هل يجب أن يقلق الغرب من صعود وطموح وليّ العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان؟
سؤال طرحه الصحافي روجيه بويز في مقال له في مجلة تايمز البريطانية يستكشف فيه مستقبل العلاقات الغربية السعودية مع سعي الأمير محمد إلى إعادة تشكيل الشرق الأوسط وفقاً لشروطه، وهو ما سيؤثّر على كلّ جانب من الجوانب السياسية في المنطقة.
أهمية السؤال أنّه يُطرح في أقدم صحيفة يومية وطنية في بريطانيا، وهي “التايمز” التي تعتبر جزءاً لا يتجزّأ من البنية السياسية لبريطانيا وتدّعي أنّها تستمرّ منذ تأسيسها عام 1785 في “تغطية القضايا المتنازَع عليها بشكل عادل ووقور”.
الأكثر أهميّة هو الجواب الذي أكّد فيه بويز الذي يعمل في الصحيفة منذ أكثر من 12 عاماً أنّه “سيكون من الأذكى احتضان الأمير محمد بدلاً من تجنّبه، لأنّه سواء شئنا أم أبينا، فلا بدّ أن تُبنى سياسة الشرق الأوسط حوله، وذلك لأسباب عدّة:
1- لن يتسنّى ردع إيران عن استخدام قدراتها النووية ووقف سباق التسلّح في الشرق الأوسط من دون تعاون السعودية. وتلك هي الفرضية الصارمة للخطة الرئيسية المفترضة لـ “الصفقة الكبرى” للرئيس بايدن، إذ إنّ نافذة التوصّل إلى حلّ دبلوماسي لكبح تقدّم إيران نحو تصنيع القنبلة النووية تتضاءل بشكل جدّي. ولم يحقّق تجميد مليارات الدولارات من الأصول الإيرانية سوى القليل في المقابل، وهو إطلاق سراح حفنة من السجناء، ودفع فدية بحكم الأمر الواقع، وقليل من الشفافية بشأن البرنامج النووي، وفي أحسن الأحوال القليل من كسب الوقت بينما يتنامى في هذه الأثناء نفوذ إيران، من مظاهره عضويتها في منظمة شنغهاي للتعاون، وترقيتها إلى مكانة المورّد الرئيسي للأسلحة إلى روسيا.
2- الاتفاقات التي أبرمتها إسرائيل مع العديد من الدول العربية ستحصل على الكثير من الزخم إذا انضمّت السعودية إليها. فعندما توقّع الرياض، قد تتراجع الدول العربية المتشكّكة الأخرى. ويمكن للأمير محمد أن يتخيّل المشاركة إذا حصلت المملكة العربية السعودية على ضمانات أمنيّة أميركية صريحة والحقّ غير المتنازَع عليه في برنامج نووي مدني. وهو قال إنّه يحتفظ بالحقّ في مجاراة القنبلة الإيرانية إذا تجاوزت طهران العتبة.
يبلغ محمد من العمر 38 عاماً. وسيكون أوّل حفيد من الجيل المؤسّس يتولّى العرش ومن المرجّح أن يحكم لعقود. وسواء شئنا أم أبينا، فلا بدّ أن تُبنى سياسة الشرق الأوسط حوله. وليس هناك شكّ في أنّه سيدفع المجتمع المحافظ إلى العصر الحديث
3- هناك طرق لإرضاء الأمير لا تعرّض أمن الولايات المتحدة أو إسرائيل للخطر. ومن الممكن، على سبيل المثال، أن يتمّ تخصيب اليورانيوم في منطقة أميركية خاصة على الأراضي السعودية، وذلك كجزء من التزام الولايات المتحدة الشامل بالأمن السعودي. لن تكون الضمانات المقدَّمة للأمير مماثلة لتعهّد المادة 5 من حلف شمال الأطلسي بالدفاع الجماعي، لكنّها قد تكون بنفس قوّة الدعم المقدَّم لإسرائيل.
4- يمكن التوفيق بين دوائر مختلفة في المنطقة: من خلال قبول أميركا أنّ الانسحاب من الشرق الأوسط ليس له معنى (نظراً لأنّ الصين حريصة بما فيه الكفاية على ملء الفراغ)، ومن خلال تقديم بنيامين نتانياهو ما يكفي من التنازلات للفلسطينيين لتلبية المطالب السعودية. وقد يرغب الأمير محمد وهو ملك في إرضاء ذكرى والده من خلال الحفاظ على الارتباط العاطفي بالقضية الفلسطينية، وهو ما يطلبه أولئك الذين يدّعون قيادة المنطقة. وربّما يعتقد أنّ ذلك سيكون كافياً لجعل الفلسطينيين أكثر ازدهاراً. ومع ذلك، فإنّ أيّ شيء يتجاوز الاستثمارات والصدقات، وأيّ تأييد للمطالب السياسية، سوف ينسف ائتلاف نتانياهو الحاكم.
5- قد تبدأ الصين بالتنافس بقوّة أكبر ضدّ النفوذ الأميركي في الشرق الأوسط. وقد ساعدت بكين بالفعل في هندسة التقارب السعودي الإيراني. ومع الأيام سوف ترغب في الذهاب إلى أبعد من ذلك والتأكيد على تراجع أميركا. ارتفعت التجارة بين السعودية والصين من أقلّ من 500 مليون دولار في عام 1990 إلى 87 مليار دولار في عام 2021. وما يزال بإمكان بايدن أو ترامب أو غيرهما التفوّق على الصين كشريك أمني لمحمد بن سلمان، فالاستخبارات السعودية تتابع عن كثب الأحداث في ساحة المعركة الأوكرانية، وتقارن بعناية أداء الفريق الغربي مع روسيا، لكنّ لدى الصين نادياً جماهيرياً أكبر داخل النخبة السياسية السعودية، وعلى رأس قائمة مشترياتهم: معدّات المراقبة الصينية.
6- يبلغ محمد من العمر 38 عاماً. وسيكون أوّل حفيد من الجيل المؤسّس يتولّى العرش ومن المرجّح أن يحكم لعقود. وسواء شئنا أم أبينا، فلا بدّ أن تُبنى سياسة الشرق الأوسط حوله. وليس هناك شكّ في أنّه سيدفع المجتمع المحافظ إلى العصر الحديث.