الرئيسيةمقالات سياسية“الحزب” وإدارة الحرب: جبهة الجنوب ليست وحدها

“الحزب” وإدارة الحرب: جبهة الجنوب ليست وحدها

Published on

spot_img

لا يزال السؤال الأكثر تداولاً يُطرح حول لبنان وحزب الله واحتمال توسع المعركة إليه وفيه. لا أحد يمتلك جواباً، وسط كم كبير من التحليلات والتقديرات، والتي تربط الانخراط الأوسع في الحرب من على الحدود الجنوبية للبنان بمدى التوغل الإسرائيلي البري في قطاع غزة، أو بمدى تحقيق أهداف عسكرية ضد حركة حماس، أو بمسألة التهجير المتعمد للفلسطينيين من القطاع. وهذه خطوط حمر يضعها حزب الله ولن يسمح بها. وما بين التحليلات والتقديرات، والعمليات المدروسة جنوباً، تأتي تهديدات إسرائيلية وأميركية كثيرة يتلقاها لبنان حول تداعيات أي انخراط.
لا يزال الحزب يحتفظ بقواعد اشتباك واضحة، وهي ضرب مواقع عسكرية، فيما التهديدات الإسرائيلية تذهب أبعد من ذلك. ولكن ما يظهر من المعركة وآلية إدارتها بالنسبة إلى الحزب، يبدو أن فيها تنويعات كثيرة.

ضربات استباقية
الخيار في المعركة أوسع بكثير من الواقع. بل هناك خيارات كثيرة، تتبين في آلية تفكير حزب الله، من خلال تدمير المواقع الأمامية للإسرائيليين. وهذا تحسباً لحصول تطور، فتكون الجبهة الأمامية مفتوحة أمامه. ففي ضرباته الاستباقية التي ينفذها الحزب، يعمل على فرض واقع عسكري أمام الإسرائيليين. وبالتالي، هو لا يريد لهم أن يفرضوا قواعدهم في أي حرب، كما كان يحصل في السابق. ولذلك يلتزم بقواعد الإشتباك، أي بمعادلة ضربة مقابل ضربة، واستهداف موقع عسكري مقابل استهداف موقع آخر. هذه الآلية هدفها عدم ترك الساحة مفتوحة أمام الإسرائيليين لشن ضربات موسعة في العمق اللبناني، ولعدم تكرار تجربة حرب تموز التي لجأ فيها الإسرائيليون إلى شنّ حرب واسعة وشاملة تتضمن غارات جوية على عمق الضاحية الجنوبية وعلى مرافق أساسية وبنى تحتية، ما أدى إلى تقطيع أوصال البلد. هذا ما لا يريده الحزب في هذه المرحلة، إنما يريد للصراع أن يبقى محصوراً في الخط المتقدم من الجبهة الجنوبية، بعمق 2 كلم حتى الآن، ويمكن أن يتوسع أكثر ليصل إلى 4 كيلومتر بالمرحلة التالية.

جبهة الجولان.. وإلى العراق
على هذا الخطّ أيضاً، هناك امتداد باتجاه الجولان، والذي يمكن أن يبرز كميدان للعمليات في المرحلة الثانية أو الثالثة، فيكون تمديد شريط الاشتباك شرقاً لا توسيعه نحو العمق اللبناني. هذا التكتيك لا ينفصل عن دراسة هادئة لدى “المحور” في تنويع ساحات الصراع، كمثل إعلان كتائب حزب الله العراق الدخول في معركة طوفان الأقصى، من خلال ضرب أهداف ومواقع أميركية في العراق. وهذا دخول هدفه ردعي أيضاً، يتضمن إشارات واضحة حول فرض قواعد جديدة للصراع، بشكل لا يبقى محصوراً في غزة، ولا محصوراً في جنوب لبنان، أو لا تعود فيه الجبهة اللبنانية هي الانعكاس الأول لمحاولة اسرائيل الاجتياح البري إلى غزة. ويمكن في المرحلة اللاحقة، أن يدخل اليمن على الخطّ، من خلال إطلاق صواريخ باتجاه اسرائيل، وهذا أيضاً من شأنه أن يوحي بأن المعركة أوسع من مجرد جبهتين لإسرائيل، جنوبية وشمالية.
وما ينطبق على توسيع الساحات خارج لبنان، ينطبق أيضاً في الداخل، من خلال تبني قوى متعددة لعمليات تشنّها إنطلاقاً من جنوب لبنان. فبذلك لا يقول حزب الله أنه الوحيد في لبنان الذي يخوض المعركة، إنما دخلت الجماعة الإسلامية على الخطّ، وكذلك بالنسبة إلى كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، وسرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي. وبالتالي، يظهر تنوعاً في خوض المعركة، والتقاءً سنياً شيعياً، فيما لاحقاً قد تبرز مشاركات لجهات عديدة في عمليات إطلاق الصواريخ أو القذائف أو تنفيذ عمليات تسلل، يمكن أن يقوم بها الحزب السوري القومي الإجتماعي، وسرايا المقاومة، وغيرهما من حلفاء الحزب.

أحدث المقالات

مادة انتقاد “عونيّة” لقائد الجيش!

أضاف مسؤولون في «التيار الوطني الحر» أن إجراءات الجيش اللبناني لمكافحة تهريب الأفراد السوريين...

بو حبيب: فرنسا أقصتنا عن اجتماعات لأننا فشّلنا مبادراتها

عَقّد تجدّد الحرب الإسرائيلية على غزة المشهد إقليمياً ولبنانياً. عادت ساحة المواجهات بين «حزب...

تقويض القرار 1701… بتواطؤ دولي

يتعامل العالم مع جرائم هائلة تسحق أهل قطاع غزة وتبيدهم، بالكثير من البرود والتجاهل...

“تطابق” فرنسي-سعودي لبنانياً.. وتحذيرات حول مصير الجنوب

أصبحت الدوامة السياسية اللبنانية الداخلية “مضجرة” في كيفية التعاطي مع الاستحقاقات الأساسية، لا سيما...

المزيد من هذه الأخبار

“ربط الساحات” بين غزّة… والضاحية واليرزة!

تندرج زيارة الموفد الفرنسي جان إيف لودريان تحت عنوانين أساسيّين فرضتهما التطوّرات الأخيرة: – تجدّد...

بين “التيار” وبكركي لا قطيعة… ولكن!

تعثرت محاولات رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل لتحسين علاقته بالبطريرك الماروني بشارة...

قطر طرحت سلّة كاملة وقدّمت ترشيحَيْ البيسري وحتّي

تكاد تكون قطر الدولة العربية الأكثر قرباً من «حماس» نظراً الى حسن علاقتها بها...

محمد رعد الجار والأب

تعود معرفتي بالنائب محمد رعد إلى ما يقارب أربعين عاماً. عرفت والده كرجل فاضل...

لودريان بعد هوكشتاين…”اطلالة” على الحدود والأفق الرئاسي المسدود

فرضت تطورات الوضع الإقليمي نفسها على المشهد الداخلي، وهو ما أسهم في “تطوير” عمل...

إنقلاب عسكري بقيادة الجيش في 10 كانون الثاني؟

بعد الإنقلاب السياسي في 31 تشرين الأول 2022 بمنع انتخاب رئيس للجمهورية، وفرض الفراغ...

قيادة الجيش: لا التعيين مُيسّرٌ ولا التمديد آمن

دونما أن تكون خافية صلة الوصل بين استحقاقَيِ الجيش ورئاسة الجمهورية، إلا أن مرور...

الفرنسيّون متمسكون بـ”مرشح ثالث” للرئاسة

يحط الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان في بيروت يوم الأربعاء في زيارة تستمر...

الإزدواجية العالمية: الفيلسوف الألمانيّ هابرماس يدعم إسرائيل

“إنّ حرب إسرائيل على غزة مبرَّرة مبدئياً” ولا يجوز وصفها بأنّها تشبه المحرقة أو...

الدور القطري يتكرس.. والحل اللبناني بمفاوضة “الحزب” أولاً

تسير الوقائع اللبنانية على الإيقاع الإقليمي. الهدنة في غزة تنعكس على الجنوب، والتصعيد سيقابله...

سيناريو أميركي.. بنسخة إيرانية؟

نجاح تنفيذ أولى الهدن الإنسانية في غزة، وإتمام عملية تبادل الدفعة الأولى من الأسرى،...

معادلةٌ صعبة أمام “الحزب”… وخياران في ملفّ قيادة الجيش

يقف «حزب الله» أمام معادلة صعبة في حسمه خياراته لملء الشغور في قيادة الجيش...

“رئاسة” بعد الهدنة: المفتاح بيد الحزب

تستبعد أوساط مطّلعة أن يقود استئناف الحراك الفرنسي والقطري باتجاه لبنان إلى إحداث خرق...

جبهة لبنان معلّقة… ونية لاستئناف الحرب

بموازاة حالة عدم اليقين التي تلفّ مصير «الوقفة الإنسانية» للقتال والتي سمّيت هدنة قابلة...

الخشية من “غلاف الليطاني”

تكاد الصورة تكون متعارضة كلياً، بين ما حدث في غزة صباح السابع من تشرين...