الرئيسيةمقالات سياسيةإستقواء باسيل بجعجع لكسر كلمة نصرالله

إستقواء باسيل بجعجع لكسر كلمة نصرالله

Published on

spot_img

يخيّل للمرء، وهو يراقب معركة استيلاد ساكن جديد للقصر الرئاسي، أنّ زوايا الكوكب تهتز. لأنّه على ملء شغور الرئاسة اللبنانية يتوقف الإنتظام الدولي العام، وينتعش الإقتصاد العالمي، ويسود السلام والاستقرار من السودان الى اوكرانيا.
تعبئة كرسي الرئاسة اللبنانية، دونها حروب، جعلت طرفا حرب الإلغاء التيار العوني والقوات اللبنانية، الذين ورغم جراحات تفاهم معراب غير المندملة ينخرطون في تحالف جديد الهدف المركزي منه ليس منع انتخاب سليمان فرنجية، وانتخاب جهاد أزعور، وإنمّا إصابة حزب الله بهزيمة داخلية منكرة.
تحوّل كشف حقيقة المواقف العميقة تجاه حزب الله خصوصاً من شريكه في تفاهم مار مخايل التيار الوطني الحر. تحوّل، كشف أيضاً التجرؤ على رفض مواقف حزب الله وسياساته المضمونة النتائج سابقاً، بهزّة إصبع هنا، ورفع نبرة صوت هناك.

تجرؤ، كشف أنّ تهديدات حسن نصرالله باتت أشبه برصاص خلّبي يحدث قرقعة ولا يسيل دماً، ويبدو أنه في نظر جبران باسيل المتنادد مع حسن نصرالله، متناسلاً من الصواريخ الصوتيّة ضد اسرائيل. تجرؤ، كشف صحة تخوّفات وهواجس نصرالله ومطلبه الاستراتيجي في انتخاب رئيس لا يطعن المقاومة في ظهرها. ورغم كل التجرؤات المفاجئة لم يعلن نصرالله ولا أيّ من مسؤولي حزب الله، أنّ باسيل هو المقصود قبل غيره بطعن المقاومة، لكنهم تركوا لباسيل أن يكشف حقيقة طعنه بنفسه.
وبعيداً عن كيفية ونوعية ردّ حزب الله، على انخراط باسيل في تحالف مع خصومه الألدّاء وخصوصاً القوات اللبنانية. فالمسألة بالنسبة للحزب باتت أعمق من انتخاب رئيس جديد، يعرف القاصي والداني وخصوصاً المتحالفين الجُدُد أنّه لن يصل بدون موافقة الحزب. المسألة باتت في تعوّد الحزب على افتقاد ردائه المسيحي الذي لطالما شكّل تغطية هامة له، بذات الحجم الذي كان فيه مصدر استقواء لشريكه المسيحي سابقاً، ليستفرد ليس بالسلطة وتركيباتها فقط، وإنّما أيضاً بالتنكيل والتقريع برؤساء الحكومة قبل تكليفهم وبعد تشكيلهم. وهذا ما تنبّه لمخاطره الحزب، لكن بعد انفراط عقد زواجه غير الماروني مع باسيل، فأخذ يتودّد للطائفة السنية محاولاً استرضائها عبر دعمه اجتماعات جلسات مجلس الوزراء لحكومة تصريف الأعمال ورئيسها نجيب ميقاتي، كوسيلة ضغط على جبران باسيل الذي ردّ بتكسير كل جرار الفخّار مع ندّه حسن نصرالله، وبلغ تكسير باسيل مداه، في إعلانه وبحضور الرئيس السابق ميشال عون، عن دعم ترشيح جهاد أزعور عبر تقاطع مع القوات اللبنانية والكتائب وبعض التغيريين.

تقاطع، يتصرف المتحالفون الجُدُد بموجبه، على أنهم أمّ الصبي، أي الرئيس الماروني الجديد. وأنّ اتفاقهم على اسم «الصبي الجديد»، يفرض على بقية الطوائف والكتل أن تسير وراءهم وتتبنّى قرارهم. فالمنصب الدستوري الأول في الدولة وفق ما يعلنون، هو حق حصري للموارنة في اختراعه واختياره ليفرضوه على الجميع. بذات مستوى النديّة، التي يعلنون عبرها رفضهم لأن يفرض حزب الله ونبيه بري عليهم رئيساً.
بهذا ومن حيث دروا، أم لم يدروا ينفذون مبدأ «المثالثة»، الذي لطالما تظاهروا برفضهم له. فبما أنّ الشيعة يختارون ويفرضون ممثلهم الدستوري الأول في رئاسة المجلس النيابي، والسُنّة يفعلون الأمر ذاته في رئاسة الحكومة. فلهم أي للمتحالفين الجُدُد الحقّ بتسمية رئيس الجمهورية الماروني.
لكنهم بهذا يقفزون على وقائع سياسية كبيرة، منها، أنّ نبيه بري الرئيس الشيعي التاريخي لمجلس النواب، يُنتخب لعدم وجود منافس شيعي له. أمّا موقع رئيس الحكومة السنّي فتحوّل الى أكثر من ملطشة. وهناك أمثلة ساطعة حتى للعميان، سنكتفي بعرض نموذجين منها، ليس بينها تعجيز سعد الحريري ثم دفعه للإعتذار المُهين.

الأوّل: تكليف حسّان دياب برئاسة الحكومة. وهو تكليف استقوائي من التيار الوطني الحر ورئيس الجمهورية ميشال عون بحليفه وشريكه وعلّة وجوده في سدّة الرئاسة حزب الله. تكليف دياب، ليس عارياً من أيّ حيثية أو تغطية سنيّة فحسب. بل تكليف استشعرت فيه الطائفة السنية قهراً لها، وتطاولاً على إرادتها، وتهشيماً لشكيمتها، ومن قبل إغتيال رفيق الحريري.
الثاني: تكليف نجيب ميقاتي العاري من أصوات التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية والكتائب، أي الأحزاب المسيحية الكبرى التي رفضت تسميته لرئاسة حكومة ستؤول اليها صلاحيات رئيس الجمهورية في ظل شغور رئاسي يملأه الفراغ. تكليف الـ 54 صوتاً، الأكثر هزالاً في تاريخ رؤساء الحكومات، وكان يفترض بالمكلّف نجيب ميقاتي عدم التصرف بدونيّة، بل الاعتذار عن قبول التكليف، لا أن يضيف مهانات جديدة لموقع ومكانة الطائفة السنية المُبتلاة بنوعية رديئة من رؤساء حكومات لا يجيدون سوى البكاء والتسوّل المهين على موائد الدول.
إذن، الأداء السياسي الماروني شكّل سوابق لا سابقة واحدة، في الطعن بشركاءِ الوطن والتجاوز عليهم. أداء لم يحترم اختيارات الطائفة السنيّة ولا موقفها، بدليل استقواء باسيل بحزب الله كما أسلفنا، ليفرض على الطائفة السنيّة رئيساً للحكومة يعلم مسبقاً بأنّه لا يمتلك أي حيثية في طائفته.

بهذا بات باسيل، ملك الاستقواء بدون منازع، وها هو اليوم يستقوي بغريمه الودود سمير جعجع وبعض التغيريين من منشدي «الهيلا هيلا هو» الذين بلعوا شعار «كلن يعني كلن» وتحلقوا حول هدف مركزي واحد هو كسر إصبع حسن نصرالله وتحويل مفاعيل تهويلاته لأقل من رصاص خلّبي.
أغلب الظن، لم يفُت ترويكا الأحزاب المسيحية، أن توافقها على رئيس جديد، غير مُلزم للمكونات اللبنانية الأخرى. فالطائفة الدرزية التي استقال زعيمها ما قبل الأول وليد جنبلاط ، لن تنخرط في أي موقف تحدٍّ لأحد.

أمّا الطائفة السُنّيّة، فلديها وبحسب ما أعلنه خصوصاً النائب وليد البعريني باسم تكتل نيابي وازن، حساب قديم تريد أن تصفيه مع المتطاولين عليها. إلّا اذا نجحت البطريركية المارونية عبر موفدها المطران بولس عبد الساتر الذي التقى زعيم حزب الله في ابتكار صيغة توافقية لتسمية رئيس جديد يتمتع بحاضنة وطنية، وهذا أمر صعب المنال ضمن الإصطفافات الحالية المهجّنة.
لكن ماذا إذا سارع نبيه بري في اللحظات الأخيرة وانقلب على نفسه وتاريخه، وخاف من تهديدات باربارا ليف وسيف عقوباتها المشحوذة ببصمات لبنانية، وتوجّه مسرعاً الى مربعات الضاحية لإقناع سيّدها، ليس بالتخلّي عن سليمان فرنجية، وإنّما عن السلاح أيضاً.
هزُلت..

أحدث المقالات

لوائح بأسماء المرشحين للرئاسة: حرق المبادرات وهدر الفرص

يتعاطى الأفرقاء اللبنانيون مع الاستحقاق الرئاسي بانعدام الجدّية، كما مع كل المبادرات أو المساعي...

 الوساطة القطرية: الثنائي يتمسك بفرنجية وباسيل لا يمانع البيسري

بعد أسابيع الانشغال بزيارة الموفد الفرنسي الخاص جاء دور الانشغال بزيارة الموفد القطري للأيام...

رسالة سعودية وتهديد عوكر والتحرك القطري

إختزن الأسبوع الفائت عدداً من الوقائع المتفرقة حيال المأزق اللبناني، الذي تقر مصادر المعلومات...

بصمات شاب من الشرق الأوسط

ذات يومٍ دعاني رجلٌ شهيرٌ إلى فنجان قهوة. وكانتِ الدعوةُ مغريةً فقد تيسّر للرجل...

المزيد من هذه الأخبار

  موجات النزوح تجدّدت ومداهمات للجيش

ملف النازحين مفتوح على شتى الاحتمالات، مع تزايد موجات النزوح خلال اليومين الماضيين عبر...

 اجتماع نيويورك: انتخاب الرئيس لا يزال مؤجلا

تتفق الدول الخمس على الحوار وتختلف على الرئيس، فيما الافرقاء اللبنانيون يختلفون على الحوار...

الحقيقة المرّة: لبنان ليس على طاولة التفاوض

في خضمّ الغموض المتواصل حول مصير الجهود الخارجية للتوصّل إلى اتفاق على انتخاب رئيس...

هويّة الرئيس عنوان المرحلة..

منذ انسحاب الجيش السوري من لبنان عام 2005، تمّ استبدال النفوذ السوري، الذي كان...

دجاجة الإنتخاب أولاً أم بيضة الحوار..؟!

ماذا تنفع كل الجهود والوساطات والإجتماعات التي تُعقد على مختلف المستويات، وخاصة بالنسبة للقاء...

دُفنت منصّة صيرفة ورأت «بلومبورغ» النور

طُويت صفحة منصّة صيرفة، ودُفنت في الدروج والدهاليز الرسمية، وستُذكر في كتب تاريخ أكبر...

الودائع أحرجت الجميع وأسقطت الاتفاق والخطة

هناك مجموعة من الأهداف للزيارة التي قام بها وفد صندوق النقد الدولي الى بيروت...

الحزب يحاور “المسيحيين”… أحزاباً وفرادى

في مواجهة التحدّيات المختلفة التي يواجهها لبنان واللبنانيون اليوم، عمد المسؤولون في الحزب خلال...

برّي لـ«اللواء»: جلسات متتالية على طريقةانتخاب بابا روما

يكاد الرّئيس نبيه برّي يكون الوحيد الّذي يحمل على عاتقه هموم الأمن والسّياسة والرّئاسة...

 الاخبار تنشر نص وثيقة دبلوماسية من سفارة عربية في بيروت

علاقة العرب بفكرة المؤامرة ملتبسة إلى حدّ تمرير مؤامرات كبيرة لا يقتنع أحد بها،...

 لودريان: عدنا إلى النقطة الصفر

انتهت، أمس، زيارة الموفد الفرنسي الى لبنان جان إيف لودريان بإعادة تثبيت الوقائع السياسية...

أيّ «النصابين» مطلوب: لـ«طاولة حوار» أم لـ«جلسة انتخاب»؟!

قبل ان تنتهي الجولة الثالثة للموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان في الساعات المقبلة،...

عين الحلوة هل يلحق بنهر البارد؟

كلام القيادي الفلسطيني الفتحاوي عزام الأحمد عن وجود أطراف خارجية تُغذي القتال المستمر في...

باب التحوُّلات فُتِح في الشرق الأوسط

في أيلول الجاري، هناك حدثان يُعتبران من علامات المرحلة المقبلة في الشرق الأوسط: الأول...

مخيَّم عين الحلوة يحاكي إقليم التفاح

دخلت أزقة وأحياء مخيم عين الحلوة موسوعة خطوط التماس الإقليمية في لبنان لتنضم الى...