الرئيسيةمقالات سياسيةالرئاسة على خط واشنطن – طهران: “فيتوات” و”تسهيلات”

الرئاسة على خط واشنطن – طهران: “فيتوات” و”تسهيلات”

Published on

spot_img

يربط كثيرون الإفراج عن الانتخابات الرئاسية بالاتفاق النووي بين واشنطن وطهران أو الاتفاق الإقليمي بين السعودية وإيران. إلّا أنّ هؤلاء سينتظرون طويلاً ويدفعون إلى شغور رئاسي طويل الأمد، إذ إنّ توقيع أي من هذين الاتفاقين لن يحصل في المدى المنظور.

بالمعطيات العملية، أعلن مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان، الأحد الفائت، أنّ بلاده ليست على مقربة من أي اتفاق في ما يتعلّق بالبرنامج النووي الإيراني. وكانت وزارة الخارجية الأميركية، نفت خلال الشهر المنصرم، التوصل إلى اتفاق نووي موقت مع إيران. وقال متحدث باسم مجلس الأمن القومي التابع للبيت الأبيض، إنّ «سياستنا تجاه إيران لا تزال تركّز على كبح سلوكها المزعزع للاستقرار من خلال الضغط الديبلوماسي والتنسيق الوثيق مع حلفائنا وخفض التصعيد في المنطقة». وكانت طهران رفضت مسودة شبه نهائية قدّمها الوسيط الأوروبي.

هذا يحيل إلى ارتباط الاتفاق النووي بالاتفاق الإقليمي بين الرياض وطهران حول علاقة إيران بالجوار، أي إلى حلّ قضية الميليشيات التابعة في أكثر من دولة عربية. فحتى الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما الذي وقّع الاتفاق النووي مع إيران قبل أن ينسحب منه خلفه دونالد ترامب، أعلن آنذاك أنّ هذا الاتفاق منقوص، ويجب أن يتضمّن بندين إضافةً إلى «النووي»: الصواريخ الباليستية التي تطوّرها إيران، وعلاقة إيران بدول الجوار. وهذا ما يسعى إليه الآن الرئيس جو بايدن. لذلك أحيل سابقاً بند «الميليشيات التابعة» لإيران أو علاقتها بدول الجوار إلى الحوار السعودي – الإيراني. فالأميركيون يعتبرون أنّ مشكلة إيران في المنطقة لا تُحلّ إلّا بحلّ قضية الميليشيات المتحالفة معها وعلاقتها عامةً بدول الجوار، بحسب ما يشرح السفير الأسبق في واشنطن الدكتور رياض طباره.

لكن الاتفاق النووي ليس مرتبطاً بشكل فعّال برئاسة الجمهورية اللبنانية. ويكمن التأثير على هذا المستوى على لبنان، بنجاح الاتفاق الإقليمي، أي بإيجاد حلّ لـ»الميليشيات» ومن بينها «حزب الله». لكن هذا الاتفاق لم يُنجز وهو لا يزال في بداية الطريق. فاتفاق بكين بين طهران والرياض محدود ولا تأثير كبيراً له أبعد من استئناف العلاقات بين البلدين، فحتى التركيز على اليمن لم يُثمر بعد، ولم يصل الطرفان إلى اتفاق على دور إيران في المنطقة.

أمّا على المستوى اللبناني، فيتركّز الاهتمام الأميركي على منع الانهيار التام الذي يجرّ إلى حرب مع اسرائيل ما يعرقل سياسة واشنطن في المنطقة المتركّزة على التقريب بين اسرائيل والعرب والمترجمة بالاتفاقات الثنائية بين دول عربية واسرائيل… فيما رئاسة الجمهورية اللبنانية لا تؤثر لا على السياسة الأميركية ولا على «الاتفاق النووي» ولا حتى على الاتفاق الإقليمي. وبالتالي إنّ الأميركيين مهتمون إلى حدٍّ ما بالاستحقاق الرئاسي لكنهم أوكلوا هذه المهمة إلى الفرنسيين. ولذا، لم تتغيّر المعادلة على هذا المستوى، بحسب طباره، غير أنّ الفرنسيين يعملون الآن باندفاع أقوى وليس بمبادرة فردية بل جماعية تشمل الدول الخمس (مصر، قطر، السعودية، فرنسا، الولايات المتحدة) إضافةً إلى إيران بطريقة غير مباشرة. هذه المرّة، «الهجوم» الخارجي لمحاولة كسر الجدار اللبناني، أقوى من السابق، أمّا هل ينجح أو يفشل ومتى ينجح؟ فأحد لا يمكنه أن «يتنبّأ» أو يتوقّع نظراً إلى استعصاء الاتفاق الداخلي حتى الآن أو التجاوب مع الإصلاحات المطلوبة منذ سنوات.

أمّا واشنطن فبات معروفاً لدى جهات عدة أنّها تفضّل وصول قائد الجيش إلى رئاسة الجمهورية، نظراً إلى تعاونها المثمر معه، لكنّها لا تدفع إلى ذلك ولا تتدخّل مباشرةً في الاستحقاق الرئاسي. ولا يزال العماد جوزاف عون صاحب الحظ الأوفر في الرئاسة، انطلاقاً من أنّ أي اتفاق داخلي لكي يحصل يتطلّب إيجاد المرشح القادر على أن يتسلّم رئاسة الجمهورية ولا اعتراض عليه من القوى الأساسية، وأن لا يكون أي طرف «مستقتل ضدّو».

وعلى رغم أنّ «الثنائي الشيعي» يريد إيصال رئيس تيار «المرده» سليمان فرنجية إلى سدّة الرئاسة الأولى، غير أنّه لا مشكلة لديه مع قائد الجيش. فـ»الحزب» يتعايش مع الجيش في الجنوب منذ سنوات، ولا «ضربة كف» بين الجهتين. وعلى رغم تمسّك «الثنائي» بفرنجية الآن، إلّا أنّه في النهاية سيصل مع الآخرين إلى رئيس «لا يطعنه في الظهر».

أمّا واشنطن فـ»مرتاحة» وليست «مشغولة البال» لا على الرئاسة ولا حتى على منصبي حاكم مصرف لبنان وقائد الجيش. الأميركيون يدركون أنّ اللبنانيين يعلمون أنّه ليس بإمكانهم تعيين أحد في هذين الموقعين معادٍ للسياسة الأميركية. فواشنطن الداعم الأوّل للجيش عسكرياً ومالياً وهي من تدعم رواتب عديد الجيش بكامله الآن. وعلى المستوى المالي، يمكن للولايات المتحدة أن تخرج لبنان من النظام المالي العالمي خلال 24 ساعة بقرار إخراجه من دائرة «الدولار». لذلك تؤكد مصادر مطّلعة أنّ نواب حاكم المركزي أو النائب الأول أقلّه «درسوا» أخيراً في المدرسة الأميركية خصوصاً في ما يتّصل بمحاربة تبييض الأموال.

وبالتالي لا تزال السياسة الأميركية نفسها في لبنان، ولا عودة إلى معادلة «مخايل الضاهر أو الفوضى» ولا تحديد لإسم لا للرئاسة ولا للحاكمية. بل تعتمد واشنطن في لبنان سياسة «الفيتو» وتُعلم المسؤولين بهذا «الفيتو» الذي لا يكون إلّا على شخص أو اثنين، ولا ضغط للإتيان بـ»فلان» أو «علتان»، فالمطلوب أميركياً معروف خصوصاً في حاكمية مصرف لبنان وقيادة الجيش بمعزل عمّن يتولّى أي من المنصبين، و»السلاح» في يد الأميركي إذا شذّ لبنان عن السياسات المطلوبة.

أحدث المقالات

جنوب الحرب وشمال النازحين والدرّاجات.. تلغي”الدولة الوطنيّة”؟

كان المشهد في لبنان يوم الجمعة الماضي معبّراً جدّاً عن صورة البلد وإشكاليّاته، أو...

كيف سينعكس غياب رئيسي وعبد اللهيان على لبنان؟

بدأت التساؤلات تتوالى بعد مقتل الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ووزير خارجيته حسين عبد الأمير...

سباق التفاوض الإقليمي: “الثنائي الشيعي” للفوز بلبنان والرئاسة؟

أحداث من التاريخ يمكنها أن تتشابه أو أن تتكرر، وإن بسياقات وظروف مختلفة. أواخر...

الزيارة الأولى منذ اتفاق الدوحة… ما وصيّة جنبلاط من قطر؟

للمرة الأولى له منذ أيار 2008، يوم استضافت قطر القادة اللبنانيين وإعلان اتفاق الدوحة،...

المزيد من هذه الأخبار

قطر من “استوكهولم”: سلام شامل أو حرب أوسع..

تاريخ طويل من التفاوض الدبلوماسي بين القوى المحلّية والعالمية أعطى قطر القدرة على المراوغة...

هل تُطرَد غادة عون من القضاء؟

مع تحديد موعد لمثول النائبة العامّة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون أمس...

سياسيّو لبنان: “الأطفال الذين يلعبون بالرمل”؟

يرسم بعض المهتمّين الأجانب بأزمات لبنان صورة غير متفائلة جرّاء استمرار ربط الحلول فيه...

“الخُماسية” تُطلق مساراً رئاسياً حتى تموز: مشاورات أو عقوبات

ما تضمّنه بيان اللجنة الخماسية بعد اجتماعها أول من أمس في السفارة الأميركية، أحدث...

مهلة حزيران للحــزب: الرئاسة… أو نتنياهو

تعدّدت المهل التي أُعطيت لإنجاز الاستحقاق الرئاسي من دون أن تَصدُق أيّ منها. إلا...

“اليوم التالي” في غــزة ولبنان: الحرب اقتراح إسرائيل الوحيد

على دوي الحرب وهديرها، تتعدد مسارات البحث عن ما يسمى بـ”اليوم التالي” لغزة، وهو...

ماذا فعل “حــزب الله” في ملف النزوح؟

في 2 تشرين الأول 2023 تناول الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله ملف...

“الخماسية” في عوكر: “صيانة” دوريّة للحلّ

انعقد أمس الاجتماع الخامس للّجنة الخماسية المُمثّلة لواشنطن وباريس والدوحة والرياض ومصر في مقرّ...

صمود الحزب وحماس و”انتصارهما”: معركة نهاية الحروب في المنطقة؟

قاعدة “الحرب سجال” و”الأيام دول”، هي التي يعتمدها حزب الله وحركة حماس في المواجهة...

إنتقاد “المجتمع الدولي”… لتغييب إيران عنه؟

قد يكون انتقاد المجتمع الدولي والحملة على مواقفه، سواء في ما يخصّ عبء النازحين...

تعقيدات المفاوضات الحدودية: الطلعات والإعمار والتنقيب

لا كلام جدياً في الرئاسة. يستعيد سفراء اللجنة الخماسية حراكهم من خلال اجتماع تستضيفه...

الجيش بين باسيل و السيّد!

استبق الأمين العامّ للحزب السيّد حسن نصرالله جلسة التوصيات النيابية اليوم في شأن هبة...

نصرالله “المنتصر”: وصيّ على مستقبل لبنان وسوريا ولاجئيها

يستعجل حزب الله إعلان انتصاراته. لا يريد لها أن تقتصر على لبنان فقط، بل...

وثيقة بكركي: إيجابية بو نجم لا تُبدّد الصعاب

ستعلن بكركي وثيقتها التي حملت عنوان «المسيحيون في لبنان إلى أين؟» في غضون أسبوع...

عين الخارج على هويّة الرئيس قبل الحدود

كلٌّ عالق في مأزقه الخاصّ. جو بايدن عالق في استحقاقه الرئاسي. بنيامين نتنياهو عالق...