الرئيسيةمقالات سياسيةالخماسية – “الحــزب”: لا رئيس قبل تسوية غــزّة

الخماسية – “الحــزب”: لا رئيس قبل تسوية غــزّة

Published on

spot_img

يُفترض عدم التقليل من أهمية اجتماعات سفراء الدول الخمس بالافرقاء المناوئين لحزب الله. بيد ان المغزى الفعلي لجولاتهم في ما يقدمه لهم او يحجبه. يملك الثنائي الشيعي القفْل والمفتاح معاً: قفْل البرلمان علّقه حزب الله على بابه، والمفتاح عند الرئيس نبيه برّي. غالب الظن عند الثنائي ان لا تفتح الابواب الا لاستقبال سليمان فرنجية رئيساً.

اجتمع سفراء الدول الخمس بمعظم الافرقاء المعنيين بانتخاب الرئيس، ترشيحاً او اقتراعاً، وسمعوا منهم مجدداً ما كانوا سمعوه تكراراً، فرادى ومجتمعين. كما بعد كل اجتماع، سابقاً وفي اليومين المنصرمين، يمدّون استنتاجاتهم بجرعات من التفاؤل، لاحظوا بعض الايجابيات، وفق السفير المصري علاء موسى، من طراز وجود «مشتركات» بين الافرقاء. في الواقع اضحى انتخاب الرئيس أبعد مما كان. في الاهتمامات المعلنة والتصريحات اليومية لثلاثة اطراف هم الاكثر التصاقاً بالاستحقاق والأكثر تأثيراً في حصوله او في تعطيله، كالثنائي الشيعي والتيار الوطني الحر وحزب القوات اللبنانية، انهم يغرّدون في أسراب متباعدة: الاول ينتظر ما بعد حرب غزة، والاخيران يتسابقان على مواجهة النزوح السوري وتداعياته السلبية. هم الافرقاء الثلاثة الممسكون بفيتو نصاب جلسة الانتخاب عددياً وميثاقياً مذ الشغور، وهم وحدهم المعنيون بإحداث خرق في مواقفهم للذهاب الى مجلس النواب والتصويت.

اما ما لم يسع سفراء الدول الخمس، قبلاً والآن، الوصول اليه في مهمة مستعصية، فيكمن في بضعة معطيات، منها:
1 – استمرار انقسام الكتل في البرلمان من حول ترشيح رئيس تيار المردة. حزب الله يقول انه فريق وازنٌ له الحق في ان يكون له مرشح. حجته ان على الفريق الآخر الأخذ في الاعتبار رأيه، مقدار اخذه هو في الاعتبار رأي الفريق ذاك. ذلك ما يؤول الى اعتراف الحزب بعدم تمكنه من ايصال مرشحه الى الرئاسة. لكن ايضاً عدم تمكن الفريق الآخر من اخراج فرنجية من السباق الرئاسي او حمل الحزب على التخلي عنه.
بين هذين النقيضين لا يُسمع من اي من السفراء الخمسة اسم محدّد يقترحونه بديلاً من فرنجية، كما من اي ندّ لفرنجية بغية استبعاده. عبارتهم الغامضة: التفكير في مرشح ثالث ليس الا.

2 – تكمن العقبة الكأداء المستمرة منذ آذار 2023، مذ اعلن رئيس المجلس نبيه برّي ترشيح فرنجية ولاقاه بعد ايام الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، في اصرارهما على ترشيح رئيس تيار المردة وطلب اجراء حوار من حول ترشيحه، توصلاً الى تقديم الضمانات الكفيلة باقناع المتحفظين عنه بالقبول به. في حسبان حزب الله يدور الحوار المتوخى من حول هذه النقطة بالذات، لا سواها. هو المنطق نفسه الذي ساقه نصرالله امام رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل قبيل الشغور عام 2022، بتأكيده له ان الفرصة متاحة لوصول فرنجية الى الرئاسة، الموعود بها قبلاً، على انه يضمن شخصياً لباسيل كل ما يطلبه منه. رد فعل باسيل يومذاك معارضته انتخاب فرنجية رغم تأكيد نصرالله ان خلافهما «ليس في السياسة بل في الصراع على السلطة».
للسبب هذا يرفض مناوئو فرنجية في الاحزاب المسيحية الحوار. كلا الفريقين يضع في طريق انتخاب الرئيس شرطه التعجيزي: الاولون الذين لا يتخلون عن فرنجية، والاخيرون المصرّون على اخراجه سلفاً من الترشح.

3 – يُعيد حزب الله، مرة بعد اخرى، التذكير بالمبادرة الفرنسية الاولى السنة المنصرمة – وكان وافق عليها – بربطها انتخاب رئيس يطمئن اليه بتسمية رئيس للحكومة يطمئن اليه خصومه. طُرح آنذاك فرنجية والسفير السابق نواف سلام في تقاسم حصة متكافئة بين طرفيْ الانقسام. في الحجة المساقة للعودة الى المعادلة الفرنسية المطفأة، انها حلّ ممكن لتثبيت موازين قوى داخلية تأخذ في الاعتبار مصالح الافرقاء جميعاً على ان الانقسام الحالي ليس سوى نسخة مجددة عن تحالفيْ 8 و14 آذار.
ليست تلك الحجة الوحيدة المساقة.
منذ ما بعد اتفاق الطائف درجت المعادلة هذه: رئيس الجمهورية في حصة السوريين، ورئيس الحكومة في حصة الغرب والعرب. ذلك ما رافق ثنائية الرئيسين الياس هراوي ورفيق الحريري، وثنائية الرئيسين اميل لحود والحريري. بخروج سوريا من لبنان وانتقال الدور والنفوذ الى حزب الله، ثُبّتت المعادلة نفسها في عهد الرئيس ميشال سليمان وصولاً الى عهد الرئيس ميشال عون: رئيس للجمهورية يوافق عليه حزب الله دونما ان يقف في طريق تسمية رؤساء الحكومات المتعاقبين ذوي المصالح المالية والتجارية العميقة والعلاقات الشخصية عند العرب والغرب. توالياً الرؤساء فؤاد السنيورة وسعد الحريري ونجيب ميقاتي وتمام سلام وصولاً الى حسان دياب الذي اوصله الحزب الى السرايا من غير ان يُحسب عليه.
في حسبان حزب الله، لئن يشعر بأنه اقوى افرقاء الداخل، بيد ان له شركاء دائمين عرباً واميركيين في تكوين السلطة اللبنانية: إما رئيس الجمهورية لنا ورئيس الحكومة لكم، او العكس.

4 – ليس تحرّك الخماسية سوى ادارة الوقت الضائع الى حين أوان تسوية حرب غزة بعدما ادخلت الاستحقاق الرئاسي في مدارها. نُقِل الى حزب الله ما اسرّ به السفير السعودي وليد البخاري امام أكثر من طرف محلي، ان ليس لسفراء الدول الخمس سوى التحرك جولة بعد اخرى قبل التوصل الى وضع تقرير اخير بالحصيلة، يُرفع الى وزراء خارجية دولهم فيجتمعون لبتّ انتخاب الرئيس عند ابرام حلول حرب غزة التي تشمل، في ما تشمل، استقرار الجنوب لكن ايضاً الاستقرار الداخلي اللبناني. عندذاك سيكون الحزب، وحده دون سائر الافرقاء اللبنانيين، جالساً الى طاولة الكبار مباشرة او من خلال ايران، لانجاز تسوية ما بعد حرب غزة.

الموقف نفسه يتحدّث عنه فرنجية امام زواره. يقاسم حزب الله في وجهة نظره بأن عامل الوقت يصبّ في مصلحته ما دامت حرب غزة ستفضي في نهاية المطاف الى اتفاق يكون الحزب في صلبه. عامل الوقت بازاء استمرار الشغور الرئاسي طال اكثر او قصُر ليس في لبّ انشغاله وهو يخوض الشق اللبناني في حرب غزة.

أحدث المقالات

جنوب الحرب وشمال النازحين والدرّاجات.. تلغي”الدولة الوطنيّة”؟

كان المشهد في لبنان يوم الجمعة الماضي معبّراً جدّاً عن صورة البلد وإشكاليّاته، أو...

كيف سينعكس غياب رئيسي وعبد اللهيان على لبنان؟

بدأت التساؤلات تتوالى بعد مقتل الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ووزير خارجيته حسين عبد الأمير...

سباق التفاوض الإقليمي: “الثنائي الشيعي” للفوز بلبنان والرئاسة؟

أحداث من التاريخ يمكنها أن تتشابه أو أن تتكرر، وإن بسياقات وظروف مختلفة. أواخر...

الزيارة الأولى منذ اتفاق الدوحة… ما وصيّة جنبلاط من قطر؟

للمرة الأولى له منذ أيار 2008، يوم استضافت قطر القادة اللبنانيين وإعلان اتفاق الدوحة،...

المزيد من هذه الأخبار

قطر من “استوكهولم”: سلام شامل أو حرب أوسع..

تاريخ طويل من التفاوض الدبلوماسي بين القوى المحلّية والعالمية أعطى قطر القدرة على المراوغة...

هل تُطرَد غادة عون من القضاء؟

مع تحديد موعد لمثول النائبة العامّة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون أمس...

سياسيّو لبنان: “الأطفال الذين يلعبون بالرمل”؟

يرسم بعض المهتمّين الأجانب بأزمات لبنان صورة غير متفائلة جرّاء استمرار ربط الحلول فيه...

“الخُماسية” تُطلق مساراً رئاسياً حتى تموز: مشاورات أو عقوبات

ما تضمّنه بيان اللجنة الخماسية بعد اجتماعها أول من أمس في السفارة الأميركية، أحدث...

مهلة حزيران للحــزب: الرئاسة… أو نتنياهو

تعدّدت المهل التي أُعطيت لإنجاز الاستحقاق الرئاسي من دون أن تَصدُق أيّ منها. إلا...

“اليوم التالي” في غــزة ولبنان: الحرب اقتراح إسرائيل الوحيد

على دوي الحرب وهديرها، تتعدد مسارات البحث عن ما يسمى بـ”اليوم التالي” لغزة، وهو...

ماذا فعل “حــزب الله” في ملف النزوح؟

في 2 تشرين الأول 2023 تناول الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله ملف...

“الخماسية” في عوكر: “صيانة” دوريّة للحلّ

انعقد أمس الاجتماع الخامس للّجنة الخماسية المُمثّلة لواشنطن وباريس والدوحة والرياض ومصر في مقرّ...

صمود الحزب وحماس و”انتصارهما”: معركة نهاية الحروب في المنطقة؟

قاعدة “الحرب سجال” و”الأيام دول”، هي التي يعتمدها حزب الله وحركة حماس في المواجهة...

إنتقاد “المجتمع الدولي”… لتغييب إيران عنه؟

قد يكون انتقاد المجتمع الدولي والحملة على مواقفه، سواء في ما يخصّ عبء النازحين...

تعقيدات المفاوضات الحدودية: الطلعات والإعمار والتنقيب

لا كلام جدياً في الرئاسة. يستعيد سفراء اللجنة الخماسية حراكهم من خلال اجتماع تستضيفه...

الجيش بين باسيل و السيّد!

استبق الأمين العامّ للحزب السيّد حسن نصرالله جلسة التوصيات النيابية اليوم في شأن هبة...

نصرالله “المنتصر”: وصيّ على مستقبل لبنان وسوريا ولاجئيها

يستعجل حزب الله إعلان انتصاراته. لا يريد لها أن تقتصر على لبنان فقط، بل...

وثيقة بكركي: إيجابية بو نجم لا تُبدّد الصعاب

ستعلن بكركي وثيقتها التي حملت عنوان «المسيحيون في لبنان إلى أين؟» في غضون أسبوع...

عين الخارج على هويّة الرئيس قبل الحدود

كلٌّ عالق في مأزقه الخاصّ. جو بايدن عالق في استحقاقه الرئاسي. بنيامين نتنياهو عالق...