الرئيسيةمقالات سياسيةالامن والديموغرافيا والنزوح والحوار: هواجس اللبنانيين بلا أجوبة

الامن والديموغرافيا والنزوح والحوار: هواجس اللبنانيين بلا أجوبة

Published on

spot_img

توضع الملفات والاحداث اللبنانية المتزاحمة والطاغية على المشهد، في سلّة واحدة، فإما تقود المساعي الخارجية والداخلية إلى حلّها، وإما ستكون هناك انفجارات فيها في حال انعدام القدرة على إيجاد حلول أو تسويات.

تتداخل هذه الملفات بين السياسة، الأمن، العسكر، اللجوء، الإنتخابات النيابية المبكرة، والإصطفافات المنقسمة عمودياً بين من يريد الحوار ومن لا يريده، ومن يريد التسوية ومن لا يريدها. في مثل هذه الحالة التي بلغتها البلاد، تصبح كل هذه الملفات مترابطة بعضها ببعض وتشكل عناصر ضاغطة على الجميع، فإما الحلّ او الإنفجار.

الأمن تحت المجهر
الأكيد، ان هناك حرص داخلي وخارجي على منع حصول انفجار كبير، ولذلك تجري المحاولات لفصل الملفات عن بعضها البعض في حال استمرّ التعثر، فيما يتم استخدامها بشكل متكامل لتشكيل عنصر ضغط على كل القوى لدفعها إلى تقديم تنازلات. في السياسة، تبقى المراوحة على حالها، بين مواقف متعارضة للقوى السياسية حول المرشحين للرئاسة، وحول الحوار، وآلية المشاركة فيه. سياسياً أيضاً، تستمر الإتصالات والمشاورات بين بعض الاطراف بدون توقعات كبيرة بإمكانية الوصول إلى اتفاق، والمقصود هنا هو الحوار المستمر بين حزب الله والتيار الوطني الحرّ.

أما في الأمن والعسكر، فإن مؤشرات كثيرة أظهرت أن الساحة اللبنانية مفتوحة على إحتمالات متعددة، أبرزها الإشتباكات التي دارت على مرحلتين في مخيم عين الحلوة، بالإضافة إلى المداهمات التي يجريها الجيش اللبناني لمخيمات اللاجئين السوريين وضبط أسلحة، ربطاً بالتسريبات حول توقيف الجيش اللبناني لأفراد من خلايا وتنظيمات إرهابية، وتفكيك شبكة مؤلفة من 11 شخصاً قبل أيام كان تخطط لتنفيذ تفجيرات على الساحة اللبنانية. لا ينفصل الجو الأمني هذا، عن استمرار دخول آلاف “الهاربين” السوريين من سوريا إلى لبنان، وهناك فيديوهات واضحة تظهر كيفية دخولهم، بينما التعاطي السياسي والأمني مع الامر فيه نوع من الإستعراض المتعمد لجعل الساحة قابلة لأي انفجار “إجتماعي” بين اللبنانيين والسوريين.

تهديدات ديموغرافية
أي ربط بين تهديد الساحة اللبنانية بعمليات إرهابية لتنظيمات متطرفة، ودخول آلاف الهاربين السوريين مجدداً في ضوء التوتر اللبناني الكبير تجاه اللاجئين، والمعزز بحملة إعلامية واضحة بدون العمل الجدي على إيجاد آلية لمعالجة هذا الملف، لا بد له أن يقود إلى خلاصة واضحة، وهي استخدام الدخول السوري للضغط على اللبنانيين عموماً، والمسيحيين خصوصاً، من خلال القول إن هناك تهديدات ديموغرافية، إلى جانب التهديدات الأمنية والعسكرية الإرهابية، وبالتالي لا بد من العودة إلى الإلتقاء السياسي على مواجهة هذين العنوانين، ولعلّ ذلك يكون له انعكاس سياسي ورئاسي، تماماً كما حصل في فترة التحشيد لانتخاب ميشال عون رئيساً للجمهورية والذي جاء في فترة مواجهة التنظيمات الإرهابية والدفاع عن لبنان من الدخول السوري سواء كان لجوءاً أم “إرهاباً”.

تخوف عربيّ ودوليّ
كل هذه الملفات والعناوين، والتي يعجز لبنان عن حلّها يمكنها أن تتحول إلى ملفات متفجرة جداً، من هنا كان كلام أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني من على منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة، حول أن الخطر أصبح محدقاً بمؤسسات الدولة، وانه لا بد من العمل على معالجة الفراغ السياسي القائم ووقف معاناة اللبنانيين. لا يمكن لهذا الكلام إلا أن يكون مبنياً على معطيات تعزز المخاوف حول الوضع اللبناني، لا سيما أن المعلومات تؤكد وجود مخاوف دولية وعربية من انفجار الوضع اللبناني ككل. ولا بد لهذا الكلام ان يكون منطوياً على مسعى حقيقي وجدّي للبحث عن حلول وتسويات سياسية تحفظ وحدة الدولة وتمنعها من الإنهيار الكبير.

عزز كلام أمير قطر، الرهانات اللبنانية على أي دور قد تلعبه الدوحة على الساحة اللبنانية لتلافي المزيد من المخاطر المحدقة. ويتعزز دور قطر أكثر بناء على مواقف مستقاة من مصادر ديبلوماسية متعددة تشير إلى تعثر المبادرة الفرنسية وبالتالي الدخول بطريقة أخرى على خطّ معالجة الأزمة اللبنانية، بناء على تنسيق أميركي سعودي مع قطر، وبإشراك الفرنسيين والمصريين والإيرانيين أيضاً. من هنا يتنامى التعويل اللبناني على أي دور قطري بالإرتكاز إلى تجارب سابقة نجحت فيها الدوحة بصوغ حلول لبنانية، وبالإرتكاز إلى نجاحات في ملفات أخرى مؤخراً أبرزها الإتفاق الجزئي بين الولايات المتحدة الأميركية وإيران.

ضجيج الأسئلة
أمام هذه الوقائع، تضج اليوميات اللبنانية بتفاصيل من قبيل عودة المبعوث الفرنسي جان إيف لودريان، على وقع انقسام داخل مجموعة الدول الخمس، وتفاصيل أخرى حول الحوار وإذا كان لودريان سيديره بنفسه على قاعدة الثنائيات، أم أن الحوار الذي دعا إليه رئيس مجلس النواب نبيه بري سيعقد. هذه كلها عبارة عن أسئلة، معطوفة على أسئلة أخرى تتركز حول ما يمكن أن تقوم به قطر أيضاً، وإذا كانت ستشرف في مرحلة من المراحل على الحوار، أم أنها ستكون قادرة على انجاز الحلّ بدون الحاجة لتحلّق اللبنانيين حول طاولة جامعة. دون ذلك، سيعود كثر إلى طرح فكرة حل المجلس النيابي لعجزه عن انتخاب رئيس، والذهاب إلى انتخابات نيابية مبكرة لعلها تنتج مجلساً قادراً على الإنتخاب.

أحدث المقالات

مادة انتقاد “عونيّة” لقائد الجيش!

أضاف مسؤولون في «التيار الوطني الحر» أن إجراءات الجيش اللبناني لمكافحة تهريب الأفراد السوريين...

بو حبيب: فرنسا أقصتنا عن اجتماعات لأننا فشّلنا مبادراتها

عَقّد تجدّد الحرب الإسرائيلية على غزة المشهد إقليمياً ولبنانياً. عادت ساحة المواجهات بين «حزب...

تقويض القرار 1701… بتواطؤ دولي

يتعامل العالم مع جرائم هائلة تسحق أهل قطاع غزة وتبيدهم، بالكثير من البرود والتجاهل...

“تطابق” فرنسي-سعودي لبنانياً.. وتحذيرات حول مصير الجنوب

أصبحت الدوامة السياسية اللبنانية الداخلية “مضجرة” في كيفية التعاطي مع الاستحقاقات الأساسية، لا سيما...

المزيد من هذه الأخبار

“ربط الساحات” بين غزّة… والضاحية واليرزة!

تندرج زيارة الموفد الفرنسي جان إيف لودريان تحت عنوانين أساسيّين فرضتهما التطوّرات الأخيرة: – تجدّد...

بين “التيار” وبكركي لا قطيعة… ولكن!

تعثرت محاولات رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل لتحسين علاقته بالبطريرك الماروني بشارة...

قطر طرحت سلّة كاملة وقدّمت ترشيحَيْ البيسري وحتّي

تكاد تكون قطر الدولة العربية الأكثر قرباً من «حماس» نظراً الى حسن علاقتها بها...

محمد رعد الجار والأب

تعود معرفتي بالنائب محمد رعد إلى ما يقارب أربعين عاماً. عرفت والده كرجل فاضل...

لودريان بعد هوكشتاين…”اطلالة” على الحدود والأفق الرئاسي المسدود

فرضت تطورات الوضع الإقليمي نفسها على المشهد الداخلي، وهو ما أسهم في “تطوير” عمل...

إنقلاب عسكري بقيادة الجيش في 10 كانون الثاني؟

بعد الإنقلاب السياسي في 31 تشرين الأول 2022 بمنع انتخاب رئيس للجمهورية، وفرض الفراغ...

قيادة الجيش: لا التعيين مُيسّرٌ ولا التمديد آمن

دونما أن تكون خافية صلة الوصل بين استحقاقَيِ الجيش ورئاسة الجمهورية، إلا أن مرور...

الفرنسيّون متمسكون بـ”مرشح ثالث” للرئاسة

يحط الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان في بيروت يوم الأربعاء في زيارة تستمر...

الإزدواجية العالمية: الفيلسوف الألمانيّ هابرماس يدعم إسرائيل

“إنّ حرب إسرائيل على غزة مبرَّرة مبدئياً” ولا يجوز وصفها بأنّها تشبه المحرقة أو...

الدور القطري يتكرس.. والحل اللبناني بمفاوضة “الحزب” أولاً

تسير الوقائع اللبنانية على الإيقاع الإقليمي. الهدنة في غزة تنعكس على الجنوب، والتصعيد سيقابله...

سيناريو أميركي.. بنسخة إيرانية؟

نجاح تنفيذ أولى الهدن الإنسانية في غزة، وإتمام عملية تبادل الدفعة الأولى من الأسرى،...

معادلةٌ صعبة أمام “الحزب”… وخياران في ملفّ قيادة الجيش

يقف «حزب الله» أمام معادلة صعبة في حسمه خياراته لملء الشغور في قيادة الجيش...

“رئاسة” بعد الهدنة: المفتاح بيد الحزب

تستبعد أوساط مطّلعة أن يقود استئناف الحراك الفرنسي والقطري باتجاه لبنان إلى إحداث خرق...

جبهة لبنان معلّقة… ونية لاستئناف الحرب

بموازاة حالة عدم اليقين التي تلفّ مصير «الوقفة الإنسانية» للقتال والتي سمّيت هدنة قابلة...

الخشية من “غلاف الليطاني”

تكاد الصورة تكون متعارضة كلياً، بين ما حدث في غزة صباح السابع من تشرين...