الرئيسيةمقالات سياسية"السيّد" آخر من يَعلَم؟

“السيّد” آخر من يَعلَم؟

Published on

spot_img

أربعة أيام فقط فصلت بين الإعلان الإيراني-السعودي برعاية بكين حول إعادة العلاقة الدبلوماسية بين البلدَين وفتح سفارتَيهما ودعوة الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله في السادس من آذار إلى “عدم انتظار تسوية إيرانية-أميركية قد تأتي بعد 100 عام، وتسوية إيرانية- سعودية قد تطول كثيراً”.

التنمّر على السيّد

سريعاً تحرّك خصوم الحزب ليعلنوها حرب تنمّر: “السيّد آخر من يعلم”. فعليّاً قدّم خطاب 6 آذار في ذكرى تكريم جرحى وأسرى حزب الله “حاضنة” لِما يُرجّح أن تكون قيادة المقاومة في صدد الاستعداد له: احتمال نقل الرياض وطهران ستاتيكو المنطقة والعالم من مقلب إلى آخر في تمهيدٍ لخلطٍ كبيرٍ لأوراق الأزمات التي لا تزال “تعلّ” على الساحة العربية والدولية، وعلى رأسها ملف اليمن والملف النووي.

يصعب التسليم بأنّ الصدفة السياسية وحدها هي التي دفعت نصرالله قبل أيام قليلة من الإعلان الإيراني- السعودي إلى حسم مسألة دعم حزب الله لسليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية

بتأكيد كثيرين بدا خطاب نصرالله في تلك المناسبة مفصليّاً ربطاً بالمعطيات الآتية:

1- تأكيد نصرالله المُتكرّر بعد ستّة أشهر من الفراغ الرئاسي على عدم انتظار إملاءات من أيّ جهة خارجية في ملف رئاسة الجمهورية قائلاً: “لا أحد في الإقليم ولا في العالم ‏يتدخّل معنا، ولا فيتو خارجياً على أحد. ‏قرارنا بالكامل بأيدينا. ولا ننتظر تغييرات إقليمية أو تسويات”. وفيما سلّم بأنّ “من ينتظر تسوية إيرانية سعودية ‏سينتظر طويلاً”، أكّد أنّ “المشكل ليس في العلاقات الثنائية. فحين اجتمعوا في بغداد حلّوها في أول ‏وثاني جلسة. المشكل له علاقة بالوضع الإقليمي، ووضع اليمن. واليمن حلّه ليس عند إيران، ولا في لبنان ولا عند حزب ‏الله بل ‏عند القيادة اليمنية”. ومع ذلك عاد نصرالله وسلّم في خطاب 10 آذار بأنّ “التطوّر المهمّ” بين السعودية وإيران “يُساعد” في حلّ أزمات المنطقة.

2- يصعب التسليم بأنّ الصدفة السياسية وحدها هي التي دفعت نصرالله قبل أيام قليلة من الإعلان الإيراني- السعودي إلى حسم مسألة دعم حزب الله لسليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية بعد أشهر من التسلّح بالورقة البيضاء و”على كعب” تبنّي الرئيس نبيه برّي، عبر صفحات جريدة “الأخبار”، ترشيح فرنجية للرئاسة، قائلاً: “عندما نخرج من الورقة البيضاء نذهب نحو الالتزام بالاسم بشكل جدّي وقاطع، ولا أسماء لدينا للمناورة والحرق والمقايضة”.

3- تكريس نصرالله سلسلة سوابق في لهجة التعاطي مع حليف مار مخايل. فللمرّة الأولى منذ إعلان التفاهم يتحدّث الأمين العام للحزب عن “ضغوط من كوادر التيار الوطني الحر” دفعتنا إلى إعلان دعم ميشال عون للرئاسة الذي كان، بتأكيد نصرالله، “مرشّح تياره وكتلته النيابية ‏وناسه. ومنذ تلك اللحظة أخذوا على الرجل (عون) أنّه مرشّح حزب الله. بالنسبة لنا كان عون مرشّحاً طبيعياً تماماً كما فرنجية اليوم، ولذلك لا داعي للتخوين”.

وللمرّة الأولى يُسمّي نصرالله النائب باسيل مواربة بـ “المُعطّل” حين أشار إلى وضع الأخير فيتو مسبق على فرنجية من ضمن أسماء عدّة أردنا النقاش حولها، و”هذا أمر يعطّل الحوار”، ملمّحاً إلى أنّ “باسيل رفض حتى فكرة إدراج فرنجية ضمن لائحة الأسماء المقترحة للنقاش”. وللمرّة الأولى أيضاً جزم نصرالله: “لا يوجد شيء في تفاهم (مار مخايل) اسمه ‏الاتفاق سوياً على رئيس الجمهورية ورئيس المجلس ورئيس الحكومة. يعني ما لازم نحمّل كل شيء على التفاهم. دعمنا لميشال عون في الانتخابات ‏الماضية لم يكن من لوازم التفاهم بل لأنّ المواصفات كانت مطابقة للواقع القائم آنذاك”.

في خطابه الأخير رَسم نصرالله مساراً في تصويت النواب للرئيس المقبل قد “يَركَب” مع أيّ تسوية محتملة مقبلة

للمرّة الأولى أيضاً وأيضاً يُلمّح نصرالله إلى وجود مآخذ من حزب الله على التيّار الوطني الحرّ (وليس العكس في موضوع بناء الدولة ومكافحة الفساد) قائلاً: “نحن عندنا كلام طويل عريض و‏رؤية وملاحظات وتقييم لأدائنا ولأدائكم. أنا لست ‏حاضراً أن أتحدّث الآن ولا لاحقاً، ولا أعرف إذا يأتي يوم، طالما حريصين على العلاقة، لأنه عندما نفتح ‏هذا الموضوع بالإعلام سنفتح الباب لكل المصطادين بالماء العكر، والداعين لأن تنتهي هذه العلاقة. وقد يأتي يوم، إذا كنّا مضطرّين، سنقول ببناء الدولة ماذا فعلنا وماذا فعلتم”.

4- في خطابه الأخير رَسم نصرالله مساراً في تصويت النواب للرئيس المقبل قد “يَركَب” مع أيّ تسوية محتملة مقبلة. وهو مسار لا يأخذ على ما يبدو بالمُعطى الميثاقي الذي يتمسّك به باسيل تماماً كما أداء حزب الله في مسألة اجتماعات الحكومة. فصحيح أنّ نصرالله أصرّ على التمسّك بنصاب الثلثين في الدورة الأولى ‏والثانية لانتخاب رئيس الجمهورية إلا أنّه وضع خارطة طريق لتأمين هذا النصاب و”عندها فلينتخب كل فريق مرشّحه”، ملمّحاً إلى أنّ فرنجية قادر على تأمين أكثرية النصف زائداً واحداً من دون أيّ اعتبار لرأي الكتل المسيحية الوازنة.

حلّ نصر الله من مرحلتين

5- اعترف نصرالله بتعطيل حزب الله لنصاب الجلسات قبل انتخاب عون رئيساً، مذكِّراً بأنّ “فرنجية كان معنا آنذاك”، وتناسى أنّ فريقه أعاد الكرّة خلال 11 جلسة في الأشهر الماضية قبل أن يتوقّف برّي عن الدعوة لجلسات. سلّم نصرالله بأنّ هذا الخيار “حق طبيعي وقانوني ودستوري” تماماً كما خيار فريق المعارضة الذين يلوّحون بتعطيل النصاب. أمام هذا المأزق قدّم نصرالله حلّاً من مرحلتين: يذهب كلّ فريق مع مرشّحه و”إذا تأمّن النصاب ننتخب، وإلا عودة إلى الدعوة للحوار”.

وجد كثر في أجندة نصرالله “الرئاسية” مزيداً من تقطيع الوقت بانتظار هبوب رياح إقليمية مهّدت لها التقلّبات “المناخية” على خط الرياض-طهران، لا سيما أنّ نصرالله نفسه عاد وسلّم في خطابه الأخير في 10 آذار “إذا تعاونوا وانفتحوا (الرياض وطهران) على بعضهما فهذا يساعد في لبنان واليمن وسوريا والمنطقة، وثقتنا مطلقة بأنّ هذا لا يكون على حسابنا، وحساب اليمن وسوريا. وهو تطوّر مُهمّ إذا سار في مساره الطبيعي”. هذا في وقت وصف الرئيس بري الاتفاق بـ”التاريخي الاستراتيجي” مع دعوة الداخل “انطلاقاً من وجوب القراءة الإيجابية لمشهد التقارب العربي الإيراني إلى وجوب المبادرة سريعاً لحلّ القضايا الخلافية”.

يجزم قريبون من حزب الله أنّ “الأخير دشّن رسمياً معركة فرنجية مع أو من دون اتفاق سعودي-إيراني لعلمه أنّ ترجمات هذا التقارب قد تأخذ وقتاً طويلاً لا يملك لبنان ترف انتظاره بعدما قاربت الأمور حدّ الانفجار الكامل”. ويسلّم هؤلاء أنّه “حين نقول تسوية في ظل تطوّر استراتيجي نوعي كالذي حدث في بكين يكون اقتراب سليمان فرنجية من قصر بعبدا قد أصبح مسألة وقت لا أكثر”.

أحدث المقالات

جنوب الحرب وشمال النازحين والدرّاجات.. تلغي”الدولة الوطنيّة”؟

كان المشهد في لبنان يوم الجمعة الماضي معبّراً جدّاً عن صورة البلد وإشكاليّاته، أو...

كيف سينعكس غياب رئيسي وعبد اللهيان على لبنان؟

بدأت التساؤلات تتوالى بعد مقتل الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ووزير خارجيته حسين عبد الأمير...

سباق التفاوض الإقليمي: “الثنائي الشيعي” للفوز بلبنان والرئاسة؟

أحداث من التاريخ يمكنها أن تتشابه أو أن تتكرر، وإن بسياقات وظروف مختلفة. أواخر...

الزيارة الأولى منذ اتفاق الدوحة… ما وصيّة جنبلاط من قطر؟

للمرة الأولى له منذ أيار 2008، يوم استضافت قطر القادة اللبنانيين وإعلان اتفاق الدوحة،...

المزيد من هذه الأخبار

قطر من “استوكهولم”: سلام شامل أو حرب أوسع..

تاريخ طويل من التفاوض الدبلوماسي بين القوى المحلّية والعالمية أعطى قطر القدرة على المراوغة...

هل تُطرَد غادة عون من القضاء؟

مع تحديد موعد لمثول النائبة العامّة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون أمس...

سياسيّو لبنان: “الأطفال الذين يلعبون بالرمل”؟

يرسم بعض المهتمّين الأجانب بأزمات لبنان صورة غير متفائلة جرّاء استمرار ربط الحلول فيه...

“الخُماسية” تُطلق مساراً رئاسياً حتى تموز: مشاورات أو عقوبات

ما تضمّنه بيان اللجنة الخماسية بعد اجتماعها أول من أمس في السفارة الأميركية، أحدث...

مهلة حزيران للحــزب: الرئاسة… أو نتنياهو

تعدّدت المهل التي أُعطيت لإنجاز الاستحقاق الرئاسي من دون أن تَصدُق أيّ منها. إلا...

“اليوم التالي” في غــزة ولبنان: الحرب اقتراح إسرائيل الوحيد

على دوي الحرب وهديرها، تتعدد مسارات البحث عن ما يسمى بـ”اليوم التالي” لغزة، وهو...

ماذا فعل “حــزب الله” في ملف النزوح؟

في 2 تشرين الأول 2023 تناول الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله ملف...

“الخماسية” في عوكر: “صيانة” دوريّة للحلّ

انعقد أمس الاجتماع الخامس للّجنة الخماسية المُمثّلة لواشنطن وباريس والدوحة والرياض ومصر في مقرّ...

صمود الحزب وحماس و”انتصارهما”: معركة نهاية الحروب في المنطقة؟

قاعدة “الحرب سجال” و”الأيام دول”، هي التي يعتمدها حزب الله وحركة حماس في المواجهة...

إنتقاد “المجتمع الدولي”… لتغييب إيران عنه؟

قد يكون انتقاد المجتمع الدولي والحملة على مواقفه، سواء في ما يخصّ عبء النازحين...

تعقيدات المفاوضات الحدودية: الطلعات والإعمار والتنقيب

لا كلام جدياً في الرئاسة. يستعيد سفراء اللجنة الخماسية حراكهم من خلال اجتماع تستضيفه...

الجيش بين باسيل و السيّد!

استبق الأمين العامّ للحزب السيّد حسن نصرالله جلسة التوصيات النيابية اليوم في شأن هبة...

نصرالله “المنتصر”: وصيّ على مستقبل لبنان وسوريا ولاجئيها

يستعجل حزب الله إعلان انتصاراته. لا يريد لها أن تقتصر على لبنان فقط، بل...

وثيقة بكركي: إيجابية بو نجم لا تُبدّد الصعاب

ستعلن بكركي وثيقتها التي حملت عنوان «المسيحيون في لبنان إلى أين؟» في غضون أسبوع...

عين الخارج على هويّة الرئيس قبل الحدود

كلٌّ عالق في مأزقه الخاصّ. جو بايدن عالق في استحقاقه الرئاسي. بنيامين نتنياهو عالق...