الرئيسيةمقالات سياسيةالطرابلسيون لا يساندون "سند"!

الطرابلسيون لا يساندون “سند”!

Published on

spot_img

يكشف إطلاق النائب أشرف ريفي العمل بحزب “سند” خلال اجتماع ترأسه في مكتبه في طرابلس، عن حجم “الفقاعة” الاعلامية التي تصنعها شخصيات سياسية شمالية يشوب عملها السياسيّ الكثير من التساؤلات التي لا يُمكن التغاضي عنها في هذه الظروف السياسية العصيبة، فهذا الحزب الذي سمّي منذ ثلاثة أعوام، لم يأتِ بجديد “جدّي” على صعيد الطروح السياسية اللبنانية عموماً، والسنية خصوصاً، بل بدا متكرّراً كما لم يرتقِ إلى المستوى المطلوب ليفرض نفسه على ميدان العمل السياسي الذي بات معقّداً ومرتبكاً لأسباب معروفة وواضحة.

إنّ الحزب الذي أكّد ريفي أنّه يختصر “السيادة، النزاهة والديموقراطية” في مبادئه وأهدافه، لم يُقابله معظم أبناء المدينة برحابة صدر واقتناع بشعاراته، بل قوبل بالسخرية حيناً وبالحدّة حيناً آخر، وهو ما يُفسّر عودة رفع اللافتات الداعمة للرئيس سعد الحريري من جديد في طرابلس بعد عقد “تجمّع أبناء طرابلس والشمال” اجتماعاً في المدينة، للمطالبة بعودته من جديد إلى لبنان، وإطلاق حملة بعنوان “ناطرينك ومعك لنرجع البلد”، تتضمّن “زيارات إلى جميع المهتمين، الفعاليات السياسية، والمرجعيات الروحية، لحثّ الرئيس الحريري على العودة إلى الوطن، لمعالجة الوضع الاقتصادي والانهيار المالي الذي وصل إليه البلد، وإنقاذ ما يُمكن إنقاذه”، وفق بيان التجمّع.

وتتوقّع أوساط طرابلسية عدم نجاح الحزب في تحقيق أهدافه، إذْ اعتبر أحد هذه الأوساط السياسية أنّ “سند” يحتاج إلى “سند” لاقامته ودفعه الى الصلابة، كما من الواضح أنّه الأبعد عن طموحات أبناء طرابلس حالياً، خصوصاً وأنّه أطلق من أراضيها وعبر ابن المدينة، وفي وقتٍ لم يُذكر فيه بند واحد مرتبط بمشروع أو مخطّط لوضع طرابلس في الأولوية.

وعن سبب عدم قدرة الحزب على تحقيق أهدافه، تذكر هذه الأوساط أسباباً عدّة أبرزها:

أولاً: تكرار الشعارات السياسية عينها مع التركيز على شخصيتين كانتا متناقضتين سياسياً في المدينة، ومحاولة دمجهما بالقوّة بعد استبعادهما أو بعدهما عن تيّار “المستقبل”، وهما ريفي والنائب السابق مصطفى علوش ووضعهما في الصدارة لا سيما ريفي الذي يسعى إلى الزعامة السنّية. وفي التفاصيل، فإنّ الشعارات التي تُركّز على محاربة “الاحتلال الايراني” تُشبه الشعارات التي اتخذها النائب السابق فارس سعيد عند تأسيسه “المجلس الوطني لرفع الاحتلال الايراني عن لبنان”، وهي شعارات عامّة لا يُمكن لأحد أن يرفضها ولا يُمكنه أيضاً السير بها مع عدم وضوحها وتفصيلها، إذ تبقى نقاطاً عامّة لا تختصر مأساة البلاد والكوارث الطرابلسية المعيشية والمالية.

ثانياً: التوصيف الخاطئ المستخدم في الخطاب من جهة، وتقديم الوعود للناس بالوصول قريباً إلى حالة جديدة بقيادة النزيهين لإنقاذ البلاد من جهة ثانية، إذْ يُركّز الخطاب على مصطلح “السياديين” وعلى التحالف الانتخابي مع “من يُشبهنا” ويُقصد تحديداً “القوات اللبنانية” مع ربط السيادة التي يُمثلونها بتحرير البلاد من “القبضة الايرانية”، مع العلم أنّ هذا التحالف كان مرفوضاً على الصعيد الطرابلسي. أمّا على الصعيد الوطني فإنّ دعوة ريفي لأيّ راغب الى الانتساب إلى هذا الحزب ستكون نتائجها محدودة لأنّه حزب وإن أطلق فعلياً فلن يكون جامعاً ولن ينتسب إليه حتّى من هم ضدّ التدخل الايراني، أيّ أنّه حزب التوجه الواحد وتحديداً “الجعجعي”.

ثالثًا: يحمل إطلاق هذا الحزب تناقضات عدّة عبّر عنها ريفي بنفسه خصوصاً بعد استقباله علوش في دارته عقب إطلاق الحزب، إذ انتقد ريفي المروّجين لفكرة مواجهة الطائفة السنية التشتت وغياب القيادات لديها، قائلاً: “خضنا الانتخابات عام 2016 وفزنا، وأثبتنا أنفسنا في الانتخابات الأخيرة ولدينا حواصل ثلاثة في طرابلس والمنية والضنية والميناء والقلمون والبداوي، هذه المناطق هي معقل الطائفة السنية في الشمال ولبنان، لذلك يكفي تبريراً لتقاعس الجميع تجاهنا بأنّ الطائفة مشتتة”، مضيفاً: “الطائفة السنية موجودة وتواجه باللحم الحي. لذلك، لا يحقّ لأحد أنْ يضع معايير استنسابية، فهل يُعقل أنّ 27 نائباً سنياً لا يملك أحد منهم صفة القائد؟ هناك قيادات ومن المفترض أنْ يُعيدوا حساباتهم ونحن موجودون على الساحة ولم نتخلّ يوماً عن واجبنا”، أيّ يُؤكّد أنّه موجود كقائد سنيّ بصفاته المطلوبة، ومن غير المسموح الاعتراف بتشتت الطائفية “سياسياً” لا سيما بعد مغادرة الحريري، مع العلم أنّه كان تحدّث في تصريح سابق عبر “الجديد” عن الزعامة السنّية، معتبراً أنّ السنة يبحثون عن زعيم لهم بعد “سقوط الحريري الذي لم يعد زعيماً أبداً” وأنّ هذه الطائفة “ليست عاقراً ولديها خامات”، فكيف يبحثون عن زعيم في السابق وكيف وجدنا القيادات الآن؟

وتُضيف الأوساط: “إنّ الحزب الذي اعتبر حالة وطنية، يبقى حالة غير مدعومة عربياً على الرّغم من محاولة التقرّب من سفراء دول الخليج، إذ عتب ريفي على الوفود العربية التي لا تزور القيادات السنية حينما تزور لبنان”. وتؤكّد أنّ الدعم القواتي لشخصية سنية ما، لا يعني أبداً أنّ هذه الشخصية تحوّلت إلى رأس حربة في طرابلس أو إلى قائد سنيّ، “فهي تُشير إلى عجز القوات عن التحالف مع شخصية مغايرة أو عدم إيجادها الشخصية القيادية الداعمة لسياساتها وتصوّراتها المناسبة، وبالتالي إنّ مصطلح القيادة يحتاج إلى شخص مدعوم شعبياً بدءاً من محيطه وصولاً إلى مختلف المناطق والمحافظات اللبنانية عموماً، أمّا تحديد شخصيات طرابلس السياسية بريفي أو بعلوش لمحاربة إيران، فتُشير إلى نقص فادح على مستوى الطائفة والمدينة”.

أحدث المقالات

بيروت: لقاء ثلاثة أجهزة مخابرات

بشكل متزامن، كانت بيروت مطلع الأسبوع، مسرحاً لوجود مخابراتي ثلاثي: فرنسي أميركي وإسرائيلي. والتفاصيل،...

ماذا لو أُرجئ بتّ مصير قائد الجيش إلى ما بعد الأعياد؟

بين مجلسَي النواب والوزراء يتجمّد بتّ مصير قائد الجيش العماد جوزاف عون الذي يبلغ...

تطبيق 1701: الحزب يرفض.. ويفاوض!!

في عام 2006 انتهت حرب تموز بإصدار القرار الأممي 1701 تحت الفصل السادس، لكن...

“الحزب” لن ينسحب: ثمن التفاوض لاستقرار الحدود ستدفعه إسرائيل

الاستعاضة عن الحرب في جنوب لبنان، يكون بالتوجه نحو اتفاق سياسي برعاية دولية إقليمية،...

المزيد من هذه الأخبار

مادة انتقاد “عونيّة” لقائد الجيش!

أضاف مسؤولون في «التيار الوطني الحر» أن إجراءات الجيش اللبناني لمكافحة تهريب الأفراد السوريين...

بو حبيب: فرنسا أقصتنا عن اجتماعات لأننا فشّلنا مبادراتها

عَقّد تجدّد الحرب الإسرائيلية على غزة المشهد إقليمياً ولبنانياً. عادت ساحة المواجهات بين «حزب...

تقويض القرار 1701… بتواطؤ دولي

يتعامل العالم مع جرائم هائلة تسحق أهل قطاع غزة وتبيدهم، بالكثير من البرود والتجاهل...

“تطابق” فرنسي-سعودي لبنانياً.. وتحذيرات حول مصير الجنوب

أصبحت الدوامة السياسية اللبنانية الداخلية “مضجرة” في كيفية التعاطي مع الاستحقاقات الأساسية، لا سيما...

مهمة لودريان تبدَّلت من انتخاب الرئيس إلى السعي لتأجيل تسريح قائد الجيش

لم يعد خافياً أن الهدف الرئيس من زيارة الموفد الرئاسي الفرنسي جان – إيف...

لبنان بعد حرب غزّة… من يسأل عن قرار السلم والحرب؟

"لبنان ما بعد حرب غزة يشبه السؤال عن لبنان ما بعد الانتداب، ويشبه السؤال...

لودريان لم يطرح تعديلاً للـ1701… بل فرصة لتطبيقه

مع إعلان إسرائيل استئناف القتال ضدّ “حماس” سمحت أيام التبادل السبعة التي كانت واشنطن...

“ليونة” مستجدة بالملف الرئاسي.. وإصرار دولي على التمديد لعون

على وقع الزيارة الرابعة التي أجراها المبعوث الفرنسي إلى لبنان، جان إيف لودريان، تحدث...

بلى هُزمنا… والحلّ؟ فليحكم الحزب (1)

جرى هذا النقاش ضمن حلقة تفكير سياسي مناوئة للحزب ومرجعيّاته، في السياسة والأيديولوجيا والمنطلقات...

لبنان في مسار الحلّ من غزّة إلى واشنطن

عودة الموفد الفرنسي جان إيف لودريان وإن كانت في شكلها لا تحمل أيّ مبادرة...

لودريان “دبلوماسيّ بلا قفازات”… ينفعل و”يَزعَل”

لكلّ حقبة سياسية مُعضلات وإشكاليات، تجذب معها وساطات ووفود خارجية، في مغامرة أشبه ببحث...

متى سيبدأ الدولار بالهبوط… 50 ألفاً أو أقلّ؟

قبل انتهاء ولاية رياض سلامة في حاكمية مصرف لبنان، كان التوقّع العامّ السائد بين...

“تعديل” الـ1701 ومنطقة عازلة: التفاوض مع “الحزب” بنبرة نارية

يتنقّل لبنان في السجالات بين الملفات، من دون حسم أي منها. وقد أصبحت هذه...

دعم قوي من “الخماسية” لمهمّة لودريان… وقلقٌ أمميّ على لبنان

في ظل استمرار الهدوء الحذر الذي يخيم على المناطق الجنوبية، طالما أن الهدنة الممددة...

حراك دولي جدّي لكسر جليد الرئاسة وإطفاء جمر الحدود

على عادتهم، يبرع اللبنانيون في ضرب بعضهم البعض من تحت الحزام، بناء على حسابات...