الرئيسيةمقالات سياسيةأزمة الغرب والعرب كبيرة: فلسطين الأصل والحرب لأمد طويل

أزمة الغرب والعرب كبيرة: فلسطين الأصل والحرب لأمد طويل

Published on

spot_img

تُنسى منظومة قيم الغرب على أبواب الشرق. تُنسى كأنها لم تكن. تتساقط مع سقوط القذائف. تتهاوى في تصريحات مسؤولين ورؤساء، على غرار جو بايدن. والذي كان قد تبنى بدايةً وبتهور مدهش نظرية قطع رؤوس الأطفال، والتي تبين زيفها. وعاد وتبنى نظرية اسرائيلية همجية حول تحميل الضحية مسؤولية قتل نفسه. هدف ذلك كله واحد، تغطية الإجرام الإسرائيلي، وتبرير ارتكاب المجازر.
تتكسّر العدالة الدولية على أبواب العرب، وعند الضحية الفلسطينية خصوصاً. فكل المشاهد، تصب في خانة إعلان الحرب. إنها الحرب، التي لا يعرف أحد هدفها، ولا مآلاتها. تكفي التحشيدات الكبرى، والمواقف المعلنة ليستنتج المرء أن هذه البقعة التي ترقد على مئات السنوات من الحروب، تعود لتعيشها مجدداً. وعناوينها كثيرة، ووفق ما يختارها عنصريون أو يشتهيها مارقون، فيصفونها حرباً بين أصحاب الإسلام والإرهاب، أو بين بشر وحيوانات، أو بين “اصحاب القيم” ومنزوعيها.

فلسطين في الأصل
مواقف الغرب تجدد أزمة كبرى بينهم وبين العرب، كما كان الحال في الأزمة الكبرى التي نشأت بعيد أحداث الحادي عشر من أيلول، وصولاً إلى غزو العراق. تعود هذه الأزمة وتتجدد في حرب غزة.
كل الجهود التي بذلت، لنفي ما يُسمى صراع حضارات، ومكافحة “الإسلاموفوبيا” والتصدي لما يسمى بـ”التشدد والتعصب الديني”، والتي تمظهرت في ظهور تنظيم كداعش أو غيره، ومواجهتها.. يبدو أنها في طريقها إلى التبدد مجدداً. مرة أخرى تتثبت فكرة أن فلسطين والقضية الفلسطينية هي الأصل للصدام المتجدد بين العالمين، العالم العربي والإسلامي من جهة، والعالم الغربي من جهة أخرى. علماً أنه من دون حلّ عادل وشامل يمنح الفلسطينيين كامل حقوقهم المشروعة، ستبقى هذه القضية (وإنكارها)، منبعاً للعداوة والكراهية تجاه الغرب، وستبقى مصالحته عصية إلى أمد طويل.
يتوحش نتنياهو أكثر خوفاً من مصير آثم ومحتوم، إما في السجن وإما في القبر قتلاً. وتوحشه يمكن أن يقود إلى تفجير المنطقة ككل، هو يتعاطى مع الأحداث وكأنه لم يعد لديه ما يخسره. لكنه يواجه أيضاً شعباً ليس لديه ما يخسره، ويستعد لدفع الخسائر في سبيل الحفاظ على وجوده، ولعلّه بعدها يراكم ما سيكسب. مثل هذه المعادلة، يمكنها أن تقود إلى ما هو أخطر بكثير، في ظل غياب أي موقف غربي واضح لتوفير حقوق الفلسطينيين وإيقاف آلة القتل الإسرائيلية، التي تريد شن هجوم برّي وبربري على غزة، هدفها تهجير سكان القطاع، على قاعدة أن الفلسطيني المقبول هو الفلسطيني المقتول. وما قبل بايدن، كان تصريح وزير الخارجية أنتوني بلينكن ذات خطورة أكبر، بتوصيفه زيارته إلى اسرائيل كيهودي، من دون أي اعتبار للعرب. وهذا يوضح ان الأميركي لا يريد أو لا يتمكن من إقناع الإسرائيليين في الذهاب إلى مسار سياسي. وهو ما سيؤجج الحرب أكثر.

المسار العربي والمسار الإيراني
إنها حرب، والتي لا بد من ترقب مساران فيها. مسار عربي، يكثف من لقاءاته واجتماعاته سعياً لوقفها. ومسار إيراني، هو الذي يحمل راية الدفاع عن فلسطين، وفق قاعدة وحدة الساحات. وقد وازن المسار الإيراني حركته بين انتظار التحرك العربي انطلاقاً من الجولة التي قام بها وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، وصولاً إلى تصريحه بأن الوقت نفذ، إذا لم يصدر شيء جدي وفعلي من مؤتمر جدة. ومسار آخر هو التلويح بالتصعيد واللجوء إلى فتج الجبهات. لكن المسألة ترتبط بالتوقيت والآلية. خصوصاً بعد أيام على مواجهات مدروسة على الحدود الجنوبية للبنان، يمكنها أن تتصاعد وتتفعل أكثر وفق مقتضيات الميدان، وما يوجبه مسار المعركة، خصوصاً في حال أصر الإسرائيليون على الإجتياح البري لغزة.
كل المؤشرات التي ترد من اسرائيل تفيد بأنها تستعد لحرب طويلة، ويعلن مسؤولوها عن ذلك، وهذا يتبدى من نقاط عددة، أبرزها استدعاء كل احتياطاتها، ما يعني تعطل المصالح ووقف العجلة الاقتصادية. وهذه أجواء حرب تامة. ويتلاقى مع استهداف مطار تل أبيب والمرافق الأساسية ما أدى إلى شلل كامل. وهذا أيضاً يندرج في أجواء الحرب. في المقابل، لا تزال المقاومة الفلسطينية قادرة على الصمود وإطلاق الصواريخ.
وهنا يبرز معيار تفوق المجموعات غير النظامية على الجيوش النظامية في مثل هذه الحروب. في هذه المعادلة، فإن احتساب الخسائر لدى الجانب الإسرائيلي لا يتطابق مع احتساب الخسائر لدى حزب الله وحماس، خصوصاً أنهما يطلبان الشهادة. فاسماعيل هنية كان واضحاً في القول إن المقاومين يطلبون الشهادة أو النصر، فيما نصر الله لطالما أعلن: “الموت لنا عادة، وكرامتنا من الله الشهادة”. وهذه تكفي لترفع من معنويات محور المقاومة في مقابل إضعاف معنويات الإسرائيليين، والاستعداد إلى حرب استنزاف طويلة.

أحدث المقالات

جنوب الحرب وشمال النازحين والدرّاجات.. تلغي”الدولة الوطنيّة”؟

كان المشهد في لبنان يوم الجمعة الماضي معبّراً جدّاً عن صورة البلد وإشكاليّاته، أو...

كيف سينعكس غياب رئيسي وعبد اللهيان على لبنان؟

بدأت التساؤلات تتوالى بعد مقتل الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ووزير خارجيته حسين عبد الأمير...

سباق التفاوض الإقليمي: “الثنائي الشيعي” للفوز بلبنان والرئاسة؟

أحداث من التاريخ يمكنها أن تتشابه أو أن تتكرر، وإن بسياقات وظروف مختلفة. أواخر...

الزيارة الأولى منذ اتفاق الدوحة… ما وصيّة جنبلاط من قطر؟

للمرة الأولى له منذ أيار 2008، يوم استضافت قطر القادة اللبنانيين وإعلان اتفاق الدوحة،...

المزيد من هذه الأخبار

قطر من “استوكهولم”: سلام شامل أو حرب أوسع..

تاريخ طويل من التفاوض الدبلوماسي بين القوى المحلّية والعالمية أعطى قطر القدرة على المراوغة...

هل تُطرَد غادة عون من القضاء؟

مع تحديد موعد لمثول النائبة العامّة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون أمس...

سياسيّو لبنان: “الأطفال الذين يلعبون بالرمل”؟

يرسم بعض المهتمّين الأجانب بأزمات لبنان صورة غير متفائلة جرّاء استمرار ربط الحلول فيه...

“الخُماسية” تُطلق مساراً رئاسياً حتى تموز: مشاورات أو عقوبات

ما تضمّنه بيان اللجنة الخماسية بعد اجتماعها أول من أمس في السفارة الأميركية، أحدث...

مهلة حزيران للحــزب: الرئاسة… أو نتنياهو

تعدّدت المهل التي أُعطيت لإنجاز الاستحقاق الرئاسي من دون أن تَصدُق أيّ منها. إلا...

“اليوم التالي” في غــزة ولبنان: الحرب اقتراح إسرائيل الوحيد

على دوي الحرب وهديرها، تتعدد مسارات البحث عن ما يسمى بـ”اليوم التالي” لغزة، وهو...

ماذا فعل “حــزب الله” في ملف النزوح؟

في 2 تشرين الأول 2023 تناول الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله ملف...

“الخماسية” في عوكر: “صيانة” دوريّة للحلّ

انعقد أمس الاجتماع الخامس للّجنة الخماسية المُمثّلة لواشنطن وباريس والدوحة والرياض ومصر في مقرّ...

صمود الحزب وحماس و”انتصارهما”: معركة نهاية الحروب في المنطقة؟

قاعدة “الحرب سجال” و”الأيام دول”، هي التي يعتمدها حزب الله وحركة حماس في المواجهة...

إنتقاد “المجتمع الدولي”… لتغييب إيران عنه؟

قد يكون انتقاد المجتمع الدولي والحملة على مواقفه، سواء في ما يخصّ عبء النازحين...

تعقيدات المفاوضات الحدودية: الطلعات والإعمار والتنقيب

لا كلام جدياً في الرئاسة. يستعيد سفراء اللجنة الخماسية حراكهم من خلال اجتماع تستضيفه...

الجيش بين باسيل و السيّد!

استبق الأمين العامّ للحزب السيّد حسن نصرالله جلسة التوصيات النيابية اليوم في شأن هبة...

نصرالله “المنتصر”: وصيّ على مستقبل لبنان وسوريا ولاجئيها

يستعجل حزب الله إعلان انتصاراته. لا يريد لها أن تقتصر على لبنان فقط، بل...

وثيقة بكركي: إيجابية بو نجم لا تُبدّد الصعاب

ستعلن بكركي وثيقتها التي حملت عنوان «المسيحيون في لبنان إلى أين؟» في غضون أسبوع...

عين الخارج على هويّة الرئيس قبل الحدود

كلٌّ عالق في مأزقه الخاصّ. جو بايدن عالق في استحقاقه الرئاسي. بنيامين نتنياهو عالق...