الرئيسيةمقالات سياسيةالتسوية حصلت... والغضب والرفض لن يبدلاها

التسوية حصلت… والغضب والرفض لن يبدلاها

Published on

spot_img

تدلّ كل المعطيات المحيطة بالاستحقاق الرئاسي في هذه المرحلة وما يرافقها من تصعيد في المواقف من هنا وهناك، انّ هذا الاستحقاق دخل في المراحل الاخيرة الفاصلة عن إنجازه، وذلك خلافاً لكل التفسيرات والتأويلات المتناقضة التي تعطى لهذا الحراك الداخلي او الخارجي في هذا الاتجاه.

ويعتقد مواكبون للاستحقاق الرئاسي انّ الغضب والرفض اللذين يعتريان مواقف بعض القوى السياسية ليسا الّا الدليل القاطع على اقتراب إنجازه، ولذلك يحاول الغاضبون والمعترضون ممارسة ضغوط لعلّهم يغيّرون في مساره الذي بات شبه محسوم لدى الكبار الذين يديرونه رغم نكرانهم عدم التدخل فيه او التصرف إزاءه على أنه «شأن داخلي لبناني» فيما هو لم يكن يوماً كذلك منذ استقلال لبنان عن الانتداب الفرنسي عام 1943.

ويرى هؤلاء المعنيون انّ ما يؤخّر إنجاز الاستحقاق هو انّ بعض القوى الداخلية لم تحسم خياراتها الرئاسية والسياسية النهائية بعد ولا تزال تعتقد انّ في إمكانها ان تغيّر في المسار المرسوم، والذي ازداد ارتساماً بعد «اتفاق بكين» بين المملكة العربية السعودية وايران على تطبيع العلاقات وفتح صفحة جديدة بينهما من الواضح انّ احد ابرز عناوينها تعاون اقليمي على إنهاء كل الازمات في المنطقة لجعلها بيئة آمنة تخدم مصالح كل دولها العربية والاسلامية. وحتى الآن لم تنجح القوى المعترضة على التسوية المرسومة بكل ما تقوم به وما تستغله من أحداث داخلية في التأثير على راسميها ليغيّروها او يعدّلوا فيها.

فليس أمراً عادياً، يقول المواكبون، أن تقود فرنسا معركة انتخاب رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية. وليس امراً عابراً ان تؤكد الولايات المتحدة الاميركية مباشرة ومداورة عن انها ستتعامَل مع الرئيس المنتخب أيّاً كان. وليس امراً عادياً ان يرتفع منسوب التنسيق السعودي ـ الروسي في الآونة الأخيرة فيما يعلم الجميع انّ روسيا مؤيّدة بقوة لفرنجية. فهذه امور لا يجب إغفالها على الاطلاق واعتبار ان معركة فرنجية الرئاسية ليست قوية.

وينطلق المواكبون للاستحقاق الرئاسي من هذه الوقائع ليسجّلوا الآتي:

ـ أولاً: انّ الاتفاق السعودي ـ الايراني برعاية الصين الدولة العظمي قائم على أسس ثابتة، وما كان ليوقّع لو لم تتوافر ارادة جدية لدى الرياض وطهران للخروج من التنازع الى التوافق وطَي صفحة الماضي.

ـ ثانياً: انّ نتائج اتفاق بكين ومفاعيله على مستوى معالجة الازمات الاقليمية ستأتي متتابعة بدءاً من اليمن ومن ثم لبنان.

ـ ثالثاً: انّ المفعول الاساسي لهذا الاتفاق السعودي ـ الايراني هو الاستقرار الاقليمي الذي يريده الجميع بعدما ثبت انّ استمرار التنازع والاحتراب، مباشرة او مداورة، بدأ يشكل خطراً فعلياً على المنطقة وثرواتها وقدراتها وحاضرها ومستقبلها.

ـ رابعاً: انّ الاستقرار الاقليمي سيشمل حتماً لبنان، وانّ مستلزمات هذا الاستقرار ستكون حاضرة لبنانياً بقوة عند انتخاب رئيس الجمهورية، ومن المستلزمات الاساسية لترجمة هذا الاستقرار بناء سلطة سياسية قوية ومتوازنة سيكون على عاتقها إنقاذ البلاد على كل المستويات.

– خامساً: انّ «حزب الله» الذي رحّب بالاتفاق السعودي ـ الايراني سيقدّم كل ما يخدم الاستقرار الاقليمي بما في ذلك عدم ازعاج دول الخليج العربي، ولكنه في الوقت نفسه سيتشبّث بضمانات تتعلق بوجوده، وبالتالي لن يكون لدى المملكة العربية السعودية اي مشكلة في ذلك اذا ما حصلت على الضمانات التي تخدم أمنها ومشروعها الاقتصادي الكبير «رؤية المملكة 2030»، ومن هنا لن تمانع في ان يشكّل الرئيس اللبناني الجديد في حد ذاته ضماناً لـ»حزب الله»، مثلما سيكون ايضاً ضماناً لجميع القوى السياسية وللبنانيين.

وفي ضوء كل هذه المعطيات، وإزاء هذا التوازن الجديد، يسأل البعض الآتي:

اولاً، ماذا ستفعل القوى السياسية التي لعبت دوراً في النزاع وكانت «رأس حربة» في الاصطفاف كحزب «القوات اللبنانية» مثلاً الذي اذا بقي على موقفه المتشدّد قد يتراجع دوره والدعم المُعطى له نتيجة التسوية والاستقرار المنتظرين في الاقليم؟ وماذا سيكون عنوان العلاقة بينه وبين المملكة العربية السعودية في ظل الاستقرار؟ وهل سيتنبّه ويباشر عملية اعادة بناء الجسور مع الآخرين على قاعدة الاستقرار الاقليمي المُستجد؟

ثانياً، ما هي خطة رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل؟ ولماذا نزل من القطار الذي يقلّه، وهو قطار «حزب الله»، في لحظة الاتفاق الاقليمي، علماً انّ القطار الآخر، أي القطار السعودي، قد فاته منذ زمن وبالتالي ليس في حاجة الى خدماته؟.

وانطلاقاً من ذلك، يقول المتابعون لشؤون الاستحقاق الرئاسي انّ الامل معقود على ان لا يُجاري الجمهور المسيحي سياسة اللاعودة التي ينتهجها كل من «التيار» و»القوات» حالياً، وان يستقلّ قطار التسوية الى جانب المرجعيات المسيحية التي تقرأ الاستراتيجيا جيداً وتعتبر انّ التكتيك هو المساعد للاستراتيجيا وليس بديلا عنها.

أحدث المقالات

بيروت: لقاء ثلاثة أجهزة مخابرات

بشكل متزامن، كانت بيروت مطلع الأسبوع، مسرحاً لوجود مخابراتي ثلاثي: فرنسي أميركي وإسرائيلي. والتفاصيل،...

ماذا لو أُرجئ بتّ مصير قائد الجيش إلى ما بعد الأعياد؟

بين مجلسَي النواب والوزراء يتجمّد بتّ مصير قائد الجيش العماد جوزاف عون الذي يبلغ...

تطبيق 1701: الحزب يرفض.. ويفاوض!!

في عام 2006 انتهت حرب تموز بإصدار القرار الأممي 1701 تحت الفصل السادس، لكن...

“الحزب” لن ينسحب: ثمن التفاوض لاستقرار الحدود ستدفعه إسرائيل

الاستعاضة عن الحرب في جنوب لبنان، يكون بالتوجه نحو اتفاق سياسي برعاية دولية إقليمية،...

المزيد من هذه الأخبار

مادة انتقاد “عونيّة” لقائد الجيش!

أضاف مسؤولون في «التيار الوطني الحر» أن إجراءات الجيش اللبناني لمكافحة تهريب الأفراد السوريين...

بو حبيب: فرنسا أقصتنا عن اجتماعات لأننا فشّلنا مبادراتها

عَقّد تجدّد الحرب الإسرائيلية على غزة المشهد إقليمياً ولبنانياً. عادت ساحة المواجهات بين «حزب...

تقويض القرار 1701… بتواطؤ دولي

يتعامل العالم مع جرائم هائلة تسحق أهل قطاع غزة وتبيدهم، بالكثير من البرود والتجاهل...

“تطابق” فرنسي-سعودي لبنانياً.. وتحذيرات حول مصير الجنوب

أصبحت الدوامة السياسية اللبنانية الداخلية “مضجرة” في كيفية التعاطي مع الاستحقاقات الأساسية، لا سيما...

مهمة لودريان تبدَّلت من انتخاب الرئيس إلى السعي لتأجيل تسريح قائد الجيش

لم يعد خافياً أن الهدف الرئيس من زيارة الموفد الرئاسي الفرنسي جان – إيف...

لبنان بعد حرب غزّة… من يسأل عن قرار السلم والحرب؟

"لبنان ما بعد حرب غزة يشبه السؤال عن لبنان ما بعد الانتداب، ويشبه السؤال...

لودريان لم يطرح تعديلاً للـ1701… بل فرصة لتطبيقه

مع إعلان إسرائيل استئناف القتال ضدّ “حماس” سمحت أيام التبادل السبعة التي كانت واشنطن...

“ليونة” مستجدة بالملف الرئاسي.. وإصرار دولي على التمديد لعون

على وقع الزيارة الرابعة التي أجراها المبعوث الفرنسي إلى لبنان، جان إيف لودريان، تحدث...

بلى هُزمنا… والحلّ؟ فليحكم الحزب (1)

جرى هذا النقاش ضمن حلقة تفكير سياسي مناوئة للحزب ومرجعيّاته، في السياسة والأيديولوجيا والمنطلقات...

لبنان في مسار الحلّ من غزّة إلى واشنطن

عودة الموفد الفرنسي جان إيف لودريان وإن كانت في شكلها لا تحمل أيّ مبادرة...

لودريان “دبلوماسيّ بلا قفازات”… ينفعل و”يَزعَل”

لكلّ حقبة سياسية مُعضلات وإشكاليات، تجذب معها وساطات ووفود خارجية، في مغامرة أشبه ببحث...

متى سيبدأ الدولار بالهبوط… 50 ألفاً أو أقلّ؟

قبل انتهاء ولاية رياض سلامة في حاكمية مصرف لبنان، كان التوقّع العامّ السائد بين...

“تعديل” الـ1701 ومنطقة عازلة: التفاوض مع “الحزب” بنبرة نارية

يتنقّل لبنان في السجالات بين الملفات، من دون حسم أي منها. وقد أصبحت هذه...

دعم قوي من “الخماسية” لمهمّة لودريان… وقلقٌ أمميّ على لبنان

في ظل استمرار الهدوء الحذر الذي يخيم على المناطق الجنوبية، طالما أن الهدنة الممددة...

حراك دولي جدّي لكسر جليد الرئاسة وإطفاء جمر الحدود

على عادتهم، يبرع اللبنانيون في ضرب بعضهم البعض من تحت الحزام، بناء على حسابات...