الرئيسيةمقالات سياسية“الحــزب” يتحاشى الحرب ويمنع تطويقه: حماية السلاح والنظام

“الحــزب” يتحاشى الحرب ويمنع تطويقه: حماية السلاح والنظام

Published on

spot_img

يعود حزب الله إلى العمل على أكثر من خط. وكأنه “عرف مكانته فتدلل”. منذ اندلاع عملية “طوفان الأقصى” وانخراطه في المواجهة مع الإسرائيليين، يمارس الحزب “الدلع” على هوكشتاين. مع تأكيد الموقف الثابت بأنه لا يريد الحرب ولا توسيعها. يعلم الحزب أن الأميركيين يريدون النأي بأنفسهم عن أي تصعيد أو توسيع للمعارك، وأن همومهم رئاسية، كما أن هموم هوكشتاين تسجيل إنجاز جديد في سجله، يتمثل بإرساء الاستقرار في الجنوب وترتيب وضع الحدود البرية بعدما أنجز الحدود البحرية.

الانفتاح على عون
تحت هذه السقوف يلعب حزب الله سياسته بهدوء على الرغم من كل الخسائر التي يتكبدها. الأهم بالنسبة إليه هو ما يقوله صراحة نائب أمينه العام، بالإشارة إلى أن الحزب يدافع عن لبنان ويتكبد الخسائر لتجنب حرب أوسع. هذا الكلام يستحق التوقف عنده كثيراً حالياً وفي المراحل اللاحقة. ولكن قبل أن يحين أوانه، جدد الحزب نشاطه السياسي بالانفتاح من جديد على رئيس الجمهورية ميشال عون.
يأتي هذا الانفتاح بعد استشعار الحزب بمحاولة تطويقه، خصوصاً بعد زيارة هوكشتاين وتعالي الأصوات المسيحية المعترضة عليه وعلى أدائه. لذلك اختار سلوك استعادة العلاقة مع الرابية وكسر أي محاولة من محاولات التطويق. لا ينفصل ذلك عن استعدادات داخل الحزب لإجراء قراءة سياسية شاملة حول كل التطورات. ولا بأس بإجراء مراجعة أو ورش عمل مستقبلية ينتج عنها تقديم رؤية جديدة أو وثيقة سياسية جديدة حول التعاطي مع المرحلة المقبلة، لكن اوانها سيحين بعد وقف المواجهات في الجنوب.

لا للحرب..
حالياً، ينتظر الحزب هدنة غزة، والتي تتعثر. ولكن هناك إصرار أميركي على تحقيقها. بحال تم الاتفاق عليها، فهي حكماً ستنسحب على لبنان، وبعدها تبدأ المفاوضات الجدية لتسوية الوضع في الجنوب، على ما أعلن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، بناء على تنسيق مباشر مع الحزب ومع الأميركيين.
استباقاً لذلك، خرج نعيم قاسم في مقابلته التلفزيونية، وذلك لتأكيد موقف واحد وواضح، أن الحزب لا يريد الحرب، ولا يريد التصعيد. وهو ليس في موقف هجومي، إنما في موقف دفاعي. كان لا بد من إطلاق هذا الموقف بناء على مناشدات دولية كثيرة. فالفرنسيون مثلاً طلبوا قبل فترة أن يخرج أمين عام الحزب، السيد حسن نصرالله، بشخصه للإعلان عن هذا الموقف الذي يتضمن رسالة طمأنة للخارج. لكن نصرالله رفض. فجاءت الرسالة على لسان قاسم، مشيراً إلى أنه بنسبة 90 بالمئة لن يكون هناك حرب، والأهم قوله إن حزب الله لا يريد الهجوم ولا يريد أن يقوم هو بشن الحرب لكنه جاهز لها.

معادلة قديمة جديدة
في موازاة قول الحزب بوضوح إنه لا يريد الحرب، يوجه تحذيرات وتهديدات بأن أي حرب ستكون نتائجها أسوأ من نتائج العام 2006 على الإسرائيليين. فصحيح أن لبنان سيتعرض للدمار ولكن الدمار سيلحق بمدنهم، والتحقيق الذي أجري لإيهود أولمرت في لجنة فينوغراد سيتكرر ما هو أسوأ منه مع نتنياهو. يلعب الحزب هذه الورقة في إطار تجنّب الحرب، مع تمرير رسائل واضحة للقوى الخارجية بأنه لا يريد الانخراط بها ولكنه جاهز لها، مع التشديد الدائم على أنه ينطلق في عملياته من موقع دفاعي وليس من موقع هجومي.
هذا يرسي معادلة قديمة جديدة، بأن كل طرق التسويات الداخلية والخارجية ستقود إليه في النهاية. ولكن بعدما يكون قد سجل أكثر من نقطة، أولها إلغاء أي مفعول من مفاعيل النقاش في سلاحه حالياً، وربطه حصراً باستراتيجية دفاعية. ثانياً، تكريس اهتمام الأميركيين والغرب كله بأن لا يكون هناك سلاح للحزب على مسافة 10 كلم من الحدود وليس أكثر. ما يعني أن النقاش حول السلاح الداخلي ساقط ومؤجل إلى مراحل لاحقة. النتيجة الأساسية التي يريد إظهارها حزب الله لاحقاً، وقد مررها أمينه العام بشكل غير مباشر في خطابه الأخير، حين قال إنه لا يريد توظيف أي نتيجة للحرب في الجنوب على الاستحقاقات الداخلية، وإنه لا يريد تغيير النظام ولا تعديله ولا مكتسبات فيه.. هذه المواقف كلها تشير إلى خلاصة واضحة وهي أن الحزب يريد أن يقول إنه يستخدم السياسة لحماية السلاح. ولذلك يطالب برئيس لا يطعن المقاومة في الظهر، ولا يستخدم السلاح لتحقيق مصالح أو مكتسبات سياسية! طبعاً هذه المعادلة يرفضها المعارضون الذين يعتبرون أن الحزب يفرض قوة سلاحه داخلياً وخارجياً لإجراء مفاوضات ومساومات. في المقابل، هو يرد بأنه لا يريد لا تغيير النظام ولا الذهاب إلى المثالثة، لا بل هو يقدم نفسه حالياً بأنه أحد المتمسكين باتفاق الطائف. وهذا الدور أناطه الحزب بنفسه منذ لحظة 17 تشرين، أي حماية النظام القائم.

أحدث المقالات

جنوب الحرب وشمال النازحين والدرّاجات.. تلغي”الدولة الوطنيّة”؟

كان المشهد في لبنان يوم الجمعة الماضي معبّراً جدّاً عن صورة البلد وإشكاليّاته، أو...

كيف سينعكس غياب رئيسي وعبد اللهيان على لبنان؟

بدأت التساؤلات تتوالى بعد مقتل الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ووزير خارجيته حسين عبد الأمير...

سباق التفاوض الإقليمي: “الثنائي الشيعي” للفوز بلبنان والرئاسة؟

أحداث من التاريخ يمكنها أن تتشابه أو أن تتكرر، وإن بسياقات وظروف مختلفة. أواخر...

الزيارة الأولى منذ اتفاق الدوحة… ما وصيّة جنبلاط من قطر؟

للمرة الأولى له منذ أيار 2008، يوم استضافت قطر القادة اللبنانيين وإعلان اتفاق الدوحة،...

المزيد من هذه الأخبار

قطر من “استوكهولم”: سلام شامل أو حرب أوسع..

تاريخ طويل من التفاوض الدبلوماسي بين القوى المحلّية والعالمية أعطى قطر القدرة على المراوغة...

هل تُطرَد غادة عون من القضاء؟

مع تحديد موعد لمثول النائبة العامّة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون أمس...

سياسيّو لبنان: “الأطفال الذين يلعبون بالرمل”؟

يرسم بعض المهتمّين الأجانب بأزمات لبنان صورة غير متفائلة جرّاء استمرار ربط الحلول فيه...

“الخُماسية” تُطلق مساراً رئاسياً حتى تموز: مشاورات أو عقوبات

ما تضمّنه بيان اللجنة الخماسية بعد اجتماعها أول من أمس في السفارة الأميركية، أحدث...

مهلة حزيران للحــزب: الرئاسة… أو نتنياهو

تعدّدت المهل التي أُعطيت لإنجاز الاستحقاق الرئاسي من دون أن تَصدُق أيّ منها. إلا...

“اليوم التالي” في غــزة ولبنان: الحرب اقتراح إسرائيل الوحيد

على دوي الحرب وهديرها، تتعدد مسارات البحث عن ما يسمى بـ”اليوم التالي” لغزة، وهو...

ماذا فعل “حــزب الله” في ملف النزوح؟

في 2 تشرين الأول 2023 تناول الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله ملف...

“الخماسية” في عوكر: “صيانة” دوريّة للحلّ

انعقد أمس الاجتماع الخامس للّجنة الخماسية المُمثّلة لواشنطن وباريس والدوحة والرياض ومصر في مقرّ...

صمود الحزب وحماس و”انتصارهما”: معركة نهاية الحروب في المنطقة؟

قاعدة “الحرب سجال” و”الأيام دول”، هي التي يعتمدها حزب الله وحركة حماس في المواجهة...

إنتقاد “المجتمع الدولي”… لتغييب إيران عنه؟

قد يكون انتقاد المجتمع الدولي والحملة على مواقفه، سواء في ما يخصّ عبء النازحين...

تعقيدات المفاوضات الحدودية: الطلعات والإعمار والتنقيب

لا كلام جدياً في الرئاسة. يستعيد سفراء اللجنة الخماسية حراكهم من خلال اجتماع تستضيفه...

الجيش بين باسيل و السيّد!

استبق الأمين العامّ للحزب السيّد حسن نصرالله جلسة التوصيات النيابية اليوم في شأن هبة...

نصرالله “المنتصر”: وصيّ على مستقبل لبنان وسوريا ولاجئيها

يستعجل حزب الله إعلان انتصاراته. لا يريد لها أن تقتصر على لبنان فقط، بل...

وثيقة بكركي: إيجابية بو نجم لا تُبدّد الصعاب

ستعلن بكركي وثيقتها التي حملت عنوان «المسيحيون في لبنان إلى أين؟» في غضون أسبوع...

عين الخارج على هويّة الرئيس قبل الحدود

كلٌّ عالق في مأزقه الخاصّ. جو بايدن عالق في استحقاقه الرئاسي. بنيامين نتنياهو عالق...