الرئيسيةمقالات سياسيةالغضب على لبنان: السلطة القائمة هي “المؤامرة” الحقيقية

الغضب على لبنان: السلطة القائمة هي “المؤامرة” الحقيقية

Published on

spot_img

عند كل محطّة ومفصل، يثبت لبنان عجزه عن فهم الوقائع المستجدة أو تطورات الوضع في المنطقة. وربما لا يكون العجز عن الفهم واقعياً، إنما مفتعل أو مصطنع وفق حاجة المسؤولين اللبنانيين في خداع وإيهام المواطنين وأغراقهم في التخيلات بأن الازدهار سيأتي من الخارج على غرار ما حصل في مرات كثيرة سابقاً.
منذ وقوع الأزمة المالية والاقتصادية، وصولاً إلى ثورة 17 تشرين وما تلاها من أحداث، تبقى ثابتة أساسية لدى كل المسؤولين، في أن ما يجري هو فقط مؤامرة أو ضغوط يتعرض لها لبنان، ولا بد لها أن تزول لدى لحظة الوصول إلى تسويات أو تفاهمات إقليمية ودولية، وأن الحلول مرتبطة بتقديم تنازلات لها علاقة بأوضاع اللاجئين السوريين والفلسطينيين، والواقع على الحدود الجنوبية، والوصول إلى مرحلة التنقيب عن النفط والغاز.

قصر النظر
لذلك يكون الرد دوماً بضرورة الصمود في مواجهة رياح المؤامرة أو الضغوط او الحصار، من دون اللجوء إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة للحد من تداعيات الأزمة والبحث عن حلول. يعبّر ذلك عن قصر النظر الذي يصاب به كل اللبنانيين. وكانت أبرز تجلياته مع الإعلان عن حصول الاتفاق الإيراني السعودي، والرهانات الداخلية في انعكاسه على الساحة الداخلية. فبدأ كل طرف يترجم الاتفاق وفق ما يريده ويشتهي. فمن يدعم سليمان فرنجية، اعتبر أن تقارب السعودية مع إيران وسوريا سيقود إلى انتخابه. ومن يعارض الرجل اعتبر العكس، بأن الاتفاق يفرض توازناً، وبالتالي تسوية مرضية للجميع. شيء من الرهانين لم يتحقق. فيما تبرز مؤشرات كثيرة على تعثّر الاتفاق.
بالتزامن مع تعثر الاتفاق، وعلى وقع توترات أمنية، برزت مواقف دول الخليج المحذرة لرعاياها. وانفردت السعودية بتوجيه دعوات عاجلة لمواطنيها الموجودين في لبنان للمغادرة. وتقول بعض المصادر إن الإجراء السعودي ينطوي على أكثر من هدف، لا سيما أن هناك من سعى إلى إظهار الوضع في لبنان بأنه طبيعي خلال موسم الصيف، بينما دخل سعوديون إلى لبنان على الرغم من قرار منع السفر. وقد اعتمدوا الدخول في السفر إليه من دول أخرى، وهذا أحد الأسباب الأساسية لإصدار التحذير ومطالبتهم بالعودة، من دون فصل ذلك عن مسار التأزم السياسي المستمر، والتعبير عن رفض التعاطي بإيجابية في ظل هذه الوقائع.

العيش في الماضي
سياسياً، يتضح من خلال هذا الموقف عدم الرضى السعودي والخليجي عن المسار المتبع والقائم، لا سيما أن اللبنانيين ينتظرون اللجنة الخماسية أن تتفق هي على انتخاب رئيس للجمهورية، فيما هم غير مستعدين لمساعدة أنفسهم، متكلين على نظرية أن المساعدات ستأتي من الخارج.. ما يؤشر إلى أن هناك من لا يزال قابعاً في فترة بداية التسعينيات.
فاللجنة الخماسية التي أنشئت مؤخراً لا تشبه اللجان السداسية، الرباعية، والثلاثية التي أنشئت من قبل الجامعة العربية في الثمانينيات، وعملت على إعداد اتفاق الطائف. فالظرف السياسي والتاريخي والعلاقات العربية العربية كلها مختلفة على صعيد المنطقة، باستثناء السياسيين اللبنانيين الذين لا زالوا يتعاطون وفق أسس قديمة.
ومؤتمر دعم لبنان الذي أقيم بعد اتفاق الطائف، وباريس واحد وباريس 2 غير قابلين للتكرار. وما قاله وزير الاقتصاد أمين سلام بحق الكويت، أو ما يراهن عليه كثيرون سابقاً وحالياً، يشير إلى عجز الطبقة السياسية اللبنانية عن انتاج أي مسارات للحلّ، والبقاء في زاوية تاريخية مضى زمنها. فتعبير “شخطة قلم” هو أكبر دليل على آلية تفكير السياسيين اللبنانيين. الواقع مختلف اليوم إلى حدود بعيدة. إذ في لحظة مؤتمر الطائف، كان هناك أنظمة عربية قوية وتحافظ على دولها. فالخليج كان على علاقة قوية مع كل الدول العربية، ومع الولايات المتحدة الأميركية، فيما المشكلة كانت فقط محصورة بلبنان. أما بعد العام 2003 وسقوط العراق، أصبح الانهيار قائماً في كل الدول العربية، من العراق، إلى سوريا واليمن وصولاً إلى الاهتزاز في العلاقات العربية العربية، وبالتالي فلن يكون هناك أي قدرة على انتاج حلّ للأزمة.

كل هذه المؤشرات تقدم مبررات ليستمر الخوف على الواقع اللبناني، طالما أنها تفيد بأن لبنان سيدخل في السنوات العشر الضائعة. ما يعني أنه سيبقى في حالة من الدمار والانهيار على الصعد المختلفة، الاقتصادية، الاجتماعية المالية والسياسية، على وقع تدمير مؤسساته وتفريغها من كل المقومات. ويحدث هذا، في ظل ولادة نموذج جديد على صعيد المنطقة العربية، وهو التخفيف من العنف وإن مع بقاء أنظمة ودول فاشلة، كما هو الحال في كل من العراق، لبنان، سوريا واليمن.

أحدث المقالات

جنوب الحرب وشمال النازحين والدرّاجات.. تلغي”الدولة الوطنيّة”؟

كان المشهد في لبنان يوم الجمعة الماضي معبّراً جدّاً عن صورة البلد وإشكاليّاته، أو...

كيف سينعكس غياب رئيسي وعبد اللهيان على لبنان؟

بدأت التساؤلات تتوالى بعد مقتل الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ووزير خارجيته حسين عبد الأمير...

سباق التفاوض الإقليمي: “الثنائي الشيعي” للفوز بلبنان والرئاسة؟

أحداث من التاريخ يمكنها أن تتشابه أو أن تتكرر، وإن بسياقات وظروف مختلفة. أواخر...

الزيارة الأولى منذ اتفاق الدوحة… ما وصيّة جنبلاط من قطر؟

للمرة الأولى له منذ أيار 2008، يوم استضافت قطر القادة اللبنانيين وإعلان اتفاق الدوحة،...

المزيد من هذه الأخبار

قطر من “استوكهولم”: سلام شامل أو حرب أوسع..

تاريخ طويل من التفاوض الدبلوماسي بين القوى المحلّية والعالمية أعطى قطر القدرة على المراوغة...

هل تُطرَد غادة عون من القضاء؟

مع تحديد موعد لمثول النائبة العامّة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون أمس...

سياسيّو لبنان: “الأطفال الذين يلعبون بالرمل”؟

يرسم بعض المهتمّين الأجانب بأزمات لبنان صورة غير متفائلة جرّاء استمرار ربط الحلول فيه...

“الخُماسية” تُطلق مساراً رئاسياً حتى تموز: مشاورات أو عقوبات

ما تضمّنه بيان اللجنة الخماسية بعد اجتماعها أول من أمس في السفارة الأميركية، أحدث...

مهلة حزيران للحــزب: الرئاسة… أو نتنياهو

تعدّدت المهل التي أُعطيت لإنجاز الاستحقاق الرئاسي من دون أن تَصدُق أيّ منها. إلا...

“اليوم التالي” في غــزة ولبنان: الحرب اقتراح إسرائيل الوحيد

على دوي الحرب وهديرها، تتعدد مسارات البحث عن ما يسمى بـ”اليوم التالي” لغزة، وهو...

ماذا فعل “حــزب الله” في ملف النزوح؟

في 2 تشرين الأول 2023 تناول الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله ملف...

“الخماسية” في عوكر: “صيانة” دوريّة للحلّ

انعقد أمس الاجتماع الخامس للّجنة الخماسية المُمثّلة لواشنطن وباريس والدوحة والرياض ومصر في مقرّ...

صمود الحزب وحماس و”انتصارهما”: معركة نهاية الحروب في المنطقة؟

قاعدة “الحرب سجال” و”الأيام دول”، هي التي يعتمدها حزب الله وحركة حماس في المواجهة...

إنتقاد “المجتمع الدولي”… لتغييب إيران عنه؟

قد يكون انتقاد المجتمع الدولي والحملة على مواقفه، سواء في ما يخصّ عبء النازحين...

تعقيدات المفاوضات الحدودية: الطلعات والإعمار والتنقيب

لا كلام جدياً في الرئاسة. يستعيد سفراء اللجنة الخماسية حراكهم من خلال اجتماع تستضيفه...

الجيش بين باسيل و السيّد!

استبق الأمين العامّ للحزب السيّد حسن نصرالله جلسة التوصيات النيابية اليوم في شأن هبة...

نصرالله “المنتصر”: وصيّ على مستقبل لبنان وسوريا ولاجئيها

يستعجل حزب الله إعلان انتصاراته. لا يريد لها أن تقتصر على لبنان فقط، بل...

وثيقة بكركي: إيجابية بو نجم لا تُبدّد الصعاب

ستعلن بكركي وثيقتها التي حملت عنوان «المسيحيون في لبنان إلى أين؟» في غضون أسبوع...

عين الخارج على هويّة الرئيس قبل الحدود

كلٌّ عالق في مأزقه الخاصّ. جو بايدن عالق في استحقاقه الرئاسي. بنيامين نتنياهو عالق...