الرئيسيةمقالات سياسيةالكنيسة والفدراليّة: نقاش "يسوعيّ".. بمشاركة سنيّة

الكنيسة والفدراليّة: نقاش “يسوعيّ”.. بمشاركة سنيّة

Published on

spot_img

منذ أواخر العام الماضي، بدأت جامعة الروح القدس – الكسليك في العمل على إعداد مشروع للّامركزية الإدارية. ولهذه الغاية استعانت بخبراء في السياسة والاقتصاد والاجتماع والإدارة من أجل إعداد “مشروع نظام لامركزي متكامل يتلاءم مع الأنظمة المعتمدة عالمياً، مع الأخذ بعين الاعتبار الخصوصيات اللبنانية المعقّدة”، والكلام للأب طلال الهاشم، رئيس جامعة الروح القدس في الكسليك، في حديث لـ”أساس”.

رغبة كنسيّة فاتيكانيّة

يرتكز هذا المشروع على الأساس الذي أجمعت عليه العائلات الروحية اللبنانية، والذي دعمته الدول العربية والغربية، وهو اتفاق الطائف، في محاولة لتطبيق بنوده كاملة، وبالتحديد البند الإشكالي المتعلّق باللامركزية. وهو يعمل على المزاوجة بين المزاج المسيحي العامّ الراغب في الاستقلالية، وبين رفض الفاتيكان لمشاريع الفدرلة والتقسيم واعتبار أنّها لا تصبّ في مصلحة المسيحيين على المدى البعيد.

اللامركزية بحدّ ذاتها مصطلح مطّاط، فهناك بعض القوى السياسية التي ترفع عنوان اللامركزية من أجل الوصول إلى فدرالية مقنّعة

لذا يحظى هذا المشروع بمباركة من الكنيسة المارونية، حيث أكّد البطريرك بشارة الراعي في أكثر من موقف وعظة له رفض مشاريع الفدرالية، والتمسّك باتفاق الطائف، والحرص على تطبيق جميع بنوده نصّاً وروحاً، ومنها اللامركزية الإدارية.

بيد أنّ اللامركزية بحدّ ذاتها مصطلح مطّاط، فهناك بعض القوى السياسية التي ترفع عنوان اللامركزية من أجل الوصول إلى فدرالية مقنّعة، والبعض يريد “التقسيم”، مقابل رفضها من قوى أخرى ترى أنّها تهدّد سيطرتها المزمنة والمهلكة على قرار الدولة، فتتّهم من يروّج لها بالرغبة في تقسيم لبنان.

إزاء هذه المحاذير، حرصت جامعة الروح القدس على التحفّظ عن إعلان مشروعها، بموازاة فتح باب النقاش حوله مع القوى السياسية استعداداً لطرحه ضمن مؤتمر وطني للحوار بشكل علمي وموضوعي بعد أخذ ملاحظات مختلف الأفرقاء.

بيد أنّ ما نشر عن المشروع يشير إلى أنّه ينطلق من قاعدة أساسية وهي تفعيل الإدارة المحلية، لا من خلال إنشاء كيانات ومجالس وهيئات جديدة، كما ينصّ قانون زياد بارود الذي يعمل على تنقيحه التيار الوطني الحرّ، إنّما عبر الإدارات الموجودة حالياً، وهي البلديات واتحادات البلديات، لكن مع منحها هامشاً واسعاً من الصلاحيات، ولا سيّما في الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والماء والتعليم ومعالجة النفايات، الأمر الذي يضمن أن تصبح أقلّ كلفة وفساداً، ويمكّن الناس من ممارسة رقابة حقيقية عبر الانتخابات.

توسعة دائرة النقاش

تسعى جامعة روح القدس إلى توسعة دائرة النقاش حول المشروع الذي صاغته والبداية كانت مع شخصيات سنيّة شاركت في الحكم والتشريع والإدارة. وضمّت كل من رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة والنواب والوزراء السابقين سمير الجسر، خالد قباني، أحمد فتفت، مصطفى علوش، والمستشار الإعلامي للرئيس السنيورة عارف العبد.

النائب السابق سمير الجسر من أبرز المشرّعين في المجالس النيابية السابقة، وكان حاضراً في النقاشات حول مشروع وزير الداخلية السابق زياد بارود عن اللامركزية الإدارية لأنّه كان عضواً في لجنة الإدارة والعدل ورئيس للجنة الداخلية والبلديات. والوزير السابق خالد قباني يعدّ من أكثر من عمل على مشروع اللامركزية على الصعيد الأكاديمي وبالتأكيد تجربة الرئيس السنيورة في الحكم لسنوات.

كذلك الحال بالنسبة للكاتب عارف العبد الذي أصدر كتاباً عن “الطائف” يعرض فيه الثغرات والمعوّقات التي منعت تطبيقه بشكل كامل، وعنوانه “لبنان والطائف: تقاطع تاريخي ومسار غير مكتمل”. والرئيس السنيورة ذو تجربة طويلة في إدارات الدولة من وزارة المالية إلى رئاسة الحكومة. في حين أنّ النائب السابق مصطفى علّوش لديه تجربة سياسية ونيابية وحزبية وبلدية واسعة.

بحسب المعلومات فإنّ جامعة الروح القدس ستعمل على الانفتاح على جميع الأطراف والفئات من أقصاها إلى أقصاها، وذلك لحماية المشروع من براثن الشعبوية، والحرص على إخراجه من الفئوية

ورقة عمل أوّليّة

يكشف النائب السابق سمير الجسر لـ”أساس” أنّ “النقاش تمحور حول إطار عامّ أوّليّ للمشروع طلبوا منّا إبداء ملاحظاتنا عليه، حيث أبدينا رأينا وكانت لدينا بعض الملاحظات. وننتظر تحويل ورقة العمل التي ناقشناها إلى مشروع متكامل ومنجز من كلّ النواحي القانونية والإدارية لكي يُبنى على الشيء مقتضاه”.

ويشير الجسر إلى أنّه “من الناحية العامّة لا يوجد من يعارض اللامركزية الإدارية بما هي استكمال لتطبيق ما ورد في اتفاق الطائف، علاوة على أنّ كلّ القوى السياسية أو أغلبها هي ضدّ الفدرالية أو اللامركزية السياسية”.

في المقابل يروي النائب السابق مصطفى علّوش أنّ “النقاش دار حول ورقة عمل قُدّمت إليهم كإطار عامّ لكيفية تطبيق اللامركزية الإدارية بناء على اتفاق الطائف، بهدف بحثه في إطار علمي وأكاديمي خارج إطار الاصطفافات السياسية وللوقوف على المشاكل والفوائد”. ويلفت إلى أنّ “جامعة الروح القدس ستتحاور مع كلّ القوى السياسية حول هذا المشروع. مع الإشارة إلى وجود قناعة لدى مُعدّي المشروع بأن لا إمكانية لتحقيق لامركزية موسّعة من دون وجود دولة مركزية قوية”.

بحسب المعلومات فإنّ جامعة الروح القدس ستعمل على الانفتاح على جميع الأطراف والفئات من أقصاها إلى أقصاها، وذلك لحماية المشروع من براثن الشعبوية، والحرص على إخراجه من الفئوية التي تغلب مشاريع البعض والتي تجنح نحو الأبعاد الطائفية والمذهبية، بحيث يصبح لكلّ طائفة إدارتها الذاتية.

فالهدف، بحسب الجامعة ومصادرها، هو تحويل مشروع اللامركزية الإدارية إلى مشروع إصلاحي يحظى بقبول وموافقة جميع أركان الطوائف والمذاهب.

وهذا الأمر ربما سيفضي إلى إضافة بنود أخرى مثل مجلس الشيوخ وإلغاء الطائفية السياسية، ولا سيما أنّ البندين الأخيرين نصّ عليهما اتفاق الطائف أيضاً، وتتمسّك بهما بعض القوى السياسية العريقة والتغييرية.

أحدث المقالات

جنوب الحرب وشمال النازحين والدرّاجات.. تلغي”الدولة الوطنيّة”؟

كان المشهد في لبنان يوم الجمعة الماضي معبّراً جدّاً عن صورة البلد وإشكاليّاته، أو...

كيف سينعكس غياب رئيسي وعبد اللهيان على لبنان؟

بدأت التساؤلات تتوالى بعد مقتل الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ووزير خارجيته حسين عبد الأمير...

سباق التفاوض الإقليمي: “الثنائي الشيعي” للفوز بلبنان والرئاسة؟

أحداث من التاريخ يمكنها أن تتشابه أو أن تتكرر، وإن بسياقات وظروف مختلفة. أواخر...

الزيارة الأولى منذ اتفاق الدوحة… ما وصيّة جنبلاط من قطر؟

للمرة الأولى له منذ أيار 2008، يوم استضافت قطر القادة اللبنانيين وإعلان اتفاق الدوحة،...

المزيد من هذه الأخبار

قطر من “استوكهولم”: سلام شامل أو حرب أوسع..

تاريخ طويل من التفاوض الدبلوماسي بين القوى المحلّية والعالمية أعطى قطر القدرة على المراوغة...

هل تُطرَد غادة عون من القضاء؟

مع تحديد موعد لمثول النائبة العامّة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون أمس...

سياسيّو لبنان: “الأطفال الذين يلعبون بالرمل”؟

يرسم بعض المهتمّين الأجانب بأزمات لبنان صورة غير متفائلة جرّاء استمرار ربط الحلول فيه...

“الخُماسية” تُطلق مساراً رئاسياً حتى تموز: مشاورات أو عقوبات

ما تضمّنه بيان اللجنة الخماسية بعد اجتماعها أول من أمس في السفارة الأميركية، أحدث...

مهلة حزيران للحــزب: الرئاسة… أو نتنياهو

تعدّدت المهل التي أُعطيت لإنجاز الاستحقاق الرئاسي من دون أن تَصدُق أيّ منها. إلا...

“اليوم التالي” في غــزة ولبنان: الحرب اقتراح إسرائيل الوحيد

على دوي الحرب وهديرها، تتعدد مسارات البحث عن ما يسمى بـ”اليوم التالي” لغزة، وهو...

ماذا فعل “حــزب الله” في ملف النزوح؟

في 2 تشرين الأول 2023 تناول الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله ملف...

“الخماسية” في عوكر: “صيانة” دوريّة للحلّ

انعقد أمس الاجتماع الخامس للّجنة الخماسية المُمثّلة لواشنطن وباريس والدوحة والرياض ومصر في مقرّ...

صمود الحزب وحماس و”انتصارهما”: معركة نهاية الحروب في المنطقة؟

قاعدة “الحرب سجال” و”الأيام دول”، هي التي يعتمدها حزب الله وحركة حماس في المواجهة...

إنتقاد “المجتمع الدولي”… لتغييب إيران عنه؟

قد يكون انتقاد المجتمع الدولي والحملة على مواقفه، سواء في ما يخصّ عبء النازحين...

تعقيدات المفاوضات الحدودية: الطلعات والإعمار والتنقيب

لا كلام جدياً في الرئاسة. يستعيد سفراء اللجنة الخماسية حراكهم من خلال اجتماع تستضيفه...

الجيش بين باسيل و السيّد!

استبق الأمين العامّ للحزب السيّد حسن نصرالله جلسة التوصيات النيابية اليوم في شأن هبة...

نصرالله “المنتصر”: وصيّ على مستقبل لبنان وسوريا ولاجئيها

يستعجل حزب الله إعلان انتصاراته. لا يريد لها أن تقتصر على لبنان فقط، بل...

وثيقة بكركي: إيجابية بو نجم لا تُبدّد الصعاب

ستعلن بكركي وثيقتها التي حملت عنوان «المسيحيون في لبنان إلى أين؟» في غضون أسبوع...

عين الخارج على هويّة الرئيس قبل الحدود

كلٌّ عالق في مأزقه الخاصّ. جو بايدن عالق في استحقاقه الرئاسي. بنيامين نتنياهو عالق...