الرئيسيةمقالات سياسيةاستنفار دائم بالجنوب: مفاجآت أبعد من خيمة وجدار عازل

استنفار دائم بالجنوب: مفاجآت أبعد من خيمة وجدار عازل

Published on

spot_img

هل ما يجري في جنوب لبنان يمكن أن يؤدي إلى تصعيد عسكري وأمني؟ لا يكف اللبنانيون عن طرح هذا السؤال، لا سيما في ضوء الاستنفار الدائم والمستمر هناك، وما يرد من توترات بين اللبنانيين من جهة، وقوات الإحتلال الإسرائيلي من جهة أخرى.
لكن كل التحركات، من حيث الشكل والمضمون، تبدو مضبوطة حتى الآن، وتحت سقف معروف من قبل الجميع، لا أحد يريد تجاوزه، ولا تخطيه إلى ما هو غير محسوب، أو قد يؤدي الى اندلاع حرب أو حتى معركة بين الحروب.
وجزء مما يقال لبنانياً أيضاً، إن الاستنفار القائم لا يبدو جدياً إلى حدود بعيدة، طالما انه مضبوط ومعروفة نتائجه.

مناخ تفاوضي
إنها التفسيرات اللبنانية المتعددة في مسارات التحليل السياسي، وتغرق أكثر في سياقات متعددة. فبعضهم يوردها في خانة تثبيت الوقائع على الأرض، تحسباً لأي مفاوضات يطلق عليها مصطلح “ترسيم الحدود البرية”. والبعض الآخر يضعها في خانة إحياء معادلة الجيش والشعب والمقاومة في مواجهة العدو الإسرائيلي. لا يمكن أيضاً إغفال من يذهبون إلى اعتبار ما يجري هو ضمن سياق تسخين إيران لكل جبهات المنطقة، في ظل تعثر مسارات التفاوض النووي بينها وبين الولايات المتحدة، وسط محاولات من قبل جهات إقليمية متعددة تسعى إلى إعادة خلق مناخ تفاوضي. أصحاب هذا الرأي ينظرون إلى ساحات المنطقة كجزء من كل، من غزة الى الضفة الغربية وجنوب لبنان ربطاً بسوريا والعراق ولبنان. فهذه كلها جبهات تحتاج إيران لتسخينها حالياً، في إطار الضغط على واشنطن للوصول إلى تفاهم. وبالتالي، فإن التصعيد في الجنوب لا ينفصل عن التصعيد الذي تعلن عنه جماعات إيرانية في شرق سوريا لاستهداف قاعدة التنف الأميركية.

التخادم المتبادل
آخرون يضعون كل ما يجري في سياق “التخادم المتبادل”، أو اختلاق جو أمني وسياسي وإعلامي متوتر جنوباً، خصوصاً في مواجهة العدو، لتحقيق مكاسب معنوية وسياسية. معنوية بما يتصل بشد العصب واستنفار البيئة والتغاضي عن كل ما له علاقة بأمور معيشية أو حياتية. وسياسية من خلال إعادة معادلة الجيش والشعب والمقاومة و”تقريشها” سياسياً فيما بعد، بالإضافة إلى “مراكمة” الانتصارات وتثبيت الوقائع جنوباً عند حزب الله، والتي ستجعله مفاوضاً أولاً، او أنه بذلك يحاول أن يقدّم الملف اللبناني إلى سلّم أولويات الدول الخارجيةـ ويقول إن التفاوض يحصل معه لا مع غيره.
ووفق قاعدة التخادم المتبادل هذه، والتي يتداولها كثر، يذهبون في التنظير إلى اعتبار أن الحزب يستفيد، كما حكومة نتنياهو ستكون مستفيدة في تعظيم المخاطر على الجبهة الشمالية، ورفع منسوب التوتر مع لبنان ومع الحزب تحديداً، وهو ما يستدعي لحمة وطنية واستنفاراً عسكرياً وأمنياً لمواجهة هذه المخاطر، خصوصاً ان الفترات الماضية كانت قد حفلت بالكثير من التجارب باللجوء إلى خوض معارك مع قوى عدوة، للإلتفاف على الأزمات السياسية الداخلية.

احتمال المفاجأة
في كل الأحوال، وبعيداً عن كل هذه التحليلات والتنظيرات، وبغض النظر عن ماهية المصطلحات التي يتم إطلاقها حول ما يجري، وإذا كانت تتصل بـ”ترسيم الحدود البرية”، فإن الترسيم منجز منذ العشرينيات ومثبت في اتفاقية الهدنة، فيما الحاجة هي لتثبيت بعض النقاط والتي أصبحت معروفة. علماً ان لبنان الرسمي هو الذي دعا إلى ترسيم تلك الحدود. وجاء ذلك بعد نصب حزب الله لخيمتين في تلال كفرشوبا، ما استدعى رداً من العدو الإسرائيلي بتسييج الجزء الشمالي من بلدة الغجر، وضمها، كما استمر الاستنفار، ما دفع بإسرائيل لإنشاء جدار عازل، يرفض لبنان مروره في بعض النقاط، وألزم الإسرائيليين على التراجع، ومن بينها ما جرى في كفرشوبا يوم الخميس.
تبقى المسألة في مكان آخر، على الرغم من كل هذه التحليلات. إلا أن المعلومات تفيد بأن حزب الله حسم مسألة بقاء الخيمتين، وأن هناك إمكانية لزيادة أعدادها في المرحلة المقبلة. وهذه الخيم قد تتحول إلى مخيم، وقد يتطور الأمر لاستخدام الإسمنت وبناء غرف جاهزة. خصوصاً أن وتيرة حركة الحزب توحي بذلك.
لتبقى التساؤلات الأساسية التي تدور في عقول سياسيين وديبلوماسيين وعسكريين في لبنان وخارجه، حول ما يخفيه الحزب وراء هذه الخطوات. إذ أن التحركات لا يمكن أن تكون مقتصرة على ذلك، وما هو فوق الأرض مختلف عن ما تحتها. ذلك يدفع الكثيرين إلى إبقاء في حساباتهم إمكانية حصول أي مفاجأة.

أحدث المقالات

جنوب الحرب وشمال النازحين والدرّاجات.. تلغي”الدولة الوطنيّة”؟

كان المشهد في لبنان يوم الجمعة الماضي معبّراً جدّاً عن صورة البلد وإشكاليّاته، أو...

كيف سينعكس غياب رئيسي وعبد اللهيان على لبنان؟

بدأت التساؤلات تتوالى بعد مقتل الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ووزير خارجيته حسين عبد الأمير...

سباق التفاوض الإقليمي: “الثنائي الشيعي” للفوز بلبنان والرئاسة؟

أحداث من التاريخ يمكنها أن تتشابه أو أن تتكرر، وإن بسياقات وظروف مختلفة. أواخر...

الزيارة الأولى منذ اتفاق الدوحة… ما وصيّة جنبلاط من قطر؟

للمرة الأولى له منذ أيار 2008، يوم استضافت قطر القادة اللبنانيين وإعلان اتفاق الدوحة،...

المزيد من هذه الأخبار

قطر من “استوكهولم”: سلام شامل أو حرب أوسع..

تاريخ طويل من التفاوض الدبلوماسي بين القوى المحلّية والعالمية أعطى قطر القدرة على المراوغة...

هل تُطرَد غادة عون من القضاء؟

مع تحديد موعد لمثول النائبة العامّة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون أمس...

سياسيّو لبنان: “الأطفال الذين يلعبون بالرمل”؟

يرسم بعض المهتمّين الأجانب بأزمات لبنان صورة غير متفائلة جرّاء استمرار ربط الحلول فيه...

“الخُماسية” تُطلق مساراً رئاسياً حتى تموز: مشاورات أو عقوبات

ما تضمّنه بيان اللجنة الخماسية بعد اجتماعها أول من أمس في السفارة الأميركية، أحدث...

مهلة حزيران للحــزب: الرئاسة… أو نتنياهو

تعدّدت المهل التي أُعطيت لإنجاز الاستحقاق الرئاسي من دون أن تَصدُق أيّ منها. إلا...

“اليوم التالي” في غــزة ولبنان: الحرب اقتراح إسرائيل الوحيد

على دوي الحرب وهديرها، تتعدد مسارات البحث عن ما يسمى بـ”اليوم التالي” لغزة، وهو...

ماذا فعل “حــزب الله” في ملف النزوح؟

في 2 تشرين الأول 2023 تناول الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله ملف...

“الخماسية” في عوكر: “صيانة” دوريّة للحلّ

انعقد أمس الاجتماع الخامس للّجنة الخماسية المُمثّلة لواشنطن وباريس والدوحة والرياض ومصر في مقرّ...

صمود الحزب وحماس و”انتصارهما”: معركة نهاية الحروب في المنطقة؟

قاعدة “الحرب سجال” و”الأيام دول”، هي التي يعتمدها حزب الله وحركة حماس في المواجهة...

إنتقاد “المجتمع الدولي”… لتغييب إيران عنه؟

قد يكون انتقاد المجتمع الدولي والحملة على مواقفه، سواء في ما يخصّ عبء النازحين...

تعقيدات المفاوضات الحدودية: الطلعات والإعمار والتنقيب

لا كلام جدياً في الرئاسة. يستعيد سفراء اللجنة الخماسية حراكهم من خلال اجتماع تستضيفه...

الجيش بين باسيل و السيّد!

استبق الأمين العامّ للحزب السيّد حسن نصرالله جلسة التوصيات النيابية اليوم في شأن هبة...

نصرالله “المنتصر”: وصيّ على مستقبل لبنان وسوريا ولاجئيها

يستعجل حزب الله إعلان انتصاراته. لا يريد لها أن تقتصر على لبنان فقط، بل...

وثيقة بكركي: إيجابية بو نجم لا تُبدّد الصعاب

ستعلن بكركي وثيقتها التي حملت عنوان «المسيحيون في لبنان إلى أين؟» في غضون أسبوع...

عين الخارج على هويّة الرئيس قبل الحدود

كلٌّ عالق في مأزقه الخاصّ. جو بايدن عالق في استحقاقه الرئاسي. بنيامين نتنياهو عالق...