الرئيسيةمقالات سياسيةالثنائي الشيعي “مُعرقل” اللامركزية المالية: ماذا يريد باسيل؟

الثنائي الشيعي “مُعرقل” اللامركزية المالية: ماذا يريد باسيل؟

Published on

spot_img

يعلم رئيس «التيار الوطني الحرّ» النائب جبران باسيل أنّ «الثنائي الشيعي» يرفض إقرار اللامركزية الإدارية المالية، وفق اجتهاد بأنّ «اتفاق الطائف» نصّ على اللامركزية الإدارية فقط وليس المالية. كذلك يعلم باسيل أنّ رئيس مجلس النواب نبيه بري حاسم برفضه منح أي مجالس محلية صلاحيات مالية أو أمنية، وأنّ «الثنائي الشيعي» عرقل إنجاز اقتراح قانون اللامركزية الإدارية بصلاحيات مالية في اللجنة الفرعية المخصّصة له في مجلس النواب، مانعاً وصوله أمام الهيئة العامة. وعلى الرغم من تعدّد مشاريع واقتراحات القوانين للامركزية منذ ما بعد عام 1990، إلّا أنّ أياً منها لم يسلك الطريق إلى الهيئة العامة. كذلك لم يسعَ «الثنائي الشيعي»، خلال رئاسة بري مجلس النواب، إلى تسهيل إقرار اللامركزية الإدارية حتى من دون صلاحيات مالية.

«اللعب» على لامركزية إدارية «لا مالية»

«اللعب» على الفارق بين اللامركزية الإدارية واللامركزية المالية الموسّعة، خلفيّته وهدفه سياسيّان، بحسب جهات سياسية ودستورية. وبحسب شرح سابق للوزير الأسبق إدمون رزق الذي شارك في صوغ «اتفاق الطائف»، إنّ اللامركزية الموسّعة تضفي نوعاً من الحريات والصلاحيات للمجالس المنتخبة في المناطق، موضحاً أنّ «اتفاق الطائف» وبالتالي الدستور يجب مقاربته نصاً وروحاً، وروحية الدستور هي وحدة البلد والنص هو الطريقة الممكنة لكي يعيش الناس بعضهم مع بعض من دون التصادم.

بدوره، أوضح الوزير الأسبق زياد بارود رئيس اللجنة التي أعدّت مشروع قانون اللامركزية الإدارية الذي تبنّاه «حزب الكتائب اللبنانية» وحوّله إلى اقتراح قانون ودُرس في لجنة فرعية في مجلس النواب قبل أن يعرقله «الثنائي الشيعي»، أنّ كلّ النقاش عن اللامركزية المالية عقيم وليس في مكانه، فأي لامركزية من دون واردات لا جدوى منها، لأنه لا جدوى من صلاحيات لا يمكن ممارستها. كذلك، بحسب بارود، إنّ الانطباع الذي حاول البعض تسويقه بأنّ اللامركزية المالية تعني «استقلالاً»، غير صحيح، بل يهدف إلى الوصول إلى لامركزية محدودة من دون إمكانات مالية، ما يعني البقاء على ما نحن عليه.

اللامركزية الإدارية المالية باتت ملحّة بالنسبة إلى كثيرين، بعدما أثبتت التجربة منذ عام 1990 أنّ الحُكم التوافقي يعطّل أبسط القرارات الإدارية في الدولة. وانطلاقاً من تحقيق «الإنماء المتوازن للمناطق ثقافياً واجتماعياً واقتصادياً كركن أساس من أركان وحدة الدولة واستقرار النظام»، بحسب ما ورد في مقدمة الدستور، بعد فشل الدولة المركزية في تحقيق هذا الإنماء، وفي تأمين أدنى الخدمات الحياتية، من «تسكير جورة» إلى الطاقة والمياه ومعالجة النفايات، لا جدوى من لا مركزية إدارية إذا لم تكن مالية موسّعة، أي إعطاء الوحدات اللامركزية إمكانياتها المالية، وأن تكون الإدارة اللامركزية مُنتخبة وتخضع للمحاسبة وقادرة على تكوين خياراتها الإقتصادية المحلية، لكي تتمكّن من تحقيق الإنماء المتوازن في المناطق وخفض الهدر والسرقات. كذلك إنّ الفارق بين اللامركزية الإدارية من دون صلاحيات وإمكانات مالية وبين اللامركزية المالية، أنّ الأولى لن توصل إلى أي إنجاز بينما الثانية وعبر مجالس محلية، على مستوى القضاء، أو غيره، ومن خلال موارد ضريبية تجبيها بدلاً من السلطة المركزية، يمكنها الإنجاز محلياً، كذلك يمكنها العمل وإنشاء مشاريع عبر هبات وقوانين تسمح لها بذلك، فيمكنها على سبيل المثال بناء معامل كهرباء أو تأمين الكهرباء عبر الطاقة البديلة، صيانة الطرقات، إنشاء ملاعب رياضية وحدائق ومستشفيات… وبما أنّ هذه المجالس منتخبة من سكّان القضاء أو الوحدة، فهذا يؤمّن الشفافية في العمل والمحاسبة اللازمة، فضلاً عن التنافس بين مجالس الأقضية.

اللامركزية المالية ليست فدرالية أو تقسيماً

إنطلاقاً من ذلك، لم تُقرّ اللامركزية الإدارية منذ أكثر من 30 عاماً لأسبابٍ سياسية واختلافات طائفية، فالذين يرفضون اللامركزية المالية، يعتبرون أنّها باب لنوع من الاستقلال أو الفدرالية أو التقسيم. لكن، على عكس تهويل البعض، إنّ اللامركزية الإدارية إذا اعتُمدت، تحول دون الوصول إلى الفدرالية أو التقسيم، إذ إنّها تؤمّن الإنماء المحلّي الذي يطالب به جميع المواطنين ضمن دولة مركزية موحّدة. كذلك بالتعريف القانوني، إنّ اللامركزية الإدارية نوع من التنظيم الإداري للدولة الموحّدة يقوم على نقل صلاحيات إدارية من الدولة المركزية إلى وحدات محلية منتخبة مباشرة من الشعب تتمتع بالاستقلالين الإداري والمالي. كذلك إنّ اللامركزية الإدارية نظام إداري يمنح الوحدات المنتخبة محلياً صلاحيات إدارية واسعة، بينما الفدرالية نظام سياسي يوزّع السلطات بين الوحدات الجغرافية.

الموقف «الشيعي»

بالتالي، بعد الرفض «التاريخي» للامركزية الإدارية المالية من «الثنائي الشيعي»، هل يتراجع الأخير، وخصوصاً بري، عن موقفه هذا، مقابل انتخاب فرنجية رئيساً، وفق «المقايضة» التي يطرحها باسيل؟

جهات سياسية عدة ترى أنّ «الثنائي» وخصوصاً بري وأفرقاء آخرين، ومنهم «الحزب التقدمي الاشتراكي»، لن يسيروا في أي قانون للامركزية المالية. وبالتالي، تعتبر، أنّ باسيل يعلم ذلك، ويريد من طرح هذه المقايضة «تعويم» نفسه مسيحياً في ظلّ رغبة مسيحية عارمة في تحقيق هذه اللامركزية الإدارية المالية على الأقلّ، وبذلك يحرج «حزب الله». كذلك يُظهر باسيل من هذا الطرح أنّه يطالب بـ»حقوق» للبنانيين والمسيحيين خصوصاً وليس بمكاسب مقابل التنازل عن «اسم الرئيس»، أو أنّه يريد أن يظهر لـ»الحزب» أنّه «جرّب» أن يتوافق معه رئاسياً على اسم فرنجية إلّا أنّ «الحزب» أو «الثنائي الشيعي» مانع ذلك.

«الحزب» لم يعلّق علناً على ما تقصّد باسيل أن يعلنه، على الرغم من أنّ الحوار رئاسياً قائم بينهما الآن. مصادر قريبة من «الحزب» تكتفي بالقول رداً على طرح باسيل «أعطونا اللامركزية الإدارية المالية والصندوق السيادي… وخذوا اسم رئيس الجمهورية»، بالقول: «إنّ الموضوع قابل للنقاش، والحوار بين «الحزب» و»التيار» مستمرّ، إن على مستوى القيادتين في الملف الرئاسي، وإن على مستوى مسؤولي المناطق والبلديات في ملفات عدة ومنها موضوع النزوح السوري». لكن يبدو أنّ «الحزب»، بحسب مصادر مطّلعة، يتعامل مع طرح باسيل على قاعدة أنّه «يعلّي سقف التفاوض في الحوار لكي يصل إلى ما هو أدنى بقليل من هذا السقف». وفي انتظار الموقف المعلن لـ»الثنائي الشيعي» من طرح باسيل، تقول مصادر شيعية: «لبنان لا يحتمل لامركزية مالية موسّعة».

أحدث المقالات

جنوب الحرب وشمال النازحين والدرّاجات.. تلغي”الدولة الوطنيّة”؟

كان المشهد في لبنان يوم الجمعة الماضي معبّراً جدّاً عن صورة البلد وإشكاليّاته، أو...

كيف سينعكس غياب رئيسي وعبد اللهيان على لبنان؟

بدأت التساؤلات تتوالى بعد مقتل الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ووزير خارجيته حسين عبد الأمير...

سباق التفاوض الإقليمي: “الثنائي الشيعي” للفوز بلبنان والرئاسة؟

أحداث من التاريخ يمكنها أن تتشابه أو أن تتكرر، وإن بسياقات وظروف مختلفة. أواخر...

الزيارة الأولى منذ اتفاق الدوحة… ما وصيّة جنبلاط من قطر؟

للمرة الأولى له منذ أيار 2008، يوم استضافت قطر القادة اللبنانيين وإعلان اتفاق الدوحة،...

المزيد من هذه الأخبار

قطر من “استوكهولم”: سلام شامل أو حرب أوسع..

تاريخ طويل من التفاوض الدبلوماسي بين القوى المحلّية والعالمية أعطى قطر القدرة على المراوغة...

هل تُطرَد غادة عون من القضاء؟

مع تحديد موعد لمثول النائبة العامّة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون أمس...

سياسيّو لبنان: “الأطفال الذين يلعبون بالرمل”؟

يرسم بعض المهتمّين الأجانب بأزمات لبنان صورة غير متفائلة جرّاء استمرار ربط الحلول فيه...

“الخُماسية” تُطلق مساراً رئاسياً حتى تموز: مشاورات أو عقوبات

ما تضمّنه بيان اللجنة الخماسية بعد اجتماعها أول من أمس في السفارة الأميركية، أحدث...

مهلة حزيران للحــزب: الرئاسة… أو نتنياهو

تعدّدت المهل التي أُعطيت لإنجاز الاستحقاق الرئاسي من دون أن تَصدُق أيّ منها. إلا...

“اليوم التالي” في غــزة ولبنان: الحرب اقتراح إسرائيل الوحيد

على دوي الحرب وهديرها، تتعدد مسارات البحث عن ما يسمى بـ”اليوم التالي” لغزة، وهو...

ماذا فعل “حــزب الله” في ملف النزوح؟

في 2 تشرين الأول 2023 تناول الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله ملف...

“الخماسية” في عوكر: “صيانة” دوريّة للحلّ

انعقد أمس الاجتماع الخامس للّجنة الخماسية المُمثّلة لواشنطن وباريس والدوحة والرياض ومصر في مقرّ...

صمود الحزب وحماس و”انتصارهما”: معركة نهاية الحروب في المنطقة؟

قاعدة “الحرب سجال” و”الأيام دول”، هي التي يعتمدها حزب الله وحركة حماس في المواجهة...

إنتقاد “المجتمع الدولي”… لتغييب إيران عنه؟

قد يكون انتقاد المجتمع الدولي والحملة على مواقفه، سواء في ما يخصّ عبء النازحين...

تعقيدات المفاوضات الحدودية: الطلعات والإعمار والتنقيب

لا كلام جدياً في الرئاسة. يستعيد سفراء اللجنة الخماسية حراكهم من خلال اجتماع تستضيفه...

الجيش بين باسيل و السيّد!

استبق الأمين العامّ للحزب السيّد حسن نصرالله جلسة التوصيات النيابية اليوم في شأن هبة...

نصرالله “المنتصر”: وصيّ على مستقبل لبنان وسوريا ولاجئيها

يستعجل حزب الله إعلان انتصاراته. لا يريد لها أن تقتصر على لبنان فقط، بل...

وثيقة بكركي: إيجابية بو نجم لا تُبدّد الصعاب

ستعلن بكركي وثيقتها التي حملت عنوان «المسيحيون في لبنان إلى أين؟» في غضون أسبوع...

عين الخارج على هويّة الرئيس قبل الحدود

كلٌّ عالق في مأزقه الخاصّ. جو بايدن عالق في استحقاقه الرئاسي. بنيامين نتنياهو عالق...