الرئيسيةمقالات سياسيةإيران و”الحزب”: تجنب الحرب الكبرى والكسب بمراكمة النقاط

إيران و”الحزب”: تجنب الحرب الكبرى والكسب بمراكمة النقاط

Published on

spot_img

من يعرف ماذا قصد أمين عام حزب الله، السيد حسن نصرالله، عندما قال “إن اللحظة الآن ليست للحرب الكبرى، والغاية هي المراكمة بالنقاط”، يمكنه أن يستنتج لماذا لا يريد حزب الله الانخراط في حرب واسعة ضد العدو الإسرائيلي.
ومن يعرف طبيعة الحزب وتركيبته، لا يمكنه إلا أن يكون على قناعة بأن ردود فعل الحزب العسكرية على عمليات اغتيال أو استهداف مباشر لمسؤولين وكوادر لا يمكن التعاطي معها بطريقة عاطفية أو بردّ متهور. لا سيما أن حزب الله على قناعة تامة بأن الإسرائيليين يريدون استدراجه إلى حرب واسعة، يستفيدون منها من إبقاء حالة الحرب لديهم، على الرغم من الهدنة في قطاع غزة، ويحاولون الاستفادة من الوجود العسكري الأميركي في المنطقة والدعم الممنوح لهم.

زيارة عبداللهيان
لذلك، لا يريد الحزب منح الإسرائيليين ما يريدونه. ويستمر بقواعد “تراكم النقاط”. فبالتأكيد، أن أي حرب أو معركة عسكرية يكون هدفها تحقيق أهداف سياسية ومكاسب. وبالتالي، في حال نجح بذلك من دون الانخراط الواسع في الحرب، فلن يكون محتاجاً لدفع تكاليفها التي ستكون قاسية. ردّ الحزب سريعاً على استهداف 5 مسؤولين وكوادر في الحزب، بينهم نجل رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد، ومسؤول العمليات في فرقة الرضوان إلى جانب مسؤولين آخرين. لكن رده لم يخرج حتى الآن عن قواعد الاشتباك. فيما أراد الإسرائيليون تنفيذ هذه العملية قبل ساعات من الهدنة، في محاولة لإحراج الحزب واستفزازه أكثر، خصوصاً أن العملية جاءت بالتزامن مع وجود وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان في بيروت.
زيارة عبد اللهيان إلى لبنان، ولقاءاته مع مسؤولي حزب الله وحماس والجهاد، تأتي لمواكبة الهدنة. خصوصاً أن طهران تعتبر الهدنة بداية مسار الانتصار. وبحال تم النجاح في تطويرها إلى وقف لإطلاق النار، فإن مسألة الربح بالنقاط ستتحقق، خصوصاً أن اسرائيل لن تكون قد تمكنت من هزيمة حركة حماس، وتفاوضت معها. كما أن المشكلة الكبرى ستكون في الداخل الإسرائيلي من خلال الخلافات والصراعات التي ستنفجر بين المسؤولين الإسرائيليين.
هدف إيران هو وقف الحرب لا تصعيدها ولا تطويرها لتصبح حرباً إقليمية، لأن ذلك سيفيد اسرائيل باستدراج أميركا إلى جانبها.

ضربات واستفزاز
لا تخفي مصادر ديبلوماسية غربية أن لا أميركا ولا إيران تريدان الحرب، وهناك مفاوضات مباشرة وغير مباشرة بين الطرفين. وبالتالي، لا بد من الحفاظ عليها، وعدم الإطاحة بها بحال تدهورت الأوضاع أكثر. وتؤكد المعلومات أن عبد اللهيان في لبنان أشار إلى حرص إيران على التهدئة ومنع التصعيد والتدهور العسكري، ومواكبة الهدنة وتفاصيلها.
بالنسبة إلى إيران وحزب الله، بحال تم وقف الحرب، فإن الحكومة الإسرائيلية ستسقط. وهذا سيعتبر نقطة نجاح إضافية للإيرانيينز كما ستتم إحالة نتنياهو وغالانت إلى المحاكمة وغيرهم من المسؤولين العسكريين. لذلك لا تبدو إسرائيل أنها في وارد التخلي عن الحرب أو عن العمليات العسكرية. وهي تواصل استفزازاتها لحزب الله من خلال توجيه ضربات قوية، وآخرها استهداف خمسة من مسؤولي قوة الرضوان، بينهم نجل النائب محمد رعد، وبينهم أيضاً مسؤول العمليات في فرقة الرضوان، وأحد المسؤولين الميدانيين على الخطوط الأمامية في الفرقة.
هذه العملية تريد منها اسرائيل أن تستدرج الحزب إلى ردّ أعنف وأقوى للاستمرار بالحالة القتالية. لكن الحزب يعلم ذلك، وهو لا يريد منح الإسرائيليين هذه الفرصة. ولذلك فإن ردّ الحزب على اغتيال الكوادر الخمسة، سيكون ضمن القواعد المعروفة، وليس الحزب هو الذي يقدم على أي ردّ فعل عاطفي في مثل هذه الحالات، لأنه تنظيم يعتبر أن المسؤولين فيه معرضين للاغتيال أولاً، وثانياً سبق وسقط للحزب قادة ومسؤولون من عماد مغنية، إلى نجله جهاد، ومصطفى بدر الدين، وحسان اللقيس، إلا أن رده كان عقلانياً لا عاطفياً أو متهوراً يقود إلى التدهور.

أحدث المقالات

جنوب الحرب وشمال النازحين والدرّاجات.. تلغي”الدولة الوطنيّة”؟

كان المشهد في لبنان يوم الجمعة الماضي معبّراً جدّاً عن صورة البلد وإشكاليّاته، أو...

كيف سينعكس غياب رئيسي وعبد اللهيان على لبنان؟

بدأت التساؤلات تتوالى بعد مقتل الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ووزير خارجيته حسين عبد الأمير...

سباق التفاوض الإقليمي: “الثنائي الشيعي” للفوز بلبنان والرئاسة؟

أحداث من التاريخ يمكنها أن تتشابه أو أن تتكرر، وإن بسياقات وظروف مختلفة. أواخر...

الزيارة الأولى منذ اتفاق الدوحة… ما وصيّة جنبلاط من قطر؟

للمرة الأولى له منذ أيار 2008، يوم استضافت قطر القادة اللبنانيين وإعلان اتفاق الدوحة،...

المزيد من هذه الأخبار

قطر من “استوكهولم”: سلام شامل أو حرب أوسع..

تاريخ طويل من التفاوض الدبلوماسي بين القوى المحلّية والعالمية أعطى قطر القدرة على المراوغة...

هل تُطرَد غادة عون من القضاء؟

مع تحديد موعد لمثول النائبة العامّة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون أمس...

سياسيّو لبنان: “الأطفال الذين يلعبون بالرمل”؟

يرسم بعض المهتمّين الأجانب بأزمات لبنان صورة غير متفائلة جرّاء استمرار ربط الحلول فيه...

“الخُماسية” تُطلق مساراً رئاسياً حتى تموز: مشاورات أو عقوبات

ما تضمّنه بيان اللجنة الخماسية بعد اجتماعها أول من أمس في السفارة الأميركية، أحدث...

مهلة حزيران للحــزب: الرئاسة… أو نتنياهو

تعدّدت المهل التي أُعطيت لإنجاز الاستحقاق الرئاسي من دون أن تَصدُق أيّ منها. إلا...

“اليوم التالي” في غــزة ولبنان: الحرب اقتراح إسرائيل الوحيد

على دوي الحرب وهديرها، تتعدد مسارات البحث عن ما يسمى بـ”اليوم التالي” لغزة، وهو...

ماذا فعل “حــزب الله” في ملف النزوح؟

في 2 تشرين الأول 2023 تناول الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله ملف...

“الخماسية” في عوكر: “صيانة” دوريّة للحلّ

انعقد أمس الاجتماع الخامس للّجنة الخماسية المُمثّلة لواشنطن وباريس والدوحة والرياض ومصر في مقرّ...

صمود الحزب وحماس و”انتصارهما”: معركة نهاية الحروب في المنطقة؟

قاعدة “الحرب سجال” و”الأيام دول”، هي التي يعتمدها حزب الله وحركة حماس في المواجهة...

إنتقاد “المجتمع الدولي”… لتغييب إيران عنه؟

قد يكون انتقاد المجتمع الدولي والحملة على مواقفه، سواء في ما يخصّ عبء النازحين...

تعقيدات المفاوضات الحدودية: الطلعات والإعمار والتنقيب

لا كلام جدياً في الرئاسة. يستعيد سفراء اللجنة الخماسية حراكهم من خلال اجتماع تستضيفه...

الجيش بين باسيل و السيّد!

استبق الأمين العامّ للحزب السيّد حسن نصرالله جلسة التوصيات النيابية اليوم في شأن هبة...

نصرالله “المنتصر”: وصيّ على مستقبل لبنان وسوريا ولاجئيها

يستعجل حزب الله إعلان انتصاراته. لا يريد لها أن تقتصر على لبنان فقط، بل...

وثيقة بكركي: إيجابية بو نجم لا تُبدّد الصعاب

ستعلن بكركي وثيقتها التي حملت عنوان «المسيحيون في لبنان إلى أين؟» في غضون أسبوع...

عين الخارج على هويّة الرئيس قبل الحدود

كلٌّ عالق في مأزقه الخاصّ. جو بايدن عالق في استحقاقه الرئاسي. بنيامين نتنياهو عالق...