الرئيسيةمقالات سياسيةإذا فشلت مفاوضات غــزة.. فالخوف الأعظم على لبنان

إذا فشلت مفاوضات غــزة.. فالخوف الأعظم على لبنان

Published on

spot_img

الإفشال المتعمد الذي يقوم به رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، لكل مسارات التفاوض حول الهدنة ووقف إطلاق النار في غزة، يشير بشكل واضح إلى طريقة تفكير الرجل، الذي لا يريد الاستثمار بغير الحرب وإطالة أمدها.
في خلال انعقاد جلسات التفاوض في القاهرة، كشف الإعلام الإسرائيلي أن نتنياهو تحدث لوسائل إعلام بصفة “مصدر كبير” عن إصرار إسرائيل على استكمال عمليتها العسكرية في رفح، بمعزل عن الوصول إلى اتفاق. هو موقف هدفه استفزاز حركة حماس، التي تتشدد في شروطها على تحصيل ضمانات بأن الهدنة وإطلاق سراح الرهائن سيؤسس إلى وقف دائم لإطلاق النار، وعدم عودة إسرائيل إلى مواصلة القتال.

أجندة نتنياهو
أن يصل الإعلام الإسرائيلي إلى كشف هوية نتنياهو كمعني بالتسريب، يشير إلى حجم المشاكل داخل اسرائيل، والصراع على التسريبات. إذ جاء الردّ من قبل وسائل إعلام إسرائيلية أخرى، نقلاً عن مسؤولين عسكريين هذه المرة، وهم يشيرون إلى أن الحرب أصبحت شبه منتهية، وأنه لا بد من إبرام صفقة، لأن الأولوية هي لإطلاق سراح الرهائن. هذا التضارب في التسريبات يشير إلى حجم التباعد في وجهات النظر بين رئيس الحكومة والمسؤولين العسكريين. ترافق ذلك مع تسريبات نقلاً عن وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، بأنه دعا رئيس الحكومة خلال اجتماع حكومة الحرب إلى الموافقة على الصفقة المقدمة في المقترح المصري. ذلك لا ينفصل عن اتهامات متبادلة بين الجانبين، حول من يتحمل مسؤولية الإخفاقات. وكل ذلك محاولات استباقية لمرحلة ما بعد الحرب، والدخول إلى حقبة المحاكمات والتحقيقات والمحاسبة، والتي بالتأكيد لا يريد نتنياهو أن يصل إليها.
أصبح واضحاً، أن وقف الحرب ليس على أجندة نتنياهو. وهو ما يؤسس إلى مزيد من الخلافات داخل اسرائيل، كما يسهم في زيادة ورفع منسوب التوتر مع الولايات المتحدة الأميركية، وخصوصاً مع إدارة جو بايدن، لا سيما أن الأخير يركز على ضرورة إنجاز الصفقة، التي يريد من خلالها إطلاق سراح الرهائن الأميركيين السبعة لدى حركة حماس. هذا نوع من الكباش بين الإدارة الأميركية ونتنياهو، الذي لا يرى أمامه إلا استمرار الحرب بغض النظر عن كل المساعي الدولية والإقليمية، ولذلك هو يستعيد استحضار “المحرقة” كتحفيز لليهود على تأييده في مواصلة القتال.

الخوف على لبنان
بلغ نتنياهو مرحلة متقدمة من التهور، خصوصاً أن جانباً من قراراته يتخذه بناء على انطباعاته وانفعالاته الشخصية، والتفكير في مستقبله الخاص. ومن غير المعروف مدى قدرة الضغط الأميركي على التأثير في منعه من مواصلة الحرب، أو في تشكيل ائتلاف يسمح بإسقاط حكومته والذهاب إلى انتخابات مبكرة، أو تشكيل ائتلاف يوفر له مظلة تبعده عن الحاجة إلى نماذج بن غفير، وسموتريتش، وتؤمن له استمرارية سياسية في رئاسة الحكومة حالياً، مع توفير ظروف وقف إطلاق النار. دون ذلك، فإن الرجل سيستمر في جنونه القابل لإشعال المنطقة ككل، خصوصاً عندما عاد وتحدث عن مواجهة إيران، أو المواجهة على مختلف الجبهات.
في حال نجح نتنياهو بالإطاحة بكل المساعي الدولية والإقليمية لوقف لإطلاق النار، واستمر بالحرب، واضعاً العالم كله تحت الأمر الواقع، فحينها لا بد من إعلان الخوف أكثر على لبنان. ولا بد من استشراف مرحلة مقبلة من المراوغة الإسرائيلية، في أي مفاوضات متصلة بالوضع على الجبهة اللبنانية. فإذا أجهض نتنياهو كل محاولات وقف الحرب على غزة، فسيكون مستعداً لإجهاض كل محاولات وقف التصعيد العسكري مع لبنان، أو ترتيب اتفاق ديبلوماسي أو سياسي. علماً أن الإعلام الإسرائيلي يسرب عن مسؤولين عن أنه لا خيار بديل عن معركة عسكرية كبرى تعيد تشكيل الموازين العسكرية على الحدود مع لبنان.

أمثولة 1982
في كتابه عن تاريخ العلاقات اللبنانية الأميركية، يروي السفير الأميركي السابق في لبنان، ديفيد هيل، عن اجتياح إسرائيل للبنان في العام 1982. ويقول إنه في حينها لم تكن الولايات المتحدة الأميركية مؤيدة لخيار الاجتياح والوصول إلى بيروت. فالعملية العسكرية الإسرائيلية التي أعلن عنها شارون كانت تفترض الوصول إلى خط الأولي (شمال صيدا)، لكنه وضع العالم تحت الأمر الواقع بالوصول إلى بيروت وسط معارضة أميركية.
في حال فشل محاولات الوصول إلى وقف لإطلاق النار في غزة، فلا بد من التحسب أكثر في لبنان لمزيد من احتمالات التصعيد الإسرائيلي والتورط في حرب أو أيام قتالية مع حزب الله، وعندها لا بد من الأخذ في الاعتبار كلام نتنياهو عن الاستعداد للقتال على جبهات متعددة، ولو كان وحيداً، وكلام وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس خلال زيارة وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورني إلى تل أبيب، إذ قال إن اسرائيل ستشن عملية عسكرية على جنوب لبنان، وستعمل على احتلال أجزاء واسعة منه في حال لم ينسحب حزب الله.

أحدث المقالات

جنوب الحرب وشمال النازحين والدرّاجات.. تلغي”الدولة الوطنيّة”؟

كان المشهد في لبنان يوم الجمعة الماضي معبّراً جدّاً عن صورة البلد وإشكاليّاته، أو...

كيف سينعكس غياب رئيسي وعبد اللهيان على لبنان؟

بدأت التساؤلات تتوالى بعد مقتل الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ووزير خارجيته حسين عبد الأمير...

سباق التفاوض الإقليمي: “الثنائي الشيعي” للفوز بلبنان والرئاسة؟

أحداث من التاريخ يمكنها أن تتشابه أو أن تتكرر، وإن بسياقات وظروف مختلفة. أواخر...

الزيارة الأولى منذ اتفاق الدوحة… ما وصيّة جنبلاط من قطر؟

للمرة الأولى له منذ أيار 2008، يوم استضافت قطر القادة اللبنانيين وإعلان اتفاق الدوحة،...

المزيد من هذه الأخبار

قطر من “استوكهولم”: سلام شامل أو حرب أوسع..

تاريخ طويل من التفاوض الدبلوماسي بين القوى المحلّية والعالمية أعطى قطر القدرة على المراوغة...

هل تُطرَد غادة عون من القضاء؟

مع تحديد موعد لمثول النائبة العامّة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون أمس...

سياسيّو لبنان: “الأطفال الذين يلعبون بالرمل”؟

يرسم بعض المهتمّين الأجانب بأزمات لبنان صورة غير متفائلة جرّاء استمرار ربط الحلول فيه...

“الخُماسية” تُطلق مساراً رئاسياً حتى تموز: مشاورات أو عقوبات

ما تضمّنه بيان اللجنة الخماسية بعد اجتماعها أول من أمس في السفارة الأميركية، أحدث...

مهلة حزيران للحــزب: الرئاسة… أو نتنياهو

تعدّدت المهل التي أُعطيت لإنجاز الاستحقاق الرئاسي من دون أن تَصدُق أيّ منها. إلا...

“اليوم التالي” في غــزة ولبنان: الحرب اقتراح إسرائيل الوحيد

على دوي الحرب وهديرها، تتعدد مسارات البحث عن ما يسمى بـ”اليوم التالي” لغزة، وهو...

ماذا فعل “حــزب الله” في ملف النزوح؟

في 2 تشرين الأول 2023 تناول الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله ملف...

“الخماسية” في عوكر: “صيانة” دوريّة للحلّ

انعقد أمس الاجتماع الخامس للّجنة الخماسية المُمثّلة لواشنطن وباريس والدوحة والرياض ومصر في مقرّ...

صمود الحزب وحماس و”انتصارهما”: معركة نهاية الحروب في المنطقة؟

قاعدة “الحرب سجال” و”الأيام دول”، هي التي يعتمدها حزب الله وحركة حماس في المواجهة...

إنتقاد “المجتمع الدولي”… لتغييب إيران عنه؟

قد يكون انتقاد المجتمع الدولي والحملة على مواقفه، سواء في ما يخصّ عبء النازحين...

تعقيدات المفاوضات الحدودية: الطلعات والإعمار والتنقيب

لا كلام جدياً في الرئاسة. يستعيد سفراء اللجنة الخماسية حراكهم من خلال اجتماع تستضيفه...

الجيش بين باسيل و السيّد!

استبق الأمين العامّ للحزب السيّد حسن نصرالله جلسة التوصيات النيابية اليوم في شأن هبة...

نصرالله “المنتصر”: وصيّ على مستقبل لبنان وسوريا ولاجئيها

يستعجل حزب الله إعلان انتصاراته. لا يريد لها أن تقتصر على لبنان فقط، بل...

وثيقة بكركي: إيجابية بو نجم لا تُبدّد الصعاب

ستعلن بكركي وثيقتها التي حملت عنوان «المسيحيون في لبنان إلى أين؟» في غضون أسبوع...

عين الخارج على هويّة الرئيس قبل الحدود

كلٌّ عالق في مأزقه الخاصّ. جو بايدن عالق في استحقاقه الرئاسي. بنيامين نتنياهو عالق...