الرئيسيةمقالات سياسيةالتدويل أحد مخارج الأزمة اللبنانية إن أحسنّا إعداده

التدويل أحد مخارج الأزمة اللبنانية إن أحسنّا إعداده

Published on

spot_img
بالإستناد إلى الاختصاصيين في القانون الدولي يُعتبر مفهوم مبدأ التدويل مخرج يعتمده العديد من الباحثين في شؤون الأزمات التي يُكلّفون إستشارياً بوضع حلول لها، خصوصاً في الآونة الأخيرة التي تستعر فيها الحروب شرقاً وغرباً.ويُعد عامل التدويل لأزمة معينة من أهم الركائز لإيجاد حل مُستدام وهو فعلياً وقانونياً الوسيلة القانونية لتثبيت مركز الدولة وتوضيح نظامها السياسي وكل ما هو متداخـل في إقليمها.
عملاً بما ينشره بعض الباحثين عن مبدأ التدويل ومن حيث المبدأ قد تأخذ فكرة التدويل وقتاً طويلاً نظراً لتشابك العوامل في الدول التي تعاني نظاماً هشّاً، وكما أسلفنا يمكن أن ينتج التدويل بناءً على قرار دولي يُتخذ في الأمم المتحدة لمعالجة أزمة مستفحلة. وللتدويل من حيث المبدأ خارطة طريق من المفترض أن يضعها خبراء في: العلوم السياسية – العلوم العسكرية العلوم الاقتصادية – العلوم المالية، بما ينسجم ووضع البلاد التي يُعالجون أمرها، لكن المهم والأهم أنْ يكون لهؤلاء الخبراء قدرة على التخطيط وقدرة على وضع آلية لتنفيذ خارطة الطريق بالأطر القانونية – الدستورية.
في لبنان قضية التدويل ليست سهلة ولا هي صعبة وعلى الذين سيتوّلون مهمّة الإشراف على دراسة وضع كالوضع اللبناني عليهم تدارك أنهم يتعاطون مع قضية وطن فاقد للسيادة وللشرعية الداخلية والعربية والدولية وأنهم يتعاطون مع مجموعات سياسية تُعاني من جهل مقومات العمل السياسي وفقاً للأصول، لأنّ صراع المصالح بين هؤلاء السّاسة وأفعالهم لا ترتقي إلى المستوى الذي يجعل منهم أهــل لممارسة العمل السياسي وهذه حقيقة يجب تداركها قبل كل شيء وإلاّ لا لزوم لأي دراسة أو القيام بأي خطوة…
قانونياً من أجل إنجاح مبدأ التدويل على المُكلّفين بهذا الأمـر التفتيش على من لديهم القدرة على التفاعل مع خارطة الطريق المنوي تطبيقها عملياً والذين يتحمّلون كامل المسؤولية في ظل صراع محلي – محلي وإقليمي – إقليمي ودولي – دولي على الساحة اللبنانية. وإنْ لم يُحْسِنْ المُكلّفين والمطالبين بمبدأ التدويل التخطيط الإستراتيجي فسيصلون إلى أزمة شديدة التعقيد وستُدخل لبنان في أزمة جديد من الفراغ على مستوى كل الرئاسات وسيكون الوضع ضحية الفساد وعدم السيادة والضياع الذي لا ينتهي على الإطلاق.
لبنان وفق منطق البطريركية المارونية ومجموعة من المناضلين الشرفاء برزوا بعد ثورة 17 تشرين بحاجة إلى تقديم البديل في ممارسة العمل السياسي، والوضع اللبناني على ما يؤشِّر بحاجة إلى نقل إدارة الأزمة اللبنانية وبكل ملفاتها المتشعبة من دائرة السياسة التقليدية – الإرتهانية – الإستعلائية – اللاشرعية إلى دائرة خبراء من المجتمع الدولي في المواقع الذي أشرنا إليها سابقاً (سياسة – أمن – إقتصاد – مال)، والهدف إعادة ترميم المجتمع اللبناني بكل تكاوينه بما فيه الحياة السياسية التي هي الأساس لأي نهضة سياسية وتأسيس هيكلية نظام سياسي جديد.
لبنان يمرُّ بمرحلة إستثنائية دقيقة وخطرة حيث هناك غياب تام لأجهزة الدولة والدولة عاجزة عن القيام بأبسط مهامها وسيادتها منتقصة وإداراتها في خبر كان والديمقراطية في الجمهورية اللبنانية مُغيّبة إنْ لم نقُل مُفتعل فيها. الفساد يحكم كل إدارات الدولة ومن دون إستثناء والدولة غائبة عن القرار الرسمي أو بصريح العبارة مُغيّبة عن مراكز القرار فالقرار يُتخذ في الخارج ويُملى تنفيذه على أطراف داخليين لا قدرة لديهم حتى على تسجيل أي ملاحظة.
إستناداً لعظة سيّد صرح بكركي الذي أعطيَ له مجد لبنان تاريخياً، وعلى ما يبدو استشعر الصرح مبدئياً أنّ كل منافذ الحلول على المستوى اللبناني قد أقْفِلَتْ وحتى الحلول العربية غير متوفرة آنياً بالرغم من بعض الإشارات التي تطفو على بعض صفحات الجرائد، وما هي إلّا سراب. وهذا الأمر يفتح الباب للمطالبة بالبحث عن حل دولي للأزمة اللبنانية، علماً أنّ هذين الشرطين ليسا من الأسباب الموجبة لتدويل الأزمة اللبنانية. وعملياً إذا نظرنا إلى خريطة المنطقة نُلاحظ أنّ مبدأ التدويل يعمّ المنطقة فعلياً والأمثلة كثيرة في هذا الإطار نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر: الملف النووي الإيراني – التسويات في اليمن – العراق – سوريا – فلسطين… لذلك من الواجب التفتيش عن الأسباب الموجبة لتدويل الأزمة اللبنانية إضافة إلى السببين الذي ذكرتهما.
سياسياً في المنطقة هناك حروب أملتْ على المجتمع الدولي التحرُّك لمعالجتها ولبنان من الدول التي تعاني من ويلات الحروب وإن لم تكُن في هذه المرحلة عسكرية لا بل هو مُعرّض لخطر الأعمال العسكرية بسبب فقدانه لسيادته على أراضيه ولعدم وجود قوى مُسلحة باستطاعتها القيام بمهامها والسبب التقصير السياسي المُمارس من قبل ساسة لبنان، ولبنان يُعاني من عدم شرعية الإنتخابات النيابية التي قاطعها حوالي 59% من الناخبين وقوانينه مُغيّبة ونظامه السياسي مُستباح وساسته مأجورين للخارج، موانئه وحدوده مطوقة ومستباحة وبعضها دُمِّرَ والشعب يُذّل لإخضاعه والنظام المصرفي والإقتصاد في خبر كان وهوية لبنان على المحك لا بل نظامه السياسي يتهاوى، إضافةً إلى وضع ديمغرافي بلغ الحد الأقصى من الخطورة لناحية وجود اللاجئين الفلسطينيين والنازحين السوريين، كلها أسباب موجبة للمطالبة بالتدويل.
اللامنطق لم يَعُدْ مقبولاً السكوت عن تدويل قضايا معينة لا بل التغاضي عن هذا الأمر بات مذلّة، رافضو التدويل هدفهم الإستفراد بلبنان وهذا أمر لم يَعُدْ مقبولاً. إذن التدويل بات خياراً ممكناً ومتاحاً وبناء على ما هو عليه الوضع في لبنان وفضلاً عن النهج السياسي القائم والمخالف لأبسط قواعد الديمقراطية يجب تحديد الأولويات الأساسية لتحسين الوضع اللبناني عن طريق تطبيق خارطة طريق إنطلاقاً من اعتماد مبدأ التدويل الذي يرتكز مبدئياً على:
• عقد مؤتمر دولي لمعالجة حثيثة وفعّالة للأزمة اللبنانية.
• تطبيق القرارات الدولية الخاصة بلبنان.
• قيام نظام إنتقالي محدد الصلاحية التنفيذية ولمدة زمنية محددة تجرى خلالها بعض الإصلاحات السياسية والمالية ومنها على سبيل المثال الإنتخابات النيابية من أجل إعادة تكوين سلطة ديمقراطية تحوز على ثقة الشعب والمجتمع الدولي.
فيما يتعلق بالجهة الداعية للتدويل، عليها وعلينا أن نعطي الأولوية لحــل الملف اللبناني فعلياً وعملياً، علماً أنّ الظروف قد تكون مؤاتية مرحلياً وعلينا الإستفادة منها خصوصاً بعد إعادة خلط بعض الأوراق في المنطقة، نعم التدويل أحد مخارج الأزمة اللبنانية إنْ أحسنّا إعداده.

أحدث المقالات

بيروت: لقاء ثلاثة أجهزة مخابرات

بشكل متزامن، كانت بيروت مطلع الأسبوع، مسرحاً لوجود مخابراتي ثلاثي: فرنسي أميركي وإسرائيلي. والتفاصيل،...

ماذا لو أُرجئ بتّ مصير قائد الجيش إلى ما بعد الأعياد؟

بين مجلسَي النواب والوزراء يتجمّد بتّ مصير قائد الجيش العماد جوزاف عون الذي يبلغ...

تطبيق 1701: الحزب يرفض.. ويفاوض!!

في عام 2006 انتهت حرب تموز بإصدار القرار الأممي 1701 تحت الفصل السادس، لكن...

“الحزب” لن ينسحب: ثمن التفاوض لاستقرار الحدود ستدفعه إسرائيل

الاستعاضة عن الحرب في جنوب لبنان، يكون بالتوجه نحو اتفاق سياسي برعاية دولية إقليمية،...

المزيد من هذه الأخبار

مادة انتقاد “عونيّة” لقائد الجيش!

أضاف مسؤولون في «التيار الوطني الحر» أن إجراءات الجيش اللبناني لمكافحة تهريب الأفراد السوريين...

بو حبيب: فرنسا أقصتنا عن اجتماعات لأننا فشّلنا مبادراتها

عَقّد تجدّد الحرب الإسرائيلية على غزة المشهد إقليمياً ولبنانياً. عادت ساحة المواجهات بين «حزب...

تقويض القرار 1701… بتواطؤ دولي

يتعامل العالم مع جرائم هائلة تسحق أهل قطاع غزة وتبيدهم، بالكثير من البرود والتجاهل...

“تطابق” فرنسي-سعودي لبنانياً.. وتحذيرات حول مصير الجنوب

أصبحت الدوامة السياسية اللبنانية الداخلية “مضجرة” في كيفية التعاطي مع الاستحقاقات الأساسية، لا سيما...

مهمة لودريان تبدَّلت من انتخاب الرئيس إلى السعي لتأجيل تسريح قائد الجيش

لم يعد خافياً أن الهدف الرئيس من زيارة الموفد الرئاسي الفرنسي جان – إيف...

لبنان بعد حرب غزّة… من يسأل عن قرار السلم والحرب؟

"لبنان ما بعد حرب غزة يشبه السؤال عن لبنان ما بعد الانتداب، ويشبه السؤال...

لودريان لم يطرح تعديلاً للـ1701… بل فرصة لتطبيقه

مع إعلان إسرائيل استئناف القتال ضدّ “حماس” سمحت أيام التبادل السبعة التي كانت واشنطن...

“ليونة” مستجدة بالملف الرئاسي.. وإصرار دولي على التمديد لعون

على وقع الزيارة الرابعة التي أجراها المبعوث الفرنسي إلى لبنان، جان إيف لودريان، تحدث...

بلى هُزمنا… والحلّ؟ فليحكم الحزب (1)

جرى هذا النقاش ضمن حلقة تفكير سياسي مناوئة للحزب ومرجعيّاته، في السياسة والأيديولوجيا والمنطلقات...

لبنان في مسار الحلّ من غزّة إلى واشنطن

عودة الموفد الفرنسي جان إيف لودريان وإن كانت في شكلها لا تحمل أيّ مبادرة...

لودريان “دبلوماسيّ بلا قفازات”… ينفعل و”يَزعَل”

لكلّ حقبة سياسية مُعضلات وإشكاليات، تجذب معها وساطات ووفود خارجية، في مغامرة أشبه ببحث...

متى سيبدأ الدولار بالهبوط… 50 ألفاً أو أقلّ؟

قبل انتهاء ولاية رياض سلامة في حاكمية مصرف لبنان، كان التوقّع العامّ السائد بين...

“تعديل” الـ1701 ومنطقة عازلة: التفاوض مع “الحزب” بنبرة نارية

يتنقّل لبنان في السجالات بين الملفات، من دون حسم أي منها. وقد أصبحت هذه...

دعم قوي من “الخماسية” لمهمّة لودريان… وقلقٌ أمميّ على لبنان

في ظل استمرار الهدوء الحذر الذي يخيم على المناطق الجنوبية، طالما أن الهدنة الممددة...

حراك دولي جدّي لكسر جليد الرئاسة وإطفاء جمر الحدود

على عادتهم، يبرع اللبنانيون في ضرب بعضهم البعض من تحت الحزام، بناء على حسابات...