الرئيسيةمقالات سياسيةالحزب للفرنسيين: ساعة الجدّ باسيل معنا.. أو ضدّنا

الحزب للفرنسيين: ساعة الجدّ باسيل معنا.. أو ضدّنا

Published on

spot_img

لا يزال الحزب على موقفه في دعم ترشيح سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية. وقد عزّز هذا الدعم في الرسائل الكثيرة التي وردت في المناورة العسكرية في الجنوب من خلال ما تضمّنته من إشارات واضحة إلى قوّة الحزب ومنعته وتفوّقه على القوى الأخرى. يأتي ذلك على وقع نكسة أصيبت بها قوى المعارضة بنتيجة عدم الاتفاق بينها وبين التيار الوطني الحرّ على مرشحّ لرئاسة الجمهورية في مواجهة ترشيح فرنجية.
في هذا السياق، ما يزال الحزب يعبّر عن ارتياحه لمسار المعركة الرئاسية، جازماً أنّ حظوظ حليفه ومرشّحه تتنامى وصولاً إلى حدود الاقتناع بأنّ جبران باسيل سيوافق في النهاية على انتخاب فرنجية. لكنّ المسألة ستكون مرتبطة بالوقت وببعض الحسابات الأخرى، التي ستخضع لنقاش جدّيّ في مرحلة ما بعد عودة باسيل من باريس.

خرجت قمّة جدّة بمحدّدات واضحة تتعلّق بضرورة تطوير العلاقات بين دول المنطقة، والحفاظ على التوازن في العلاقات الدولية، بالإضافة إلى احترام سيادة الدول والسعي إلى إيجاد حلول سياسية للأزمات التي تعيشها
بُعيد طلب باسيل موعداً للقاء المستشار الرئاسي باتريك دوريل، حصل تواصل في بيروت بين الحزب والفرنسيين، وكان الحزب واضحاً في هذه النقاشات: “عندما يحين وقت الجدّ، سنضع باسيل أمام خيارين، إمّا أن يكون معنا أو ضدّنا”. وفي حال اختار الوقوف في موقع الضدّ فعليه أن يعلم أنّه ستنجم تبعات عن هذا القرار، ومن بينها الانعكاس السلبي على التحالف في الانتخابات النيابية المقبلة.
لكنّ الصورة، التي لم تتّضح معالمها بعد ويظنّ البعض أنّ ملامحها تُرسم في الداخل، ما تزال بحاجة إلى مؤثّرات خارجية لاكتمالها.

مناورة الجنوب.. والقمّة العربية
توزّع مشهد المنطقة على صور غير مكتملة الملامح حتّى الآن. كلّ صورة ترد من ساحة، وتحتاج إلى ما يكمّل وضوحها. تبقى المظلّة الأساسية للمشهد والصور المتوزّعة، هي المملكة العربية السعودية، التي انتهجت ثلاث خطوات استراتيجية فتحت آفاق المنطقة على تحوّلات أساسية:
– الخطوة الأولى كانت الاتفاق مع ايران.
– الخطوة الثانية تجلّت في التقارب مع سوريا.
– فيما الثالثة كانت الصورة الجامعة التي قدّمتها قمّة جدّة وكرّست قيادة الأمير محمد بن سلمان للمسار الجديد في المنطقة.
خرجت قمّة جدّة بمحدّدات واضحة تتعلّق بضرورة تطوير العلاقات بين دول المنطقة، والحفاظ على التوازن في العلاقات الدولية، بالإضافة إلى احترام سيادة الدول والسعي إلى إيجاد حلول سياسية للأزمات التي تعيشها. وهذا مسار سياسي سيكون بحاجة إلى برنامج واضح ووقت كافٍ ليبدأ بالتبلور. وقد جمعت الصّورة من القمّة نقيضين، بشار الأسد أبرز المضحّين ببلادهم وشعبهم في سبيل الحفاظ على النظام، وفولوديمير زيلينسكي رمز الدفاع عن بلاده في مواجهة الحرب الروسية.

إقالة صانع “اتفاق الصين”
من هنا يبدأ توزيع المشاهد. إقليمياً، وفي إيران تحديداً، جاءت إقالة أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني، وهو الرجل الذي قاد المفاوضات مع المملكة العربية السعودية وأوصل إلى نجاحها. إقالته لها تفسيرات كثيرة، خصوصاً من حيث آليّة تعيين البديل عنه التي شهدت تنافساً بين مجتبى خامنئي والرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، وكان القرار فيها لنجل المرشد.

جاء سريعاً مشهد المناورة العسكرية التي قام بها الحزب لتكون عنصراً متمّماً لتلك التسريبات التي لم ترد في إعلان جدّة. وقد اقتصر حضور الملف اللبناني على جملة واحدة ومقتضبة، بخلاف النقاط الستّ التي جرى توزيعها أو تسريبها
هذه الصورة تقدّم تصوّراً حقيقياً وواضحاً عن حجم الخلافات داخل بنية النظام الإيراني، في ظلّ مساعي رئيسي لتقويض الإصلاحيين في كلّ المواقع. يشير هذا الكلام إلى احتمال بروز مؤشّرات كثيرة من طهران إلى السعي لتخريب الاتفاق مع المملكة العربية السعودية وعدم الالتزام به. لا يمكن فصل تلك الأحداث عن محاولات الحوثيين لتعطيل الاتفاق في اليمن، وسط تخوّف من احتمال عودة انفجار الصراع هناك، ولا سيما في ظلّ معلومات تشير إلى مشروع لاستهداف قادة مجلس القيادة الرئاسي، خصوصاً رشاد العليمي.

لنعد إلى لبنان وسوريا
بالانتقال إلى مشهدين مترابطين، لا بدّ من إلقاء نظرة على الواقعين اللبناني والسوري. ففي سوريا، التي مثّلها بشار الأسد في قمّة جدّة مقدِّماً درساً في فنون التنقّل “بين الأحضان”، بدا الرجل واضحاً في حرصه على العلاقة مع إيران، مع استمرار المفاوضات التي انطلقت لمكافحة تهريب المخدّرات إلى الدول العربية، والبحث في ملفّ اللاجئين وإعادتهم في مقابل الحصول على مساعدات لإعادة الإعمار. فيما الشرط الأساسي والمعلَن يتجلّى في مسألة التمهيد لمطالبة كلّ الميليشيات غير السورية بالانسحاب من سوريا.
أمّا لبنان الذي هُمّش عمليّاً في مداولات القمّة، فتصدّر المشهد بفعل المناورة العسكرية التي أجراها الحزب يوم الأحد الفائت، والتي حملت معاني كثيرة. لكنّ الصورة الأساسية لها لا تنفصل عن مبدأ فصل المسارات المشمولة بالاتفاق السعودي الإيراني، أو ربّما قد تندرج في خانة محاولات تعطيله أو عرقلته أو تخريبه أيضاً. في البداية، تعلن صورة الحزب، بأسلحته الثقيلة ومقاتليه من مختلف القطعات، بشكل واضح: الانسحاب من سوريا.
لكنّ الأهمّ هو ما أراد الحزب قوله من أنّ منطقة جنوب لبنان غير مشمولة بالاتفاق ولا ببنوده، مع إعلان الجاهزية لخوض أيّ حرب ضدّ إسرائيل، بالإضافة إلى الاحتفاظ بالسلاح وعدم وضعه على أيّ طاولة نقاش أو حوار، لأنّه يرتبط بتحرير الأرض.
تبقى الرمزية الأساسية في التوقيت. فقد جاءت المناورة أوّلاً بعد القمّة العربية، وثانياً بعد كمّيات كبيرة من الضخّ بثّتها وسائل إعلامية لبنانية وعربية عملت على تسريب مسوّدة بيان القمّة التي تضمّنت كلاماً كثيراً يتعلّق بتمسّك لبنان بحقّ مقاومة الاحتلال وتحرير أراضيه، ولا سيّما مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، وضرورة التفريق بين المقاومة والإرهاب. مثل هذا النصّ هو في الأساس من ابتداع الحزب واقتراحاته، سواء في البيانات الوزارية أو في قمم عربية سابقة.

جاء سريعاً مشهد المناورة العسكرية التي قام بها الحزب لتكون عنصراً متمّماً لتلك التسريبات التي لم ترد في إعلان جدّة. وقد اقتصر حضور الملف اللبناني على جملة واحدة ومقتضبة، بخلاف النقاط الستّ التي جرى توزيعها أو تسريبها، وبعدئذٍ بدأت تبرز تبريرات لعدم ورود هذه النقاط الستّ في الإعلان النهائي لقمّة جدّة، وابتداع صيغة مفادها أنّ الإعلان يختلف عن المقرّرات، وأنّ تلك النقاط قد وردت في المقرّرات التي لم تظهر أو لم تُعلَن.
لكنّ الصورة، التي لم تتّضح معالمها بعد ويظنّ البعض أنّ ملامحها تُرسم في الداخل، ما تزال بحاجة إلى مؤثّرات خارجية لاكتمالها.

أحدث المقالات

بيروت: لقاء ثلاثة أجهزة مخابرات

بشكل متزامن، كانت بيروت مطلع الأسبوع، مسرحاً لوجود مخابراتي ثلاثي: فرنسي أميركي وإسرائيلي. والتفاصيل،...

ماذا لو أُرجئ بتّ مصير قائد الجيش إلى ما بعد الأعياد؟

بين مجلسَي النواب والوزراء يتجمّد بتّ مصير قائد الجيش العماد جوزاف عون الذي يبلغ...

تطبيق 1701: الحزب يرفض.. ويفاوض!!

في عام 2006 انتهت حرب تموز بإصدار القرار الأممي 1701 تحت الفصل السادس، لكن...

“الحزب” لن ينسحب: ثمن التفاوض لاستقرار الحدود ستدفعه إسرائيل

الاستعاضة عن الحرب في جنوب لبنان، يكون بالتوجه نحو اتفاق سياسي برعاية دولية إقليمية،...

المزيد من هذه الأخبار

مادة انتقاد “عونيّة” لقائد الجيش!

أضاف مسؤولون في «التيار الوطني الحر» أن إجراءات الجيش اللبناني لمكافحة تهريب الأفراد السوريين...

بو حبيب: فرنسا أقصتنا عن اجتماعات لأننا فشّلنا مبادراتها

عَقّد تجدّد الحرب الإسرائيلية على غزة المشهد إقليمياً ولبنانياً. عادت ساحة المواجهات بين «حزب...

تقويض القرار 1701… بتواطؤ دولي

يتعامل العالم مع جرائم هائلة تسحق أهل قطاع غزة وتبيدهم، بالكثير من البرود والتجاهل...

“تطابق” فرنسي-سعودي لبنانياً.. وتحذيرات حول مصير الجنوب

أصبحت الدوامة السياسية اللبنانية الداخلية “مضجرة” في كيفية التعاطي مع الاستحقاقات الأساسية، لا سيما...

مهمة لودريان تبدَّلت من انتخاب الرئيس إلى السعي لتأجيل تسريح قائد الجيش

لم يعد خافياً أن الهدف الرئيس من زيارة الموفد الرئاسي الفرنسي جان – إيف...

لبنان بعد حرب غزّة… من يسأل عن قرار السلم والحرب؟

"لبنان ما بعد حرب غزة يشبه السؤال عن لبنان ما بعد الانتداب، ويشبه السؤال...

لودريان لم يطرح تعديلاً للـ1701… بل فرصة لتطبيقه

مع إعلان إسرائيل استئناف القتال ضدّ “حماس” سمحت أيام التبادل السبعة التي كانت واشنطن...

“ليونة” مستجدة بالملف الرئاسي.. وإصرار دولي على التمديد لعون

على وقع الزيارة الرابعة التي أجراها المبعوث الفرنسي إلى لبنان، جان إيف لودريان، تحدث...

بلى هُزمنا… والحلّ؟ فليحكم الحزب (1)

جرى هذا النقاش ضمن حلقة تفكير سياسي مناوئة للحزب ومرجعيّاته، في السياسة والأيديولوجيا والمنطلقات...

لبنان في مسار الحلّ من غزّة إلى واشنطن

عودة الموفد الفرنسي جان إيف لودريان وإن كانت في شكلها لا تحمل أيّ مبادرة...

لودريان “دبلوماسيّ بلا قفازات”… ينفعل و”يَزعَل”

لكلّ حقبة سياسية مُعضلات وإشكاليات، تجذب معها وساطات ووفود خارجية، في مغامرة أشبه ببحث...

متى سيبدأ الدولار بالهبوط… 50 ألفاً أو أقلّ؟

قبل انتهاء ولاية رياض سلامة في حاكمية مصرف لبنان، كان التوقّع العامّ السائد بين...

“تعديل” الـ1701 ومنطقة عازلة: التفاوض مع “الحزب” بنبرة نارية

يتنقّل لبنان في السجالات بين الملفات، من دون حسم أي منها. وقد أصبحت هذه...

دعم قوي من “الخماسية” لمهمّة لودريان… وقلقٌ أمميّ على لبنان

في ظل استمرار الهدوء الحذر الذي يخيم على المناطق الجنوبية، طالما أن الهدنة الممددة...

حراك دولي جدّي لكسر جليد الرئاسة وإطفاء جمر الحدود

على عادتهم، يبرع اللبنانيون في ضرب بعضهم البعض من تحت الحزام، بناء على حسابات...