يسود فيه استقرار مشروط برضى إيران ومصالحها، والمقصود خصوصاً اليمن، وشمالي، سيشهد استعراض انتصار إيراني، في سوريا ولبنان، هو انتصار منطق تحالف الأقليات، بقيادة إيران، هذه الأقليات التي ستشعر بالنشوة، لأنّ تسليماً بنفوذ إيران قد حصل على المستوى العربي، لن تكون نهايته عودة نظام الأسد إلى الجامعة العربية، بل تسليم متوقع باستمرار إمساك إيران برئاسة لبنان وبتشكيل حكوماته، وبالسيطرة على قراره، وبدءاً من اليوم سيتمكن المرشح الرئاسي سليمان فرنجية من تنفس الصعداء لأنّ باباً له إلى بعبدا قد فتح.

أحدث المقالات

بيروت: لقاء ثلاثة أجهزة مخابرات

بشكل متزامن، كانت بيروت مطلع الأسبوع، مسرحاً لوجود مخابراتي ثلاثي: فرنسي أميركي وإسرائيلي. والتفاصيل،...

ماذا لو أُرجئ بتّ مصير قائد الجيش إلى ما بعد الأعياد؟

بين مجلسَي النواب والوزراء يتجمّد بتّ مصير قائد الجيش العماد جوزاف عون الذي يبلغ...

تطبيق 1701: الحزب يرفض.. ويفاوض!!

في عام 2006 انتهت حرب تموز بإصدار القرار الأممي 1701 تحت الفصل السادس، لكن...

“الحزب” لن ينسحب: ثمن التفاوض لاستقرار الحدود ستدفعه إسرائيل

الاستعاضة عن الحرب في جنوب لبنان، يكون بالتوجه نحو اتفاق سياسي برعاية دولية إقليمية،...

المزيد من هذه الأخبار

مادة انتقاد “عونيّة” لقائد الجيش!

أضاف مسؤولون في «التيار الوطني الحر» أن إجراءات الجيش اللبناني لمكافحة تهريب الأفراد السوريين...

بو حبيب: فرنسا أقصتنا عن اجتماعات لأننا فشّلنا مبادراتها

عَقّد تجدّد الحرب الإسرائيلية على غزة المشهد إقليمياً ولبنانياً. عادت ساحة المواجهات بين «حزب...

تقويض القرار 1701… بتواطؤ دولي

يتعامل العالم مع جرائم هائلة تسحق أهل قطاع غزة وتبيدهم، بالكثير من البرود والتجاهل...

“تطابق” فرنسي-سعودي لبنانياً.. وتحذيرات حول مصير الجنوب

أصبحت الدوامة السياسية اللبنانية الداخلية “مضجرة” في كيفية التعاطي مع الاستحقاقات الأساسية، لا سيما...

مهمة لودريان تبدَّلت من انتخاب الرئيس إلى السعي لتأجيل تسريح قائد الجيش

لم يعد خافياً أن الهدف الرئيس من زيارة الموفد الرئاسي الفرنسي جان – إيف...

لبنان بعد حرب غزّة… من يسأل عن قرار السلم والحرب؟

"لبنان ما بعد حرب غزة يشبه السؤال عن لبنان ما بعد الانتداب، ويشبه السؤال...

لودريان لم يطرح تعديلاً للـ1701… بل فرصة لتطبيقه

مع إعلان إسرائيل استئناف القتال ضدّ “حماس” سمحت أيام التبادل السبعة التي كانت واشنطن...

“ليونة” مستجدة بالملف الرئاسي.. وإصرار دولي على التمديد لعون

على وقع الزيارة الرابعة التي أجراها المبعوث الفرنسي إلى لبنان، جان إيف لودريان، تحدث...

بلى هُزمنا… والحلّ؟ فليحكم الحزب (1)

جرى هذا النقاش ضمن حلقة تفكير سياسي مناوئة للحزب ومرجعيّاته، في السياسة والأيديولوجيا والمنطلقات...

لبنان في مسار الحلّ من غزّة إلى واشنطن

عودة الموفد الفرنسي جان إيف لودريان وإن كانت في شكلها لا تحمل أيّ مبادرة...

لودريان “دبلوماسيّ بلا قفازات”… ينفعل و”يَزعَل”

لكلّ حقبة سياسية مُعضلات وإشكاليات، تجذب معها وساطات ووفود خارجية، في مغامرة أشبه ببحث...

متى سيبدأ الدولار بالهبوط… 50 ألفاً أو أقلّ؟

قبل انتهاء ولاية رياض سلامة في حاكمية مصرف لبنان، كان التوقّع العامّ السائد بين...

“تعديل” الـ1701 ومنطقة عازلة: التفاوض مع “الحزب” بنبرة نارية

يتنقّل لبنان في السجالات بين الملفات، من دون حسم أي منها. وقد أصبحت هذه...

دعم قوي من “الخماسية” لمهمّة لودريان… وقلقٌ أمميّ على لبنان

في ظل استمرار الهدوء الحذر الذي يخيم على المناطق الجنوبية، طالما أن الهدنة الممددة...

حراك دولي جدّي لكسر جليد الرئاسة وإطفاء جمر الحدود

على عادتهم، يبرع اللبنانيون في ضرب بعضهم البعض من تحت الحزام، بناء على حسابات...