السوري، وصحيحٌ أنّها تواصل عمليات التشييع القسرية في مناطق احتلالها، غير أنّ هذا «الاحتلال» تحوّل إلى عبءٍ حقيقيّ عليها، وهي التي تعاني معاناة شديدة في الداخل وتنهار عملتها مقابل الدولار بشكل قياسي، حتّى أنّها اضطرّت للطلب من نظام بشار الأسد أن يدفع نقداً ثمن النفط الذي تزوّده به وتعلن انتهاء زمن «العطايا».
تحوّل وجود «حزب الله» في سوريا وجحافله وآلته العسكرية في لبنان، أيضاً إلى عبءٍ استراتيجي، وعندما تحدّث نصر الله عن «اليد التي توجعه» بسبب الانهيار المالي في لبنان، فإنّه لم يكن يتحدّث فقط عن البيئة الشيعية الواسعة، بل إنّه كان يبحث عن توسيع الأفق لإيجاد موارد مالية تمكّنه من الاستمرار في إدارة هذا الجيش الذي يفقد جدواه عند مشغليه وعند بيئته وعند اللبنانيين، بعدما تحوّل سلاحاً معادياً للعرب، ومحيَّداً تجاه الكيان الإسرائيلي.
قد يكون مبكِّراً الحديث عن ترجمة الاتفاق الإيراني – السعودي، لكنّ الأكيد أنّ التوازنات في المنطقة قد تغيّرت، وهي سبق أن شهدت تغييراً هاماً في الانتخابات الأخيرة عندما سقطت الأغلبية من يدي «حزب الله». والآن تظهر بوادر مرحلة جديدة تسمح بإدارةٍ مختلفة للمواجهة من قبل القوى السيادية والتغييرية الواعية، فهي أمام فرصة لاستعادة المبادرة، لأنّ «حزب الله» سيدخل مرحلة فقدان توازن استراتيجي بعدما فقد هيبته وقدرته على فرض الوقائع بالقوة الميدانية أو بالتهديدات السياسية.
لن يفعل العرب والمجتمع الدولي للبنانيين أكثر من ذلك، وعلى من يعتبرون أنفسهم قادرين على قيادة المواجهة أن يستعدوا لها وفق قواعد جديدة أهمّها عدم الدخول في التسويات الفاشلة ومواصلة الصراع لاستعادة الدولة حتى الانتصار.