هل حان الوقت لنقول وداعاً للهيركيت؟
أو بالأحرى هل توقفت عملية الإعتداء على حقوق المودعين، وإجبارهم على القبول بصرف دولاراتهم في المصارف على ١٥ ألف ليرة، في حين سعر السوق السوداء وصل إلى ١٥٠ ألف ليرة؟
ولماذا إنتظر حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الأسابيع الأخيرة من ولايته، حتى يُبادر إلى إنهاء النهب المنظم لأموال المودعين في المصارف؟
تساؤلات وغيرها كثير، أثارها التعميم الجديد لحاكم المركزي، والذي حصر السحب الشهري من الودائع بأربعمائة دولار فريش، وألغى شرط تحويل الدولارات المسحوبة، أو جزءًا منها إلى الليرة بالسعر الرسمي المحدد بـ ١٥ ألف ليرة فقط، والذي إستمر قرابة ثلاث سنوات، في وقت كانت الحكومة قد رفعت الدولار الجمركي إلى ٤٥ ألفاً، وإعتمدت وزارتا الكهرباء والإتصالات سعر الدولار على منصة «صيرفة» ( بين ٨٩ و ٨٥ الفاً) في تعرفات التيار الكهربائي وفواتير الهاتف الخليوي والأرضي، وكذلك خدمات الأنترنيت المختلفة.
يبدو واضحاً أن سلامة يحاول «تبييض» صفحته قبل مغادرته منصبه نهاية الشهر الحالي، بعدما خفّض قيمة الودائع من ١٢٧ مليار دولار إلى حوالي ٨٧ مليار دولار، أي ثلث مجموع الودائع في المصارف طار من حسابات المودعين، بسبب الإجراءات التي فرضها في التعميم ١٥٨.
يُضاف إلى تلك المأساة، فضيحة ما سمّي في حينه «دعم المواد الغذائية» التي بددت ٢٢ مليار دولار من إحتياطي المركزي، ذهبت بمعظمها إلى جيوب كبار التجار والمحاسيب والأزلام التابعين للمنظومة الفاسدة. ووصلت «المواد المدعومة» إلى الكويت وساحل العاج وغيرها من الأسواق على حساب أموال المودعين.
أما بدعة «صيرفة»، فقد تحولت إلى منصة للنهب المقنن لمصلحة المصارف وكبار التجار والمتمولين، الذين يحققون أرباحاً يومية بمئات الألوف من المليارات بالليرة اللبنانية، من فارق العشرة بالمئة تقريباً بين دولار صيرفة والدولار الأسود.
والمفارقة أن سلامة أصرَّ على بقاء «صيرفة» رغم الكلفة العالية التي يتكبدها المركزي يومياً، ورغم معارضة نواب الحاكم، وفي مقدمتهم النائب الأول وسيم منصوري، الذي طالب أكثر من مرة في إجتماعات المجلس المركزي بإلغائها، حفاظاً على البقية الباقية من الإحتياطي المتراجع يوماً بعد يوم.
فهل إجراءات سلامة الجديدة هي من باب الإعتراف بالخطأ، والتنصُّل من الذنب، أم هي مجرد خطوات لتبييض الصفحة السوداء والهروب من المسؤولية؟