الرئيسيةمقالات سياسيةالرهان على “قوة قاهرة”: مسار الجنوب من مصير رفح؟

الرهان على “قوة قاهرة”: مسار الجنوب من مصير رفح؟

Published on

spot_img

مسار الحرب على غزة، كما مصير المواجهة المفتوحة على الجبهة الجنوبية للبنان، كلاهما يرتبطان بما ستؤول إليه المعركة الإسرائيلية المرتقبة على مدينة رفح. هناك رهانات لبنانية كبيرة على إمكانية الوصول إلى صيغة تمنع الإسرائيليين من خوض معركة رفح. بل هناك من يراهن على الأميركيين وقدرتهم على منع الإسرائيليين من خوض هذه المعركة، لأن استمرارها قد يؤدي إلى تحقيق انكسار عسكري وشعبي في قطاع غزة لحركة حماس. كما أن عملية رفح ستشكل ضربة كبرى لكل الدول العربية، لأنها تطال المدينة التي تحتضن أكبر قدر من السكان الفلسطينيين الذين لجأوا إليها. وبالتالي، فتح المعركة يعني فتح مسار جديد لتهجيرهم، سواءً إلى مخيمات داخل القطاع لجهة الغرب، أو إلى سيناء من خلال تجديد الضغط العسكري والشعبي والسياسي على مصر.

من رفح إلى الغازية
لا يمتلك أي من العرب أو اللبنانيين إلا الرهان على قدرة قاهرة تمنع الإسرائيليين من شن العملية العسكرية في رفح، تأتي انطلاقاً من ممارسة الكثير من الضغوط الدولية ووقف “الجسر الجوي” العسكري من أميركا إلى إسرائيل. أما في حال حصلت المعركة وأصر الإسرائيليون على استكمالها فإن ذلك سيقود إلى رفع معنويات بنيامين نتنياهو، الذي قد يوسع نطاق عملياته في لبنان.
يستبق الإسرائيليون أي تطورات من هذا النوع برفع منسوب تهديداتهم، وبتوسيع نطاق عملياتهم العسكرية أو الأمنية، وصولاً إلى الاعتداء على الغازية، والذي يعتبر مجدداً محاولة إسرائيل لخرق كل القواعد والمحرمات، والقول إنه لا وجود لمنطقة آمنة في لبنان.
يفرض التصعيد الإسرائيلي وجوب ردّ عنيف من قبل حزب الله يستعيد من خلاله توازن الردع. على أن يكون الردّ غير مستدرج لحرب واسعة. ولكن هناك معادلة أساسية لا بد من التوقف عندها مع الإصرار الإسرائيلي على التصعيد والاستفزاز. وقوام هذه المعادلة أن حزب الله بنى كل سرديته على مسألة توازن الردع ومنع اسرائيل من تنفيذ عمليات في العمق اللبناني. كما أن عدم الرغبة في الحرب يكون هدفها حماية المناطق الآمنة، وهو ما لا يحصل، في ظل العمليات الإسرائيلية الآخذة بالتوسع. وهو ما سيفرض على الحزب وجهة أخرى. لأنه في حال عدم القيام برد متوازن ستكون اسرائيل قد نجحت في فرض معادلتها وقواعدها.

الرد المتوازن
هنا لا بد من التوقف عند كلمة أساسية قالها أمين عام حزب الله، السيد حسن نصرالله، في خطابه الأخير، حين أكد أن الإسرائيليين لا يجرؤون على تنفيذ أي استهداف متعمد للمدنيين أو لمنشآت مدنية. قال نصرالله ذلك في معرض ردّه على كل من يهدد بالحرب أو يخوف اللبنانيين منها. لتأتي ضربة الغازية بمثابة ردّ اسرائيلي مباشر على كلام نصرالله. فصحيح أن الإسرائيليين أعلنوا أنهم استهدفوا منشآت عسكرية للحزب في الغازية، الأمر الذي تم نفيه من قبل حزب الله ومن قبل أصحاب المصانع التي استهدفت، ما يعني أن الرواية اللبنانية تقود إلى معادلة اسرائيل باستهداف المنشآت المدنية لا العسكرية. وهذا أيضاً ما يفرض على الحزب رداً متوازناً، تماماً كما كان نصرالله قد تعهد بالرد على الاعتداء الإسرائيلي في النبطية وفي الصوانة، وأن اسرائيل ستدفع الثمن دماً.
يعمل الإسرائيلي وفق توقيت آخر يختلف عن مسارات الوسطاء. فلا أحد يدّعي منهم قدرته على معرفة ما سيقوم به الإسرائيليون. وهذا ما يدفع بكل القوى العاملة على خط تبريد الجبهة في الجنوب لتفعيل تحركهم واجتراح الصيغ والحلول، خصوصاً أن هناك رهاناً على القدرة للوصول إلى وقف لإطلاق النار أو هدنة إنسانية في غزة مع بداية شهر رمضان.
لذلك، يمكن للإسرائيلي أن يبدأ في معركة رفح ولكن من دون استكمالها، فيستخدم بداية معركته في سياق الضغط، للذهاب نحو تفاوض سياسي يفرض حلاً قبل رمضان. أما بحال لم يستجب الإسرائيليون لكل الضغوط، فيمكن لرمضان أن يشكل فرصة لهدنة تعود بعدها المعارك. وعليه، فإن الجبهة اللبنانية ستكون مستمرة في الاشتعال.

أحدث المقالات

جنوب الحرب وشمال النازحين والدرّاجات.. تلغي”الدولة الوطنيّة”؟

كان المشهد في لبنان يوم الجمعة الماضي معبّراً جدّاً عن صورة البلد وإشكاليّاته، أو...

كيف سينعكس غياب رئيسي وعبد اللهيان على لبنان؟

بدأت التساؤلات تتوالى بعد مقتل الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ووزير خارجيته حسين عبد الأمير...

سباق التفاوض الإقليمي: “الثنائي الشيعي” للفوز بلبنان والرئاسة؟

أحداث من التاريخ يمكنها أن تتشابه أو أن تتكرر، وإن بسياقات وظروف مختلفة. أواخر...

الزيارة الأولى منذ اتفاق الدوحة… ما وصيّة جنبلاط من قطر؟

للمرة الأولى له منذ أيار 2008، يوم استضافت قطر القادة اللبنانيين وإعلان اتفاق الدوحة،...

المزيد من هذه الأخبار

قطر من “استوكهولم”: سلام شامل أو حرب أوسع..

تاريخ طويل من التفاوض الدبلوماسي بين القوى المحلّية والعالمية أعطى قطر القدرة على المراوغة...

هل تُطرَد غادة عون من القضاء؟

مع تحديد موعد لمثول النائبة العامّة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون أمس...

سياسيّو لبنان: “الأطفال الذين يلعبون بالرمل”؟

يرسم بعض المهتمّين الأجانب بأزمات لبنان صورة غير متفائلة جرّاء استمرار ربط الحلول فيه...

“الخُماسية” تُطلق مساراً رئاسياً حتى تموز: مشاورات أو عقوبات

ما تضمّنه بيان اللجنة الخماسية بعد اجتماعها أول من أمس في السفارة الأميركية، أحدث...

مهلة حزيران للحــزب: الرئاسة… أو نتنياهو

تعدّدت المهل التي أُعطيت لإنجاز الاستحقاق الرئاسي من دون أن تَصدُق أيّ منها. إلا...

“اليوم التالي” في غــزة ولبنان: الحرب اقتراح إسرائيل الوحيد

على دوي الحرب وهديرها، تتعدد مسارات البحث عن ما يسمى بـ”اليوم التالي” لغزة، وهو...

ماذا فعل “حــزب الله” في ملف النزوح؟

في 2 تشرين الأول 2023 تناول الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله ملف...

“الخماسية” في عوكر: “صيانة” دوريّة للحلّ

انعقد أمس الاجتماع الخامس للّجنة الخماسية المُمثّلة لواشنطن وباريس والدوحة والرياض ومصر في مقرّ...

صمود الحزب وحماس و”انتصارهما”: معركة نهاية الحروب في المنطقة؟

قاعدة “الحرب سجال” و”الأيام دول”، هي التي يعتمدها حزب الله وحركة حماس في المواجهة...

إنتقاد “المجتمع الدولي”… لتغييب إيران عنه؟

قد يكون انتقاد المجتمع الدولي والحملة على مواقفه، سواء في ما يخصّ عبء النازحين...

تعقيدات المفاوضات الحدودية: الطلعات والإعمار والتنقيب

لا كلام جدياً في الرئاسة. يستعيد سفراء اللجنة الخماسية حراكهم من خلال اجتماع تستضيفه...

الجيش بين باسيل و السيّد!

استبق الأمين العامّ للحزب السيّد حسن نصرالله جلسة التوصيات النيابية اليوم في شأن هبة...

نصرالله “المنتصر”: وصيّ على مستقبل لبنان وسوريا ولاجئيها

يستعجل حزب الله إعلان انتصاراته. لا يريد لها أن تقتصر على لبنان فقط، بل...

وثيقة بكركي: إيجابية بو نجم لا تُبدّد الصعاب

ستعلن بكركي وثيقتها التي حملت عنوان «المسيحيون في لبنان إلى أين؟» في غضون أسبوع...

عين الخارج على هويّة الرئيس قبل الحدود

كلٌّ عالق في مأزقه الخاصّ. جو بايدن عالق في استحقاقه الرئاسي. بنيامين نتنياهو عالق...