الرئيسيةمقالات سياسيةاللامركزية مؤجلة وهجمة عربية دولية لحماية الطائف

اللامركزية مؤجلة وهجمة عربية دولية لحماية الطائف

Published on

spot_img

إنها أكثر المراحل توتراً على صعيد الخطاب السياسي منذ استهلال لبنان للشغور الرئاسي، لا سيما من جهة المعارضة التي لجأت إلى تصعيد إستباقي كان أبرز تجلياته خطاب رئيس “القوات اللبنانية” سمير جعجع ورئيس حزب “الكتائب” سامي الجميل، وإن اختلفت النبرة في كلمة جماهيرية لجعجع في معراب ومقابلة تلفزيونية بالنسبة إلى الجميل.

هذا التصعيد يتقاطع مع هجمة دولية وعربية على لبنان لمواجهة أي خيار برئيس ممانع سواء كان رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية أو غيره (ذلك أن الأسماء المُتداولة في فلك الممانعة عديدة ومنها من يتقاطع مع “التيار الوطني الحر”).

لكن الأهم هنا في هذه الهجمة يتخطى في أهدافه أيضا تلك المواجهة ليحلّ موضوع حماية إتفاق الطائف على جدول أولوياته خاصة عند الطرف العربي وعلى رأسه المملكة العربية السعودية.

ثمة من المتابعين للموقف الغربي، الأميركي خصوصا، من يؤكد ان كل الطروحات التقسيمية التي خرجت من عقالها وستجهر أكثر في المراحل المقبلة في هذا الجو الطائفي المحموم، لا تحظى بدفع أميركي وغربي وهي ليست مرتبطة بمخاوف كثيرين من عودة مشروع التقسيم الى العالم العربي من البوابة السورية، علما أن الأحداث في سوريا لا يمكن مقارنتها بما حدث في العام 2011 ومن بعده، وهي لا تنذر بالسوء الذي جرى سابقاً وبتوسعه..

من هنا فإنه مهما برزت تلك الطروحات التقسيمية تحت عناوين الفيدرالية، فإن موضوع وحدة البلاد متفق عليه بين كل المتخاصمين في الخارج، وطبعا بين الأميركيين والإيرانيين.

الأمر يسقط نفسه على موضوع اللامركزية الذي يُناقش بين “حزب الله” و”التيار الوطني الحر” لناحية عدم القبول الغربي به. وهو نقاش لن يفضي الى نتيجة أقله في المدى المنظور بينما يتطلب انتخاب رئيس الجمهورية تسريعاً للمفاوضات الداخلية كون الوضع لا يتحمل أي ترف للوقت.

صحيح أن اللامركزية الإدارية التي أقرها الطائف تشدد على أن الدولة اللبنانية دولة واحدة موحدة ذات سلطة مركزية قوية، لكن الصحيح أيضاً أن القضايا التي يرفعها التيار تتخطى ما اتُفق عليه في الطائف، حسب كثيرين. فموضوع التوازن بين قوى الطوائف تطلب حربا بشعة لـ 17 عاماً للتوصل الى تسوية مقبولة وإن غير مثالية فقد كانت الأولوية لوضع حد للدماء المُسالة عبثاً.

أما اللعب في تلك الموازين اليوم وإضفاء الطابع شبه الاستقلالي المالي في التقسيمات الادارية بفعل الواقع وليس بالضرورة النص، سيفعل في تعزيز النزعة التقسيمية ناهيك عن كونه لا يحقق المطلوب وسط مرض الطائفية والفساد.

على أن المهم اليوم مواجهة الاستحقاقات الكبرى وعلى رأسها الكارثة الاقتصادية والمعيشية وإعادة اموال اللبنانيين المسروقة ومواجهة انحدار الليرة وقبل ذلك ربما التصدي لموضوع خطير يتصاعد خطره مجدداً وهو موضوع اللاجئين السوريين.

كل ذلك ستكون أولى لبناته عملية انتخاب رئيس للجمهورية وبدء دورة تشكيل السلطة مع اختيار رئيس للحكومة وتشكيل حكومته والشروع بالمفاوضات مع الخارج من صندوق النقد الدولي وغيره.

لذا فإن هذه الهجمة الخارجية على لبنان اليوم تهدف في ما تهدف الى التلاقي على رئيس توافقي يمكنه الحصول على شرعية غعادة بناء البلد، ولعلها مرحلة شبيهة بانتهاء الحرب الأهلية وبدء مرحلة إعادة الاعمار تحت ظل الطائف لكن الحذر هنا من إعادة سوء تطبيقه.

لذا يحذر كثيرون من المس بهذا الإتفاق وثمة مساعي داخلية لحمايته من قبل الطوائف المختلفة فعلى الصعيد السني ثمة موقف واضح من قبل دار الفتوى وشخصيات سياسية. وهنا تقوم انتقادات من قبل بعض الشخصيات لجلسات الحوار التي تهدف لانتخاب رئيس للجمهورية عبر الحوار دون الآلية الدستورية. لكن الموضوع مختلف لدى آخرين ممن لا يشتركون بهذه النظر تجاه الحوار.

وعلى الصعيد المسيحي لا تقبل بكركي باللعب بالطائف لكن المسيحيين في شكل عام يريدون تعديل ثغرات فيه برزت خاصة أخيراً، خاصة على صعيد المدد الدستورية التي لم يتنبه لها أو لم يرد ذلك صائغو الطائف قبل 34 عاماً، علما أن صائغي أي دستور يفترضون حسن النية ووجود أركان دولة يحسنون بعد ذلك تطبيق الدستور أو التعديلات عليه.

من هنا يبدو مشروع اللامركزية، بأشكاله المتعددة وتفسيراته المتنوعة، مؤجل اليوم حتى أجل غير منظور، لكن حماية الطائف تبقى أولوية.

أحدث المقالات

إنفراجات «خماسية» و«بلوكاج داخلي»: الإستحقاق في الثلاجة

في مقابل التحولات التي شهدتها مجموعة «لقاء باريس الخماسي» في أعقاب «لقاء نيويورك الثالث»...

هكذا جنّدت إيران مسؤولين أميركيّين للترويج لـ”اتّفاق نوويّ”

نظّمت إيران شبكة سرّيّة من "العملاء" على مستوى دبلوماسي عالٍ، بين عامَي 2014 و2015،...

إشارات استئناف التفاوض بين إيران وأميركا تشمل لبنان؟

يغرق اللبنانيون أكثر فأكثر في دوّامة البحث عن الرئيس: هل هو في اتفاق يحصل...

تسوية الحدود من يقبض ثمنها الرئاسي: “الحزب” أم عون؟

منذ أيام ويشهد الجنوب اللبناني حالة استنفار دائمة بين الجيش اللبناني من جهة، وجيش...

المزيد من هذه الأخبار

رسالة سعودية وتهديد عوكر والتحرك القطري

إختزن الأسبوع الفائت عدداً من الوقائع المتفرقة حيال المأزق اللبناني، الذي تقر مصادر المعلومات...

بصمات شاب من الشرق الأوسط

ذات يومٍ دعاني رجلٌ شهيرٌ إلى فنجان قهوة. وكانتِ الدعوةُ مغريةً فقد تيسّر للرجل...

هل يهز “الحزب” العصا الرئاسية لباسيل؟

تصطدم دعوة رئيس المجلس النيابي اللبناني نبيه بري للحوار بمقاومة سياسية تتزعمها قوى المعارضة...

اشتباكات دير الزور: الاستراتيجية الأميركية بخطر؟

على الرغم من انتهاء المواجهات المسلّحة في دير الزور بين "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد)...

هل يخدم التمديد لقائد الجيش ترشيحه للرئاسة؟

كعادة انقسامهم حول جنس الملائكة، ينقسم اللبنانيون في مواقفهم وتقييماتهم لكل المسارات الداخلية والخارجية...

الحزب: قطر تسوّق لسلّة أسماء!

في لحظة انتقال "إدارة" الملفّ الرئاسي من الفرنسي إلى القطري وتقدُّم خيار المرشّح الثالث،...

قائد الجيش في مرمى “التيار”

عاد اسم قائد الجيش العماد جوزيف عون ليطرح كتسوية للأزمة الرئاسية المستمرة منذ نحو...

الامن والديموغرافيا والنزوح والحوار: هواجس اللبنانيين بلا أجوبة

توضع الملفات والاحداث اللبنانية المتزاحمة والطاغية على المشهد، في سلّة واحدة، فإما تقود المساعي...

 برّي: طاولة حوار كتل لا تفاهمات ثنائية وثلاثية

ما يقوله الرئيس نبيه برّي أمام زواره إن رفض البعض الحوار الذي يدعو إليه...

“أمر اليوم” الأميركيّ: بقاء جوزف عون في اليرزة!

في ظلّ "الكربجة" الرئاسية الكاملة وانتقال الخلاف على الملفّ الرئاسي من أروقة عين التينة...

  أبعد من المراوحة الرئاسية | لقاء نيويورك: إبقاء لبنان متعثّراً

بين لقاءَي نيويورك الأول والثاني، عام كامل حفل بأحداث ومبادرات رئاسية، فرنسية وقطرية. الثابت...

راقصة بوتين أو “جاسوسته” في لبنان

ليل 7 – 8 أيلول الجاري، كان المطار العسكري في قاعدة حميميم الروسية على...

بين عون و”السيّد”… رجالات العهد الذين انقلبوا ضدّه!

في جلسة خاصة جَمَعت شخصية قريبة من خطّ المقاومة مع الأمين العامّ للحزب السيّد...

  موجات النزوح تجدّدت ومداهمات للجيش

ملف النازحين مفتوح على شتى الاحتمالات، مع تزايد موجات النزوح خلال اليومين الماضيين عبر...

 اجتماع نيويورك: انتخاب الرئيس لا يزال مؤجلا

تتفق الدول الخمس على الحوار وتختلف على الرئيس، فيما الافرقاء اللبنانيون يختلفون على الحوار...