ماذا يحمل المبعوث الفرنسي، جان إيف لودريان، إلى لبنان، خلال زيارته إلى بيروت؟ إنه السؤال الأكثر تداولاً بين المسؤولين والمتابعين.
هل يعود لودريان حاملاً فكرة الحوار مجدداً بعدما أجهضها اجتماع الدوحة؟ وهل يبقى متمسكاً بالمبادرة الفرنسية أم أنها أصبحت مطوية لصالح البحث عن صيغة أخرى؟
هل الزيارة بروتوكولية، لأنها كانت محددة سلفاً، أم انها ستحمل جديداً مبنياً على نتائج اجتماع الدوحة؟
كل هذه الأسئلة تتزاحم وسط تسريبات متعددة، بعضها يعتبر أن لودريان سيرمي الكرة في ملعب اللبنانيين ليتوافقوا فيما بينهم. وبعضها الآخر يرى أن الرجل سيطرح ما جرى التوافق عليه في الدوحة حول ضرورة الوصول إلى تسوية شاملة.
الابتداء مع برّي
قبل وصول لودريان، حطت السفيرة الفرنسية آن غريو في عين التينة، للقاء رئيس مجلس النواب نبيه برّي. للزيارة هدفان، الأول التحضير لزيارة لودريان والبحث في ما ستحمله، خصوصاَ أن المبعوث الفرنسي ينوي بدء جولته من لقاء رئيس مجلس النواب نبيه برّي، والبحث معه في مسألة الحوار الذي رفض لبنانياً وخارجياً. والثاني، أن الزيارة وداعية، لا سيما أن السفيرة غريو ستغادر بيروت آخر الشهر الجاري إلى باريس، لتكون مسؤولة في الخارجية الفرنسية عن ملف الشرق الأوسط وشمال افريقيا.
في موازاة الحركة الفرنسية، تؤكد مصادر متابعة، أن الحراك الدولي حول لبنان مستمر، وأن بعض ما يتم التداول به لا يزال بعيداً من الإعلام، ولم يتسرب. وتضيف المصادر، لا يمكن أن تجتمع خمس دول وتخرج في بيان مشترك، تؤكد عليه وزارات الخارجية في كل دولة، من دون أن يكون هناك اتفاق على أرضية مشتركة. وتضيف المصادر، أن هناك اتفاقاً على مسار معين، لم تظهر ملامحه حتى الآن. ولكن الجميع يترقبه، على قاعدة البحث عن مرشح ثالث يحظى برضى غالبية الأطراف.
الوزير القطري في إيران
لا يمكن أن يكون الحراك الفرنسي وحيداً، سيكون هناك تحركات أخرى، لقوى إقليمية ودولية قادرة على التواصل مع جهات مختلفة ومتعددة، لوضع أسس حول هذا التقارب المطلوب، على قاعدة منع لبنان من الانهيار أكثر وتفادي ضرب الاستقرار. وهو أمر أجمعت عليه الدول الخمس التي اجتمعت في الدوحة. في هذا السياق، برز تطور أساسي يتعلق بزيارة وزير الدولة في وزارة الخارجية القطرية محمد بن عبد العزيز الخليفي إلى إيران. وذلك للبحث في ملفات متعددة، أهمها الدور الذي تقوم به قطر على صعيد إعادة إحياء المفاوضات النووية بين إيران والولايات المتحدة الأميركية. وهو ما أكدت عليه الخارجية الإيرانية فيما بعد، ببيان واضح حول ترحيبها بالدور القطري بهذا المجال. وزير الدولة في الخارجية القطرية هو المسؤول عن الملف اللبناني، وهو الذي زار لبنان من قبل، وترأس الاجتماع الخماسي في الدوحة، فيما زيارته إلى ايران هي الثانية منذ تسلمه منصبه وتوليه الملف اللبناني، وسط معلومات تفيد بأن قطر وحدها هي القادرة على لعب دور إيجابي يحقق نتائج على المستوى السياسي.
في هذا الاطار، تتوقع المصادر المتابعة أن يكون الملف اللبناني قد طرح خلال زيارة الخليفي إلى الدوحة. في المقابل، تقول مصادر ديبلوماسية غربية أن تواصلاً حصل مع الإيرانيين حول الملف اللبناني. وتقول المصادر الديبلوماسية إن نتيجة التواصل كانت إيجابية، وإيران أكدت حرصها على الاستقرار في لبنان والوصول إلى توافق، وأنها جاهزة لتقديم المساعدة اللازمة لإنجاز ذلك. وفي هذا الإطار، تقول المصادر إنها المرة الأولى التي تقدم فيها إيران مثل هذا العهد. إذ كانت في السابق تشير إلى انها توكل الملف إلى حزب الله. وهذا أمر لا يزال ثابتاً، ولكنها تفتح مساراً أمام التواصل مع الحزب والتفاوض معه.
“الحزب” والسعودية
يعني ذلك أن الجميع يبحث عن ضمانات سياسية، تتوفر له من خلال هذه المفاوضات. وهناك من يشير إلى تعويل الحزب على حصول تفاوض مباشر أو غير مباشر بين الحزب والسعودية قد يتولاه وسطاء، للوصول إلى اتفاق.
هذا الاتفاق لا بد ان يكون على سلّة شاملة تشمل انتخاب الرئيس، اختيار رئيس الحكومة، تعيين حاكم للمصرف المركزي، وتعيين قائد للجيش، بالإضافة إلى الاتفاق على وضع خطة اقتصادية تتلاءم مع المقتضيات الدولية. عملياً، سيكون الكلام الجدي مؤجلاً إلى ما بعد زيارة لودريان ونتائجها، وما سيطرحه ويسمعه، فيما لا يمكن إغفال التلويح المستمر من قبل عدد من الدول باتخاذ اجراءات أو فرض عقوبات. وفي هذا الإطار، تبرز المزيد من الضغوط في الولايات المتحدة الأميركية ومن قبل أعضاء في الكونغرس، وجهات لبنانية فاعلة، على الإدارة الأميركية لفرض عقوبات على شخصيات سياسية تتحمل مسؤولية تعطيل الاستحقاق، أو متهمة بتوفير التغطية السياسية لحزب الله وخياراته.
شهر آب هو شهر الغياب عن السمع أميركياً. وبالتالي، فإن طرح العقوبات سيكون مؤجلاً إلى أيلول مع ما سيرافق ذلك من تطورات سياسية على خط التسوية