الرئيسيةمقالات سياسيةاللعب الرئاسي في الوقت الضائع!

اللعب الرئاسي في الوقت الضائع!

Published on

spot_img
عندما تساءلنا عن مصير الإستحقاق الرئاسي في حال فشل الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان في مهمته المعقدة، إتهمنا بعض الأصدقاء بالتشاؤم، وإستباق الأمور بما لا يساعد اللبنانيين على إلتقاط أنفاسهم في خضم هذه الأزمة المتشعبة، والمتناسلة بسرعة غير مسبوقة في لبنان.
الواقع أن ليس بالأمر تشاؤم، ونحن أبعد ما نكون عن التكهن بمعايير التفاؤل، أو رصد علامات التشاؤم، لأننا نكتفي بقراءة الوضع السياسي من مختلف جوانبه، بكثير من الموضوعية والتواضع، حتى نبقى أبعد ما يكون عن التنظير، مع الإحتفاظ بالموقف السياسي المعروف لـ«اللـــواء»، والذي يتألف من ثلاث دوائر مترابطة: الدائرة اللبنانية الوطنية، والدائرة العربية القومية، والدائرة الإسلامية الإنسانية، بكل ما تعنيه من تقدير وتفهم وتسامح مع الآخر، الذي ليس هو شريكاً على مستوى الوطن وحسب، بل أن الشراكة تشمل كل مناحي الحياة اليومية، في لبنان وفي أصقاع العالم.
نعود إلى مهمة الطيّب الذكر لودريان، حيث من المؤسف أن يتبين لك أن الأشقاء والأصدقاء المشاركين في اللقاء الخماسي، هم أشد حرصاً من القيادات السياسية اللبنانية على بلد الأرز، ويقضون الكثير من أوقاتهم في نقاشات ومشاورات مضنية بحثاً عن مخرج للمأزق اللبناني، في حين يتمسك كل فريق سياسي، بمواقفه المعلنة منها وغير المعلنة، وهذه أكثر دهاءً وخبثاً، رافضين التجاوب مع الجهود والمساعي التي يبذلها وسطاء الخماسي، وسفراؤهم في بيروت، للمساعدة على إنقاذ ما يمكن إنقاذه في الوقت المناسب، ووضع البلد المتأزم على سكة الإصلاح والإنقاذ.
وبغض النظر عن الحدّة التي إتصف بها خطاب السفيرة غريو في إحتفال العيد الوطني الفرنسي يوم الجمعة الماضي، فإن عدم نجاح الموفد الفرنسي في تحقيق الإختراق المنشود في جدار الأزمة الرئاسية، لا يعني فشلاً للديبلوماسية الفرنسية، أو إخفاقاً للمساعي الخماسية، بقدر ما هي سقوطاً جديداً للمنظومة السياسية في جهنم مصالحها الفئوية والأنانية، ووبالاً مستداماً على الأكثرية الساحقة من اللبنانيين، الذين يدفعون الأثمان الغالية من لقمة عيشهم، ومستقبل أولادهم، بعدما إستسلموا للعبة الزعماء الطائفيين، الذين يحُولون دون الوصول إلى الدولة المدنية، دولة القانون والمساواة والعدالة، والخروج من وحول الطائفية والمذهبية، وشد العصب الديني والمناطقي، الذي يُهدد السلم الأهلي، عند أبسط الشرارات الخلافية، السياسية أو الطائفية أو حتى المناطقية، كما حصل في القرنة السوداء مؤخراً.
والمفارقة الأكثر حزناً أنه في كل جولة تشتد فيها الخلافات، تتصاعد فيها المناورات، وترتفع معها أصوات المزايدات، ويتبارى الجميع في عرض العضلات. هذا الفريق يصرُّ على فرض خياراته على الآخرين، وأولئك يهددون بالويل والثبور رافعين أعلام التقسيم والفدرلة، وطرف ثالث يحاول إيجاد طرح مختلف عن الفريقين السابقيْن فيجد حاله مشرذماً، وهائماً بين اقتراحات متناقضة من رفاقه، فتكون النتيجة إختلاط الحابل بالنابل، وإنسداد سبل الحلول، والتسبب بمزيد من الإنهيارات.
لا ندري إذا كانت ديبلوماسية لودريان ستنفع أمام هذا المشهد السوريالي للوضع اللبناني ومنظومته الفاسدة، والتي سبق لها أن أفشلت مبادرات رئيسه عقب كارثة مرفأ بيروت، دون أن يرف جفن لأحد من أحزابها. أم أن المسألة اللبنانية تحتاج إلى قرارات حاسمة من الخارج، يتم فرضها على الداخل، من خلال توافقات إقليمية ودولية، يتولى من خلالها كل طرف خارجي إبلاغ جماعته بجدية التوافقات الحاصلة، تحت طائلة إخراج أي مشاكس أو معرقل من المشهد السياسي، على غرار ما حصل عام ١٩٨٩، في أعقاب التوصل إلى إتفاق الطائف برعاية عربية ودولية، أقصت المعارضين للإتفاق الذي أنهى حرباً بغيضة إستمرت ١٥ سنة، وكادت تقضي على الصيغة والكيان.
والطريف أن الأفرقاء المحليين يستمرون في اللعب بالإستحقاق الرئاسي في الوقت الضائع، وكل فريق منهم يوهم جمهوره بأن القرار عنده، ولا حسم للسباق الرئاسي بمعزل عن إرادته وخياراته، شاهراً سلاح «الفيتو» ولسان حاله يقول : الأمر لي!

أحدث المقالات

جنوب الحرب وشمال النازحين والدرّاجات.. تلغي”الدولة الوطنيّة”؟

كان المشهد في لبنان يوم الجمعة الماضي معبّراً جدّاً عن صورة البلد وإشكاليّاته، أو...

كيف سينعكس غياب رئيسي وعبد اللهيان على لبنان؟

بدأت التساؤلات تتوالى بعد مقتل الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ووزير خارجيته حسين عبد الأمير...

سباق التفاوض الإقليمي: “الثنائي الشيعي” للفوز بلبنان والرئاسة؟

أحداث من التاريخ يمكنها أن تتشابه أو أن تتكرر، وإن بسياقات وظروف مختلفة. أواخر...

الزيارة الأولى منذ اتفاق الدوحة… ما وصيّة جنبلاط من قطر؟

للمرة الأولى له منذ أيار 2008، يوم استضافت قطر القادة اللبنانيين وإعلان اتفاق الدوحة،...

المزيد من هذه الأخبار

قطر من “استوكهولم”: سلام شامل أو حرب أوسع..

تاريخ طويل من التفاوض الدبلوماسي بين القوى المحلّية والعالمية أعطى قطر القدرة على المراوغة...

هل تُطرَد غادة عون من القضاء؟

مع تحديد موعد لمثول النائبة العامّة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون أمس...

سياسيّو لبنان: “الأطفال الذين يلعبون بالرمل”؟

يرسم بعض المهتمّين الأجانب بأزمات لبنان صورة غير متفائلة جرّاء استمرار ربط الحلول فيه...

“الخُماسية” تُطلق مساراً رئاسياً حتى تموز: مشاورات أو عقوبات

ما تضمّنه بيان اللجنة الخماسية بعد اجتماعها أول من أمس في السفارة الأميركية، أحدث...

مهلة حزيران للحــزب: الرئاسة… أو نتنياهو

تعدّدت المهل التي أُعطيت لإنجاز الاستحقاق الرئاسي من دون أن تَصدُق أيّ منها. إلا...

“اليوم التالي” في غــزة ولبنان: الحرب اقتراح إسرائيل الوحيد

على دوي الحرب وهديرها، تتعدد مسارات البحث عن ما يسمى بـ”اليوم التالي” لغزة، وهو...

ماذا فعل “حــزب الله” في ملف النزوح؟

في 2 تشرين الأول 2023 تناول الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله ملف...

“الخماسية” في عوكر: “صيانة” دوريّة للحلّ

انعقد أمس الاجتماع الخامس للّجنة الخماسية المُمثّلة لواشنطن وباريس والدوحة والرياض ومصر في مقرّ...

صمود الحزب وحماس و”انتصارهما”: معركة نهاية الحروب في المنطقة؟

قاعدة “الحرب سجال” و”الأيام دول”، هي التي يعتمدها حزب الله وحركة حماس في المواجهة...

إنتقاد “المجتمع الدولي”… لتغييب إيران عنه؟

قد يكون انتقاد المجتمع الدولي والحملة على مواقفه، سواء في ما يخصّ عبء النازحين...

تعقيدات المفاوضات الحدودية: الطلعات والإعمار والتنقيب

لا كلام جدياً في الرئاسة. يستعيد سفراء اللجنة الخماسية حراكهم من خلال اجتماع تستضيفه...

الجيش بين باسيل و السيّد!

استبق الأمين العامّ للحزب السيّد حسن نصرالله جلسة التوصيات النيابية اليوم في شأن هبة...

نصرالله “المنتصر”: وصيّ على مستقبل لبنان وسوريا ولاجئيها

يستعجل حزب الله إعلان انتصاراته. لا يريد لها أن تقتصر على لبنان فقط، بل...

وثيقة بكركي: إيجابية بو نجم لا تُبدّد الصعاب

ستعلن بكركي وثيقتها التي حملت عنوان «المسيحيون في لبنان إلى أين؟» في غضون أسبوع...

عين الخارج على هويّة الرئيس قبل الحدود

كلٌّ عالق في مأزقه الخاصّ. جو بايدن عالق في استحقاقه الرئاسي. بنيامين نتنياهو عالق...