أصبح الحوار باختلاف أنواعه، هو المدخل الوحيد للبحث عن حلّ للأزمة السياسية القائمة. يتخذ الحوار أشكالاً متعددة، بأبعاد إقليمية ودولية، أو بأبعاد داخلية. فما بعد الإقتراح الفرنسي بدعوة الأفرقاء اللبنانيين إلى ورشة عمل على طاولة حوار. جاء تركيز رئيس مجلس النواب نبيه بري على ضرورة عقد حوار لمدة سبعة أيام يليها الذهاب إلى جلسات متتالية. طلب بري من الأميركيين المساعدة على عقد هذا الحوار من خلال إقناع حلفائهم وأصدقائهم.
إلى ذلك، تتجدد الرهانات على حوارات الخارج: إما الحوار السعودي الإيراني، الذي يركز العديد من اللبنانيين على أنه قد فتح وطاول الملف اللبناني انطلاقاً مما أعلنه وزير خارجية إيران حسين أمير عبد اللهيان، وإما الحوار الإيراني الأميركي، والذي يمكن بموجبه ان يتم الوصول إلى ترتيبات معينة.
حوار حزب الله-التيار
من بين الحوارات المطروحة أيضاً، الحوار المفتوح بين حزب الله والتيار الوطني الحرّ، الذي على ما يبدو، سيكون بحاجة إلى مسار طويل مع بدء الدخول في تفاصيل الورقة التي قدمها رئيس التيار جبران باسيل للحزب. وتشير مصادر متابعة إلى أن حزب الله الذي أبدى تأييداً للامركزية الإدارية الموسعة، لا يزال لديه اعتراضات على بعض تفاصيل المشروع، بما يتعلق باللامركزية المالية الموسعة وآلية تطبيقها وكيفية تقسيم الأقضية والصلاحيات التي ستعطى لهذه الأقضية من حيث التشريع أو من حيث انشاء قوى أمنية محلية.
وعلى وقع الحوارات المفتوحة، ثنائياً أو جانبياً، وفي ظل الدعوات إلى حوارات موسعة، تتغلب الأسئلة على الأجوبة. فهل يمكن للحوار السعودي الإيراني أن يؤدي إلى تسوية في لبنان؟ وإذا ما صحت المعلومات المسربة او المتداولة حول مساع إيرانية لفتح قناة تواصل مباشر بين السعودية وحزب الله من شأنها البحث في ملفات كثيرة عالقة سواءً كان ذلك في اليمن أم في لبنان، فهل يمكن لذلك أن يقود إلى إيجاد حل سياسي؟ أم أن الحوار الإيراني الأميركي، ربطاً بزيارة آموس هوكشتاين إلى بيروت وإثارة ملفي ترسيم الحدود البرية وضرورة إنتخاب رئيس جديد للجمهورية، فهل يقود ذلك إلى الوصول نحو ترتيبات معينة؟ هنا ماذا سيكون الموقف الخليجي من جهة، وموقف الأفرقاء على الساحة الداخلية من جهة أخرى؟
انحسار التأثير الفرنسي
بالنظر إلى المعطيات المتوفرة على أرض الواقع، فإن غالبية القوى السياسية تجزم بأن لا شيء جديد قد حصل، ولا توقعات بإمكانية الوصول إلى إتفاق نظراً للتباعد في المواقف والتوجهات أولاً، وبسبب رفض قوى متعددة الذهاب إلى الحوار ثانياً. كل هذه المؤشرات تقود إلى انحسار التأثير الفرنسي وسط تساؤلات تطرح حول موعد زيارة مبعوث الرئيس الفرنسي إلى لبنان جان إيف لودريان، وهل لا تزال هذه الزيارة قبل منتصف شهر أيلول، أم أنها أصبحت بحكم المؤجلة إلى ما بعد اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة والتي يفترض أن يعقد لقاء على هامشها بين ممثلي الدول الخمس ويمكن أن يصدر بيان واضح؟. تعثر المسار الفرنسي، من شأنه أن يقود إلى انتاج مسار جديد يمكن أن يكون رباعياً بالنظر إلى التطورات الأخيرة، وقوام هذا الرباعي مؤلف من الولايات المتحدة الأميركية، المملكة العربية السعودية، ايران، ودولة قطر.