الرئيسيةمقالات سياسيةإيران كشفت ورقتها ... السعودية اعترضت... وأميركا "تبازر "

إيران كشفت ورقتها … السعودية اعترضت… وأميركا “تبازر “

Published on

spot_img

يبدو أن طهران وحزبها في بيروت قد كشفا أخيراً عن ورقتهما الرئاسية المستورة.

ويبدو أن ثمة اختلافاً أساسياً حيال ذلك داخل الخماسية.

وهو ما أدى إلى تعثر الاستحقاق الرئاسي، حتى الآن.

فالمملكة العربية السعودية تعتبر لبنان قضية قائمة بذاتها. لها خصوصيتها وأولويتها عندها.

فيما تعتبر الولايات المتحدة الأميركية لبنان ملفاً ملحقاً بمجموعة من الملفّات، ضمن المسألة الإيرانية.

وينبثق من هذا التباين اختلاف كبير. فالسعودية لا تقبل حلّاً على حساب لبنان. وهذا ما أثبتته تاريخياً. فيما أميركا قد لا تتردد في طرح الورقة اللبنانية في البازار الإيراني،  للبيع والشراء. وهو ما اعتادته تاريخياً أيضاً.

بدت فرنسا وكأنها تقترب من السعودية لبنانياً مجدّداً. وتبتعد الدولتان عن أميركا. فباريس عاجزة عن مواجهة واشنطن في بيروت بمفردها. فيما التفاهم الفرنسي السعودي يصبح حاسماً لبنانياً

فسنة 1976، وبعد أشهر على اندلاع الحرب اللبنانية، حاولت المملكة إنقاذ لبنان عبر الشرعية العربية ومؤتمر الرياض.

فيما سارعت أميركا إلى القبول بدخول الجيش السوري، ضمن رهان على تسوية مع حافظ الأسد، تستكمل اتفاق سيناء يومها.

وسنة 1982 مع اجتياح العدو الاسرائيلي، حاولت المملكة مجدداً، ودوماً عبر جامعة الدول العربية. فيما تركت أميركا لبنان لاسرائيل، ومن ثم لسوريا.

وصولاً إلى اتفاق الطائف بالذات، يوم رعت السعودية وثيقة وفاق وطني لبناني لإنهاء الحرب وإعادة بناء الدولة. فيما ذهبت أميركا إلى تلزيم لبنان كاملاً للأسد. مقابل موقفه من حربها في الخليج.

في مشاورات الخماسية هذا كان موقف السعودية المتجدد المتكرر والدائم. وهو ما فهمته فرنسا جيّداً. ولو بعد تأخير وتجريب لبضعة أشهر.

ففي أحدى لحظات التفاوض بين باريس وطهران وبيروت وغيرها من العواصم المعنية بأزمة الرئاسة اللبنانية، فهم أعضاء الخماسية بطريقة ما، أن الحزب يريد فرض عرف دستوري جديد، مقابل تسهيله انتخاب رئيس جديد للبنان.

شيء من نوع اتفاق دوحة-2. وإن لم يفصح الحزب ولا راعيه الإيراني عن المضمون الذي يريده منه وعن المكاسب الجديدة التي يطمح إلى فرضها عبره. ففي الدوحة-1، انتزع الحزب بسلاحه فيتو ضمنياً أو صريحاً، على آليات عمل الدولة اللبنانية كلها. من وزارة المالية إلى تكليف رئيس حكومة وتأليفها، انتهاء بانتخاب رئيس، ومروراً بكل تعيين أو تفصيل في الدولة.

وفوق ذلك كله، اعتبر سلاحه خارج أي مساءلة أو ضوابط. لا كمقاومة وحسب. بل كسلاح داخلي في كل لحظة ومحطة من حياة اللبنانيين.

هذا ما جعل السؤال أكثر قلقاً: ماذا يريد الحزب بعد إذن من دوحة -2؟!

المهم أن الرسالة وصلت إلى الخماسية، والفكرة طرحت: دوحة- 2 مقابل رئيس.

لم تنتبه واشنطن إلى أنّ ظروف اتفاق الدوحة 2008 لم تعد متوافرة اليوم. فلا الحزب قادر على اجتياح لبنان كما فعل في بيروت أيار 2008. ولا سوريا حاضرة لتحمي ظهره. ولا ثلاثي عربي تركي ليتوسط له. ولا الغرب وأوروبا تواقان لأي تسوية معه. سلسلة متغيرات جسدها عجز الحزب عن تأمين أكثرية نيابية لفرض مرشحه الرئاسي.

انتهجت واشنطن سياسة تمرير الوقت بحجّة إنضاج الطبخة. كما ساهمت في تحريض أعضاء “الخماسية” على فرنسا. وحاولت أن تكرّس صورة “رباعية + فرنسا”

نقاشات فرنسيّة في أروقة الإليزيه

حيال ذلك، تؤكد معلومات “أساس” أن دوائر الرئاسة الفرنسية تناقش ثلاث مسائل حيال لبنان:

– أولاً، الخشية من طرح الحزب وطهران لهذه المقايضة.

– ثانياً، المشاكل الكبيرة داخل الدبلوماسية الفرنسية، والتي عكست فشلها التكتيكي خارج الحدود الفرنسية والأوروبية، وخاصة في إفريقيا. خصوصاً ما وصف بصراعات الديوك الفرنسية في السيطرة على قرار السياسة الخارجية. ففيما ماكرون يدعم مبعوثه لودريان، كان بعض الرؤوس “المخفيّة” في الإدارة الفرنسية يعمل على عرقلة مساعيه.

– وثالثاً، العوامل التي أدت إلى عرقلة المساعي الفرنسية في لبنان.

الخوف والخشية “الفرنسيّان” من “دوحة” جديد

السؤال الأهم في الإليزيه الآن: ماذا لو لم تمانع أميركا شيئاً من دوحة-2؟ حتى ولو كان هذا موقفها الصامت أو المكتوم.

ذلك أن باريس لم تكن غافلة عن خطوات واشنطن داخل الخماسية: محاولتها أولاً اجتذاب قطر. ثم استمالة مصر. مع سعي للتماهي الشكلي مع السعودية. لكن المسعى الأميركي الفعلي كان يمهد لتطويق الموقف السعودي القاطع، برفض أي مس باتفاق الطائف. وللدفع عملياً لتحويل الخماسية إلى 5 زائد إيران. بحيث يصير “البازار” حول لبنان ممكناً.

وتمهيداً لهذا الهدف، انتهجت واشنطن سياسة تمرير الوقت بحجّة إنضاج الطبخة. كما ساهمت في تحريض أعضاء “الخماسية” على فرنسا. وحاولت أن تكرّس صورة “رباعية + فرنسا”. وذلك لحصار باريس، وبالتالي تطويعها لحظة نضوج الصقفقة.

في دوائر الإليزيه همس عن إدراك فرنسي لتلك المحاولة. وهو ما سعت باريس لصده  بالتنسيق مع الفاتيكان. فروما أقرب إلى الرؤية الفرنسية للمشهد اللبناني. وهي تدرك مثلها أن أي تعديل على اتفاق الطائف، في ظل موازين القوى الراهنة، يشكل آخر مسمار في نعش الصيغة اللبنانية وكيانية المناصفة والعيش الواحد في لبنان.

المملكة تتبنى حراك قطر في الملفّ اللبناني. بما لا يخرج عن الثوابت السعودية والإجماعين العربي والدولي. وبما لا يعرّض دول الخليج لأيّ تنافر في الموضوع اللبناني

فرنسا – السعوديّة.. لمواجهة أميركا؟

هكذا بدت فرنسا وكأنها تقترب من السعودية لبنانياً مجدّداً. وتبتعد الدولتان عن أميركا. فباريس عاجزة عن مواجهة واشنطن في بيروت بمفردها. فيما التفاهم الفرنسي السعودي يصبح حاسماً لبنانياً.

وهذا ما لاحت تباشيره في كلام لودريان الأخير، عن إسقاط المبادرة الفرنسية الأولى. كما في زيارته الرياض ولقائه وزير الخارجية السعودية، بحضور مسؤولي الملف اللبناني في المملكة.

فالمملكة تتبنى حراك قطر في الملفّ اللبناني. بما لا يخرج عن الثوابت السعودية والإجماعين العربي والدولي. وبما لا يعرّض دول الخليج لأيّ تنافر في الموضوع اللبناني.

الأفضليّة القطريّة والقواعد الفرنسيّة

هكذا تنبثق الأفضلية القطرية على المبادرة الفرنسية، من فكرتين:

– حيادية قطر وقدرتها على التواصل مع الجميع، وخاصة إيران.

– طرحها لشخصيّات تحظى بالتوافق والمقبولية المحلية اللبنانية والدولية. على عكس المبادرة الفرنسية التي حاولت تسويق مرشح الحزب بدايةً.

وحيال هذه الأفضلية القطرية تبدو فرنسا مرحبة. فهي باتت مهتمة بإنجاز الاستحقاق الرئاسي أكثر منها باسم الرئيس. وتحاول لذلك تذليل العقبات، مع حماية الطائف.

فيما الخشية المستمرة من حسابات أميركية تقوم على التالي:

– استساغة تقديم الهدايا إلى إيران وحزبها.

– استمرار الرهان على صفقة حدودية جديدة بين الحزب اسرائيل في جنوب لبنان.

– عدم اكتراث واشنطن بلبنان كدولة. فكيف بنظامه ووثيقة وفاقه الوطني؟!


– مكافأة قطر على جهودها في وساطة فدية الأسرى مع إيران.

– استمرار بايدن في منحى رئيسه السابق وسلفه أوباما. بالرهان على تفاهم نووي ولو غير مكتوب مع إيران.

– التمادي في إضعاف فرنسا ماكرون، من أوستراليا وغواصاتها إلى أفريقيا وثوراتها انتهاء بلبنان ورئاسته.

رسمياً، حرص الجانبان الأميركي والفرنسي بعد لقاءات نيويورك، على نفي أي تباين بينهما. وعلى تأكيد تطابق موقفهما في لبنان.

لكن المحك سيكون لحظة تفتح إيران ورقة حزبها، أو تفضحها: نريد ثمناً جديداً مقابل التسوية. أعطونا شيئاً بين الدوحة والطائف، وإلا لا رئيس، كما حقق الطائف والدوحة.

عند هذا الامتحان، ستظهر حقيقة مواقف الجميع. وسيعرف فعلاً ما سيكون مستقبل لبنان.

أحدث المقالات

مادة انتقاد “عونيّة” لقائد الجيش!

أضاف مسؤولون في «التيار الوطني الحر» أن إجراءات الجيش اللبناني لمكافحة تهريب الأفراد السوريين...

بو حبيب: فرنسا أقصتنا عن اجتماعات لأننا فشّلنا مبادراتها

عَقّد تجدّد الحرب الإسرائيلية على غزة المشهد إقليمياً ولبنانياً. عادت ساحة المواجهات بين «حزب...

تقويض القرار 1701… بتواطؤ دولي

يتعامل العالم مع جرائم هائلة تسحق أهل قطاع غزة وتبيدهم، بالكثير من البرود والتجاهل...

“تطابق” فرنسي-سعودي لبنانياً.. وتحذيرات حول مصير الجنوب

أصبحت الدوامة السياسية اللبنانية الداخلية “مضجرة” في كيفية التعاطي مع الاستحقاقات الأساسية، لا سيما...

المزيد من هذه الأخبار

“ربط الساحات” بين غزّة… والضاحية واليرزة!

تندرج زيارة الموفد الفرنسي جان إيف لودريان تحت عنوانين أساسيّين فرضتهما التطوّرات الأخيرة: – تجدّد...

بين “التيار” وبكركي لا قطيعة… ولكن!

تعثرت محاولات رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل لتحسين علاقته بالبطريرك الماروني بشارة...

قطر طرحت سلّة كاملة وقدّمت ترشيحَيْ البيسري وحتّي

تكاد تكون قطر الدولة العربية الأكثر قرباً من «حماس» نظراً الى حسن علاقتها بها...

محمد رعد الجار والأب

تعود معرفتي بالنائب محمد رعد إلى ما يقارب أربعين عاماً. عرفت والده كرجل فاضل...

لودريان بعد هوكشتاين…”اطلالة” على الحدود والأفق الرئاسي المسدود

فرضت تطورات الوضع الإقليمي نفسها على المشهد الداخلي، وهو ما أسهم في “تطوير” عمل...

إنقلاب عسكري بقيادة الجيش في 10 كانون الثاني؟

بعد الإنقلاب السياسي في 31 تشرين الأول 2022 بمنع انتخاب رئيس للجمهورية، وفرض الفراغ...

قيادة الجيش: لا التعيين مُيسّرٌ ولا التمديد آمن

دونما أن تكون خافية صلة الوصل بين استحقاقَيِ الجيش ورئاسة الجمهورية، إلا أن مرور...

الفرنسيّون متمسكون بـ”مرشح ثالث” للرئاسة

يحط الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان في بيروت يوم الأربعاء في زيارة تستمر...

الإزدواجية العالمية: الفيلسوف الألمانيّ هابرماس يدعم إسرائيل

“إنّ حرب إسرائيل على غزة مبرَّرة مبدئياً” ولا يجوز وصفها بأنّها تشبه المحرقة أو...

الدور القطري يتكرس.. والحل اللبناني بمفاوضة “الحزب” أولاً

تسير الوقائع اللبنانية على الإيقاع الإقليمي. الهدنة في غزة تنعكس على الجنوب، والتصعيد سيقابله...

سيناريو أميركي.. بنسخة إيرانية؟

نجاح تنفيذ أولى الهدن الإنسانية في غزة، وإتمام عملية تبادل الدفعة الأولى من الأسرى،...

معادلةٌ صعبة أمام “الحزب”… وخياران في ملفّ قيادة الجيش

يقف «حزب الله» أمام معادلة صعبة في حسمه خياراته لملء الشغور في قيادة الجيش...

“رئاسة” بعد الهدنة: المفتاح بيد الحزب

تستبعد أوساط مطّلعة أن يقود استئناف الحراك الفرنسي والقطري باتجاه لبنان إلى إحداث خرق...

جبهة لبنان معلّقة… ونية لاستئناف الحرب

بموازاة حالة عدم اليقين التي تلفّ مصير «الوقفة الإنسانية» للقتال والتي سمّيت هدنة قابلة...

الخشية من “غلاف الليطاني”

تكاد الصورة تكون متعارضة كلياً، بين ما حدث في غزة صباح السابع من تشرين...