الرئيسيةمقالات سياسية“الحزب” لا يتزحزح وإسرائيل تلوّح أكثر بالحرب: أسابيع عصيبة

“الحزب” لا يتزحزح وإسرائيل تلوّح أكثر بالحرب: أسابيع عصيبة

Published on

spot_img

كما هو الحال بالنسبة إلى عدم امتلاك اسرائيل أو الولايات المتحدة الأميركية لأي رؤية سياسية مستقبلية حيال قطاع غزة، وصيغة حكمه، يتضح يوماً بعد آخر، عدم امتلاك واشنطن أو تل أبيب أو أي طرف دولي لرؤية حول كيفية ترتيب الوضع في جنوب لبنان، وإعادة الاستقرار إليه.

القط المحشور
تكتفي الدول التي تبدي اهتماماً بلبنان بنقل رسائل التهديد والتحذير الإسرائيلية، كما تقدم هذه الدول النصائح للبنان بضرورة تفادي تطور المواجهات الحاصلة إلى حرب حقيقية، وقد أكد أكثر من طرف دولي أن التهديدات الإسرائيلية بإمكانية شن حرب ضد حزب الله في لبنان، مسألة جدية ولا يمكن الاستخفاف بها على الإطلاق. ويشدد المسؤولون الدوليون على ضرورة أخذ اللبنانيين لهذه التهديدات بجدية وعدم الاستهزاء بها.
ليس هذا الجو الدولي محصور بالفرنسيين، الذين يكررونه في كل زياراتهم إلى لبنان أو لقاءاتهم مع مسؤولين لبنانيين. إنما هناك تقاطعات دولية عديدة حول هذه المعطيات، وهم ينقلون ما يسمعونه من الإسرائيليين، باعتبار أن تل أبيب في حالة توتر شديد ولا يمكن التوقع بما ستكون عليه قراراتها. وغالباً عندما يكون القط محشوراً في الزاوية فلا بد من توقع كل شيء. وحسب ما نقل ديبلوماسيون دوليون لمسؤولين لبنانيين، فإن الإسرائيليين وضعوا سقفاً مرتفعاً حول الوضع في جنوب لبنان، كما وضعوا سقفاً مرتفعاً لحربهم على غزة. وفيما لم يتمكنوا حتى الآن من تحقيق أهدافهم المعلنة في غزة، إلا أنهم يصرون على مواصلة القتال. وهذا يمكن أن يحصل في لبنان أيضاً، سواءً فشلت الحرب الإسرائيلية على القطاع أو نجحت، لأن اسرائيل مع الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا وغيرهما من الدول يسعون إلى فصل جبهة لبنان عن الحرب على غزة، باعتبار أنها ستكون طويلة ولا يمكن للبنان أن يبقى في هذا الوضع طيلتها.

موقف الحزب
حزب الله لا يتجاوب مع كل الدعوات لوقف العمليات العسكرية، ويرفض فصل مسار الجبهة اللبنانية عن جبهة قطاع غزة، ويشترط وقف عملياته بوقف الحرب على القطاع. إذ عندها يكون مستعداً للعودة إلى ما كان الوضع عليه قبل 7 تشرين الأول وكأن شيئاً لم يكن. جواب الحزب هذا يعني أنه غير مستعد للبحث لا في القرار 1701، ولا في تعديله، إنما فقط العودة إلى قواعد الاشتباك السابقة التي سرت منذ العام 2006. أما بالنسبة إلى الإسرائيليين فقد أصبحوا في حالة حرج كبير، خصوصاً في ظل تهجير آلاف المستوطنين من منازلهم في المستعمرات الشمالية، وعدم قدرة هؤلاء على العودة طالما أن حزب الله مستمر بقوته وقادر في أي يوم على تنفيذ عملية مشابهة لعملية طوفان الأقصى. كما أن العمليات التي نفذها الحزب ضد الإسرائيليين تسببت بإحراج أكبر لهم، باعتبار أن الردّ لا يتناسب مع عمليات الحزب.
هذا أيضاً يخلق جانباً جديداً من السجالات والخلافات بين حكومة نتنياهو من جهة، والمعارضة من جهة أخرى، ولا سيما رئيس الوزراء السابق يائير لابيد، والذي عمل على التوصل إلى اتفاق ترسيم الحدود البحرية مع لبنان ومع حزب الله ضمناً. ففي معرض انتقادات لابيد لنتنياهو وعدم قدرته على حماية اسرائيل لا من حماس ولا من حزب الله، وبعدما تقدم لابيد بخطة متكاملة لمواجهتهما في حال توليه رئاسة الوزراء إثر دعوته نتنياهو للاستقالة.. جاءت الردود من قبل نتنياهو والمحسوبين عليه بأن لابيد عجز عن حماية الحدود البحرية لإسرائيل، وتراجع أمام ضغوط وتهديدات حزب الله وأمينه العام حسن نصرالله في مرحلة التفاوض للوصول إلى اتفاق حول ترسيم الحدود، عندما أرسل حزب الله مسيرات باتجاه حقل كاريش، وعندما أطلق رسائل التهديد.

أفكار ومخاوف دولية
تخلق السجالات الإسرائيلية حول حزب الله جواً أكثر توتراً، في ظل المساعي الأميركية والغربية لتفادي التصعيد وللجم تل أبيب عن القيام بأي مغامرة مجنونة ضد حزب الله ولبنان. انطلاقاً من هنا، تتكاثر التحذيرات الدولية للبنان وضرورة الوصول إلى اتفاق يؤدي إلى وقف العمليات العسكرية وتجنّب التصعيد، بالإضافة إلى تقديم اقتراحات عديدة لتحقيق ذلك، بعضها يتصل بالدعوات إلى تطبيق القرار 1701، وبعضها الآخر يقترح تعزيز وجود الجيش اللبناني واليونيفيل في الجنوب وزيادة عديدهما، بالإضافة إلى دعوة الحزب للانسحاب من جنوب الليطاني، مقابل فكرة أخرى حول إبعاد سلاحه الثقيل والمتطور إلى شمالي النهر.
على الرغم من كل هذه الأفكار، إلا أن لا رؤية واضحة حول كيفية تطبيقها والوصول إليها، وسط مخاوف دولية من إمكانية التصعيد تمهيداً لفرض التفاوض على الجميع. ومؤخراً عمل الإسرائيليون على تسريب معلومات حول وضعهم لخطة عسكرية لتنفيذها ضد حزب الله، إلى جانب تسريبات أخرى تتصل بإمكانية تنفيذ اجتياح بري، في مقابل وضع شروط تطالب الحزب بالتراجع عشرة كيلومترات عن الحدود. مثل هذه السقوف التي تضعها إسرائيل من شأنها أن تضعها في أعلى الشجرة، ولن يكون من السهل إنزالها عنها.

التهويل المتواصل
في هذا السياق، فإن بعض الرسائل الدولية التي نقلت إلى لبنان تشير إلى أن اسرائيل تتحدث عن مهلة تتراوح بين 6 إلى 8 أسابيع منحتها إلى القوى الدولية للوصول إلى صيغة لتفادي التصعيد، وإلا بعدها فإنها ستلجأ إلى توسيع نطاق المواجهة العسكرية، وأنها ستكون مستعدة للقتال على الجبهة الشمالية لأسابيع. جانب من التهويل الإسرائيلي، يتصل بإعادة الحديث عن اجتياح العام 1978، والذي سمي حينها بعملية الليطاني. ومن بين رسائل التهويل التي يتحدث بها الإسرائيليون، هي أن القرار 1701 تم الوصول إليه في أعقاب حرب تموز، والتي عنفت في الأيام الأخيرة للحرب، ومع التوغل البرّي الإسرائيلي داخل الجنوب وباتجاه مرجعيون.. حينها أصبح حزب الله يطالب بوقف إطلاق النار، ويوافق على مندرجات القرار وعلى النقاط السبع. وبالتالي، هم ينقلون رسائل تشير إلى أنهم قد يحتاجون إلى تنفيذ عملية عسكرية تتيح فرض اتفاق جديد أو تطبيق الاتفاق القديم. بالنسبة إلى حزب الله، فإن هذه التهديدات مرفوضة، وهو يضعها في سياق التهويل لتحسين شروط التفاوض، والوصول إلى اتفاق يعيد الاستقرار ويحفظ ماء وجه الإسرائيليين، ويسمح لمستوطنيهم بالعودة إلى منازلهم.
ويعتبر الحزب أنه في حال قرر الإسرائيليون المغامرة فإنهم سيتفاجؤون بحجم الضربات والخسائر التي سيتلقونها.

أحدث المقالات

جنوب الحرب وشمال النازحين والدرّاجات.. تلغي”الدولة الوطنيّة”؟

كان المشهد في لبنان يوم الجمعة الماضي معبّراً جدّاً عن صورة البلد وإشكاليّاته، أو...

كيف سينعكس غياب رئيسي وعبد اللهيان على لبنان؟

بدأت التساؤلات تتوالى بعد مقتل الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ووزير خارجيته حسين عبد الأمير...

سباق التفاوض الإقليمي: “الثنائي الشيعي” للفوز بلبنان والرئاسة؟

أحداث من التاريخ يمكنها أن تتشابه أو أن تتكرر، وإن بسياقات وظروف مختلفة. أواخر...

الزيارة الأولى منذ اتفاق الدوحة… ما وصيّة جنبلاط من قطر؟

للمرة الأولى له منذ أيار 2008، يوم استضافت قطر القادة اللبنانيين وإعلان اتفاق الدوحة،...

المزيد من هذه الأخبار

قطر من “استوكهولم”: سلام شامل أو حرب أوسع..

تاريخ طويل من التفاوض الدبلوماسي بين القوى المحلّية والعالمية أعطى قطر القدرة على المراوغة...

هل تُطرَد غادة عون من القضاء؟

مع تحديد موعد لمثول النائبة العامّة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون أمس...

سياسيّو لبنان: “الأطفال الذين يلعبون بالرمل”؟

يرسم بعض المهتمّين الأجانب بأزمات لبنان صورة غير متفائلة جرّاء استمرار ربط الحلول فيه...

“الخُماسية” تُطلق مساراً رئاسياً حتى تموز: مشاورات أو عقوبات

ما تضمّنه بيان اللجنة الخماسية بعد اجتماعها أول من أمس في السفارة الأميركية، أحدث...

مهلة حزيران للحــزب: الرئاسة… أو نتنياهو

تعدّدت المهل التي أُعطيت لإنجاز الاستحقاق الرئاسي من دون أن تَصدُق أيّ منها. إلا...

“اليوم التالي” في غــزة ولبنان: الحرب اقتراح إسرائيل الوحيد

على دوي الحرب وهديرها، تتعدد مسارات البحث عن ما يسمى بـ”اليوم التالي” لغزة، وهو...

ماذا فعل “حــزب الله” في ملف النزوح؟

في 2 تشرين الأول 2023 تناول الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله ملف...

“الخماسية” في عوكر: “صيانة” دوريّة للحلّ

انعقد أمس الاجتماع الخامس للّجنة الخماسية المُمثّلة لواشنطن وباريس والدوحة والرياض ومصر في مقرّ...

صمود الحزب وحماس و”انتصارهما”: معركة نهاية الحروب في المنطقة؟

قاعدة “الحرب سجال” و”الأيام دول”، هي التي يعتمدها حزب الله وحركة حماس في المواجهة...

إنتقاد “المجتمع الدولي”… لتغييب إيران عنه؟

قد يكون انتقاد المجتمع الدولي والحملة على مواقفه، سواء في ما يخصّ عبء النازحين...

تعقيدات المفاوضات الحدودية: الطلعات والإعمار والتنقيب

لا كلام جدياً في الرئاسة. يستعيد سفراء اللجنة الخماسية حراكهم من خلال اجتماع تستضيفه...

الجيش بين باسيل و السيّد!

استبق الأمين العامّ للحزب السيّد حسن نصرالله جلسة التوصيات النيابية اليوم في شأن هبة...

نصرالله “المنتصر”: وصيّ على مستقبل لبنان وسوريا ولاجئيها

يستعجل حزب الله إعلان انتصاراته. لا يريد لها أن تقتصر على لبنان فقط، بل...

وثيقة بكركي: إيجابية بو نجم لا تُبدّد الصعاب

ستعلن بكركي وثيقتها التي حملت عنوان «المسيحيون في لبنان إلى أين؟» في غضون أسبوع...

عين الخارج على هويّة الرئيس قبل الحدود

كلٌّ عالق في مأزقه الخاصّ. جو بايدن عالق في استحقاقه الرئاسي. بنيامين نتنياهو عالق...