هل وجب استعداد اللبنانيين لرئاسة سليمان فرنجية؟ أصبح السؤال أكثر من مشروع. كل التطورات التي تحصل في المنطقة بتسارع، قابلة لأن تصب في النهاية في صالح سليمان فرنجية. قبل فترة، كان من يوجه سؤالاً لحزب الله عن فرنجية يقول الحزب بوضوح: “لا تخلي عنه، والآن نحن نوافق على وصول نواف سلام لرئاسة الحكومة مع فرنجية. ولكن بعد فترة، وفي المستقبل، قد لا نرضى بذلك. وقد نطالب بفرنجية ونجيب ميقاتي ربما أو سعد الحريري”.
من سمع الجواب وضعه في خانة رفع السقف من قبل الحزب. أما آخرون يعرفون الحزب جيداً، فيعتبرون أنه مجدّ في ما يقول ويرمي إليه.
الموانع السعودية والروايات السورية
كانت الموانع الخارجية، والسعودية تحديداً المرفوعة في وجه سليمان فرنجية، وتفضي إلى رفض رئاسته، مرتكزة إلى ثلاثة عناوين أساسية. العنوان الأول، هو أنه مرشح حزب الله وينتمي إلى محور المقاومة. وبالتالي، انتخابه سيعني توفير غلبة فريق على آخر. العنوان الثاني، هو علاقة فرنجية بالنظام السوري، فيما هناك قطيعة عربية لدمشق وقطيعة دولية أيضاً. أما العنوان الثالث، فهو حاجة لبنان لاعتماد سياسة جديدة بعد كل الأزمات التي حصلت. وبالتالي، الذهاب إلى انتخاب رئيس وتشكيل حكومة بمواصفات معينة، لوضع خطة الإنقاذ الاقتصادي والمالي وتنفيذ الإصلاحات.
لكن المقاربة السياسية الجديدة أو المستجدة للواقع اللبناني، يبدو أنها غير واقعية، في ظل مقاربات سياسية مستجدة في المنطقة، وقد تم تجريبها سابقاً.
لا تزال الروايات تتوالى عن فحوى زيارة سليمان فرنجية إلى دمشق، ولقائه بالرئيس السوري بشار الأسد. إحدى الروايات تقول إن سوريا ليست في حاجة للإعلان عن دعمها لفرنجية بل هذا تحصيل حاصل، والدعم متوفر، فيما لا يبقى سوى انتظار اكتمال المشهد بعد زيارة وزير الخارجية السعودي إلى دمشق، للبحث معه في هذا الأمر لتليين موقف المملكة المعارض لفرنجية. فيما رواية أخرى -على ما يبدو أنها ضعيفة- تشير إلى أن دمشق ليست متحمسة لفرنجية. وبالتالي، هي ستكون مضطرة لتقديم تنازلات بعد الانفتاح العربي عليها. ثمة من يعتبر أن الرياض حريصة على تحصيل مكسب أساسي من دمشق، وهو وقف تهريب الكبتاغون، في المقابل هي التي ستقدم تنازلات إما عبر دعم مالي أو سياسي. طبعاً هنا لا مجال للحديث عن عودة دمشق للتحكم بمفاصل القرار اللبناني، نظراً للدور الإيراني الكبير داخل سوريا ولبنان معاً، وعلى قاعدة أن قوة حزب الله في سوريا ولبنان هي التي ستبقيه قوة أعلى.
حديث الإصلاحات!
أما الحديث عن الإصلاحات، فإن ذلك يبقى كلام للاستهلاك في نظر البعض. إذ أن الانفتاح على نظام الأسد لم يلحظ القيام بأي إصلاحات أو إجراءات. هذا بالنسبة إلى الجانب العربي. أما بالنسبة إلى الجانب الغربي، فإن أكثر الأطراف المتحدثين عن الإصلاحات هي أميركا وفرنسا، وللجانبين تجارب وفيرة في ذلك. إذ لم تحضر أي إصلاحات في ما تسعى واشنطن لتحقيقه، سواء في ملف ترسيم الحدود أو في ملف الإفراج عن عامر الفاخوري، ولا في مسألة اطلاق سراح موقوفي تفجير المرفأ. أما عن التجربة الفرنسية، فيمكن الحديث من دون أي حرج، من تسوية حكومة ميقاتي، وما قبله في ظلال حكومة حسان دياب، إلى ما بعدها من سعي وبحث عن الكثير من الاستثمارات، وصولاً إلى معادلة التمسك بخيار فرنجية وتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية أخرى.
ما يعني ان الموانع التي تحول دون وصول فرنجية قد سقطت كلها. فالعلاقة مع إيران تتطور بسرعة، والعلاقة مع دمشق تحرز تقدماً مفاجئاً، فيما الإصلاحات تبقى مجرد شماعة. وهنا لا بد من الإشارة إلى أن الموقف الفرنسي لا يزال على حاله بشأن دعم فرنجية. وهو ما جرى إبلاغه لرئيس حزب الكتائب خلال زيارته إلى باريس. وحسب ما تقول مصادر متابعة، فإن الجميل كان واضحاً في موقفه أمام باتريك دوريل، برفض السير بخيار فرنجية، لأنه يعتبر استسلاماً لحزب الله وتنفيذاً لمطالبه، فيما كان الردّ الفرنسي بأن فرنجية هو الخيار الأكثر واقعية، لأن لا قدرة على توفير ظروف نجاح مرشح آخر حتى الآن. ومما قاله دوريل إن الموافقة على فرنجية لا تتعلق بشخصه إنما انطلاقاً من وجهة نظر واقعية.
جهود فرنسية
في هذا السياق، تستمر المحاولات الفرنسية في سبيل إقناع السعودية بخيار ترشيح فرنجية. فإلى جانب الزيارة الأخيرة التي أجراها دوريل إلى الرياض الأسبوع الفائت، تشير المعلومات إلى لقاء آخر سيعقد بين دوريل والمستشار في الديوان الملكي السعودي نزار العلولا، بعد عيد الفطر. وتضيف المعلومات: “إن باريس تعمل على تنويع مصادر تواصلها مع السعودية. إذ أن كبير مستشاري الرئيس الفرنسي، إيمانويل بون، يحاول إجراء اتصالات بمسؤولين سعوديين غير العلولا، لإقناعهم بالموافقة على فرنجية. ويمثل هذا محاولة فرنسية لتغيير آلية التفاوض مع السعودية، لأن دوريل أبدى أكثر من مرة انزعاجه من العلولا الذي يرفض تغيير موقفه. لم تقف المحاولات الفرنسية هنا، فوزيرة الخارجية الفرنسية وخلال وجودها في الصين، طلبت من المسؤولين الصينيين مساعدتهم لدى السعودية في تبني خيار فرنجية، والأمر نفسه يقوم به المسؤولون الروس الداعمين لخيار فرنجية”. وتؤكد المعلومات أن ضغوطاً كبيرة تُمارس على الرياض في سبيل تبديل موقفها.